الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

اقرأ المزيد...


خدمات بشار أسد المرفوضة

رئيس النظام السوري بشار أسد يعترف على دوره في العراق, ويعترف على نفسه بأنه اللاعب الاساسي في الساحة العراقية. وحسب المنطق الذي يتبعه, وهو دائما منطق مضطرب ومهزوز, فان على الولايات المتحدة الاميركية ان تتلقفه وتتلقف خدماته لان بامكانه أن يلعب دورا كبيرا لاخماد العنف الطائفي في العراق.
بشار أسد يعرض خدماته بعد ان أغلقت أبواب الوظائف الدولية وإعطاء الادوار, وبعد أن أغلقت أميركا أبواب التفاوض معه ومع النظام الايراني, وقررت ان تكون الحلول مع النظامين في الميدان لا خلف طاولات التفاوض.
رئيس النظام السوري أدرى بحاله هذه الايام, وأكثر الناس علما بمصيره وبمصير السياسات التي ينتهجها الآن, وهي سياسات استجدائية من الطرفين الاميركي والاسرائيلي,وبأن مجهوداته في هذا المجال لن توصله الى درجة الاطمئنان على نظامه, وعلى استمرارية هذا النظام, لذلك, ربما أنه لايأس مع الحياة, يواظب بشار أسد على انتهاج السياسات التي يقدر على انتهاجها, ويجدد عرض خدماته على واشنطن, كما سبق وعرض في محادثات سرية, الذهاب الى اقصى حد مع اسرائيل مقابل ان تدخل معه في مفاوضات تؤدي الى اتفاقات سلام كاملة.
رئيس النظام السوري يحاول قرع الابواب الموصدة الآن بعدما تبين له ان ايران لاتشكل عمقا أمنيا له, وبعد ان اتضح له نجاح ايران في إخضاعه لستراتيجيتها, وجعله ملحقا بحدائقها الخلفية وخاضعا لاوامرها.
وفي كل الاحوال فان عرض الخدمات الذي قدمه بشار أسد سيحظى بعدم الاهتمام, فأعمال التفخيخ والقتل, التي قالت الحكومة العراقية ان نصفها يأتي من دمشق, لاتوفر موقع قوة لرئيس النظام السوري يؤهله للدخول في المساومات السياسية وإبرام الاتفاقات... ان هذه الاعمال الارهابية لاتعود على صاحبها بالنتائج المرجوة وبالتالي لاتشكل له أداة للانتصار. بشار أسد لن ينتصر على الاميركيين بتفخيخ السيارات في شوارع بغداد وسائر المدن العراقية, ولن يستطيع بهذه الوسيلة ان يرغمهم على مخاطبته او الاعتراف به طرفا مؤهلا للتفاهم. ان عرض الخدمات, بهذه الصورة المتهافتة, لايعتبر الا عزف ماندولين للاميركيين, ومحاولة لاستجدائهم, وإيهاما لهم بأنه, اي بشار أسد, وراء كل الاحداث الجارية في العراق وفي لبنان. ان من يقتل في العراق هم أبناء الشعب العراقي, فالجيوش الحليفة لم يقتل منها في أربع سنوات سوى مايزيد على ثلاثة آلاف جندي, ونسبة القتلى في جيوش يصل عديدها الى مئتي الف جندي, لاتساوي شيئا في حسابات الخسارة. ان بشار أسد وغيره يراهنون ان تعرض الجيش الاميركي لاصابات سيحرك الرأي العام هناك, وسيعيده الى أيام حرب فيتنام, وسيجبر الرئيس بوش على الانسحاب..ان هذا الرهان لايرتكز الى المقومات اللازمة, فحين اعترض الكونغرس ذو الغالبية الديمقراطية على إرسال بوش المزيد من الجنود الى العراق, تبدد اعتراضه بمجرد تلويح الرئيس بحق الفيتو اذ أنه هو صاحب الكلمة الاخيرة بموجب الدستور الاميركي. لذلك فان العمل بسياسة كسب الوقت التي ورثها بشار أسد عن أبيه لن تفيده هي الاخرى بل ستزيده عزلة وانزواء. فالرجل لم يدرك حتى الآن ملامح الديمقراطية في المجتمعات الغربية, ومازال يحسب, وفق رؤيته لنفسه اللاديمقراطية, ان التظاهر تعبير عن كره النظام, وإن التظاهر مع النظام تأييدا له حب وولاء... المظاهرات التي تقوم في الدول الديمقراطية حقوق تعبير لاتلزم الادارات الحاكمة التي تحترم حق التعبير وتصونه, بل بالعكس هي تفعل ما تريد وتدع الناس يقولون ما يشاؤون. لهذا فان التظاهرات أمام البيت الابيض لاتوقف قرار الحرب الذي يتخذ عادة بعد الدراسات المعمقة. واذا شاب تنفيذ القرار بعض الثغرات, فان هذه الثغرات يتم تفاديها بخطط أخرى تدخل على التنفيذ كما حصل اخيرا في اعتماد ستراتيجية عمل جديدة في العراق ستؤدي الى قطع الطريق على كل نتيجة غير محسوبة.
عرض الخدمات لن يجدي بشار أسد نفعا, ولن يوقف قرار أميركا محاربة الارهاب والدول الراعية له, والذي رصد له ثلاثمئة بليون دولار تساوي كل موازنات دول الشرق الاوسط... هذا القرار في موضع التنفيذ الآن ولن يكون النظامان السوري والايراني بمنأى عن تأثيراته, والتي نعتقد أنها ستظهر في غضون الاشهر الثلاثة المقبلة كأبعد تقدير.
لايجب على بشار أسد الآن, وعلى النظام الايراني ان يستعرضا قوتهما في هذه الظروف المتوترة, فالاول لن يجد من الدول العربية من يقف معه في هذا الاستعراض, والثاني لن تسكت عليه دول الخليج التي ستعتبره استدراجا للمخاطر على المنطقة لاتريده ولاترحب به. واذا ما استمرت دمشق وطهران في سلوكياتهما العدائية الراهنة فستواجهان مشكلات كثيرة, خصوصا اذا واظبت دمشق على عرض خدماتها المتهافتة والمرفوضة.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها