الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

       جورج سولاج اقرأ المزيد...

 

 

       جورج سولاج


اوباما المتريّث وأردوغان المتحمّس

انقطع الودّ بين الرئيس الاميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وتتجه العلاقة بينهما، على ما يبدو، الى عاصفة لا يمكن تجنّبها، بعدما أصيب الزعيم التركي بخيبة أمل من موقف صديقه الأميركي حيال الأزمة السورية.

ما هي الحسابات التركية؟

1 - يريد أردوغان حسم النزاع في سوريا سريعاً على قاعدة التخلّص من الرئيس بشار الأسد وتغيير النظام، لأنّ الوقت لا يعمل في صالحه. فالنزاع السنّي- العلوي بدأ ينعكس على الداخل التركي، خصوصاً انّ نحو مئة ألف لاجىء سنّي نزحوا في اتجاه الحدود التركية حتى الآن، كما انّ العلويين في جنوب تركيا غاضبون من سياسة أردوغان الداعمة للسنّة في سوريا، ويعبّرون عن سخطهم بتنظيم التظاهرات.

2 - يعتبر أردوغان ان الثمن السياسي لمواجهته مع النظام السوري أصبح غالياً، خصوصاً بعدما سمح الأسد لـ"حزب العمال الكردستاني" بمعاودة شن الهجمات انتقاماً من تركيا، ما يشوّه الصورة التي طالما عمل الزعيم التركي على بنائها، وهي صورة الرجل القوي.

3 - يخشى أردوغان انهيار ما حققه من إنجازات، نتيجة ترك الأزمة السورية على حالها، وتأثير ذلك على طموحاته في خوض اول انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب في العام 2014. فحزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه، ربح الانتخابات السنة الماضية بنسبة 49.5 في المئة، وهو ما فتىء يربح الانتخابات منذ العام 2002، إضافة الى انه كان حقّق تحسينات نوعية في الاقتصاد التركي الذي بدأ يعاني الان نتيجة انقطاع التصدير الى سوريا وعبرها الى دول المنطقة.

وفي المقابل، فإنّ الحسابات الأميركية تقوم على ما يلي:

1 - لا يريد اوباما المجازفة بأي عمل جذري، ميدانياً أو سياسياً، عشية الانتخابات الرئاسية بعد نحو أقل من شهر، خصوصاً مع عدم رغبة الناخبين الأميركيين في مزيد من التدخلات العسكرية في الخارج.

2 - كان هناك اعتقاد في البيت الأبيض ان الأزمة السورية يمكن إدارتها. لكن مع تفاقم الأزمة السورية اعترى البعض قلق من ان تعيش سوريا المصير الذي عانته البوسنة في التسعينيات عندما لم يتدخل العالم لوقف المجازر في البلقان، فدخل "الجهاديون" للقتال مُقنعين المسلمين هناك انّ العالم تخلى عنهم وانّ الجهاديين نصروهم.

3 - تعتمد واشنطن سياسة "الهبوط الناعم" (Soft landing) تدريجياً في سوريا. وتأمل في ان تتحالف القوى السورية المعارضة وتسقط نظام الأسد بنفسها وتوفّر التدخل الأجنبي، لكن الخوف هو ان تحدث فوضى عامة اذا ما تمّ الانهيار سريعاً.

في ضوء هذا التضارب بين الحليفين الاميركي والتركي اللذين عملا معاً لاستقرار العراق ونشر الدرع الصاروخية في الأراضي التركية في مواجهة روسيا وإيران، فإنّ عاصفة تنتظرهما في الملف السوري، لأن اوباما المتريّث سيواجهه أردوغان المتحمّس الذي يعتبر ان الوضع بات يتطلب قراراً كبيراً، وانه لا يستطيع ان يقف متفرجاً على سوريا التي تسحب بلاده الى عين العاصفة.

في الأيام المقبلة، ستضغط أنقرة على واشنطن لاتخاذ إجراءات أقوى، بما فيها مناطق عازلة داخل الاراضي السورية وتسريع معركة إسقاط الأسد.

اما اوباما، فسيحاول تهدئة أردوغان، حليفه المسلم الأساسي في الشرق الأوسط، والعلاقة بين الطرفين لن تسقط ولو اهتزّت، لأن الهدف في الأساس هو واحد، ولأن تركيا تعتمد كثيراً على واشنطن ولن تضحّي بسهولة في العلاقة الايجابية بينهما، خصوصاً انها تخشى باضطراد طموحات إيران الاقليمية ودعمها عدوّي أردوغان: الأسد ونوري المالكي.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها