الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


حزب الله يكشف عن حقيقته

8 أذار 2005

حاولت المعارضة اللبنانية، التي تتخذ الديمقراطية شعارا، أن تقارب حزب الله بالرغم من كل التفاوت بينهما. فحزب الله هو حزب ديني من فئة واحدة وطائفة واحدة، بينما تشكلت قوى المعارضة من طوائف الجسم اللبناني وأحزاب وفئات وتجمعات سياسية مختلفة، منها التيارات الكبرى والتجمعات الصغرى وحتى الأفراد، وضمت أيضا كافة الأعمار والأجناس والمناطق، وقد جمعت بينها تجاربها المتعددة مع سلطة الاحتلال، فتطورت علا قات بعضها من المؤيد والموالي، إلى المعترض فالمعارض والرافض لكل أشكال التدخل بالشأن اللبناني. أما حزب الله الذي يعرف الجميع نشأته وتمويله ومن يقف خلفه، ويشعر الكل بالتفاوت بينه وبين باقي الفئات، إن من حيث الحقوق؛ حيث يتمتع هذا الحزب وحده بحصانة الدولة، وبالتفرد في الرأي والقرار، وبمنطقة سيطرة له وحده. أو من حيث الواجبات؛ حيث لا يدفع جماعته ضرائب الدولة ولا حتى ثمن الكهرباء. ويتفرد هذا الحزب بقرار السلم والحرب مع إسرائيل، ولو أدى ذلك إلى خراب البلد. ولا تقدر الدولة على فرض القانون في مناطقه كما حدث يوم حاولت قوات الأمن الداخلي قمع بعض المخالفات على عهد المغفور له الرئيس الحريري يوم كان رئيسا للوزراء، ما أدى إلى شبه ثورة ، ولم يستطع أحد أن يردعه.

ويختبئ حزب الله خلف أسطورة المقاومة وينام على هذه الأمجاد، ولو يسمح للناس بمناقشة أضراره، حتى في هذا المجال، لظهر الكثير مما يقلل من الهالة التي يريدونها له.

وحزب الله يملك من الأسلحة الفردية والثقيلة ما لا تملكه إلا الجيوش المنظمة، وهو يسمي زعيمه الممثل الشرعي الوحيد لزعيم إيران الفعلي آية الله خامينئ، وأوامره وأسلحته وتمويله الأساسي يأتي من طهران. كل ذلك يميز هذا الحزب عن الأحزاب اللبنانية الباقية، ويجعله، كما نرى في المناظرات التلفزيونية التي تجري بين ممثليه وممثلي المعارضة، يتكلم بثقة القادر، لا بل بتبجح المميز أو من يعتبر نفسه أعلى طبقة ممن يحاوره. ومع كل هذا، وبالرغم من أنها تعرف أن حزب الله لن يستطيع معارضة الاحتلال السوري كونه هو من يعطيه كل هذه الامتيازات، فإن المعارضة اللبنانية حاولت جاهدة أن تسمع رأي هذا الحزب، ولو كانت تعرفه مسبقا، وحاولت أن تحاوره، لكي لا يقال بأنها تفردت أو عزلت فئة لبنانية. ولكن حزب الله كشف عن حقيقته وأعلن، ليس فقط، تأييده للسوريين، بل قرر أن يترأس ويدعو ويحرض على القيام بمظاهرة تأييد لسوريا ودورها في لبنان، وكأنه يقول بأن اللبنانيين مع بقاء سوريا واحتلالها واستمرار سياستها وتدخلها في لبنان.

يقول البعض إن المعارضة التي أرادت إظهار الوجه الديمقراطي للبنان حاولت أن تجعل حزب الله أيضا يركب المركب اللبناني ويعبر عن رأيه بالطريقة الديمقراطية. ولكن هل يشرف لبنان أن يكون حزب الله وجها من وجوهه، ولو كان يفرض نفسه، بواسطة لبنانيين، على لبنان وشعب؟ وهل يمكن أن يقبل حزب الله بالتنازل عن كل المكاسب التي أعطاه إياها الاحتلال السوري؟ ولماذا باعتقادكم كان كل هذا الكرم من قبل السوريين؟

إن النظام السوري الذي لا يريد الخروج من لبنان وقد كان استعمل الفلسطينيين أولا ثم استغل الفئات اللبنانية المختلفة، عرف بأن الوقت سيحين ليطالب اللبنانيون بخروجه، ولذا فهو سلح حزب الله وأجبر اللبنانيين على القبول به وحده مميزا، وأعطاه حقوقا وصلاحيات، وجعل له شبكة كبيرة من المصالح ترتبط بوجوده فلا يقدر أن يتحرر، وهو أبقاه عنصر تخريب وأعطى زعيمه نصر الله أن يذكر دوما بدمويته وبربريته وبالحقد الذي يربي الأجيال عليه.

ولهذا الحزب تاريخ في الإرهاب جعل دول العالم، وحتى الأمم المتحدة تسميه في قراراتها، وتطالب بتجريده من السلاح. وإذا كان سلاحه ومقولة المقاومة التي يختبئ خلفها هما مصدر استمراره فهل من الممكن أن ينضم إلى رغبة وإجماع اللبنانيين على رفض الاحتلال وأدواته وتحقيق الحرية والعدالة في البلد حيث سيفقد امتيازاته وصلاحياته؟

اليوم قال حزب الله كلمته التي لم نكن نتوقع سواها، وسوف يحاول ما بوسعه ليظهر بأنه وحلفاء سورية أكثرية، وإذا لم تكن حقيقية فهي أكثرية بالقوة، وهو ومن خلفه يملكون وحدهم القوة. من هنا نسأل هل إنه كان على المعارضة ألا تحاور حزب الله أصلا وتعتبره، كما القرار الدولي، من الخوارج على سلطة القانون، وتترك للأمم المتحدة أن تسوي مصيره، والعالم أن يتحمل مسؤولية تجريده من السلاح، حتى يصبح بعدها مساويا على الأقل لبقية اللبنانيين، فيمكن محاورته.

حزب الله صال وجال، وتبجح وتشاوف، ويحاول اليوم أن يتمسك بالمكاسب، فهل تكون خطوته الأخيرة في مظاهرة التأييد لسوريا هي ما يكشف حقيقته للبنانيين المغرر بهم، فيعزل وتقوم أفواج جديدة ودم جديد يمثل الطائفة الشيعية ويعيد لها اتزانها وتفاعلها مع الآخرين، وينزع الوجه القبيح الذي رافقها مدة عقدين من الزمن ليعيد لها وجهها المشرق، وجه دعاة الخير والعاملين على رفع الظلم عن الناس وإحقاق الحق بينهم، وقد عرفوا دوما بشيعة الحق.

أم أنه سوف يجر لبنان إلى مشاكل وحروب تعيد للأذهان مسلسلات العنف وأجواء الرعب التي تسيطر في أماكن كثيرة من الشرق الأوسط فتمحى صور الحضارة والرقي التي رافقت مظاهرات الأسابيع الماضية ليحل محلها تراث حزب الله الدموي، ودعوات القتل والذبح والانتقام، فتضيع، ليس فقط، الحقيقة التي يطالب بها اللبنانيون، والأمل في الحرية والسيادة والاستقلال، بل الأمن والأمل والاستقرار؟ 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها