الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

بقلم: الدكتور الياس الحلياني

رئيس التجمع العلماني الديمقراطي الليبرالي -عدل -

اقرأ المزيد...

 

التعيينات في سوريا تتناسب عكسا مع قيمة الزاوية الناتجة من التقاء المخ بالحذاء

شام           

27\11\006

الصحف تكتب، والناس تتحدث، والمعارضة تُطالب، والبعثيون يُناقشون وبجرأة كبيرة، ومع كل هذا، وكل الإشارات والكتابات والتلميحات، فان الناتج: فالج لا تعالج.

وآخر ما حُرر ، صور كاريكاتورية على صفحات الجرائد الرسمية ، تنتقد وزراء التدشينات وقص الأشرطة الحريرية ، لمعارض هزيلة المضمون ( ثلة من وزراء الفريق الاقتصادي من اجل افتتاح معرض زراعي لم يحضره مزارع واحد ).وتقرير من صفحتين يتحدث عن انجازات الوزارة القائمة اليوم، وكيف تتقدم الى الوراء، وتُنجز مشاريع وهمية لا طعم ولا رائحة، رافعة شعار الوعود الوهمية ، والخطط التنفيذية الخُلبية ، واجتماعات للجان يجتمعوا فقط من اجل تمضية الوقت وتسجيل محضر جلسة ، وتكرار نفس التوصيات، والتي كنا نسمعها قبل دخول التلفاز الى سوريا.

وماذا يفيد المواطن ، اذا كانت هذه الحكومة ، تعزف لحن الاصلاح والتحديث والتطوير ، على أوتار

صدئة، مل منها المواطن والمسؤول نفسه. علماُ بأن الشعب السوري لديه قناعة أكيدة وثقة عالية، بأن رئيسه يُريد من هؤلاء أن يُقدموا للمواطن ، أكثر مما يتشدقون به، من وعود وتصريحات، لم يعد يُصدق أي منها أي مواطن. لأخطاء أقل من ذلك بكثير يقوم كل منهم بمحاسبة مرؤوسيه، ولكن ما عسانا أن نقول لهم، وقد اجتمعوا عدة مرات، مع رئيس البلاد، ووعدوا بانجازات، وآخلوا بوعودهم، فالغلاء الفاحش يضرب أطنابه في كل المناحي المعيشية ، وحتى الترفيهية، والحكومة آخر من يعلم، أو أنها تعلم وليس بيدها حيلة. لأنها من الأساس لم يكن لديها رؤية أو خطط، مستقبلية، تقف في وجه الأزمات ، وهذه الحكومة، تستند في لامبالاتها ، على مجموعة من مالكي السيارات الحديثة السوداء والمصفوفة أمام مجلس ، هو لا يملك أي خطة، أو أمكانية لمناقشة الحكومة ، في أمور وخطط غامضة ومبهمة بالنسبة لأعضائه، والذي يُشكل 51% منهم ، عمالا وفلاحين يقودون تلك السيارات التي تصطف على يمين ويسار شارع البرلمان والأزقة المتفرعة عنه ، ( والتي اصبح يُطلق عليها الشارع الأسود ، بسبب عدد السيارات السوداء الخاصة بالفلاحين والعمال----- ).

وبالأمس الذي صادف انعقاد جلسة لهذا المجلس أيضاً ، وبينما كنت مع صديقي ندور على غير هُدى في شارع الصالحية، جانب سينما الحمراء، راعنا(ولا زلنا مرتاعين) ، عدد كبير جداً زيادة عن المعتاد واللزوم ويمكن أن يغطي حاجة كل الفلاحين والعمال في سوريا، من سيارات الفخمة من
BMW، والمر سيدس السوداء المفيمة، المختلفة الأحجام، وظننا في الوهلة الأولى أن هناك تصوير لأحد أفلام المافيات، وأنه تم استيراد كل هذه السيارات الفخمة من أجل الفلم، حيث تفترض أللقطات، أن الاجتماع تم في حي (بفرلي هيلز) بسبب فخامة السيارات وأناقة المدعوين.

ولكن المفاجأة، أننا في سوريا، وعلى بعد عدة كيلو مترات من أحياء، لا زالت تشرب من مياه الصفيح، وتُعاني من انقطاع الكهرباء، وتمتطي الطرزينا والسوزوكي وتنام على الطوى بعد عمل أكثر من ستة عشر ساعة والعشاء خبيزة كما يُقال.

اقتربنا أكثر، لنتابع مشاهدة لقطات (لايف) من تصوير هذا الفلم الكبير، فوجدنا شاشة عملاقة، تبث وقائع هذا الاجتماع الفخم. وجوه نيرة، تمتلئ بالصحة والعافية، الفرح والرضا والسعادة والراحة والشبع تطل من نظراتها. سُررنا كثيرا من المشهد، وسألنا عن اسم الفلم؟ فقال لنا أحدهم بعد أن نظر لنا نظرة غاضبة: شو أجدب أنت وياه--- ألم تسمعوا بالحزب الشيوعي السوري ؟ انه يحتفل بعيده عيد العمال والفلاحين. .

على سيرة الثقافة ، كون سينما الحمراء ، من المواقع الثقافية ، عبر تجاربها المسرحية وغيرها من النشاطات الثقافية. فإننا كلما فكرنا بالإنسان والثقافة لا يجوز لنا ولا نستطع، أن نتجاوز السؤال: كيف تسنى للحماقة والعنف واللاإنسانية، والعار التي أنجبت للعالم نظامين شموليين: النازية والشيوعية. وهذا ما حصل خلال قرن من الثقافة والحضارة؟ وكل جواب على هذا السؤال يقودنا إلى مراجعة مفاهيمنا ومعارفنا، والتي عادة نربطها بمفاهيم الثقافة والحضارة.

في رواية (الأخوة كارامازوف ) يُبين دوستويفسكي كيف أن الإنسان الشيوعي هو على هيئة كارمازوف، مؤهلاًً للخير الوفير، بقدر ما هو مؤهل للشر المستطير، وبالوقت نفسه مستعد بأن يقيم مملكة الله على الأرض، مثلما يقيم مملكة الشيطان، وما حدث هو الأمر الثاني!!

سنجد عند قراءة وقائع عن المرحلة المتطورة لمجتمع معين أو حضارة معينة، كيف أن المؤرخين يخبروننا عن السقوط الأخلاقي ، معلنين بيأس مستسلم، أنه وسط الوفرة والفخامة يضمحل الانسان. ولا يبقى سوى الأقزام أخلاقيا ً ، الذين ينتظرون السقوط الذي يقترب حتماً (حصل) .

تدخل الكثير من الأحزاب التاريخ أغنياء في الأخلاق والشعارات والنضالات وفقراء مادياً، وعندما يخرجون من التاريخ ، يُصبحون أغنياء ماديا ، ولكن فقراء أخلاقيا ونضاليا .

2

في قراءة لأخبار التعيينات الجديدة في سوريا، نُلاحظ دائمًا وأبدًا، على أساس أن الأبدية هي شعارنا إلى الأبد. نُلاحظ أن زيد ينتقل من مدير عام فاشل إلى محافظ أفشل، وعمر ينتقل من محافظة أذاقها الويل والثبور وعظائم الأمور، وأرجعها في سلم الحضارة والنضارة إلى مكانة المدينة الرهيبة تورا بورا. نُلاحظ أن هذا المحافظ والذي فشل فشلا ذريعا في قيادة محافظته، قد تم نقله إلى محافظة أخرى، وكأن الست سنوات التي قضاها في تلك المحافظة، لم تلفت نظر أي مسئول، إلى أنه لم يقدم شيء، ومكافأة له، على ثباته عند مبادئه، بالمحافظة على المحافظة كما استلمها، يجري نقله إلى محافظة أخرى من أجل نفس الهدف.

أذكر رئيس بلدية مدينة سياحية (صيفية) . في ريف دمشق، وأذكر أنه كان يستيقظ في الصباح الباكر ويجول على مدينته، من أجل مراقبة أمور النظافة، وغيرها من ورش البناء، والتي تترك خلفها مخلفات كثيرة من الرمل والبحص. صحيح أنه كان يأكل العشرة ويُطعم التسعة، ولكنه كان يعمل ويُتابع كل أمور مدينته. وبالطبع نحن نرفض الطريقتين: قلة العمل والبلع، وكثرة العمل والبلع. ونقول: أيها السادة هناك شرفاء كثيرون في البلد، بعثيون وغير بعثيون، وهم جميعا أهل للثقة، إذا كان معيار الدولة هو الثقة، وهم نظيفو الكف والضمير، فيما إذا كانت الدولة قد وضعت هذا المعيار (لا سمح الله) .

وكأن واقعنا تحول كله الى :الشفط واللعط واللهط والزلط (زلط الشيء ويعني بلعه كله، وهي المرحلة النهائية من هذه السلسلة: تعيين، شفط، لعط، زلط).

متى يصل صوت ابن الشعب، إلى قيادته؟ ومتى تأخذ قيادته علما بكل ما ينبح به؟ من في سوريا ؟ لا يعرف أن هذا المحافظ قد شفط، وأن ذلك الوزير قد قبض، وأن ذلك المدير العام قد لعط؟

3

حتى ساعته، لا زال الإعلام السوري، مقتل سوريا. ففي وقت أصبح الإعلام في كل دول العالم، عنوان حضارة ودولة، لا يزال لدينا تحت عنوان: عنزة ولو طارت، ورغم تأكد الجميع أن التلفزيون السوري، بدأ وبشكل جدي، يُنافس التلفزيون اليمني والليبي والسوداني، منافسة قوية. وأن زوار التلفزيون السوري، لا يزيد عددهم أبدا عن زوار تلك الصروح الإعلامية التي ذكرناها، فان البرامج، لازالت هي هي ، والفكر الذي يقود العمل هو هو ، والذي تغير ، حركة المذيعة، فهي أصبح بامكانها أن تحك أنفها أو تضع يدها على قدمها دون أذن من أحد.

مرة ومرات نقول: من المسئول عن كل هذا التخلف الذي نعيشه، ولا نستطيع أن نخرج منه.

البعثيون، وهناك شرفاء منهم، يرفضون كل هذا الواقع ويُنددون به، ولكنهم وحتى تكتمل المهزلة، يرشون ويدفعون المعلوم مثلهم مثل البقية، والسبب مجهول.

الأمن، وقيل الكثير عن النوعية الجديدة، والتي بدأت تُمارس دورا مختلفا عن السابق، خاصة من ناحية الاعتقال، والتحقيق، ولكن أين دورهم في مكافحة الفساد وتقديم تقارير حقيقية عن كل ما يقوم به المسئولين، علت أو انخفضت مرتبتهم.

القيادات السياسية، وهي التي تُطالب يوميا بالمحاسبة والشفافية ومساعدة المواطن. ولكنها عند المحك، لا يعنيها سوى تبعية المسئول، وحُسن تفهمه وتلقيه للأوامر، ودرجة الانحناء التي يتمتع بها، فالتعيينات، تتناسب عكسا مع قيمة الزاوية الناتجة من التقاء المخ بالحذاء!!، وأفضل المسئولين، من يتمتعون بزاوية قائمة أبدية، فتراهم ساعتها، يتنقلون من منصب إلى منصب، وهم في وضع الزاوية القائمة، والتي تُعادل أكبر شهادة، وأنظف ضمير.

د. الياس حلياني

شام

27\11\006

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها