الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


هل تكون زيارة نجاد لرسم حدود المواجهة؟

كندا- 10-10-2010

يزور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأربعاء المقبل لبنان وسط أجواء من التوتر والقلق بين اللبنانيين الذين ينقسمون بين مؤيد ومنزعج من هذه الزيارة. فحزب الله ومن يدور في فلكه يعتبر بأن لنجاد الحق بالترحاب في لبنان الذي دعمه خلال حربه مع إسرائيل في 2006 ولا يزال يساند ما يسمونه "مقاومته" بالسلاح والأموال لكي تقدر على الصمود بوجه "المؤامرات". أما بقية اللبنانيين فإنهم يعتبرون أن تدخل نجاد، بما يمثل، وإصراره على دعم حزب الله لعدم تسليم سلاحه، وإبقاء لبنان ساحة صراع مفتوحة أمام كافة الاحتمالات، هي ما يمنع عودة البلد إلى الاستقرار الداخلي وتركيزه على بناء السلم الأهلي وبالتالي الدولة والاقتصاد.

 أبواب لبنان كانت دوما مفتوحة لاستقبال الضيوف من كافة الأقطار وشعب لبنان يرحب بكل من يزوره فكيف إذا كان رئيسا لدولة مهمة من دول المنطقة. وبين لبنان وإيران علاقات تطورت عبر العصور وكانت في كثير من الأحيان علاقات تعاون واحترام متبادل. ولكن مشكلة السيد نجاد أنه يمثل نظاما أمبراطوريا توسعيا جديدا يخيف المنطقة العربية بأكملها وليس اللبنانيين فقط، وترتدي زيارته هذه طابع التحدي لرغبة اللبنانيين بالاستقلال والسيادة وهم لم ينسوا بعد حليفه السوري واحتلاله البغيض، فكيف وهو يشعرهم وكأنه يزور ولاية تابعة وليس دولة مستقلة.

 يقول البعض بأن نصف الشعب اللبناني على الأقل لا يعارض الزيارة وأن أحزابا وقوى رئيسية ترحب بها وهي لن تتعدى الأصول الديبلوماسية المتبعة ولن تتجاوز قواعد العلاقات الدولية العادية، فالرئيس اللبناني المنتخب شرعيا هو صاحب الدعوى، وأحد الأحزاب الأساسية والذي يشارك في الحكومة يشرف على تنظيمها، فما الداعي للتخوف وما هي أشكال التدخل التي يحكى عنها؟

 صحيح بأن الرئيس اللبناني هو من دعى الرئيس نجاد لزيارة لبنان يوم قام هو بزيارته لإيران، وصحيح بأن حزب الله يقوم بالتحضيرات اللازمة ويشرف على برنامج الزيارة، ولكن الكلام الذي سبق هذه الزيارة وخاصة فيما يتعلق بأن "لبنان هو جبهة إيران في مواجهة إسرائيل" وتضمين برنامج الزيارة توجه الرئيس نجاد إلى المنطقة الحدودية في هذا الظرف من التوتر بين إيران وإسرائيل من جهة، وبين إيران والمجتمع الدولي من جهة أخرى، يدعو اللبنانيين إلى القلق، لأن من شأن ذلك أن يزج بلبنان في مشروع مواجهة هو بغنى عنها. فما بين إيران وإسرائيل قد لا يعرفه اللبنانيون وحتى كبار جماعة حزب الله، وما بين إيران والدول كبرى في العالم مشاريع ومصالح قد لا تخطر على بال المساكين في جنوب لبنان، ولكن أن يصبح جنوب لبنان منصة المواجهة الإيرانية- الدولية وبالتالي انعكاس ذلك على كل لبنان هو ما يخيف اللبنانيين، لأن الصراع في مواجهة كهذه لن يقتصر بالطبع على بضعة كيلومترات من الجنوب المنسي ولا حتى على قرى ومدن محددة، فهو سيشمل، بحسب التهديدات التي أطلقت، لبنان بأكمله وسيتضرر من جرائه الشعب كله، ومن هنا التخوف من نتائج هذه الزيارة التي ستفسر بزيارة تفقدية للقائد الفعلي لجبهة القتال المقبلة.

 الأيام القادمة بالطبع حساسة ودقيقة وهي قد لا تطلق العنان للثورة الداخلية المرتقبة، كما يقال، وقد لا تدفع الأمور باتجاه الاشتعال السريع، ولكنها ستكون بالتأكيد مفصلا مهما بالنسبة للدولة اللبنانية وسيادتها، وبالنسبة لخياراتها المستقبلية، فما سيوقع عليه من اتفاقيات وما سيطلق من تصريحات خلال الزيارة هو ما سيحدد وسائل المواجهة القادمة وطرقها وهو ما سيؤخذ بالحسبان في الخطط العسكرية للمرحلة المقبلة، خاصة بغياب العرب المجتمعين في سرت عن لعب دور في هكذا قرار وهروبهم إلى الحديث عن توحيد الموقف من المفاوضات الجارية على الخط الفلسطيني بينما تقوم اللعبة الأساسية على جبهة أخرى وفي مكان لم يعد لهم كبير القدرة على التأثير بمجرياته بعد أن أعاد السعوديون تسليم الورقة اللبنانية لسوريا التي، ولو حضرت المؤتمرات، تفضل الإلتزام بالتحالف مع نظام الرئيس نجاد الذي أثبت مساندته لها في خط التشدد وما تسميه "الممانعة".

فهل ينتظر اللبنانيون مزيدا من القلق والتوتر؟ أم أن بعضا من الحكمة الفارسية ستطغى على النزعة الديكتاتورية للرئيس نجاد وهو سيفاجئ المراقبين بالضغط على حزب الله للتخفبف من التحدي بدل المضي في المواجهة والاكتفاء بما حصل عليه حتى الآن من مكاسب والتي سوف يخسرها بالتأكيد في حال حصول تطورات مأساوية؟ يجب ألا ننسى أن الشطرنج هي لعبة فارسية وهي تقوم على التقدم والتراجع بما لا يحسب حسابه الخصم. فهل يحاول نجاد بزيارته إلى لبنان أن يقرع طبول الحرب ويفهم إسرائيل أنه هو، ومن هذه الحدود، سيواجه اي محاولة إسرائيلية لوقف برنامجه النووي؟ أم أنه ومن نفس الجبهة سيعلن عن استعداده لفتح أبواب التفاوض وطرح الحلول على الطاولة بما فيها الأكثر تطرفا أو إيلاما؟  

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها