اقرأ
المزيد...
جورج سولاج
4 أسباب لاستحالة إقامة دولة علوية
يُنظر إلى القتال الدائر في دمشق وحولها على أنّه المعركة الحاسمة
للنزاع الدامي في سوريا منذ أكثر من سنة وخمسة أشهر، على قاعدة
"أنّ مَن يسيطر على العاصمة يسيطر على سوريا".
إلّا أنّ الوقائع الميدانية لا تُنبئ بأنّ سقوط دمشق عسكريّاً في
أيدي معارضي النظام أمر منطقي في المدى القريب، لأنّ موازين القوى،
في هذه المرحلة تحديداً، تميل بشكل جذري لمصلحة النظام الذي ينشر
أفضل قوّاته وأوفاها وأكثرها تسلّحاً وتدريباً في هذه البقعة
الجغرافية الاستراتيجية.
لكنّ السؤال هو إلى متى تستطيع القوات الموالية للنظام الدفاع عن
نفسها وعن دمشق في مواجهة "الجيش السوري الحر" الذي يزداد قوّة
وتسلّحاً وعديداً ومالاً وانتشاراً ودعماً عربياً ودولياً وعناداً
وقدرة على قلب المعادلات وتسجيل المفاجآت كما حصل من تفجير نوعي
كبير أودى بأبرز قادة النظام في دمشق وبمجزرة إحراق الدبابات في
عزاز قرب حلب.
وعلى رغم أنّ القوات الموالية ستتمكّن من كسب المعركة العسكرية
الدائرة الآن داخل العاصمة لأنّها ألقت فيها كلّ ثقلها من جهة
ولأنّ المهاجمين لم يخوضوها كمعركة نهائية حاسمة لهم، لا من حيث
الأعداد ولا من حيث الإعداد، إلّا أنّ دمشق ستكون على موعد لاحق مع
معركة أوسع وأشرس تُحسم فيها النتيجة حسماً نهائياً.
ويعتقد البعض أنّ الرئيس بشار الأسد قد يتخلّى حينذاك، عن العاصمة
تحت الضغط العسكري والأمني لمعارضيه، وتنكفىء إلى الساحل السوري
ليتحصّن هناك ويقيم دولة علوية مدجّجة بالأسلحة والصواريخ...
إلّا أنّ هذا الاحتمال ليس واقعيّاً ولا قابلاً للتطبيق لأسباب
استراتيجية، أهمها:
1 – لا وجود لمقوّمات دولة علوية، أو صمودها في حال إعلانها، في
الساحل السوري حيث لم يخطّط النظام لهذا الأمر سابقاً ولم يعد
الوقت الآتي يسمح بإنشاء البنى التحتية اللازمة لإقامة دولة
مستقلة. فلا مطار دوليّاً ولا مصانع لإنتاج الطاقة الكهربائية، ولا
صناعات مهمّة ولا شيء لبناء اقتصادي هناك.
2 – لن تحظى الدولة العلوية المفترضة باعتراف الأمم المتحدة ولا
المجتمع الدولي، ولا الدول العربية، وبالطبع لن يكفيها اعتراف
موسكو والصين وطهران لتحيا معزولة عن العالم.
3 – لا تملك مثل هذه الدولة إمكانات الدفاع عنها. فألوية القوّات
الخاصة و"الشبيحة" قد ينسحبون إلى مناطق الجبال العلوية عندما
يخسرون دمشق. ولكن إلى متى يستطيعون الصمود فيها؟ فقوّات المعارضة
ستواصل زحفها ولن تقف عند حدود دمشق. ومَن يسيطر على وسط سوريا
يسيطر على كامل سوريا في وقت قصير، حسب الخبراء العسكريين.
فالمعارضون سيكون لديهم المال، والشرعية والدعم الدوليان، ولا يمكن
لسوريا الجديدة أن تعيش بلا الساحل ولن تقبل بالتخلّي عن مدينتي
طرطوس واللاذقية.
4 – خلافاً لما يُعتقد، لا يشكل العلويون في اللاذقية وجبلة وطرطوس
وبانياس الغالبية الساحقة من سكانها. و تؤكّد الإحصاءات الحديثة
حصول تغيير ديموغرافي كبير منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي
فتح كل الأبواب أمام العلويين فتخلَّوا في غالبيتهم عن العيش في
الجبال وانتشروا في المدن.
من هنا، يتوقع أن تكون موقعة دمشق، حينما يحين أوانها، معركة
نهائية فاصلة، معركة حياة أو موت.
|