الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

بقلم: الدكتور الياس الحلياني

رئيس التجمع العلماني الديمقراطي الليبرالي -عدل -

اقرأ المزيد...

 

الموارنة، حضارة و تاريخ

مركز الشرق للدراسات الليبرالي

www.adel-sy.org

لكل امة تاريخ، ولكل شعب قصة يتناقلها الخلف من السلف. اما المارونية ، فلم تحكِ للأجيال قصتها الاّ بعد ان عاشتها في اطار اضطهادات ذاقت منها الأمرين. ولم تكتب تاريخها الآّ بدم الشهادة وعلى سطور الألم والعذاب. الكثير من المخطوطات أحرقته الحروب واتلفتها الغزوات الآتية من الجهات الأربع، حتى تعثر على المؤرخين حقيقة ما جرى خلالها من حوادث  ومآثر. ان المارونية عاشت تاريخها قبل ان تدونه على الورق منذ نشأتها حتى اليوم، لذلك حالت دون طمسه النار التي التهمت والمدافع التي هدمت، لأن ما يُكتب على القلوب اللحمية، لا يمكن ان تزيله قوة، مهما عظم شأنها، ومهما اشتدت شوكتها. تاريخ المارونية هو صفحة من تاريخ مسيحيي الشرق، ابتداء من الجيل الخامس. تاريخ المارونية هو تاريخ كل لبنان، هذا الوطن الذي تحالف مع المارونية منذ نشأتها، ليظهر للملأ كيف يكون الصمود، وكيف التصدي.

الفصل الأول: دير مار مارون

تنتسب الكنيسة المارونية الى دير مار مارون الشهير الذي شيّد على اسم الناسك مارون تكريما له. مَن هو القديس مارون ؟.

لسنا نملك سوى النزر القليل من المعلومات عن حياة هذا الراهب العظيم وعن نشأته. وحده المؤرخ الكبير تاودوريطوس، اسقف قورش في القرن الخامس، اعطانا بعض التفاصيل عن سيرة الراهب مارون في كتابه الرهباني " Histoir Religieuse " الذي وضعه حوالي سنة 440 ميلادية، ويدعى ايضا  تاريخ احباء الله. الآّ انه لم يذكر تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته، مكتفيا بالقول عنه انه ولد في القرن الرابع، وانه كفر بنفسه، على مثال الكثيرين من الرهبان، وهجر العالم الى شمالي سوريا انذاك. تجدر الاشارة الى أن مدينة قورش تقع على مسافة سبعين كيلو مترشمال غربي حلب، وان ابرشية قورش كانت متاخمة الى ابرشية انطاكية.

ان ما يهمنا من ينابيع النسك هذه هي الرهبانية السريانية التي اعتنقها القديس مارون، والتي تميزت باعتناق العزلة. و تجدر الاشارة إلى أن التبشير و العمل الرسولي كانا من مميزات الرهبنة السريانية، وقد مارسها الراهب والناسك ايضا، الاّ ان التبشير والعمل الرسولي لم يكونا هدفا لحياتهم التقشفية، بل بالاحرى نتيجة شغفهم بالسيد المسيح.    

لقد شغف الراهب مارون بالسيد المسيح، وقرر التسلق الى سلم الكمال. فصعد الى قمة جبل من جبال ابرشية قوروش، و سكن انقاض هيكل للأصنام، محولا اياه الى بيت صلاة و تضرع، قاضيا فيه حياة نسكية اشد قساوة من حياة باقي اخوانه الرهبان. و ما لبثت شهرته ان اجتذبت جميع اولئك المتعطشين الى الكمال المسيحي، فلحقوا به، مقتفين خطاه لأنهم رأوا فيه المثال الحي والمرشد الروحي الخبير، مشاطرينه العزلة و المسلك، و تخرّج، على هذا النحو، من مدرسته النسكية تلاميذ كثيرون.

مات القديس مارون في اوائل القرن الخامس عشر على الأرجح تقدر سنة 405 او 423 مسيحية، و راح سكان القرى المجاورة يتنازعون جثمانه ليحفظوه ذخيرة في كنيستهم، الى ان كانت الغلبة للبلدة الأكثر عددا والأقوى مراسا و الأشد  نفوذا، فشيدت على اسمه كنيسة ضمت جثمانه، و لم تلبث ان اصبحت مزارا يحج اليه المؤمنون من كل حدب وصوب. وفي سنة 452 بنى المبراطور مارسيانوس، في جوار افاميا، عاصمة سوريا الثانية، ديرا كبيرا على اسم القديس مارون ليسكن فيه تلاميذه الكثر. فكان هذا الدير مهد الكنيسة المارونية.

********************

الفصل الثاني: الكرسي الرسولي

توفيّ الراهب مارون، ولكن مدرسته ظلّت مزدهرة. ومع مرور الزمن  اخذت اهمية دير مار مارون في الإمتداد تصاعدا حتى اصبح يضم، كما يقول المسعودي ( اكثر من ثلاثماية صومعة يسكنها الرهبان). والاسقف الماروني توما الكفرطابي يؤكد في القرن السابع أن هذا الدير كان يضم ثمانماية راهب. وازدادت مكانة الدير على نهر العاصي اكثر فاكثر لدرجة انه اصبح المرجع الوحيد للمؤمنين في كل ما يتعلق بامورهم الدينية الروحية والزمنية.
في القرن السابع بينما كان دير مارون يتمتع بهذا النفوذ ويتفردبهذه الأهمية، غزا العرب سوريا الثانية و شغر مركز انطاكية الرسمي على مدى قرن واحد، بعد وفاة البطريرك اثاناثيوس الثاني. في هذه الفترة كان البطريرك الإنطاكي يعيّن "اسميّا" و يقطن القسطنطينية، لأنه لم يكن باستطاعته ان يحتل كرسيه بعد الغزو العربي. وفي النصف الثاني توقفت القسطنطينيةعن تسمية البطريرك الانطاكي فشغر الكرسي فعليّا ابتداء من السنة 702حتى سنة 742. في هذه الحقبة الشديدة االمليئة بالأحداث، و بينما كانت الكنيسة الانطاكية بدون رأس كما يقول المؤرخ شارل دي كلير، اعلن دير مار مارون، ذو السطوة و المتمتع بالحقوق على الشعب المحيط بالدير، الاستقلال التام وانشأ كنيسة حقيقية اصلية، على رأسها بطريرك.

هكذا نشأت الكنيسة المارونية، كنيسة مستقلة عن سائر الكنائس ومرتبطة بها في آن واحد. واقام دير مار مارون على رأسها بطريركيا من رهبانه هو البطريرك يوحنا مارون. اما زمن تأسيس هذه البطريركية بالضبط فلم يزل مجهولا انما جل ما نعلم انها نشأت في القسم الاول من القرن الثامن عشر. و يؤكد لنا ديونيسيوس، البطريرك السرياني الاورثوذكسي في مذكراته ما يلي: اما الموارنة، فمكثوا كما هم اليوم، يرسمون بطريركيا و اساقفة من ديرهم، ومنذئذ، وامام الأمر الواقع، اعترفت الكنيسة الجامعة بشرعية خلق هذه الكنيسة الإنطاكية الجديدة التي لم تزل ثابتة حتى اليوم.

منذ نشأة الكنيسة المارونية حتى الآن، ظل البطريرك يتمتع بلقب انطاكية والمشرق ومتعلق ابدا بالكرسي الرسولي. نشأة الكنيسة المارونية متمسكة بوديعة الايمان هذا ما حمل البعض على شنّ الاضطهادات الضارية عليها. فُكتب لها ان تقاسي من الضيق والتنكيل ما يعجز عنه الكلام. لذلك اضطرها واقعها المرير هذا الى خيار لا مفر منه: اما ان تتنكر لمعتقداتها، و اما ان تتحمل العذاب و قهر الاضطهاد، وفي نهاية الامر، رفضت هذا الواقع. و انتقلت الكنيسة هيرارقيا، اي البطريرك والاساقفة من سوريا الثانية الى لبنان، لينضموا الى الشعب الماروني الذي كان يسكن هذه البلاد منذ القرن الخامس. كان هذا الانتقال، على اغلب تقدير غداة تدمير دير مار مارون و هو الكرسي البطريركي.

في النصف الاول من القرن العاشر استقرت المارونية في لبنان شعبا وسلطة، فعرف بها وعرفت به على ممر العصور. واحتفظت المارونية في لبنان كما في وادي العاصي، بميزتها الأصلية و نشأتها الديرية ونهجها الكنسي بمعنى ان بطريركها و اساقفنها و خوارنتهاو سائر المؤمنين بها، ظلوا يشاطرون الرهبان نمط حياتهم و ينسجون على منوالهم في الصوم والصلاة، و في اوقات العمل والراحة ايضا حتى قيل: الكنيسة المارونية هي جماعة رهبانية.

الفصل الثالث :  المارونية نهج فلسفي

المارونية هي نهج فلسفي و نهج اجتماعي _ وطني في آن واحد

لقد عرفت كنيسة المسيح في الاجيال الاولى هرطقات لا تعداد لها. و من هذه الهرطقات بدعة آريوس الذي انكر ألوهة المسيح، فحرمه مجمع نيقيا 325 وفي عام 381 ثبت هذا الحرمان، وبدعة اوتيخا الذي انكر إنسانية المسيح وبشّر بالطبيعة الواحدة اي الطبيعة الألهية فقط. وعلى اثر هذه البدعة انعقد المجمع الخلقيدوني عام 451 وأعلن العقيدة الواحدة الإيمانية بإن المسيح هو اله حق وانسان حق يجمع في شخصه الطبيعتين الألهية و الناسوتية وبلملئهما التام. فالمارونية تأسست اذا جاز التعبير على الصراع الخلقيدوني للدفاع عن  العقيدة الإيمانية.

المارونية نهج فلسفي- لاهوتي

عاشت الكنيسة تصارع البقاء طيلة القرون الثلاثة الاولى، متحدية اخصامها ولا سيما الديانة اليهودية و الوثنية و الرومانية، الى ان تتوج نضالها في معاهدة ميلان عام 313 التي تضمنت اعتراف الامبراطور الروماني قسطنطين بالديانة المسيحية و بحق وجودها في الامبراطورية، مبيحا للمسيحيين ممارسة عبادتهم و اظهار شعائرهم و بناء الكنائس و الاوقاف. وعلى اثر الصراعات التي قامت بين العواصم الثلاث القسطنطينية وانطاكية و الاسكندرية و بين حضارتين كبيرتين هما : الحضارة اليونانية ( الإغريقية) والحضارة السريانية الآرامية، كان النصر حليف الحضارة اليونانية، لأن اللغة التجارية، اليونانية كانت سائدة في المحيط الأوروبي و بعض مناطق حوض البحر الابيض المتوسط آنذاك. انتشرت هذه اللغة وانتشر النفوذ البيزنطي. و لما كان الموارنة ينتمون الى القديس مارون و الى ديره القائم على ضفاف نهر العاصي، فقد انبثقت المارونية من الصراعات القائمة حول مفهوم سر التجسد الفدائي.

 توفي القديس مارون عام 410 ميلادية، وانعقد المجمع الخلقيدوني عام 451 اي بعد وفاة الراهب باربعين سنة. فالرهبان تلامذة القديس مارون و المؤمنون الذين يعيشون حول قبره في المزار، في منطقة سوريا الثانية، كانوا من اتباع المجمع الخلقيدوني المذكور، المبني على تضامن الإنسان مع اخيه الإنسان ايّا كان ومن اي بلد كان وهذا جوهري لاهوتي يجعل كل المسيحيين يؤمنون بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية. وتجدر الإشارة أن القهر و التشرد و الإضطهادات التي احتملها الموارنة لم تجعلهم يحيدون قيد شعرة عن ايمانهم ومعتقدهم. و هذه الصلابة حملت الامبراطور مرقيانوس الى المزيد من الاحترام والتقدير لهم، فعمر لهم في العام 452 دير مار مارون الذي اصبح فيما بعد مهد الكنيسة المارونية التي كانت المرجع للشعب و البطريرك الماروني الذي اصبح مركزه انطاكية و كان يدير شؤون الطائفة بحكم شعبي. واثباتا على ذلك نرى ان الحكم في الاصقاع الشرقية كان يوم تأسست الكنيسة المارونية،  تيوقراطيا عند المسيحيين كما عند الاسلام. فامبراطور القسطنطينية كان يتدخل فعليا بشؤون الكنيسة و ادارتها الروحية و الكنسية، و الحكم الاسلامي ما عرف قط فصل الدين عن الدولة، فكان حكما تيوقراطيا بكل معنى الكلمة. هنا وعى الموارنة الى هذه الاوضاع فحولوا كنيستهم الفتية الى امة ليكتب لها النجاح والبقاء! و قد كان الجبل اللبناني، البقعة الجغرافية الملائمة لهذه الأمة الجديدة، ولذلك لم تتمكن بيزنطية و لا العرب و لا الدولة العثمانية من محو الموارنة، و لا تقليص وجودهم و لا من تغيير هويتهم. لذلك، كنيستهم كنيسة وطنية اعطت الولاء للشرق في بطريركها الأنطاكي و سائر المشرق. في ختام الفصل الثالث يمكن القول ان الكنيسة المارونية، هي جماعة من المسيحيين تغرز جذورها في منهج فلسفي لاهوتي عميق، اعطت لذاتها بنية خاصة في اطار رهباني، و من ثم ما لبثت الى تحولت الى كنيسة وطنية و مرجعية وطنية لكل اللبنانيين بمعزل عن طوائفهم في الحفاظ على الوطن الذين يكرسون الارز كقديس لهم .

الفصل الرابع: الانتقال الى لبنان  

ولدت الكنيسة المارونية في انطاكية ،ومن ثم كما ذكرنا انتقلت الى لبنان لأنه كان الخيارفي ان تعيش
مضطهدة او ان تعيش بكرامة ، ولما كان الجبل اللبناني قداعتنق المسيحية مع الساحل  ولما كان هناك رهبان موارنة كانوا قد سبقوا هجرة الرهبان، فنزحوا الى هذا البلد قاصدين الحرية لأن كان لبنان ملاذا للمضطهدين.
الأبرشية المارونية كانت تضم فقط في ذاك العهد اي في القرن الرابع، فنيقيا (لبنان) وسوريا وفلسطين، كما كان لها طريقة تنهجها معينة مع المؤمنين للتعبير عن تعلقها بالباري تعالى، وللقيام بالصلاة الجمهورية،
دعيت "الليتروجيا الانطاكية السريانية". دعيت بهذا الاسم لان اللغة الطقسية التي كان يستعملها المؤمنون في صلواتهم واحتفالاتهم الدينية كانت السريانية او الارامية، لأن هذه اللغة استعملها السيد المسيح ابان وجوده على الارض. ظل الموارنة يستعملون اللغة السريانية حتى القرون الاخيرة، واصبحت اللغة المحكية في بقع محدودة من الاصقاع الشرقية مما جعلها من اللغات الحية في ذاك العصر وتجدر الاشارة الى ان الحضارة السريانيةلا تقل شأنا  حضارة عن اللغة اليونانية التي سيطرت في الجيل الخامس والسادس، الى ان اتى العرب واجبروا سكان الساحل على التكلم بالعربية.

في العصر الحديث بدأ الموارنة ينقلون بعض صلواتهم من السريانية الى العربية. قاوم البعض لغة لوتريجيتهم ولكن بدون جدوى، لان اللغة العربية كانت قد سيطرت على انحاء البلاد كافة، ولم يعد يفهم اللغة السريانية الا الكهنة واناس قلة. الا ان الطقوس الكنسية بقيت في اغلبيتها باللغة السريانية-الارامية. اليوم تقام الصلوات في الكنيسة المارونية باللغتين العربية والسريانية وخاصة بعد ان حددت الحكومة اللبنانية اللغة العربية هي الرسمية في لبنان، هذا وان اللغات التالية : الآرامية السريانية، العربية، العبرية، واللبنانية المحكية، هي كلها لغات سامية ومن عائلة لغوية واحدة.

الفصل الخامس: لبنان موطن الحرية

 لبنان هو تلك البقعة من الأصقاع الشرقية التي تبلغ مساحتها 10452كلم. يحده من الشرق والشمال سوريا، ومن الجنوب فلسطين، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط. عاصمته بيروت، وطبيعة ارضه هي اغلبها جبلية وتعلو قمة القرنة السوداء اعى قمم لبنان 3088 مترا عن سطح البحر. ليس هنا لكي نتكلم عن جغرافية لبنان انما لكي نميّزه بعض الشيء عن باقي الدول المحيطة به.ويتميز ايضا عن سائر البلدان الاوسطية باعتباره ارض فنيقية القديمة التي تفتقر الى الثروات الطبيعية حيث لا بترول ولا مناجم ذهب ولا معادن اخرى، انما غناه يقوم ابدا بالغنى الروحي والانساني وهو صورة حية عن لبنان القديم،فكما كان قديما ارض الآلهة اذ شيد على ارضه معابد الى ادونيس وعشتروت ولغيرهما، كذلك اليوم اللبنانيون قد شيدوا المعابد بعد ان اهتدوا الى الله من كنائس وغيرها في عبادة الخالق. واذا كان التوراة العهد القديم قد ذكر اسم   لبنان اكثر من سبعين مرة وكان قد تغنى بجمال لبنان، فان السيد المسيح نفسه لم يغادر فلسطين الا ليزور صور وصيدا  ومن ذاك الحين اصبح لبنان ولا يزال ارضا مقدسة. هذا وقد جاء في انجيل مرقس ان السيد المسيح بعد عودته من نواحي صور وصيدا عاد قاصدا بحر الجليل مرورا في المدن العشر اي التي سلكها السيد المسيح، تمر حكما في منعطف لبنان الجنوبي شرق صيدا حتى تبلغ بلدة النبطية وجوارها، ثم تعبر نهر الليطاني عند الجسر المعروف حليا بالقعقعية حتى تنتهي  جنوب بلاد بشارة التي اخذت هذا الأسم من احد حكامه بني عاملة وهوالامير حسام الدين بشارة.
قبل دخول النصرانية الى لبنان، كانت فينيقية تحت عبء الوثنية، فارسلت الديانة المسيحية اشعتها الى كافة انحائها، ابتداء من المدن الساحلية لأن المراقيء الفنيقية كانت صور وصيدا وبيروت وجبيل وطرابلس،كما ان الساحل الفنيقي الذي يربط فلسطين وانطاكية وآسيا الصغرى هو الممر الوحيد الآمن في ذاك الزمان،وكان يترتب على القديس بطرس ، هامة الرسل ، في انتقاله غير مرة من اوروشليم الى انطاكية ، وكان عليه اجتياز الساحل الفنيقي ولا شك انه مر في بيروت التي كانت انذاك اعظم المدن الفنبقبة شأنا،وتحتفل الكنائس الشرقي مجتمعة في 25 نيسان بعيده  كما تحتفل الكنسية الرومانية في 27 نيسان بعيده ايضا، ومما يذكر ان القديس بطرس اقام اسقفا على طرابلس يدعى مارون.

هذا في القرن الاول للمسيح، اما في القرن الثاني والثالث، فقد اخذت النصرانية في الامتداد في لبنان، لاننا نرى جماعة مسيحية وليس فقط افراد وعلى سبيل المثال، نروي خبر استشهاد الطبيب اللبناني طليليوس الذي ابى ان يكفر بدينه وفي اليوم العشرين من شهر ايار اواخر القرن الثالث امر الحاكم الروماني بقطع رأسه، بعد ان اذاقه العذاب، واخوه كان شماسا يدعى يوحنا وابيه كان ضابطا في الجيش، ولوجود شماسا في تلك الحقبة يوضح لنا وجود جماعات مسيحيةفي لبنان لان الشمامسة هذه الرتبة الكنسية لم تكن الا في الكنائس المحلية المنظمة. وهناك ادلة كثيرة كأستشهاد الفتاة أكويلينا في مدينة جبيل وكثير غيرها مما حدا بالعائلات والأسر الشريفة نفسها صارت تدين بالتصرانية. من النصوص التي ذكرناها، يتضح مليا ان الديانة المسحية انتشرت في الساحل الفنيقي ـ اللبناني على يد الرسل اولا، وان عدد المسيحيين، رجالا ونساء واولادا اخذ يزداد انتشارا منذئذ، بقدر ذلك كانت الوثنية تتقلص رويدا رويدا، من لبنان والبلدان المجاورة،ان المسيحية ولدت في فلسطين اولا، ثم انتقلت الى لبنان  ومنها امتدت الى اقطار المسكونة الاربعة، ومن يتلبع درس الاثار في لبنان يرى مدينة صور كانت تحتوي على كنيسة تحتوي على بازليك في القرن الرابع للمسيح، وان مدينة حبيل بنيت في الاجيال الاولى للمسيحية، وقد اخذ البناؤون عواميد هيكل وثني واسسوا عليه الكنيسة.

 الفصل السادس: الموارنة في لبنان

 لقد قيل بحق ،"لبنان والمارونية تؤمان"،. ولا يمكن ان نتصور الواحد دون الآخر،لا شك ان لبنان وجد ارضا وشعبا، قبل الموارنة باجيال واجيال، ولكن لبنان الحديث، ارضا وشعبا، ما كان لو لم تكن المارونية،(1) رأينا ان الديانة المسيحية كانت قد انتشرت على الساحل اللبناني غداة قيامة المسيح من القبر،واصبح هذا الساحل يتنصر رويدا رويدا،وكان المعمدون فيه تابعين الى ابرشية انطاكية، اما الجبل اللبناني، فكان اعلاه انذاك قليل السكان كثير الغابات، والوسوط مأهولة انما كان اقل عددا من الساحل، وقد ظل وثنيا، وظل ساكنوه يعبدون  ادونيس وعشتروت وغيرهما من الآلهة، وخاصة في افقا وفقرا حيث اثار الوثنين ومعالمها الشهيرة تشهد حتى يومنا هذا عل حيطان  هياكلها، وكما ان للماروني ان يتسلق هذه الجبال محولا الأصنام ومحولا معابد الوثني الى دور عبادة الخالق الحي.كان تجاوب اهل الجبل مع التبشير سهلا جدا من جراء الروح العظيمة التي كان يتحلى بها الرهبان،كما فعل مؤسس المارونية ، القديس مارون، يوم صعد الى جبل قوروش، وحول هيكلها الوثني الى بيت صلاة للفادي. المارونية بطبيعتها،رسالة تبشير،اخذها على عاتقه كل راهب تتلمذ على يد القديس مارون،او انخرط في المدرسة الرهبانية التي انشأها انذاك،في القرن الخامس الراهب الماروني ابراهيم القورشي (2) الذي تطلع الى لبنان بلد الحرية الذي كانت تهيمن عليه الوثنية واخذ على عاتقه ان ينصرن الجبل جاعلا اياه القاعدة المسيحية في الشرق الاوسط للأجيال الطالعة. من يقف عند منبع نهر العاصي، في منطقة الهرمل( البقاع الشرقي) على اقدام البناء المحفور في الصخرة الشامخة والمعروف بدير مار مارون، ويلتفت الى صوب جبل لبنان، تبدوا له طريقان، يسلكهما المارة،طريق اول يتسلل في مضيق يصل منبع نهر العاصي بجبل جرود العاقورة،في اعلى منطقة جبيل،وطريق ثانٍ يسلل ايضا في مضيق يصل الى منبع النهر المذكور بجبل الارز ووادي قاديشا،فالماروني الاول الذي ودع مسقط رأسه شمالي سوريا متوجها الى الجبل اللبناني، كان ينظر الى الحرية التي يتمتع بها هذا الجبل.  كان الراهب ابراهيم القورشي لا شك انه سار غلى ضفاف نهر العاصي و سلك الطريق المؤدي من مصب هذا النهر حتى عاليته، ومن هناك تسلق الجبل حتى وصل الى العاقورة، منطقة المنيطرة، بينما زميله القديس سمعان احد تلامذة مار مارون ايضا، لحق به بنفس الطريق المؤدي الى نبع العاصي ثم توجه بدوره غبر المضيق الثاني المؤدي الى جبل الارز. واودية الجبة اي مقاطعة اهدن والحدث،وعلى يد ابراهيم القورشي ورفيقه  سمعان ورفاقهم وجدت المارونية في الجبل الفنيقي الوطن الذي ينعم بالحرية،لذلك دعيَّ ابراهيم الناسك الماروني القورشي، رسول لبنان.

بعد ان قضى القورشي بضع سنوات في لبنان،يعمد ويعلم النصرانية، عيّن خليقة له احد رفاقه الكهنة، وعاد الى ديره في ابرشية قوروش. فانتشر صيته وذاعت شهرته، كراهب ورسول مثالي، ولذلك انتخب اسقفا على حرّان الغارقة انذاك بالكفر والوثنية، وبعد ان ساسها احسن سياسة رقد بالرب سنة 422 للمسيح وفي منطقتي، العاقورة والجبة اللتين هما مهد المارونية،  كشفت الأثار عن كنيستين، واحدة في يانوح والثانية في اهدن، على اسم مارماما، ومع توالي الأيام التحق موارنة الجبل بمسيحيي الساحل وكانت مدينة البترون  هي اول المدن المارونية التي سيطر عليها رهبان مار مارون، ومنها كان الأنتشار الى بقية المدن والدساكر، ومن هنا كانت الاهمية الى دير ماريوحنا مارون في كفرحي، من حيث الامتداد الماروني الى بلاد جبيل وكسروان،حتى جنوب لبنان، وهكذا انتقلت الماروني من ضفاف نهر العاصي الى لبنان الجبل ومن ثم الساحل منذ اؤائل القرن الخامس، يعيشون الانجيل كما علمهم اياه تلامذة مار مارون، اذا جاء التعبير، يمكننا القول ان الموارنة سكان لبنان الأصليين الذين تنصروا على يد الرهبان يتضح جليا، تعلق الموارنة بهذا الجبل وصمودهم فيه وتضحيتهم بالغالي والرخيص للحفاظ عليه، واستشهادهم في سبيله عبر العصور ليبقى كما كان اصلا بلدهم والمعقل الحصين لعيقدتهم وروحانياتهم.

1- اكتفى التنويه بالحرية الذي كان ينعم بها لبنان - لقد سمي نهر ابراهيم تيمنا بابراهيم القورشي بعد ان كان اسمه نهر ادونيس

 الفصل السابع: البطريركية المارونية

لقد حُددت الكراسي البطريركية القديمة في الشرق على الوجه التالي:القسطنطينية، الاسكندرية، الانطاكية، والأورشليمية، بالإضافة الى الكرسي البطريركي الغربي في روما. وتجدر الاشارة الى ان البطريركية الاورشليمية وان كانت اساسا ام الكنائس لأن مؤسسها السيد المسيح ذاته ومنها انطلقت البشارة الى اربعة اقطار العالم، فقد فقدت اهميتها بعد ان دمر الرومان مدينة القدس، اوروشليم، سنة 70 للمسيح. عنئذ الحقت بالكنيسة الإنطاكية اداريا وطقسيا. وفي سنة 451 م اي غداة المجمع المسكوني الخلقيدوني، انفصلت البطريركية الاورشيلمية اداريا عن انطاكيا واصبحت من جديد كرسيا قائما بذاته، انما ظلت مرتبطة طقسيا بالكرسي الانطاكي، اي ظلت ُمَتَبنيّة الليتورجيا الإنطاكية السريانية.

  يوم نشأت المارونية.في اؤائل القرن الخامس، كانت البطريركية الإنطاكية تشمل خمسة عشر مقاطعة او ابرشية، اي فلسطين الأولى، فلسطين البحرية، سوريا الأولى، قليقيا الأولى( ارمينيا الصغرى)، قبرص، فلسطين الثانية، فلسطين السعيدة، فينيقية اللبنانية، سوريا الثانية ( السعيدة) سوريا الثالثة (الفرات)، ما بين النهرين،  قُسروان، قيليقيا الثانية، إيزوريا والجزيرة العربية. ان دراستنا تشمل البطريركية الإنطاكية فقط، التي اصبحت بعد الفتح العربي شاغرة، والتي ملأها الموارتة في القرن الثامن. كما رأينا، و نظرا للنفوذ الذي كان حائزا عليه دير مار مارون في سوريا الثانية واعتراف الكرسي الرسولي و كل السلطات الكنسية بشرعية الكنسية الانطاكية المارونية التي كانت تشمل لبنان وسوريا وفلسطين وقبرص وباقي الدول في الشرق الاوسط. بعدما اسس القديس بطرس هامة الرسل الكنيسة الانطاكية وذهب الى روما والذي صلب هناك رأسا على عقب لأنه قال انني لا استحق ان أُصلب كسيدي حيث اسس كرسيه هناك لذلك يحق ان يضاف اسم مار بطرس قبل الاسم الحقيقي ولهذا يقولون مار بطرس نصرالله صفير.

 بقيت العواصم البطريركية روما والقسطنطينية و الاسكندرية و اورشليم، مراكز البطريركات المنسوبة اليها عبر العصور وحتى يومنا هذا. اما مدينة انطاكية، فقد فقدت وحدها بعد الفتح العربي، مركز البطريركية دون ان تفقد اللقب، فلم يتمكن بطريرك ماروني واحد تبوؤ البطريركية في مدينة انطاكيا ذاتها، لأن الحوادث الداخلية والخارجية حالت دون توجهه الى تلك المدينة ليقيم فيه كرسي، لذلك سكن البطاركة الموارنة دير مار مارون على ضفاف نهر العاصي، ثم انتقلوا الى لبنان واستقروا نهائيا في سنة 939 للمسيح واقامو كرسيهم في بلدة يانوح، وكفرحي ، وميفوق، وقنوبين، وبكركي، وتجدر الاشارة الى ان اكثر هذه المراكزالتي اختارها البطاركة الموارنة مقرا لهم، كانت على اسم العذراء.

في العهد البيزنطي

كانت اليونانية لغة الدولة السياسية ولغة التجارة،وكما كانت اللاتينية لغة الإدارة والجيش، لكن لغة سكان البطريركية الإنطاكية كانت اساسا اللغة السريانية، حتى ان مدينة انطاكيا كما رأينا كانت مسرحا وساحة عراك عنيف بين اللغتين اليونانية والسريانية، الى ان كان النصر حليف اللغة اليونانية والحضارة اليونانية. عنئذ بدأ النفوذ  البيزنطي يقوى يوما بعد يوم داخل البطريركية الإنطاكية. كما بدأ بعض المسيحيين الإنطاكيين يتقربون من الامبراطور اليوناني، ولذلك دعيوا بالملكيين نسبة الى ملك بيزنطية، واخذوا يتخلون رويدا رويدا عن طقسهم الانطاكي السرياني، متبنين الليتروجيا والعادات التي حددتها الكنيسة البزنطية. عندئذ انقسم الخلقيدينيون الى اثنين ملكيين وسريان، فكان معظم الملكيين في الساحل اللبناني بينما اخذ السريانيون الجبل اللبناني. لذلك يمكننا القول ان كل مسيحيي الشرق الاوسط كانوا يتكلمون السريانية لغة المسيح، ولم تتغير الطوائف المسيحية الشرقية منذ ذاك العهد حتى يومنا هذا سرياناً وبزنطيين.

 انتقال الهيرارقيا المارونية الى لبنان: عندما انتقلت الكنيسة المارونية الى لبنان، بقي البطريرك، كما كان في دير مار مارون على ضفاف نهر العاصي، المسؤول الاول والأوحد عن الطائفة، اكليروساً و رهباناً وعلمانيين. اما الاساقفة، فظلوا، حتى القرن التاسع عشر نوابا للسيد البطريرك. انعقد المجمع اللبناني سنة 1736 وتقرر فيه تنظيم الطائفة المارونية، وتقسيمها الى ابرشيات محددة جغرافيا و لها استقلالها الداخلي، فيكون الاسقف راعيا لأبرشية معينة يسوسها شخصيا، ولكن القرار بقي حبرا على ورق، ولم يطبق بحذافيره الاّ ابتداء من سنة 1819. حينئذ، لم يعد الأسقف الماروني نائبا للبطريرك بل راعي الأبرشية ورئيسها الفعلي، روحيا وزمنيا. ظلت البطريركية المارونية المرجع الاول و الأخير لأبناء الطائفة حتى مطلع القرن العشرين، اذ بدأ عندئذ السلطان الزمني الذي شغله البطريرك يتقلص رويدا رويدا، خاصة بعد العام 1943 يوم أُتفق على ان يكون رئيس الجمهورية اللبنانية من الطائفة المارونية, لكن كثيرون  من الناس كانوا يلجأون الى الأكليروس او السيد البطريرك لفض خلافاتهم ومشاكلهم، فالحياة الدينية كانت لدى الموارنة ملتصقة تماما بالحياة المدنية والوطنية، حتى كادتا تمتزجان الواحدة بالاخرى. فكان للبطريرك ان يتحمل هذه السؤولية الموروثة منذ نشأة الكنيسة المارونية. و لاشك ان التيوقراطية التي نجدها عند المسيحيين البزنطيين والغربيين في بعض العصور نجدها اقل تيوقراطية من الذي نجدها عند الموارنة وذلك يعود الى حياة النسك ونظام الرهبنة والتعلق بالارض واعتبار ارز لبنان مقدسا عندهم ولربما هذا ساعد  لبقائها وثباتها في الشرق الاوسط الذي لا يزال تيوقراطيا.

 عديدون هم الذين كتبوا عن حياة النسك وملاحم البطولة  والمآسي والإضطهاد عن الموارنة.  وكثيرون من المؤرخين في القرون الغابرة الذين كتبوا ما رأته اعينهم مثل حرق المطران جبرائيل حجولا على يد والي دمشق. اما الذين كتبو التاريخ العظيم هم العلامة البطريرك اسطفانوس الدويهي الذي تبوأ اكبر المراكز في روما، والمعلم رشيد الخوري الشرتوني سنة 1898. ثم وضع سلسلة اخرى كل من الاب سمعان السمعاني حافظ مكتبة الفاتيكان، والاب يوحنا نطين الدرعوني الذي اصبح مطرانا، والقس طوبيا العنيسي، الراهب الحلبي الماروني و الخوراسقف يوسف داغر. لكن في النهاية استندنا الى سلسلة الاب بولس صفير الراهب اللبناني الماروني حافظ مكتبة بكركي، ونشرها في مجلة الفصول سنة 1980، لانها تبدو لنا اكمل سلسلة وصلت الينا حت الآن (فبطاركة لبنان منذ البطريرك الاول يوحنا مارون حتى يومنا هذا، سلسلة طويلة حتى نكتبها هنا مع التواريخ ولكن كل من يريد ان يقرأ تاريخ تطويب البطاركة يكتب لنا فنرسلها له بواسطة الى E-mail.

   المارونية والفتح العربي: ليست الكنيسة المارونية الوحيدة في الشرق الاوسط من المسيحيين، بل كانت ولا تزال احدى الطوائف التي ما برحت، وحتى يومنا هذا تشهد للمسيح في هذه البقغة من الارض، تتفاعل وتنسجم و اياها حينا، وتتصارع واياها احيانا. الطوائف الشرقية غير المارونية هي: سريان اورثوذكس، روم كاثوليك، او ملكيون، روم اورثوذكس او بزنطيون، ارمن كاثوليك، ارمن اورثوذكس، غريغويرون نسبة الى القديس غريغوريوس المنّور الذي كان اول من بشر ارمينيا وجعلها مسيحية، كلدان كاثوليك، اشوريون، اقباط كاثوليك واقباط اورثوذكس وانجيليين وهناك طوائف شرق اوسطية وآسيوية والهند: الملابار كاثوليك والميلانكار اوثوذكس وهاتان الطائفتان سريانيتان لان لغتهما الكنسية وطقوسهما سريانية. واغلب سكانهما في ولاية كيرالا الهندية التي بشر بها القديس توما. فمن يطلع على تاريخ الكنيسة و اوضاعها يرى ان الكنيسة تقسم الى كنيستين، كاثوليكية وتخضع للحبر الاعظم، والثانية اورثوذكسية وبروتستانية لا تخضع لسلطة البابا في روما. أما الكنيسة المارونية وحدها شرقا وغربا، ومنذ نشأتها حتى يومنا هذا لم تتعرف قط الى كنيسة توأمةغير كاثوليكية كباقي الطوائف. بعد الانشقاق الذي حصل بين الكنيستين اللاتينية و البيزنطية في القرن الحادي عشر، اصبحت عندئذ الكنيسة المارونية الوحيدة في الشرق على ارتباط وثيق واتصال دائم مع الكرسي الرسولي وتعاضدت مع الكنيسة الشرقية لمؤازرتها ضد اعدائها.

في مطاع القرن الثامن عشر، و بعد ان سقطت بيزنطية بيد الاتراك، انفصلت بعض  فئات من الكنيسة الاورثوذكسية لتنضم الى روما وخاصة بعد الامتيازات الاجنبية التي عقدت بين فرنسوا الاول، ملك فرنسا والدولة العثمانية. عندئذ بدأ المرسلون الغربيون رسالتهم التبشيرية والتربوية في كل اصقاع الشرق. وكان اتصال الموارنة هو نقطة التعارف بين الطوائف المختلفة، يوم اجتاح العرب الشرق. في القرن السابع كان النفور من الحكم البيزنطي في هذه المنطقة و قد بلغ القمة، كما كانت الانشقاقات و الخصومات اصبحت متاصلة فيما بين المسيحيين، مما سهل للفتح العربي التغلغل في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر والشرق. ففرضت الديانة الاسلامية على الشعوب وليس بوسعنا الآن ان نكتب تاريخ المارونية والاسلام انما نكتفي بلمحة وجيزة عمّا جرى بينهما من الفتح العربي حتى عهد المماليك فالحكم العثماني. و مع هذا كانت الكنيسة المارونية تناضل لكي تبقى على شرقيتها الاصيلة. قبل ان نتطرق الى علاقة العرب بالموارنةلا بد لنا من كلمة ايضاح عن شعب شرق اوسطي تآخى و الموارنة فألف معهم شعبا واحدا. هو المردة، وقد تساءل البعض من هم المردة؟  

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها