الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

www.elaph.com

 

لبنان في مهب فتنة وقودها سورية

2005 الأحد 6 مارس

دمشق تكثف لقاءاتها بالقيادات اللبنانية الوفية
لبنان في مهب مشروع فتنة وقودها سورية
توجيهات سورية بفتح ملف "القرى السبع" في الجنوب بحال انسحاب إسرائيلي مفاجئ من مزارع شبعا

دمشق: كما كان منتظرًا من خطابه أمام مجلس الشعب مساء أمس، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد عن انسحاب سوري "كامل من لبنان إلى البقاع ثم إلى الحدود السورية". عبارة "انسحاب إلى الحدود" تضمنت لغطًا سارعة وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان إلى توضيحه في اتصال هاتفي مع الشبكة اللبنانية للإرسال (LBCI) ليلة أمس، مشيرة إلى أن الجيش السوري "سينسحب إلى الجانب السوري من الحدود بين لبنان وسورية". خطاب الأسد جاء ملغومًا في بعض النقاط، إذ أشار إلى أن "17 أيار آخر يلوح في الأفق"، داعيًا اللبنانيين إلى "الاستعداد" لمواجهته ومؤكدًا أن سورية ستدعم هذه المواجهة، الأمر الذي قرأ فيه "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية" في بيان تلقت "إيلاف" نسخة عنه، تلويحًا بفتنة "وقودها سورية" تحاول إعادة الوضع اللبناني إلى المربع الأول من مربعات الحرب الأهلية في العام 1976 تحت يافطة "وطنية ـ قومية". وأشار البيان إلى إجتماعات سرية مكثفة تعقد في "مكتب الأمن القومي" في حي المهاجرين في دمشق بين قوى أمنية وسياسية لبنانية سورية، تتلقى فيها الوقة اللنبانية الموالية "توجيهات بفتح ملف القرى اللبنانية السبع في جنوب لبنان إذا ما انسحبت القوات الإسرائيلية من مزارع شبعا بشكل مفاجيء. بحيث يبقى فتح ملف هذه القرى رهنا بالإشارة السورية في الزمن المحدد".

شعبان
وقالت الوزيرة السورية إن الجيش السوري يريد الانسحاب بأسرع فرصة ممكنة من الناحية اللوجستية، وأن القرار السياسي الذي اتخذ يقضي بانسحاب تام. وأشارت بثينة شعبان إلى أن اجتماعا سيعقد بين القيادتين السورية واللبنانية بعد غد الاثنين للاتفاق على تفاصيل الانسحاب.

 اتفاق 17 أيار (مايو) 1983 بين لبنان وإسرائيل، هو ما قضى بالعودة إلى اتفاقية الهدنة للعام 1949.

 

 مشروع فتنة للنظام السوري في لبنان
وأشار البيان إلى أن المسألة الأكثر لفتًا للانتباه في الخطاب هي إشارة الأسد إلى أن "17 أيار آخر يلوح في الأفق"، داعيًا اللبنانيين إلى "الاستعداد" لمواجهته ومؤكدًا أن سورية ستدعم هذه المواجهة. أضاف البيان "من الواضح، إن لم يكن من المؤكد، أن النظام السوري، بهذه الإشارة لاتفاق 17 أيار آخر واستعداد سورية لدعم مواجهته، إنما يحضر لفتنة في لبنان تحاول إعادة الوضع اللبناني إلى المربع الأول من مربعات الحرب الأهلية في العام 1976 تحت يافطة "وطنية ـ قومية".

إجتماعات مكثفة
واعتبر البيان الصادر عن "SINATIC" ما جاء في خطاب الرئيس السوري الذي جاء مضمونه تعبيرًا مكثفًا عن "حصيلة توافقية" بين مراكز القوى في هرم السلطة، يتقاطع مع، ويؤكد، المعلومات الراشحة من دمشق حول اجتماعات سرية تجري منذ أسبوع بين القيادات السورية السياسية ـ الأمنية مع عدد من قادة القوى  اللبنانية الموالية في لبنان. في هذا السياق، كشفت مصادر سورية شبه رسمية عن أن العاصمة السورية تشهد اجتماعات مكثفة منذ أكثر من أسبوع بين قيادات سورية عليا وصفت بأنها مسؤولة عن "صناعة القرار السياسي والأمني" من جهة، وقيادات سياسية وأمنية  لقوى وأحزاب لبنانية "موالية" من جهة أخرى.

وقالت هذه المصادر إن الاجتماعات التي تجري في مقر "مكتب الأمن القومي" بحي المهاجرين، تضم قيادات من "حزب الله" و"حركة أمل" و"الحزب القومي السوري" المعروف عنه بأنه "الأشد ولاء للمخابرات السورية وتعاونًا معها من بين القوى اللبنانية".

وأشارت هذه المصادر إلى أن "الاجتماعات المباشرة غير المعلن عنها أصبحت البديل الوحيد للاتصالات الهاتفية. وذلك بعد أن أدركت القيادات الأمنية السورية بالملموس أن جميع اتصالاتها بمواليها اللبنانيين عبر الهاتف تم وضعها تحت المراقبة الأميركية ـ الفرنسية الفضائية المشددة منذ اغتيال الرئيس الحريري". 

توجيهات بفتح ملف القرى السبع
وفي هذا الإطار، كشفت هذه المصادر عن أن "القوى اللبنانية الموالية المذكورة تلقت توجيهات بفتح ملف القرى اللبنانية السبع في جنوب لبنان إذا ما انسحبت القوات الإسرائيلية من مزارع شبعا بشكل مفاجيء. بحيث يبقى فتح ملف هذه القرى رهنا بالإشارة السورية في الزمن المحدد". ومن المعلوم أن النظام السوري يتذرع ببقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال الإسرئيلي من أجل التنصل من استحقاق الانسحاب من لبنان وتجريد الميليشيات الموالية له من سلاحها، وفي المقدمة حزب الله. هذا في الوقت الذي لم تزل الحكومة السورية ترفض تقديم وثائق رسمية إلى الأمم المتحدة تؤكد لبنانية هذه المزارع رغم جميع المطالبات التي تقدم بها الزعماء السياسيون اللبنانيون، وبشكل خاص وليد جنبلاط ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق الجنرال ميشيل عون، فضلًا عن شخصيات وقوى أخرى "مستقلة".

وكانت معلومات قد رشحت من عواصم معنية عديدة في الأسابيع الأخيرة، وبشكل خاص باريس وواشنطن وتل أبيب، تفيد بأن مداولات جدية تجري بين العواصم المذكورة لبحث إمكانية انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا من أجل "سحب بساط الذرائع من تحت أقدام النظام السوري ومواليه في لبنان الذين يربطون بين الانسحاب السوري النهائي من لبنان وتجريد الميليشيات اللبنانية من السلاح من جهة، وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا من جهة أخرى".

مواطنون في قرية " الغجر " السورية المحتلة:
إسرائيل بدأت بشق طريق بديل عن طريق المزارع

 إلى ذلك، وفي اتصال هاتفي مع "المجلس  الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية"، أكد مواطنون سوريون من قرية الغجر السورية المحتلة في الجولان، والمحاذية لمزارع شبعا، أن القوات الإسرائيلية بدأت بشق طريق يصل بين معسكر النخيلة والجهة الشرقية من وادي العسل مقابل الطريق العام المؤدي إلى مزارع شبعا. وقال هؤلاء إن الطريق الجديد يخترق القاطع الشرقي لوادي المغر صعودا إلى محطات الإنذار الإسرائيلية  في تلة الزلقا ومقاصر الدود الواقعة في مرتفعات جبل الشيخ الجنوبية السورية المحتلة في العام 1967. وأضاف هؤلاء "إن دوريات عسكرية إسرائيلية تمركزت خلال الأيام الأخيرة في الحقول الواقعة جنوبي قرية الغجر، لم تكن موجودة سابقا. مما يعني أن إعادة تموضع للقوات الإسرائيلية قد يجري قريبا في إطار الانسحاب المحتمل من مزارع شبعا".

وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية قد بثت في الرابع من الشهر الماضي تقريرًا لم يحظ بانتباه أحد تقريبا. وقد ذكر التقرير أن الجرافات العسكرية الإسرائيلية واصلت "إقامة السواتر الترابية في الجزء الجنوبي من المزارع وتحديدًا في محيط موقع زبدين حيث يجري العمل لتسوية مساحات واسعة من الأراضي في القطاع الشرقي من وادي المغر". وأضاف التقرير نقلًا عن شهود عيان لبنانيين أن "ورشًا فنية تنشط داخل مواقع رمثا والسماقة ورويسات العلم في وقت نشطت حركة الشاحنات على الطريق الرئيسي شرقي العباسية مروراً بمعسكر النخيلة ومنه شمالًا نحو شبعا". ‏

القرى السبع
تعود مشكلة هذه القرى إلى العام ترسيم الحدود الذي جرى بتاريخ 7/3/ 1923 بين لبنان المنتدب عليه فرنسيا، وفلسطين التاريخية. وقد ضمت هذه القرى في العام 1926 إلى فلسطين بعد أن تنازل عنها الانتداب الفرنسي لمكتب الوكالة اليهودية مقابل تجديد امتياز تجفيف مستنقعات الحولة لشركة فرنسية. وقد اعترفت عصبة الأمم بهذا الاتفاق في العام 1934. وكانت الخارجية اللبنانية قد بدأت في العام 2003، بعيدًا عن الأضواء، بحثّ مواطني القرى السبع الذين غادروها منذ عشرات السنين تحضير وثائقهم الثبوتية المتعلقة بأملاكهم في تلك القرى، وإبراز مستنداتهم أمام مكتب خاص تم إحداثه خصيصًا لهذا الغرض في الخارجية اللبنانية.  أما القرى فهي : هونين، صلحا، قدس المالكية، إبل القمح، النبي يوشع، طير بيخا. وهناك أوساط لبنانية مقربة من سورية تحاول أن تضيف إلى هذه القائمة كلا من : شوكة، أقرت، حانوتا، دحيرجة، كفر برعم، صروح، حردبا. وتقول هذه الأوساط بأن هذه القرى احتلت في العام 1949 عشية توقيع اتفاق رودس.

تجنيس عناصر المخابرات السورية بالجنسية اللبنانية
تؤكد مصادر في وزارة الداخلية اللبنانية على أن خمسة آلاف عنصر مخابرات سوري على الأقل قد تم تجنيسهم خلال السنوات الماضية بالجنسية اللبنانية من أجل أن يلعبوا الدور المطلوب منهم في مرحلة لاحقة، وفيما إذا أجبر النظام السوري على مغادلرة لبنان. وتقول هذه المصادر إن وزير الداخلية الأسبق الياس المر الأب، ثم وزير الداخلية الياس المر الابن هما من قام بشكل أساسي  بعملية التجنيس تلك.

وأشار البيان الصادر عن المجلس إلى أنه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما جاء في خطاب الأسد، والتقارير القادمة من دمشق حول الاجتماعات السرية المشار إليها، واستمرار توزيع السلاح من مستودعات القوات السورية المنوي سحبها إلى القوى الموالية للنظام السوري، كالحزب القومي السوري وغيره، وهو ما كان كشف عنه "المجلس" في تقرير نشره الأسبوع الماضي وأشار فيه إلى توزيع عشرة آلاف قطعة سلاح على الموالين  خلال الأسابيع الخمسة التي سبقت وتلت اغتيال الحريري،  وقضية تجنيس الآلاف من رجال المخابرات السورية بالجنسية اللبنانية كي يلعبوا دور حصان طروادة في قادم الأيام، فإن الخلاصة الوحيدة التي يمكن استنتاجها هي التالي:

ـ إن النظام السوري، وبشكل خاص نواته المافيوية، لا يمكن أن تتخلى عن "البقرة اللبنانية" التي تدر عليه 200 مليون "لتر من الحليب الدولاري" الصافي!
ـ إن النظام السوري  لا يزال مصرًا على "تحرير" الجولان بواسطة حزب الله!
ـ إن النظام السوري لا يزال أسيرًا لقاعدته الذهبية: الرهان على الوقت .. لعل من يعنيه الـأمر يصاب بالتعب أو يفكر بإبرام صفقة معه في العراق أو الجولان، دون أن يدرك أن "زمان الأول حوّل"!

وختم البيان بالإشارة الى النقطة الوحيدة الصادقة في خطاب الأسد، وهي إشارته لاتفاق "17 أيار قادم  عليهم الاستعداد لمواجهته".. مع الإشارة إلى أن استعداد المواطنين اللبنانيين يجب أن يكون لمواجهة لا 17 أيار قادم، بل مشروع فتنة قادمة سيكون وقودها، على الأرجح، سورية ذاتها التي قد يكون لبنان كويت "ها" الخاص، وإن غدًا لناظره قريب.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها