ما هو
الثمن الذي سيدفعه اللبنانيّون هذه المرّة؟
الثلاثاء 25
تشرين أول 2011
يعتبر المحلّل الروسيّ نيكولاي ستاريكوف أنّ إسقاط نظام معمّر
القذافي في ليبيا وبناء نظام جديد، يأتي بمثابة الحجر الأوّل في
هيكليّة يبنيها حلف الناتو والولايات المتّحدة الأميركية في منطقة
الشرق الأوسط، من أجل إشعال حرب كبيرة.
وفي واشنطن يعتبر كبار المحلّلين الاستراتيجيّين أنّه مع نجاح
استراتيجيّة "القيادة من الوراء" التي انتهجها الرئيس الأميركي
باراك اوباما في ليبيا، والتي كانت موضع سخرية خصومه ومنافسيه في
أميركا، سُجِّلت مرحلة جديدة في السياسة الأميركيّة قد تشعل فتيل
الحرب في الشرق الأوسط.
في هذا الوقت، يشتدّ الكباش الأميركيّ – الإيرانيّ على خلفيّة
اتّهام طهران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، فيما
تستعدّ القوّات الأميركية للانسحاب من العراق بشكل كامل قبل نهاية
هذا العام.
ويبدو أنّ الأميركيّين اختاروا نقل المعركة مع إيران مباشرة بعدما
كانت معها بالوكالة من خلال العراق، ومن خلال سوريا التي تشكّل
جسراً استراتيجيّا للمشروع الإيرانيّ في المنطقة، و"حزب الله" في
لبنان.
لبنان ساحة تماس جديدة
وعلى رغم ذلك، يعود لبنان ساحة تماس جديدة بين الولايات المتّحدة
ودول خليجيّة بارزة وتركيا من جهة، وإيران وسوريا وحلفائهما
اللبنانيّين من جهة ثانية.
ولم يعد سرّاً أنّ "الحوادث الأمنيّة" المكشوفة والمستورة، بما
فيها الخروقات الحدودية و"دبلوماسيّة الخطف والمطاردة"، ترتبط
سياسيّا وبشكل مباشر بما يجري في سوريا والمنطقة، وتدخل في إطار
الحروب المخابراتيّة الخارجية على الأرض اللبنانية، سواء في تصفية
الحسابات أو في توجيه الرسائل في اتّجاهات متعدّدة.
وتخشى أوساط دبلوماسيّة غربية أن تتفاعل هذه "الظواهر" الأمنية،
وتكبر وتتوسّع أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة، ما يستوجب التحوّط
والوقاية لئلّا يدفع اللبنانيّون أثماناً باهظة عن غيرهم.
وتُذكِّر هذه الأوساط بأنّ لبنان يجد نفسه اليوم أمام استحقاق
كبير، كما كان عليه قبل سنوات عدّة، حيث عانى من ارتدادات الاجتياح
العسكري الأميركي للعراق وتطويق سوريا انطلاقاً من الساحة
اللبنانيّة، فتمّ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واغتيال
وتفجير عدد من قادة الرأي والمجتمع، وتفجيرات في الأحياء السكنية
والتجارية والصناعية.
إلّا أنّ لبنان استفاد أيضاً من هذه الارتدادات في حينه، من خلال
إجبار القوّات السورية على الانسحاب من أرضه.
وما يجري اليوم، وفي الاتّجاه المعاكس، أي انسحاب القوّات
الأميركية من العراق، ستكون له أيضاً ارتدادات وتداعيات على لبنان.
ويبقى السؤال، ما هو الثمن الذي سيدفعه اللبنانيّون هذه المرّة
وماذا سيجنون؟
وهل تدفع سوريا الثمن مرّتين، وما هو الثمن الذي ستدفعه هذه
المرّة؟ |