الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

       جورج سولاج اقرأ المزيد...

 

 

       جورج سولاج


ماذا عَرَضَ الأسد على أوباما؟

يدور نقاش صاخب في مراكز صنع القرار الإستراتيجي في واشنطن حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد بعد إيجاد حل للنزاع الدموي المستمر في بلاده منذ أكثر من سنتين ونصف سنة.

ثمة من يعتبر أن الأسد "أفضل الخيارات السيّئة "، كما ينادي السفير الأميركي السابق في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان ريان كروكر، وآخرون يعتبرونه "أسوأ الخيارات السيّئة"، ويُحذّرون من فشل السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط إذا ما تمّ التفاهم على بقاء الأسد، خصوصاً وإن الرئيس باراك أوباما لم يوفر مناسبة إلّا ودعا فيها الرئيس السوري الى الرحيل عن السلطة.

لقد أصبح مصير النظام السوري مرتبطاً الى حد كبير بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية للتوصل الى إتفاق نهائي في شأن برنامج طهران النووي للأغراض السلمية، لسببين أساسيين:

اولاً: عدم تمكّن المعارضة السورية من إطاحة النظام، نتيجة التدخّل الإيراني القوي عسكرياً وأمنياً ومالياً في الحرب السورية من جهة، وعدم قدرة المعارضة على توحيد قواها وتقديم مشروع بديل للحكم من جهة ثانية.

ثانياً: تداخل النزاع السوري مع الملف النووي الإيراني وترابطهما وتشابكهما، ممّا يؤثّر أحدهما على الآخر سلباً أو إيجاباً، على رغم أن الولايات المتحدة تحاول الإيحاء بالفصل بينهما.

من هنا، عاودت بعض وكالات الإستخبارات الغربية الحديث مع نظيراتها في النظام السوري، في موازاة الإنفتاح الدبلوماسي الغربي المتجدّد مع طهران. وقد اغتنم الرئيس الأسد هذه النافذة وعرض على الرئيس أوباما، من خلال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي زار واشنطن أخيراً، التعاون لمحاربة "الإرهاب الجهادي" الذي يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية، بحجة أنه يُشكّل خطراً على الأمن العالمي.

وفي الوقت ذاته، يشنّ النظام السوري أعنف الحملات العسكرية على معارضيه في القلمون والغوطتين وحلب وغيرها من مناطق المواجهة، في محاولة لتطهير المنطقة الممتدة من الحدود الأردنية جنوباً، الى حمص وحماه وحلب شمالاً وشرقاً، الى اللاذقية وطرطوس شمالاً حتى الحدود مع تركيا.

هذه المعارك الضارية، من شأنها أن تحسم قبضة النظام على دويلة تشكّل نحو أربعين في المئة من مساحة سوريا، وسبعين في المئة من سكانها، في حال كان هناك مخطط لتقسيم بلاد الشام، كما من شأنها أن تفرض أمر واقع جديداً على طاولة المفاوضات في جنيف -2، وتعزّز فرص "النظام" في التفاوض مع الغرب على محاربة "الإرهابيين" في المناطق الأخرى من سوريا.

إلاّ أن محلّلين بارزين في واشنطن يُحذّرون الإدارة الأميركية من التعاون مع الأسد، ويعتبرون أن من شأن ذلك التعاون، إن حصل، أن يُفاقم مشكلة "الإرهاب الجهادي"، وأن يدفع بمزيد من السوريين المعارضين الى"الجهاديين". كما يحذّرون من "أن انتصار العناصر التي تدعمها إيران في سوريا، منها "حزب الله" سيُضعف أي إتفاق يتم التوصل إليه بين إيران والغرب في شأن الملف النووي الإيراني".

إن أي نجاح أو فشل في أي من الملفين، الإيراني والسوري، يؤثر في شكل كبير على الملف الآخر، لذلك لا بد من توقّع المزيد من العنف المجنون في سوريا، ليس حتى الوصول إلى جنيف 2 ، بل حتى الوصول إلى الإتفاق النهائي بين أميركا وإيران.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها