الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

       جورج سولاج اقرأ المزيد...

 

 

       جورج سولاج


مصر على طريق اللبننة

تعيش مصر أسوأ أيّامها. الثورة الأولى تواجه ثورة ثانية، بعدما انقسم روّادها وأحزابها وناسها. لا حديث في مصر هذه الأيام إلّا عن الثورة والرئيس محمد مرسي. "الإخوان المسلمون" ربحوا السلطة وخسروا شركاءَهم في بناء مرحلة ما بعد مبارك.

فالأزمة الحاليّة أدّت إلى تقسيم الشارع المصري بين قوى إسلامية مؤيّدة بقوّة للقرارات الرئاسية وقوى سياسية غير إسلامية رافضة ومعارضة لكلّ ما تحمله القرارات الدستورية، معتبرةً أنّ هذه المعركة هي الفرصة الأخيرة لها، فإمّا اجتيازها بإسقاط الإعلان الدستوري أو انهزام القوى الليبرالية والمدنية في مصر.

التوتّر يزداد يوماً بعد يوم، والشعب المصري كما الشعب اللبناني انقسم في السياسة والرأي، وأصبحت المواجهة في الشارع، ولكلّ شارعه وثوّاره. ويبدو أنّ الأمور تتّجه إلى فوضى عارمة قد يصعب حصرها والسيطرة عليها، في الحدّ الأدنى، وإلى انفجار يصعب تكهّن خطورته وكلفته، في الحدّ الأقصى.

الأزمة المصرية تسير على طريق اللبننة، ولا شيء يؤشّر إلى إمكان استعادة الأمن والاستقرار. وكلّما انطلقت تظاهرة هنا، واجهتها تظاهرة هناك، بعد انقسام معسكر الثورة بين دينيّ ومدنيّ وبين "الجنّة والنار"، وبين منتمين إلى التيّار الإسلامي وآخرين إلى التيّار المدني.

المواجهات لن تنحصر في نطاق "ميدان التحرير" في وسط القاهرة، حيث أقامت القوى والأحزاب المنادية بتصحيح مسار الثورة مربّعاً من الخيم، يحتلّه إلى جانب المناضلين "حفنة من المشرّدين الذين كانوا بلا مسكن ولا مأوى ويبيتون تحت الجسور وعلى الطرق، وعصبة من البلطجية"، حسب رأي مؤيّدي الرئيس مرسي.

وفي المقابل تتّهم القوى الليبرالية والمدنية وقوى إسلامية تمّ استبعادها عن المشاركة في السلطة على رغم مشاركتها في إطاحة النظام السابق، الرئيس مرسي بأنّه "يستنسخ الرئيس المخلوع حسني مبارك ويرتكب الجرائم التي ارتكبها من احتقاره للقضاء مروراً بقتل المتظاهرين واعتقالهم وتعذيبهم داخل أقسام الشرطة، وأنّ كلّ الذي تغيّر هو استبدال مبارك بمرسي، والحزب الوطني بحزب العدالة والحرّية، والإخوان".

كما يتّهمونه بأنّه لم يستطع أن يفعل شيئاً حتى الآن، فعلى رغم إجراء الانتخابات البرلمانية، حُلّ البرلمان، ومحاولات كتابة الدستور باءت بالفشل، ولم تبدأ المرحلة الانتقالية لعملية التحوّل الديموقراطي.

اليوم سوف تشتعل المعارضة غضباً في مليونية جديدة هي بمثابة "مليونية الإنذار الثاني"، و"الإخوان" يحشدون لمليونية في المقابل ولن يتراجعوا أو يهادنوا، معتبرين أنّهم الأقوى.

هناك خوف على مدنية الدولة المصرية، والتياراتُ السياسية الليبرالية والمدنية في مأزق قاتل. والأمن المصري في خطر، والاقتصاد يخسر يوميّاً مليارات الدولارات، والسياحة كنز مصر مهدّدة.

أمّا الأخطر فهو الحديث العلنيّ على مستويات عالية عن أنّ الأمور ذاهبة إلى تنفيذ عمليات اغتيال لقادة ومسؤولين في الشهر المقبل، ومن جانبَي النزاع.

يُخشى من الاحتكام إلى السلاح، والانزلاق إلى حرب شوارع ونشر الفوضى في شتّى أنحاء مصر، حيث لن يجدي بعدها إلغاء الإعلان الدستوري في علاج الأزمة.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها