الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

www.elaph.com

 

بوش يوجه تحذيراً أخيراً لدمشق

 

8/12/2004

  بقلم: فؤاد حميرة

دمشق من: كشفت مصادر ديبلوماسية غربية لـ »الدستور« في العاصمة السورية أن واشنطن وجهت إلى القيادة السورية تحذيرات تؤكد على أن انشغال إدارة الرئيس جورج بوش لن تمنعها من فرض إجراءات جديدة ضد سورية في حال عدم امتثالها للشروط الأميركية.
وأضافت المصادر أن هذه التحذيرات حملتها جهات أوروبية زارت دمشق مؤخرا، مشيرة إلى أن الشروط الأميركية تتمحور حول »وقف دمشق دعمها لمنفذي العمليات ضد القوات الأميركية« التي تعرقل عودة الاستقرار والأمن إلى العراق. وترافقت هذه التحذيرات مع رفض وزير الخارجية الأمريكي كولن باول اقتراحا عربيا يدعوه إلى القيام بزيارة إلى دمشق للاجتماع بالرئيس بشار الأسد ومناقشة مجمل الخلافات القائمة بين البلدين خصوصا حول العراق تمهيدا لتسويتها، في الوقت الذي بعثت إدارة الرئيس بوش بتحذير إلى المسؤولين السوريين عبر جهات أوروبية مفاده أن معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية لن تمنع الإدارة الأمريكية من اتخاذ عقوبات أو إجراءات جديدة ضد سوريا إذا لم تضع حدا نهائيا »لدعمها المباشر وغير المباشر« لمنفذي الهجمات على القوات الأمريكية والأجنبية في الساحة العراقية.
وكشفت مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع أن جهات عربية بارزة تلعب حاليا دور الوسيط بين واشنطن ودمشق اقترحت على كولن باول زيارة سوريا هذا الشهر أو الاجتماع بوزير الخارجية السوري فاروق الشرع في إحدى العواصم العربية لمعالجة الخلافات الأساسية القائمة بين البلدين. لكن كولن باول رفض هذا الاقتراح مؤكدا لهذه الجهات العربية أن الحوار مستمر عبر القنوات الدبلوماسية بين واشنطن ودمشق لكن لن يحدث أي اجتماع سوري - أمريكي رفيع المستوى قبل أن يسمع الأمريكيون »جديدا من دمشق« وقبل أن تنفذ القيادة السورية كل أو معظم المطالب الأمريكية المقدمة إليها والمتعلقة خصوصا »بوضع حد لدورها السلبي في العراق وإنهاء دعمها وتسهيلاتها للتنظيمات الفلسطينية المعارضة لعملية السلام والتوقف عن دعم الدور القتالي والتسلحي لحزب الله اللبناني والالتزام جديا بوقف إنتاج وامتلاك أسلحة دمار شامل تمهيدا لإزالتها تحت إشراف دولي«.
وأوضحت هذه المصادر أن الإدارة الأمريكية تشعر »بقلق جدي« من الدور السوري في العراق المستمر في معارضته للتوجهات الأمريكية وتتهم سوريا وإيران بأنهما تشكلان »قاعدتين رئيسيتين لتمويل وتسهيل« تنفيذ الهجمات المختلفة ضد ما سمي القوات المتعددة الجنسيات أو ضد العراقيين والمنشآت الحيوية العراقية، وإن كانت ترى أن سوريا »أقل قدرة على إلحاق الأذى والتأثير على مجرى الأحداث في العراق من إيران«.
وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين الأمريكيين يملكون معلومات تفيد أن عددا من أقارب صدام حسين يقيمون في سوريا وذلك »بمعرفة تامة من السلطات السورية« وأن هؤلاء يلعبون دورا نشطا مهما في عملية تسلل المقاتلين العرب إلى العراق وتأمين التمويل لمنفذي الهجمات في الساحة العراقية وشراء الأسلحة والمتفجرات لهم وأن أبرز هؤلاء هو فاتك سليمان المجيد ابن عم صدام حسين والمسؤول السابق في جهاز الأمن الخاص، وقد ردد مسؤولون اميركيون أن الأغلبية الكبيرة من المقاتلين العرب الذين تم اعتقالهم في العراق هم إما سوريون أو أنهم عبروا الحدود السورية.
وكشفت المصادر الأوروبية ذاتها أن إياد علاوي رئيس الحكومة العراقية المؤقتة طلب من إدارة بوش بعد زيارته الأخيرة إلى دمشق ومحادثاته مع الرئيس بشار الأسد، عدم اتخاذ أية إجراءات جديدة ضد سوريا في المرحلة الراهنة على أساس أنه تلقى وعودا وتأكيدات رسمية سورية تفيد أن القيادة السورية قررت دعم الحكم العراقي الحالي والتعاون معه فعليا وجديا من أجل إنهاء كل عمليات التسلل عبر الحدود ووقف كل نشاطات معادية للوضع القائم في العراق وتسوية الخلافات المالية وإعادة أموال النظام السابق إلى العراقيين والامتناع عن تقديم أي نوع من التشجيع أو

 الدعم للقوى العراقية المعارضة لعملية التغيير في هذا البلد. بل إن مسؤولا سوريا كبيرا أكد لإياد علاوي »أن صفحة صدام حسين طويت نهائيا بالنسبة إلينا« وفي إطار هذا التوجه السوري تم تشكيل لجنة أمنية مشتركة عليا لضبط الحدود بين البلدين وتم التفاهم على خطوات محددة لتسوية المشكلات العالقة.
وأكدت المصادر المطلعة أن إدارة بوش استجابت لطلب علاوي هذا وأنها أبلغت المسؤولين العراقيين وكذلك جهات بارزة أوروبية معنية بهذه القضية أن إدارة بوش ستعطي »الفرصة الكاملة« للتقارب الجديد بين القيادتين السورية والعراقية لكي يحقق تغييرا جوهريا في الموقف السوري من مسار الأوضاع في العراق بما يؤدي خصوصا إلى وقف »كل أنواع الدعم المباشر وغير المباشر والتشجيع والتحريض« للقوى العراقية الراغبة في إفشال عملية إقامة نظام جديد مستقر في هذا البلد. وعلى هذا الأساس فإن إدارة بوش لن تتخذ خلال الفترة القريبة المقبلة أية إجراءات جديدة ضد سوريا وإن كانت ستواصل الضغوط السياسية والديبلوماسية عليها.
لكن إدارة بوش حذرت في الوقت نفسه من أنه في حال لم يتم تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات التي تم التوصل إليها بين إياد علاوي والسوريين، فإن المسؤولين الأمريكيين سيتعاملون مع سوريا حينذاك على أساس أنها »تهدد المصالح الأمنية والحيوية والاستراتيجية الأمريكية وتهدد الأمن والاستقرار في العراق وفي المنطقة«. وعلى أساس أن سوريا تنتهك وتخالف قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 1546 الصادر في حزيران الماضي استنادا إلى الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة والملزم بالتالي لكل الدول. ويطالب قرار مجلس الأمن هذا دول العالم »بمنع عبور الإرهابيين إلى العراق ومنه وبالتوقف عن تزويد الإرهابيين بالأسلحة وتوفير التمويل لهم«، كما يطالب الدول بتقديم المساعدة للقوات المتعددة الجنسيات في العراق والعمل على ضمان الأمن والاستقرار في هذا البلد.
وأكدت إدارة بوش خلال اتصالاتها هذه مع المسؤولين العراقيين والجهات الأوروبية البارزة أن معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية لن تشل قدرتها على التحرك والعمل ولن تمنعها من فرض عقوبات جديدة أو من اتخاذ إجراءات مختلفة ضد سوريا إذا لم تقم القيادة السورية فعليا بإجراء تغيير جوهري في طريقة تعاطيها مع المشكلة العراقية. وطلبت الإدارة الأمريكية من هذه الجهات الأوروبية نقل هذا »التحذير الأمريكي إلى دمشق«.
إلى ذلك نفت مصادر سورية أن تكون لزيارة اللواء السوري المتقاعد محمد ناصيف المسؤول السابق في الامن العسكري للولايات المتحدة مع عائلته بعد ان حصل على تأشيرة دخول من السفارة الاميركية في دمشق أية أبعاد سياسية، مؤكدة على أن سبب الزيارة طبي بحت إذ يحتاج ناصيف لاجراء فحوصات طبية. »واكد المصدر السوري ان السيد ناصيف، والذي ما زال يشغل منصبا امنيا كبيرا في سورية، موجود في واشنطن لأسباب شخصية وليست سياسية وأن ناصيف لم يجتمع باي مسؤول في وزارة الخارجية او غيرها، واشارت الى ان الاتصالات الثنائية تتم عبر السفارتين في العاصمتين. وتعليقا على الاشاعات التي تتحدث عن اتصالات سرية بين البلدين لبحث قضايا امنية مثل الوضع في العراق، او سياسية مثل الانتخابات الرئاسية اللبنانية، شددت المصادر على انه »لا توجد هناك اجتماعات او اتصالات سرية كهذه، ومناقشاتنا الثنائية بما في ذلك قانون محاسبة سوريا ومضاعفاته تتم في واشنطن مع السفارة السورية، وفي دمشق مع السفارة الاميركية«.
 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها