حرب مخابراتيّة
واستعداد لمواجهات عسكريّة
الثلاثاء 06 أيلول 2011
دخل الصراع ، على المستوى الاستراتيجي في المنطقة، مرحلة تلامس
الخطوط الحمر، حيث راحت الدول المعنية تلعب أوراقها الأمنيّة
بطريقة مكشوفة، وتطلق العنان لأجهزة مخابراتها لتعزيز مواقعها،
وتوجيه رسائل التحذير والاستعداد لمواجهات عسكريّة محتملة.
فإيران، القلقة من أنّ شابّاتها وشبابها ينظرون باهتمام بالغ الى
التطوّرات في سوريا وسوف يعودون الى الشارع فور انتصار الحركة
الاحتجاجيّة السوريّة، سارعت الى نشر قوّات من بَحريتها بعيدا عن
شواطئها، فأرسلت غوّاصة إضافة الى البارجة بندر عباس والمدمّرة
شهيد نقدي الى البحر الأحمر الأسبوع الماضي، بهدف "جمع المعلومات
وتحديد القطع البحريّة القتاليّة" التي من الممكن أن تشارك في شنّ
هجوم محتمل من جانب إسرائيل أو القوى الغربية على المنشآت النوويّة
الإيرانية.
غير أنّ إسرائيل ردّت سريعا على التحرّك الإيراني، فأرسلت ثلاث
غوّاصات نوويّة من الفيلق السابع لبحريتها الى خليج عمان لتُرابط
قبالة الساحل الإيراني في الخليج العربي.
وتهدف إيران من هذه الخطوة إلى:
1
–
التحذير من أنّ أيّ مَسّ بمنشآتها النوويّة سيعرّض للخطر خط النقل
الرئيسي للتجارة من الشرق الى الغرب، والذي يمتدّ من باب المندب
إلى قناة السويس ويزوّد أوروبا بستّين في المئة من احتياجاتها
النفطيّة.
لكن الغرب احتاط لهذا الاحتمال مسبقا، وخصّص قوّة مهامّ مشتركة
وثابتة
(Combined Task Force – 151)،
بالإضافة الى قوّة بحريّة دوليّة في تلك البقعة، تحت عنوان "محاربة
أعمال القرصنة".
2
–
تسويق مقولة إنّ التدخّل العسكري في سوريا من شأنه تفجير الأوضاع
إقليميّا، خصوصا بعد الإنذار الذي وجّهته المخابرات الإيرانية الى
المخابرات التركيّة بأنّ طهران لن تقف مكتوفة إذا دخل الجيش التركي
الأراضي السوريّة.
غير
أنّ هذه الورقة لم تؤدِّ إلى نتيجة لأنّ حلف شمال الأطلسي أكّد
أنّه سيقاتل الى جانب أنقرة لأنّها عضو أساسيّ من أعضائه أوّلا،
ولأنّها إذا ما تحرّكت، فسيكون ذلك بموجب قرار دوليّ وليس بقرار
منفرد.
وهناك
ورقة ثالثة مخفيّة قد تلعبها إيران التي تعتبر سوريا حليفاً
استراتيجيّا لها، ولن تتخلّى عن النظام، بل ما زالت تقدّم له كلّ
الدعم عبر الحرس الثوريّ وفيلق القدس والاستخبارات ومستشارين
وخبراء في مجال الحرب ضدّ مستخدمي المواقع الإلكترونية في سوريا.
هذه
الورقة تتمثّل في اتّصالات أجراها ديبلوماسيّون إيرانيون مع
معارضين سوريّين في أوروبا، ربّما تكراراً لنموذج التعامل الإيراني
مع ليبيا. فحتى سقوط طرابلس الغرب كان علم النظام الليبي يرفرف فوق
السفارة الليبية في طهران التي كانت لها علاقات أمنيّة وعسكريّة مع
نظام القذافي ولم تعترف بالمجلس الانتقالي الليبي. لكنها سرعان ما
بدّلت موقفها وتواصلت مع الثوّار وأرسلت إليهم بعض المعونات عندما
أيقنت أنّ نظام القذافي تهاوى وأفل.
في
إيران اليوم وُجهَتا نظر، واحدة تشدّد على الدفاع عن النظام
السوريّ الى النهاية، وأخرى تدعو الى الاستعداد لما بعد سقوط
النظام.
مراكز
الأبحاث الاستراتيجية في أوروبا تستبعد فرضيّة الحرب الإقليميّة
وإن كانت لا تستبعد المناوشات العسكريّة والأمنيّة، وترى أنّ الدول
المعنيّة تلعب سياسة "حافّة الهاوية" وتلامس فعلاً الخطوط الحمر.
|