ركّزوا الأنظار على العماد عون
الثلاثاء 13 كانون أول 2011
لم تكن الحاجة السورية
لحكومة حليفة في لبنان، عشيّة البدء في فرض عقوبات
عربية ودولية على سوريا، ووضعها تحت حصار بري وبحري
وجوي، هي الدافع الوحيد الى تمرير حصة لبنان من تمويل
المحكمة الدولية، وتجنّب سقوط الحكومة.
هناك دافع ثانٍ لا يقلّ خطورة وأهمية عن المعطى
الاقليمي، وهو الإمساك بمفاصل السلطة اللبنانية
الأمنية والإدارية من خلال التعيينات في مجلس الوزراء،
ومحاولة إلغاء بروتوكول التعاون مع المحكمة الدولية.
وهنا، لا بد من تركيز الأنظار على العماد ميشال عون في
المرحلة المقبلة، لأنه سيؤدي الدور الاساسي في إطالة
عمر الحكومة، أو قصفها ودفنها.
فالعماد عون بلغ مرحلة من العتب والغضب، خصوصاً على
حلفائه وشركائه في الحكومة، وسمّاهم بالحلف الخماسي،
أي: "حزب الله" والرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي
ووزراء الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط. وهو
يبني على التعويض من خلال اكتساح الإدارة الرسمية
بسلسلة من التعيينات لقريبين منه في المواقع الحسّاسة،
حتى إذا انفرط العقد الحكومي لأي سبب إقليمي أو محلّي،
يكون قد وضع يده على الإدارة، وأمّن قاعدة دعم أساسية
له في الانتخابات النيابية المقبلة.
ويبني "حزب الله" على ملاقاة العماد عون، من خلال
السعي إلى قبض ثمن تمرير تمويل المحكمة، بوضع يده على
التعيينات الأمنية، لإمساك مفاصل السلطة في مواجهة
المرحلة القاسية المنتظرة نتيجة تداعيات الأزمة
السورية. وبالتالي، يسعى إلى نسف بروتوكول التعاون مع
المحكمة الدولية، حتى إذا طارت الحكومة، يكون وضع يده
على المراكز الحسّاسة.
فإذا حصد "حزب الله" المفاصل الأمنية، والعماد عون
المفاصل الإدارية، يُصبح رحيل الحكومة أو استمرارها
أمراً ثانوياً، وبالتالي يديران معاً دفّة الدولة
لسنوات طويلة.
هذا التوجّه حقّ لأصحابه في اللعبة السياسية، لكنه لن
يكون سهل التنفيذ، ولن يمرّ مرور الكرام، لاعتبارات
عدة، أبرزها:
1 - إن الرئيس ميقاتي الذي سمع كلاماً دوليّاً مشجعاً
على أدائه الحكومي، وخصوصاً في ملف تمويل المحكمة
والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وفُتحت أمامه
أبواب الإليزيه والمملكة العربية السعودية بعد رسالة
التنويه من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون،
سمع أيضاً تحذيراً من تسليم البلد إلى "حزب الله"
والعماد عون، وهذا ما لا يستطيع أن يتحمّله، سواء على
صعيد مستقبله السياسي، أو مصالحه الخاصة.
2 - إن غالبية قوى 14 آذار اقتنعت بصوابية دعم ميقاتي
في هذه المرحلة، بدل مواجهته، وبدأت في الانفتاح
التدريجي عليه، ليس حماية مجرّدة له، وإنما لتوفير
أرضية صلبة تُمكّنه من الوقوف في وجه مشروع 8 آذار
الهادف للإمساك بمفاصل الدولة من خلال التعيينات.
3 - سيبقى المجلس الإسلامي الشرعي، وكذلك بكركي،
داعمين لـ ميقاتي، وفي الوقت ذاته سيشكلان جبهة أساسية
في مواجهة أي خلل في توازن القوى على المستوى
الإستراتيجي الوطني.
4 - لن يُترك رئيس الحكومة فريسة مستفردة داخل مجلس
الوزراء، إذ إنّ وزراء الرئيس سليمان والنائب جنبلاط
سيقفون معه في حزم، حفاظاً على مواقعهما والتوازنات.
من هنا، تبدو الأمور متجهة إلى خلط أوراق في التحالفات
السياسية، وإن في شكل غير معلن، وإلى مواجهة جديدة
قاسية. |