الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


ماذا وراء الهجمة الشرسة على رموز اللوبي اللبناني في الخارج؟

23/11/2004

توحيد الصف المسيحي المقاوم في الخارج، ولو بحده الأدنى، قد أنتج تحركا استراتيجيا مهما جعل دول القرار الرئيسية في العالم تتبنى طروحات اللبنانيين المقهورين من قبل سوريا منذ ثلاثين سنة، ما غير كل المعطيات على الساحة وسحب البساط من تحت المهندس السوري، الذي كان دوما يساوم ويبتز الدول الغربية، بسبب ارتباطاته مع منظومة الإرهاب، وسيطرته على خيوط اللعبة اللبنانية بالتفريق الذي برع فيه داخل كل الفئات، ما أفرغ الساحة الداخلية من اللاعبين وجعلها مسرحا للمأجورين والمستزلمين. وإذا بالعالم الحر، الذي كان استيقظ على قرع طبول الحرب بعد 11 أيلول، يدرك بأن لبنان هو أحد المواقع المهمة جدا في وقف التدهور في المنطقة، وبأن استقراره وعودته إلى الساحة العالمية لها انعكاساتها الإيجابية. وهكذا تلاقت جدية العمل اللبناني الواعي في الخارج مع الإرادة الدولية الراغبة بالتغيير، ما جعل السوريين وعملائهم يفقدون الموقع تلو الآخر.

وتتالى القرارات لإعادة الأمل إلى البلد المسحوق. وتصبح إعادة "سيادة لبنان" مطلبا أساسيا لمجلسي النواب والشيوخ في أكبر دول العالم. وتقوم سوريا ومنظومتها التخريبية بالتظاهر والضغط والبلاغات والتهييج ضد كل من ساند القرار أو عمل على صدوره. ولكن  تحركهم وهياجهم يصبحان بالفعل "عاصفة في فنجان"، كما حاولوا هم تصوير قرار الكونغرس الأميركي. ويبقى القرار أساسا في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، ثم يصبح، مع إقراره من قبل الرئيس، ضربة أقوى لسيطرة سوريا.

ولا تقف الأمور عند هذا الحد بل يبدأ بعد فترة قصيرة تنفيذ العقوبات ضد دمشق، وكأن الطوق الذي بدأ "بقرار محاسبة سوريا وإعادة سيادة لبنان" آخذ ينغلق على دمشق بخطى ثابتة وأكيدة . وتحاول الآلة السياسية السورية بمساعدة بعض دمى لبنان أن تخلق جهازا اغترابيا رديفا يعمل لها، وتفشل المحاولة. ثم يزيد التضييق عليها يوم تقرر، وبقصر نظر، فرض نفسها مجددا على اللبنانيين، بشكل رمزي، وهو التمديد للرئيس لحود، فتقع مرة أخرى في خطأ جسيم تكون ثمرته؛  قرار دولي بعدم شرعية احتلالها للبنان ووجوب خروج قواتها منه، بعد تفتيت خلايا الإرهاب التي تعتمد عليها للابتزاز، وسحب أجهزتها الأمنية وما تبقى من جيشها الرابض على قلوب اللبنانيين منذ 1976. وتحاول كل شيء ولكنها تفشل في خلق جهاز فعال يعمل لها في الولايات المتحدة، وتصرف الأموال، وتعيين المسؤولين، وتعد الخطط لكي تدخل من إحدى النوافذ المعهودة، فتجد بأن جماعات اللبنانيين العاملين هناك قد سدوا لها كل المنافذ. وتراهن كعادتها على التغيير الممكن أن يحصل بتبدل السياسة في حال تغير الرئيس في انتخابات الدول الديمقراطية، ويعمل اللوبي اللبناني بكل ما قدر له لدعم الرئيس بوش. وهكذا عندما يعود بوش رئيسا لفترة جديدة تصعق سوريا وتعرف بأنها لا بد خاسرة، فتلجأ إلى الوسائل المعهودة في التفريق وزرع الشكوك علها تخفف من وهج هذه المجموعات التي تقاتلها بشراسة في ساحة العالم الحر، حيث لم تستطع إخضاعهم بوسائلها الإرهابية، لقصر اليد، فتقوم بهجوم مركز على ثلاثة محاور:

 أولها شخص الجنرال عون وذلك بفتح الملف الذي يحتفظ فيه القاضي عضوم، والذي ترقى أخيرا لرتبة وزير "العدل" (ولو كان هناك من عدل لما بقي وأمثاله يوما في مركزه بعد كل الظلم الذي نشره بمصادرته القوانين التي ميزت لبنان عن سواه في المنطقة)، علهم بذلك يشوهون صورة الجنرال فيسارع إلى الاهتمام بهذا الموضوع والرد عليه  وينسى الأهم.

أما المحور الثاني فهو محاولة ضرب القوات اللبنانية في الخارج.  ولهذه الغاية يرسلون جورج أنطون إلى الولايات المتحدة بزيارة، لا تقدم ولا تؤخر لأن أحدا من قياديي القوات لا يلتقيه، ولكنهم يلحقونها بسلسلة من الرسائل المدسوسة لتوقع الشكوك بين جماعة القوات اللبنانية فيتلهون بها وينسون الأهم.

ويكون المحور الثالث الجامعة الثقافية في العالم والتي تشكل مع المجموعتين الجماهيريتين السابقتين سلاحا مهما وأساسيا في الدفاع عن لبنان وحريته من قبل جماهير المغتربين، وخاصة الذين أصبحوا جزءا أساسيا من المجتمع الأميركي وغيره من المجتمعات في دول الانتشار. وقد كان رموز هذه الجامعة من أهم من عمل على الجمع والتفاهم والعمل المشترك والمنسق، ما أدى، خاصة، إلى القرار الدولي (كون الجامعة لها صفة المنظمة الدولية الغير حكومية وتتمتع بحق المراقبة وتعتمد تقاريرها في الاستشارات التي تسبق القرارات الدولية)، وإلى تركيز الأهداف الذي أظهر الطاقة اللبنانية في معركة الرئاسة الأخيرة والدعم لحملة الرئيس بوش. وهنا نرى هجوما من نوع آخر نحب أن نعتبره من باب قصر النظر أو المحدودية والحسد، حتى لا نقول بأنه بالفعل إحدى الوسائل التي تعلمها السوريون من السوفيات وأتقنوها جيدا ومارسوها في مجالات عدة، وهم بذلك قد يكونوا زرعوا "واجهات" تقاتلهم بالعلن وتعمل لهم بالخفاء دون أن يكون لها أي تاريخ في المقاومة، أو إذا كان فهو مشكوك في ولائها، وقد اضطروا اليوم إلى تحريكها عندما لم يبقى لهم من معين. وها هم قد افتضح أمرهم فماذا عساهم يفعلون؟

المهم أن ما يقوم به السوريون ليس بجديد على اللبنانيين الذين خبروهم، ولا على الغرب الذي يعرف كل فنون المخابرات وطرقها، ولكن الوعي بين جماعات المتحمسين للقضية يجب أن يكون كبيرا بقدر هذه القضية وعلينا ألا نتلهى بالقشور التي يرميها لنا العدو، الذي لن يترك وسيلة إلا وسيستعملها لزعزعة الصفوف المتراصة وقلب الموازين، في حربه الشرسة للإبقاء على سيطرته على بلد الحريات، وأمل المجموعات الحضارية المختلفة في شرقنا العزيز، لأن لبنان الحر سيكون لها مثالا لنظام قادر على حمايتها وإعطائها كامل الحقوق وشعورها بالانتماء دون عقد ومركبات نقص حملتها الذمية والتعصب لأجيال لم تعد قادرة على التخلص منها، حتى أن الضحية تتمسك بالجلاد أحيانا خوفا من الأسوأ، وكأنه لا حل آخر إلا القتل والإبادة أو الخضوع والقبول بحكم القوي الذي لا رحمة ولا عدل عنده.

لا وألف لا فقد خسئ هؤلاء الحاقدون، وسوف يقوم لينان بقوة أبنائه وثبات مواقفهم ووحدة صفهم، وسيصبح فعلا الأمثولة والرجاء لكل المقهورين في الشرق، والقدوة التي ينتظرها العالم الحر ليزهر السلم الحقيقي ويعم الخير كل أرجاء المنطقة.  

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها