الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم الكولونيل شربل بركات

   تورونتو - كندا 


التهم الجاهزة

تورونتو في 17-نيسان-2009

 في جعبة حزب الله دوما ما يسمح بتحويل الأنظار عن أخطائه الجسام بحق الغير وكلما شعر بالحرج يسحب ورقة من أوراقه الجديدة القديمة وينشرها على الملأ ليبرر أعماله الغير مقبولة ويصوّر للناس بأنه حامي الحمى والعارف بكل التفاصيل والساهر على أمن المجتمع والمتربص بعملاء العدو "الصهيوني" الشرسين.

 قبل أن نعرف ماذا خلف توقيف "العميل" العميد المتقاعد أديب العلم نحب أن نسأل لماذا اختار حزب الله هذه المرة جهاز أمن قوى الأمن الداخلي وليس مخابرات الجيش لتنفيذ التوقيف "الغنيمة"، كما سماها الشيخ نعيم قاسم؟ فهل إن الحزب بدأ يشك بالجيش أو أن الجيش بدأ يشك بمعلومات الحزب فلا يأخذها كما هي؟ وماذا إذا عن جهاز المعلومات في قوى الأمن الداخلي هل لا يزال طري العود يتأثر كثيرا بهالة "العمالة الصهيونية" ولذا فالتنفيذ واجب قبل أن تهرب الطرائد؟

 نحن لا نعلم حقيقة التهم التي وجهت إلى العميد العلم ولكننا نعرف أن شقيقه وصهره كانا سجنا في إسرائيل بسبب تهم حول تعاونهما مع الدولة اللبنانية وربما حزب الله ولم يطلق سراحهما إلا من ضمن الصفقة الشهيرة التي أطلق معها كل اللبنانيين الموقوفين في سجون إسرائيل حيث سلموا لهذا الحزب وجرى لهم استقبالا مهما وقد كان العميد المذكور دون شك من ضمن المستقبلين. فهل أن حزب الله كان مخدوعا يومها؟ أم أنه يخدع غيره اليوم؟ وماذا صدر عن العميد العلم ضد حزب الله لكي تساق له هذه التهمة؟ أم أن الاختيار وقع عليه صدفة وبسبب الحاجة الملحة التي فرضها الهجوم المصري المعاكس على حزب الله وزعامته؟

 حزب الله قادر على اتهام أي من اللبنانيين اليوم بالعمالة لإسرائيل دون أن يتجرأ أحد على السؤال كيف أو لماذا، لأن "البعبع" الإسرائيلي الذي يختبئ خلفه حزب الله ويوجه التهم من خلاله هو قضية تعتبر من المقدسات أو قل المسلمات. فحزب الله مثلا استطاع أن يقنعنا ويقنع إسرائيل بأن تعيد له أحد أصدقاء السيد حسن بالرغم من أنه كان هرب إلى الدولة العبرية منذ نيف وعشرين سنة، وفي نفس الوقت يستطيع أن يتهم رئيس الوزراء اللبناني بالعمالة لإسرائيل متى يشاء فكيف بالموظفين الصغار أو المتقاعدين منهم خاصة إذا كان ابن قرية حدودية كرميش حيث يمكن في أي وقت أن يتهم أي كان بالعمالة لأن وجوده وسكنه فيها هو بالأساس عمالة فهل إن الرسالة موجهة إلى مسيحيي المنطقة الحدودية وخاصة البلدة المزدهرة رميش؟ أم أنها رسالة انتخابية لكل من يتجرأ أن يفكر بخيار آخر مثل الأسعد مثلا أو غيره من المرشحين الشيعة (لأنه لا يوجد في منطقة بنت جبيل مقعد ماروني)؟

 الأسباب التي تدفع بحزب الله إلى التهويل على الناس كثيرة وهي لن تتوقف عند أديب العلم وقد يزج بأسماء كثيرة في لوائح الاتهامات قبل أن يهرع المواطنون إلى حضن العماد عون أو غيره لكي يحمي المسيحيين من اتهامات أصدقائه ولكي يخف مؤقتا استعمال سيف "العمالة" المسلول.

 يوم أوقف مروان الفقيه في النبطية كانت العملية، كما قيل، لتغطية خطف المهندس صادر واختفائه بقرب المطار والضجة التي أثيرت حوله ولمنع استغلالها طائفيا ولا نعلم حتى اليوم لماذا خطف صادر يومها وأين هو الآن؟

 بالتأكيد لن يعرف أحد أين وصلت الاتهامات والتحقيقات خاصة في موضوع التجسس وبالطبع لن نعرف غدا إذا كانت التهم الموجهة ضد العميد العلم صحيحة أم مجرد افتراء. ولكن الضرر وقع على الشخص وأسرته وقريته لا بل على المواطنين كلهم كونهم يعيشون مسلسلا يوميا لإرهابهم وتخويفهم وتخوينهم.

 إن اتهام الناس في بلد مثل لبنان خاصة من قبل منظمة كحزب الله هو موضوع طبيعي فهؤلاء صادروا قرار الدولة ومنعوا الحكومة من القيام بمهماتها وفرضوا حربا على لبنان راح ضحيتها أكثر من ألفي مواطن دون أن يرمش لهم جفن وها هم يثيرون أحقادا ضد اللبنانيين بين دول كانت حتى اليوم تعتبر شقيقة وداعمة لسيادة الدولة وقيامة لبنان.

 فهل سيبقى المواطنون يعيشون هذه الحالة من عدم الثقة بالنفس وبالسلطة وعدم الشعور بالمواطنية الكاملة ما دام أمثال هؤلاء يسيطرون على قرار الدولة؟ أم أن شيئا ما سيتغيّر وسوف ننتهي من مسلسل التخوين الذي يطال كل الناس ولا يترك لهم فخر الانتماء للوطن وحافز الدفاع عن مقدساته؟ وهل المطلوب أن يشعر الكل بالغربة عن هذا الحزب وأفكاره وتطلعاته فيقتنعون جديا بضرورة العمل على التخلص من هيمنته وتسلطه؟

كل شيء وارد ما دام حزب الله يعتبر نفسه فصيلا مستقلا عن الدولة اللبنانية لا سلطة لها عليه ولا مشورة حتى معها في كل ما يمت له بصلة وكل ما عليها القيام به تنفيذ ما يراه مناسبا من أجل الاستمرار في مهماته الإلهية وإلا.

 العميد العلم وغيره من الأعلام اللبنانية معرضون لمثل هذه التجربة و"لا أحد فوق رأسه شمسية" كما يقول المثل الدارج. فيوم أوقف سمير جعجع بتهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة كانت الملفات جاهزة لإدانته وكان الهدف القضاء على أي صوت يرتفع بمواجهة السلطة القامعة، واليوم يقبع في زنزانة مشابهة من حضّر له هذه الملفات. فهل تدور الأيام على من يحضّر ملفات التجسس هذه ويتحفنا بها عند كل حدث جلل؟ 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها