التحضير لقرار دولي بالتدخّل في سوريا
الثلاثاء 30 آب 2011
هل
وصلت الأزمة السورية إلى نقطة اللاعودة؟ وهل نحن على مشارف قرار
دولي خطير للتدخل في سوريا على الطريقة الليبية؟
كل
المؤشرات تدلّ إلى أنّ الأزمة دخلت مرحلة الحسم، غير أنه من الصعب
التكهن بما ستكون عليه النهاية. فغالبية الدول المعنية وصلت إلى
قناعة مفادها "أنّ النظام في سوريا غير قادر، أو غير راغب في تقديم
أي حل غير الحل الأمني".
وكل
المؤشرات تؤكد أنّ المواقف العربية والدولية تتطور لمصلحة الشعب
السوري، ولا تمنح النظام فرصة لالتقاط الأنفاس وتحقيق الإصلاحات
التي وعد بها وبدأ تنفيذ بعضها، بعدما بات متعذرا، عمليا، تطبيقها
في الوقت الراهن، وخصوصا أنّ القيادة السياسية السورية وضعت إدارة
الأزمة بين أيدي العسكريين.
إلّا
أنّ أكثر ما يلفت الانتباه، بل يثير القلق، هو الاستنتاج الذي
توصلت إليه بعثة الأمم المتحدة بعد زيارتها الأسبوع الماضي إلى
سوريا بأنه "ينبغي حماية المدنيين السوريين لأنهم يتعرضون لقمع غير
مقبول وغير مبرّر".
هذا
الاستنتاج قد يتحول إلى توصية، فقرار في المرحلة المقبلة، وخصوصا
إذا ما قرأنا جيّدا موقف الجامعة العربية التي تحاول مواكبة
الأحداث، وإن كان دورها ضعيفا، غير أنّه يصب في حملة عزل النظام
السوري دبلوماسيا وإدانته، ويوفّر للمواقف الدولية زخما في ممارسة
الضغوط تحت عنوان حماية المدنيين، على غرار موقف الجامعة العربية
الذي شكّل عنصرا أساسيا لاتخاذ القرار 1973 الخاص بحماية المدنيين
في ليبيا.
وليس
بعيدا من هذا السياق، يمكن قراءة انتهاء شهر العسل التركي –
السوري، وحسم الأتراك موقفهم الذي سيؤثر حتما في المواقف الدولية
الساعية إلى تضييق الخناق على النظام وزيادة عزلته.
وهذا
ما يفسّر أيضا التحذير الذي وجهته إيران إلى الحلف الأطلسي من أن
"التدخل في المستنقع" السوري ستكون كلفته باهظة على غرار ما حصل
لقوات الحلف في أفغانستان والعراق، وخصوصا أنّ هذا التطور في
الموقف الإيراني يأتي بعد زيارة مسؤولين إيرانيين موسكو، بعيدا من
الأضواء، وإجراء مباحثات تناولت خطط إنقاذ النظام، وبعد رسالة
واضحة أبلغها أمير قطر للقيادة الإيرانية بمحاذير استمرار الحل
الأمني في سوريا وإمكان التدخل الخارجي في المرحلة المقبلة.
من
هنا تبدو الأمور متجهة إلى مزيد من التعقيد والتصعيد، وإن كان أيّ
من الفريقين الداخليين، السلطة والمعارضة، غير قادر على الحسم
لمصلحته. فلا النظام المتماسك بقوة حتى الآن في هيكليته ومؤسساته
وجيشه وأجهزة أمنه، ولا المعارضة الناشئة والضعيفة والمدعومة
معنويا من الخارج والمتسلحة بأمل استنساخ ما جرى في تونس ومصر
وليبيا، قادران على الحسم.
أمّا
حقيقة الموقف الروسي من الأزمة السورية فيلخّصها ميخائيل مارغيلوف
رئيس العلاقات الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي وممثل الرئيس
مدفيديف إلى الشرق الأوسط بتأكيده أن روسيا التي في العادة تبتعد
من المواقف الحادة تجاه العالم العربي "أيدت الربيع العربي ووقّعت
الوثيقة التي نبّهت فيها مجموعة الثماني سوريا إلى ضرورة
الإصلاحات"، مذكّرا بأنّ روسيا والصين سمحتا بتمرير القرار 1973 في
مجلس الأمن تماشيا مع موقف الجامعة العربية.
يبدو
أنّ الأحداث تسير بسرعة أكثر مما يتوقع لها، وبدأ التحضير لقرار
دولي بالتدخل يلوح في الأفق. لكن حماية المدنيين فعلا لا يجوز أن
تتم وفق المشهد الليبي الملطَّخ بالتصفيات وحمّامات الدم.
|