الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


بين خطاب نجاد وكلام نتنياهو أين يقف حزب الله؟

19- 09 - 2009  

 في خطابه أمام المحتشدين في يوم القدس، الذي كان أطلقه الأمام الخميني فور انتصار الثورة الإسلامية في إيران منذ أكثر من ربع قرن، أشار الرئيس أحمدي نجاد في طهران اليوم إلى ما قد يعتبره البعض خطيرا في مجال قدرة إيران على امتلاك القنبلة النووية، وفي نفس الوقت كرر هجومه المعهود على الصهاينة وعدم اعترافه "بالهولوكست". في المقابل نقل عن السيد نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية كلاما حول جدية الخطر الإيراني والسوري على إسرائيل مفاده بأن سوريا هي "نصف صديق ولكنها بالتأكيد ليست بالعدو" وأن النظام السوري لا يريد أبدا استعادة الجولان بينما إيران لا تشكل أي خطر على إسرائيل وهمها الوحيد السيطرة على نفط الخليج مستعملة الشعار الفلسطيني ومطية محاربة إسرائيل.

 من خلال هذا الكلام يمكننا أن نفهم بعض السيناريوهات التي تجري في المنطقة بشكل قد يكون مغايرا بعض الشيء لما يسلط عليه الضوء في وسائل الإعلام، فالكل يعلم بأن القوى التي يحسب لها حساب اليوم أصبحت كلها قوى غير عربية تتنافس، ربما، للسيطرة على الثروة العربية؛ هذه الثروة التي كانت حمتها ورعتها الدول الغربية طيلة ما يقرب القرن، تعمل مراكز القوى الإقليمية الثلاثة اليوم على تقاسمها في ظل الفورة الفارسية التي تحاول السيطرة على الخليج بواسطة الفئات الشيعية المحلية من جهة، وادعائها "بحقوق تاريخية" لا يمكن تجاهلها في المنطقة من جهة أخرى. بينما تستعد القوة الثانية التي تحاول أيضا لعب دور القوة المسلمة المنظمة البديلة التي ستقوم بحماية عرب الخليج من السيطرة الفارسية وتتقاسم المصالح معها، وهي تركيا، والتي لها أيضا "حقوق تاريخية" في هذه المنطقة منعتها عنها الدول الغربية عينها أي إنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى. فهل تكون القوة الثالثة التي يجب أن يكون لها حصة أيضا في غنائم المنطقة والتي ستضطر لحماية مصالحها أيضا وستعمل على التفاهم مع القوى الأخرى في هذا الاتجاه هي إسرائيل؟ وإذا كان هذا الطرح معقولا فأين يقف حزب الله؟ وما جدية تهديدات سيده نصر الله؟

 خطاب نصر الله في يوم القدس كان أيضا خطابا هجوميا من يسمعه يعتقد بأن "الدماء وصلت للركب" كما يقول اللبنانيون وبأن قوات حزب الله المدججة والتي سوف تقضي على "ست فرق عسكرية إسرائيلية"، ستحاول الدخول إلى لبنان (كما حددها السيد)، سوف تصل بالتأكيد إلى القدس بدون مقاومة تذكر حتى أنه كما قال في الخطاب قد يدخلها المدنيون بالسيارات والفانات بدون الحاجة إلى الأسلحة، أوليس هذا ما حصل عندما خرج الإسرائيليون من الجنوب سنة 2000؟

 السيد نصر الله الذي يخاطب من حين لآخر جمهوره بواسطة الشاشة الكبرى هل صحيح أنه يملك حرية التصرف؟ أو بشكل آخر هل سيقدر من حيث يختبئ أن يدير المعركة التي يبشرنا بأنها ستقع لا محالة وسيقضى فيها على أسطورة إسرائيل؟ أم أن صاحب الأمر سوف يسترد قراره عندما يحين الوقت ويتسلم المسؤولية فيأمر وينهي بما تمليه المصلحة العليا؟ (ومن المعروف أن ضباط الحرس الثوري موزعون في كل الأماكن الحساسة).

 حزننا الكبير على لبنان واللبنانيين وعلى الحالة التي وصلوا إليها، فهم لم يعودوا قادرين على التفاهم على أي شيء فكيف سيقدرون على حماية الوطن وتأمين استمراره. ولكننا نحزن أكثر لأننا نرى أن الآتي ربما يكون أصعب وأعظم. فإذا كان هناك من يعتبر بأن لبنان كان "تسوية" وليس وطنا كما قالها الرئيس القوتلي ذات مرة وكررها الرئيس الأسد أمام صديقه وزير الخارجية الأميركي، يومها، الدكتور هنري كيسينجر والذي أعجب بها لدرجة أنه حفظها وتعمّد استعمالها في المجالس، فإن كل "التسويات" الأخرى في المنطقة سوف تلحق بمصير لبنان ولن يبقى هناك أوطانا تحنو على أبنائها بل مشاريع عشائر متنافسة في ظل قوى إقليمية كبرى ترعى مصالحها وتؤمن دوام الاستقرار وبالطبع مصالح الكبار في هذه المنطقة. فهل فشلت تجربة الدول العربية التي دعمتها بريطانيا مكافأة لعرب الحجاز الذين وقفوا معها ضد السلطنة العثمانية؟ وهل فشل طرح الغرب لمساعدة الشعوب على تقرير مصيرها؟ وهل سيحجم دور الأمم المتحدة في المرحلة القادمة وهي التي تكفل نظريا ومن خلال شرعة حقوق الإنسان الكثير من أشكال النظام العالمي الحالي وأهمها حرية الشعوب وحدود الدول؟ وهل أن زمن الرجال الذين يصنعون التاريخ بمواقفهم وبعد نظرهم وإيمانهم بأن الأوطان هي دوما أهم من الجيوب ومن المناصب، وأن الأحقاد تفرق ولا تلم، وأن مهمة الأم أن تحمي أبناءها لا أن تقتلهم، ودور الزعيم أن يبني الوطن لا أن يهدمه، هذا الزمن قد ولى ولا بد من زمن قهر جديد ينسينا العز لكي نعرف قيمة النعمة ونفهم أهمية التضامن.

 العالم أعطانا فرصا لكي نستيقظ من وهم الشعارات ونفهم أهمية ما حولنا ولكن يبدو بأننا نسير في دوامة لن نخرج منها قبل أن نهدم الأصرحة التي بناها من عرف الألم وعرف القهر وعرف الفاقة فعمل لكي يمنعها عن أولاده ولكن هؤلاء يعتبرونها، على ما يبدو، أوهاما ويتصورون بأن الرفاه ينبت كالشوك على الطرق، والطمأنينة حالة طبيعية دائمة، والعز هو من صميم جبلتنا.

 نداؤنا للسيد حسن ولكل من حسن أمام الله وجهه، واستنار بالحكمة عقله، ولكل من تقدم قومه فوقف بينهم سيدا، أن اتقوا الله فيما تفعلون، واتركوا الحقد والتقاتل جانبا، وأعملوا لقيامة لبنان مثالا لكل أوطان العرب وجيرانهم، يعرف الخير فيسعى له، ويرذل الشر فيمتنع عن مجاراته. اتركوا الحقد جانبا وتعاونوا على البناء لأن الفرصة قد لا تعود والعالم قد ينشغل عنكم، فحتى ذلك الحين لا تكونوا سببا في خراب البيوت، ولا سلاحا لقتل أخوتكم، ولا معاول لهدم ما شيد، فالتاريخ لن يرحم الأغبياء ولا أولادهم الذين سيذوقون المر سيترحمون عليهم.           

تورونتو – كندا 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها