الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

       جورج سولاج اقرأ المزيد...

 

 

       جورج سولاج


سوريا في قبضة الثوّار ليلاً

الثلاثاء 03 نيسان 2012

 

لا الجيش السوري حسم ميدانيّاً، ولا "الجيش الحر" انهزم نهائيّاً.

لا السلطة ربحت، ولا الثورة انكفأت.

لا الإصلاحات أثمرت، ولا المؤتمرات والضغوط الخارجية أفلحت.

والسلطة "على الأرض في سوريا اليوم، أصبحت عمليّاً سلطتين، واحدة نهاريّة وثانية ليليّة.

فقِوى النظام تسيطر على المساحة الأكبر من المدن السوريّة خلال النهار، بينما قوى المعارضة المسلّحة تسيطر عليها وعلى القرى المحيطة بها خلال الليل بلا منازع، حيث ينتشر المسلّحون في الأحياء والأزقّة، ويقيمون الحواجز ويدقّقون في هويّات المارّة، فيما تنكفئ القوى النظامية إلى خلف متاريسها وتكتفي بإقامة الحواجز على الطرق الرئيسية التي تربط بين المدن الرئيسية بعيداً من الأماكن المأهولة، ما يعني أنّ أكثر من نصف مساحة سوريا هو في قبضة الثوّار والأهالي، عمليّاً بعد مغيب الشمس.

في ظلّ هذه المعادلة، يدور البحث عن حلّ سياسيّ لا يبدو متاحاً في المرحلة الراهنة، خصوصاً بعدما تحوّل النزاع في سوريا إلى مواجهات عسكرية ضارية، فكيف يمكن حلّه في شكل غير عسكريّ ما دام أطرافه يحتكمون إلى القتال حتى الموت؟

وهذا ما يؤشّر إلى أنّ مهمّة المبعوث الدولي كوفي أنان لن تصل إلى نهاية سعيدة.

إنّ جزءاً أساسيّاً من المشكلة يكمن في أنّ النظام السوري ما زال يعتقد أنّ في استطاعته أن ينتصر ويعيد توازنه السياسي بعدما خسر على المستويين السياسي والاقتصادي منذ مدة طويلة. فالاقتصاد السوريّ يتراجع إلى مستويات مقلقة جدّاً، ولا يبدو أنّ هناك عودة في الأفق إلى الوضع العادي الذي كانت تعرفه سوريا قبل انطلاق الاحتجاجات، وخصوصاً على صعيدي الأمن والاستقرار.

كذلك باتت المعارضة على قناعة في أنّ الاحتجاجات السلمية لن تحرّك حتى "مشاعر النظام"، ولا بدّ بالتالي من التسلّح الكثيف والمنظَّم بهدف خلق توازن عسكريّ، يفرض واقعاً جديداً على الأرض، ويمهّد لحلّ سياسيّ ينتج تغييراً في النظام، بعدما أيقن أن لا تدخّل عسكريّاً من الخارج للتغيير.

في مقابل هذا الواقع، وعلى رغم كلّ بيانات الدعم لمقترحاته، فإنّ أنان محاصَر بشروط وتفاصيل من كلّ المعنيّين، بما لا يسمح بالتفاؤل في نجاحه.

فالحكومة السوريّة تكسب الوقت في المماطلة والوقوف عند أدنى التفاصيل. فتعترض مثلاً، حتى في الجانب التقنيّ، على وجود بعض كبار الدبلوماسيّين مع أنان وفي مقدّمهم المندوب السابق لفلسطين في الأمم المتّحدة ناصر القدوة (نائب أنان) والفرنسي جان – ماري غواينو الذي عمل سابقاً في مجال تأمين العمليّات العسكرية لحفظ السلام.

والدول الغربية والعربية التي وقفت خلف قرار مجلس الأمن الدولي تكليف أنان، تحاصره في الوقت عينه، إذ إنّها تطالبه وتشترط عليه التزام مهلة زمنية محدّدة بثلاثة أسابيع للتسوية، على رغم أنّ بيان مجلس الأمن في 21 آذار الماضي خلا من المهلة بطلب من روسيا، إلّا أنّ هذا القيد ما زال موجوداً من الناحية العملية.

في النتيجة، فقدت السلطة والمعارضة إمكانية الحوار المشترك بينهما، وها هما يتّجهان نحو إضاعة الفرصة الأخيرة لحلّ الأزمة بشكل سلميّ.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها