الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


ماذا يريد حزب الله اليوم؟

في 9/11/2004

 

عودنا حزب الله وبعد محادثاته مع اليسار الإسرائيلي، منذ 1996 برعاية السويد، والتي أدت إلى اتفاقه مع حكومة باراك على الانسحاب وشروطه وتفاصيل مهمته في حفظ الحدود من أي تسلل من قبل جماعات الفلسطينيين، والتي يقوم بها كما يبدو على أكمل وجه، عودنا أن يخترع بين الحين والآخر" نهفة" جديدة أو فكرة مبدعة، بالاتفاق مع شريكه السوري وزعيمه الإيراني، ليظهر بمظهر البطل الصنديد، والمقاتل الشرس، والمخلص المنتظر، لكل الشعوب المقهورة في شرقنا العزيز، وما أكثرها.

فقبل الانسحاب في 2000 كان طرح فكرة استعادة القرى السبع، ولكنه أوقف عند حده، فهذه لا يمكن القبول بها، لأن الاتفاقيات اللبنانية الإسرائيلية مكتوبة ومعترف بها دوليا، ولن يسمح له بخرقها. فما كان من عقله المبدع إلا أن اخترع قضية مزارع شبعا، التي لم يطالب بها لبنان سوريا منذ أن احتلتها، إي قبل أن يحتلها الإسرائيليون بسنوات طويلة، خوفا من المشاكل مع "الشقيقة"، وهذه الأخير ما زالت غير معترفة رسميا، حتى اليوم، بلبنانية المزارع.

وإذا بحزب الله يخوض الحرب الشعواء على إسرائيل كلما لاح بالأفق مجال للحل أو لتخفيف الحرب على الفلسطينيين، بالمزايدة عليهم، وتهييج فصائلهم، التي تعلمت منه الانتحار، فنحرت ما كان تبقى من فلسطين، وما كان يمكن أن يعود عليهم من الخير، لو سارت الأمور كما يجب، وتثبت السلم الذي وقعه زعيمهم الإرهابي الأكبر عرفات، الذي كاد أن يصبح بطل السلم في المنطقة، وفي "رقبته"، كما يعرف الجميع، آلاف الأبرياء من الفلسطينيين واللبنانيين خاصة، ومن باقي العالم بمن فيهم الإسرائيليين.

 حزب الله إذا يريد تهييج الساحة، كي يبقى لأسياده في إيران وسوريا مجال للمناورة، وإسرائيل مرتاحة؛ لأنه لن يترك الفلسطينيين ينامون يوما من دون قتل، ولن يترك أحدا يزايد عليه، حتى بن لادن، في جعل العرب خاصة، والمسلمين بشكل عام، يعودون إلى الوراء بأسرع ما يمكن ليشكلوا عدو العالم كله من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. فهل تكون مهمة نصر الله توحيد العالم ضد المسلمين؟

ثم يخترع حزب الله قضية مياه الوزاني، وهو الذي تشرب عناصره على الحدود حتى اليوم المياه الإسرائيلية، وبدون أية عقد. ويفهمه جيدا الرئيس لحود، فيزايد عليه، وينزل إلى النبع ليفتتح المضخة التي" ستقضي على إسرائيل" وتجفف مياهها. ولا يمنعه هذا "النصر" من أن يوقف المضخات في آبار الجنوب كي لا يشرب أحد من دون إذنه، ولا يرتوي أبناء المنطقة الحدودية أبدا، فيترحمون على أيام إسرائيل التي نسوا خلالها ماذا يعني أن تنقطع المياه.

ويتهيج زعيم الحزب ويتوعد في يوم القدس، وينزل إلى الساحة آلاف "المنتحرين"، فيسكن مخيلة العرب جموح عظيم، وثقة بالنفس قاتلة، سوف تضطر أمريكا أن تقاومهما بكل الوسائل والأسلحة.

 ويعرف الأمريكيون مركز الداء، فيسربون المعلومات بأنهم سوف يلاحقون أفراد حزب الله بعمليات، خاصة في لبنان، ويبدأ الخوف يدب في الركب، وها هو شارون هذه المرة، ينجد "السيد"، بأن يعطيه 400 سجين مقابل لا شيء، ليعود إلى تبجحه وشوفانيته القاتلة، ويصبح بطل العرب، والفارض على إسرائيل "الجزية" وحسن التصرف.

وتكاد الناس تنسى، في غمرة حرب العراق وقوافل الانتحار والقتل من جماعة الزرقاوي غيرهم، دور "البطل" الصنديد، وهو يخاف أن يكون تصميم الولايات المتحدة جديا، هذه المرة، ويرتبك زعماؤه في طهران ودمشق، فإذا بالترياق يأتيه هذه المرة أيضا، بطائرة بدون طيار تسقط على ساحل الناقورة، ويسلمها الصيادون اللبنانيون إلى جماعته هناك، وإذا بها تصبح طائرة تجسس، تقوم بأعمال "مهمة" سوف تطيح بإسرائيل وقدراتها العسكرية، دون شك، فلدى الحزب وسائل الردع ضد الطيران - ولا نعرف، حتى لو كانت هذه الطائرة ورحلتها حقيقية، ما هو الكسب منها، وما هي "الاستراتيجية الجديدة" التي يتكلم عنها نصر الله والتي ستجعل من حزب الله يردع بواسطتها الطيران الإسرائيلي؟

المضحك المبكي هنا، أن الحزب المرفوض من اللبنانيين جميعا، ومن الشيعة خاصة، والمعتبر من قبل المجتمع الدولي والقوى الكبرى جماعة إرهابية يجب أن تحل وتسلم أسلحتها كشرط لكل تفاوض مع سوريا. وهو المعروف أنه أول من قام بالتفجيرات ضد القوى المتعددة الجنسية، وقام بخطف كل الرعايا الأجانب في بيروت ليحسن وضع سوريا سياسيا، وقام بقتل رئيس هيئة المراقبين الدوليين الكولونيل الأميركي هيغينز بكل برودة أعصاب ولا لشيء إلا تسجيلا لموقف جديد في معاداة البشرية، وقام بقتل أبناء الجنوب بتفجيرات "تلفزيونية" ليربح حربه الدعائية وينصب "مقاومة لبنانية".

هذا الحزب اليوم، ومع تجديد ولاية الرئيس الأميركي الذي تقوم سياسته على محاربة الإرهاب، يريد أن يعود إلى الإعلام بأية وسيلة، ولو كانت كذبة ملفقة، أو مشهدا دعائيا يخرجه جهابذته، ويساعد في الإخراج موقف إسرائيلي مبهم يزيد من إمكانية "الدعم" المبرمج. فهل يبقى للحزب مجال جديد للمناورة حتى الإعلامية في المتغيرات الدولية، أم أنها يقظة ما قبل الموت؟

 
المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها