حماية الأقليات...واجب يجب ان تلتزم به الحكومات
2010 05 11
أشعر بالأسف والاحباط لاستمرار عجز الحكومة في حماية مواطنيها ,
فالفلتان الأمني وبلا شك هو بسبب ضعف الحكومة وعدم كفاءتها حيث ادى ذلك
الى انتعاش العصابات والمجموعات الارهابية التي تنفذ جرائمها في وضح
النهار , ان عدم تواجد قوات حكومية كفوءة تجعل أعداء الحياة من الذين ليس
في عقولهم ذرة رحمة طليقون يفسدون في الأرض دون صعوبات , فقبل ايام وعلى
طريق بغديدا باتجاه الموصل ..خطط القتلة الحاقدون اعداء الحياة لاستهداف
ناقلة تقل مجموعة من الطلاب فاردوهم ضحايا بعضهم فارق الحياة وبعضهم جرحى
ينزف دما, نعم انهم يستهدفون المسيحيون دون اكتراث وخجل , ما ذنب هؤلاء
الطلبة المسيحيون الابرياء , ما ذنب رجال كنسيتهم المسالمون الذين يدعون
ربهم ليل نهار لهداية البشر الى طريق المحبة والسلام ليذبحون , محلات
يملكها مسيحيون يسترزقون من خلالها رزقا حلال تفجر وتحرق ثم تسرق ما تبقى
من محتوياتها , كنائس مسيحية يلتقي فيها المؤمنون يدعون فيها الله عز وجل
لاعادة السلام والوئام لوطنهم الجريح تحرق ويداس رمزها بالاقدام ...رغم
انف الحكومة والبرلمان والعلم والدستور والشرطة والجيش !!
المسيحيون كما هي صورتهم في اذهان غالبية اخواننا اتباع الديانة
الاسلامية من العرب والأكراد والتركمان وغيرهم , هم أناس مخلصون مسالمون
لا دخل لهم بما يجري في العراق من ارهاب وترويع لا من قريب ولا من بعيد ,
انهم شعب يضرب به المثل لأمانتهم واخلاصهم , حيث تجاوروا مع اخوانهم
المسلمون عربا واكرادا وتركمان وغيرهم ,وشاركوهم في افراحهم واحزانهم
وتقاسموا لقمة العيش معهم على مر العصور , والسؤال المحير ..كيف تغير هذا
الواقع , ثم اين ذهبت هذه المودة الروحية والعلاقات الطيبة بين ابناء
الشعب العراقي ..من اغتصبها غدرا ومن قتلها , هل تتحمل الحكومة
والسياسيين لوحدهم مسؤولية تدهور العلاقات الاجتماعية بين ابناء الشعب
العراقي .
يقينا ان الشعوب المضطهدة لا تموت ولا تسكت عن ظالميها والمطالبة بحقوقها
, وهذا ما برهنته عمليا المنظمات المسيحية المشرقية في اوروبا مؤخرا حيث
ناضلت مع اهلها في الداخل من اجل حقوق شعبها , لقد اثمر نضالها بايصال
صوتها الى مجلس النواب السويدي مؤخرا وطالبته بالاعتراف بالمجازر التي
حصلت ضد المسيحيين من الأرمن والأشوريين و السريان الكلدان الآراميين
مطلع القرن الماضي على يد سلطة النظام العثماني آنذاك ...
نؤكد ..ان ذكر كلمة المسيحيون اينما وردت..ليست نابعة عن تعصب ديني ,
فالمسيحيون العراقيون يحترمون كل الانتماءات الدينية والعقائدية للانسان
, لا بل ويسعون الى تقاربها من اجل الحفاظ على الحياة ,فمحبة الحياة دليل
الرقي الانساني , كما انهم لا يحبذون تقسيم المجتمع العراقي على اساس
الانتماء الديني او الطائفي او القومي , فالمسيحيون العراقيون كانوا اولى
الأقوام التي آمنت بالسيد المسيح فاعتنقت المسيحية , وان اجدادهم كانوا
من الأشوريون والكلدان والسريان الآراميين , وبهذا التوصيف وبحسب
المدونات التأريخية يعتبرون اصحاب الأرض الشرعيين , لكن التطور التأريخي
للبشرية اوصل شعوب المنطقة الى ان تكون تحت حكم المسلمون , وقد احتفظ
المسيحيون بحقوقهم المعاشية بشكل طبيعي , اما في ظل الحكومة الحالية
فانهم وبسبب ضعفها وعجزها عن حمايتهم فانهم يتعرضون الى جريمة ابادة اكثر
بشعاعة كالتي حدثت لأجدادهم في سيفو وصوريا وسميلي بداية القرن الماضي,
فبعد الحرب التدميرية على العراق في 2003 والتي خلفت وراءها دوامة من
الصراعات الطائفية والقومية ازدادت وحشية المجموعات والعصابات الارهابية
والتكفيرية المتعصبة حيث يجمعهم هدف واحد هو قتل وتهجير وارهاب اتباع
الديانة المسيحية السمحاء والقضاء على وجودها على ارضها , وهم مستمرون في
ايذائهم حتى ان كنائسهم لم تسلم من التفجير والحرق والتدمير والنهب ,
واشير هنا بان لاتباع الديانة المسيحية في العراق ممثلين في الحكومتين ,
لكن شعبنا يعلم علم اليقين بان تأثيرهم على سير العملية السياسية في
العراق محدود جدا, بمعنى ..لا حول لهم ولا قوة , فلا هم قادرين على تحقيق
الحكم الذاتي الذي يمثل كما يستدل من عنوانه ...سياجاً آمناً سيحيط
بشعبنا على اراضيه التأريخية ويحول دون عبور المجرمون لقتله وتهجيره
ونهبه وحرق اماكن عبادته....ولا هم قادرون على حماية شعبهم من بطش وارهاب
العصابات في اماكن أخرى حتى انفسهم يلاقون صعوبة في حمايتها .
ان ممثلينا دون استثناء اناس معروفون من قبل شعبنا تفصيلياً , وقد ناضلوا
وضحوا بارواحهم جميعا من اجل حقوق شعبنا ضد الدكتاتورية والطغيان لسنين
طويلة ,ولا اعتقد بان هناك احد من ابناء شعبنا يشكك في اخلاص وامانة احد
منهم , ولكن ومع الأسف فقد بات غالبيتهم غرقى يسبحون مع الحيتان في بحر
العملية السياسية الهائجة, ولذلك فمهما "علا" صراخهم مستنجدين ..فان
صوتهم ضعيف ولا يُسمع , فالحيتان قريبة منهم والحوار معها .. كحوار
الطرشان .
اذكر من يحكم العراق , بان غالبية الجرائم التي تستهدف العراقيين
وبظمنهم المسيحيين مكشوفة امام انظاركم , وآخرها الجريمة البشعة التي
وقعت في بلدة بغديدا وبالقرب من سيطرة "كوكجلي"
والتي استهدفت طلابا مسيحيين ابرياء سقطوا بين شهيد وجريح حدثت هي الأخرى
في وضح النهار , لكننا ننتظر منهم تحركا واضحا ومعينا ومؤثرا ومسؤولا
لكشف الجناة ومعاقبتهم علنا , ونضع امامهم صورة شجاعة جسدتها مجموعة
كبيرة من شرائح مجتمعنا ومواقعنا الألكترونية حيث استنكرت هذا الفعل
الشنيع وطالبت بتدخل دولي لحماية الأقليات وبظمنهم المسيحيون , اما
فضائيات المهجر ومنها سورويو تيفي وسوريويو سات فقد سلطتا الضوء بكثافة
واوقفت برامجها الترفيهية لتتحدث عن ما حدث لمسيحيوا العراق واعتبرته
جريمة بشعة ضد الانسانية, وبهذا تكون هذه الفضائيات قد عبرت عن شجاعتها
وحرصها واضعة الحكومتين العراقية والكردستانية امام مسؤوليتهما في حماية
مواطنيها .
واشير ايضا الى ان العديد من كبار رجال الدين المسيحيين والمسلمين وغيرهم
في الداخل والخارج قد استنكروا استهداف الأقليات ومنهم المسيحيين الآمنين
في العراق , وعبروا عن أسى عميق للخسائر الفادحة التي تعرض لها الطلبة
المسيحيون في الموصل , ودعوا الحكومة العراقية لمعالجة الأمر وتوفير
الأمن والعيش الرغيد لمواطنيها .
في الختام نقول ..فبالرغم من ان المسيحيون العراقيون يتعرضون الى القتل
والتهجير والترهيب بسبب الفلتان الأمني الناتج عن عدم وجود حكومة قوية
بسبب ازمة نتائج الانتخابات والتي اوصلت الكتل للاحتماء بالاجنبي تارة
وبالمرجعية تارة اخرى تاركة شعبنها يواجه الارهاب بين اما الموت او
الهجرة .
ان المسيحيون عبر ممثليهم يؤكدون على انهم شعب عراقي اصيل ومخلص متمسك
بعراقيته الى الأبد , ويعتبرون بان المساس بتعايشهم مع اخوتهم الشعوب
المسلمة من العرب والأكراد والتركمان وغيرهم خط احمر , ولن يفرطوا بهذه
العلاقة مهما كانت التضحيات , اما عن هربهم من وطنهم وطلبهم اللجوء في
دول عربية وغربية , فهذا حق مشروع تبيحه كل شرائع السماء وذلك للخلاص من
ايدي العصابات الاجرامية والظلامية .
ان حماية المواطنين العراقيين ومنهم المسيحيين من تعرضهم للجريمة بكل
اشكالها واجب يقره ميثاق حقوق الانسان الصادر من هيئة الأمم المتحدة
وتتحمل مسؤوليته الدولة العراقية بالكامل , كما ان على بلدان اللجوء
الانساني الوقوف مع محنة المسيحيين العراقيين والمساعدة في احتضانهم لحين
عودتهم الى وطنهم بعد استقرار الوضع فيه .
|