جريمة سعد الحريري

طال غياب الرئيس سعد الحريري عن بيروت، وكثرت الأحاديث عن أسباب "صموده" في الخارج، وتعدّدت التساؤلات عن مواعيد عودته، ومصير فريق 14 آذار شبه الغائب في غيابه.

هناك من يشعر بخطر على وجود الحريري، وهناك من يشعر بخطر من وجود الحريري.

الفئة الأولى أرادته خارج لبنان جسديّاً، حماية له، الى أن تحين ساعة العودة، أمّا الفئة الثانية فأرادته خارج لبنان سياسيّا الى أن تحين ساعة إزاحته نهائيّا، لأنّ مشروعه يعاكس مشروعها، ووجوده يشاكس وجودها.

لم يكن هناك تقرير مخابراتي ولا معلومات أمنيّة دقيقة تحذّر من أنّ سعد الحريري كان هدفا للاغتيال، لكنّ الظروف كانت مشابهة للمرحلة التي سبقت اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري. فكان قرار الابتعاد الجغرافي موَقّتا، لكنّ المتابعة السياسيّة لكلّ الملفّات استمرّت أوّلا بأوّل وبشكل دقيق.

ولكن ما هي جريمة سعد الحريري حتى أجبر على ما أجبر؟

هل جريمته أنّه يتمسّك في حقّه وحقّ اللبنانيّين الذين فقدوا نخبة من ذويهم وقادتهم في جرائم الاغتيال والتفجير ومحاولات الاغتيال، في معرفة الحقيقة وتطبيق العدالة؟

هل جريمته أنّه يسعى الى وقف مفهوم الاغتيال والتفجير كأداة للإرهاب السياسيّ والإخضاع الفكريّ، من خلال المحكمة الدوليّة؟

هل جريمته أنّه يسعى الى وضع لبنان على خريطة العالم، بدل أن يختنق هذا الوطن الصغير في صراع المحاور، ويُعزل وتُفرض عقوبات دوليّة عليه؟

هل جريمته أنّه يؤيّد الربيع العربي ويتضامن مع الشعوب الثائرة في سبيل حرّيتها وكرامتها وغدها؟

هل جريمته أنّه فاتحَ قيادة "حزب الله" بما يملك من معلومات حول دور للحزب في اغتيال والده، وكيف يمكن مواجهة هذا الأمر بالفعل ومن دون "خَضّات" على الأرض؟

هل جريمته أنّه طُوّق في منزله في قريطم في اجتياح السابع من أيّار بالقوّة والسلاح؟

هل جريمته أنّه تجاوز كلّ شيء وجلس الى طاولة الحوار والتسويات بَحثاً عن حلول لمنع سقوط الدولة؟

هل جريمته أنّه طُعن من الخلف وأسقطت حكومته في مخالفة صارخة لاتّفاق الدوحة، وتمّ استبعاده برسائل "القمصان السود" الأمنيّة؟

جريمة سعد الحريري أنّه ابن رفيق الحريري ويحمل مشروع رفيق الحريري.

جريمته أنّه قادر على إعاقة مشاريع أخرى وتعطيل حسابات أخرى.