الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 
 

       جورج سولاج اقرأ المزيد...

 

 

       جورج سولاج


عواصف الغضب والجنون


شكّل التمديد للمجلس النيابي إقراراً صارخاً بأن ما يجري في سوريا وما يُقرّر مصيرها، يُقرّر مصير لبنان. وما يزيد القلق، أن "تشريع" وحدة المسار والمصير بين البلدين يعني أن تداول السلطة في لبنان إنتقل من الإحتكام لأصوات الناخبين، إلى الإحتكام لأصوات الراجمات والصواريخ في دمشق والقُصير وحلب وغيرها.

ولعل الخوف الأكبر، أن الربط السياسي بين الأزمة السورية والإستحقاقات اللبنانية بدأ يتمدّد عسكرياً وأمنياً، ولم تعد أرض القُصير وضواحيها فقط مسرح المواجهات، ولن يمرّ وقت طويل حتى تهبّ "عواصف الغضب والجنون" في غير منطقة لبنانية، وفي أشكال مختلفة.

من هنا يمكن قراءة سلسلة الأعمال الإرهابية أو المخلّة بالأمن، من محاولة اغتيال الشيخ ماهر حمود في صيدا، إلى الإشتباك المسلح في جرود بعلبك، والمواجهات المستمرة في طرابلس، مروراً بإطلاق قذيفتي "غراد"على الضاحية الأسبوع الماضي. وما كل ذلك إلاّ بداية هذا الجنون الذي لا أحد يعرف إلى أين يودي بالبلد.

لا أحد من الأفرقاء السياسيين في لبنان يريد جرّه إلى الفتنة الداخلية، ولكن لا أحد أيضاً من اللاعبين الأساسيين يسلك سياسة تضمن تجنّبها. ومن الخطأ الفادح الرهان على إمكان تحييد لبنان أمنياً وضمان الإستقرار في ربوعه، بلا تحييد اللبنانيين أنفسهم عن الإنغماس العسكري والأمني العميق في الحرب السورية.

هذه الحرب التي لن يخرج منها منتصر عندما تنتهي. وليس معلوم أصلاً متى يمكن أن تنتهي، بعدما حوّلت التدخلات الخارجية العنيفة سوريا، من هنا وهناك، من إحتجاجات شعبية تُطالب بإصلاحات سياسية وتُنادي بحريات وعدالة إجتماعية، إلى حرب عسكرية شرسة ونزاع إقليمي حاد، لا يمكن أن يُفضّ إلاّ بحلّ سياسي إقليمي.

لا فكّ الطوق عن دمشق، ولا السيطرة الكاملة على القصير وريفها، ولا التقدّم إلى حماه وحلب، يمكن أن يُنهي القتال في سوريا أو يحمي لبنان من تداعياته، التي يُرجّح أن تشتد وتكثر وتتوسع يوماً بعد يوم.

ولا يبدو في الأفق، وجود أي نيّة لدى الأطراف اللبنانيين المشاركة في الحرب السورية بالإنسحاب منها، لأنها تعتبر أنها تخوض معركة مصير ووجود.

إلّا أن تقارير دبلوماسية غربية تجزم بأن"مَن راهن على القتال في سوريا إرتكب خطأ سياسياً كبيراً وإن صحّت حساباته عسكرياً، وسيأتي يوم يدفع فيه ثمن هذا الخطأ".

أدخل لبنان فلك حرب إقليمية لا قدرة له على تحمُّلها، في غياب السلطة السياسية وتكبيل السلطات العسكرية والأمنية، وبات ساحة خلفية للمواجهات وتفجير الإحتقانات المذهبية، ما يُنذر بعواقب وخيمة تلوح في المدى المنظور.

صحيح أن هناك رغبة دولية في مساعدة لبنان على تحييده عن تداعيات الحرب السورية، وقد أبلغت الإدارة الأميركية السلطات اللبنانية أنها تبذل ما أمكنها للحفاظ على أمن لبنان واستقراره، وأنها نبّهت المعارضة السورية بعدم الردّ في لبنان تحت طائلة التهديد بقطع المساعدات عنها، ولكن هل تستطيع أن تمنع سائر المسلّحين؟

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها