الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

اقرأ المزيد...


جنس الملائكة والدم السوري!

21/06/2011

لم يأت الرئيس السوري بشار الأسد بجديد في خطابه, بل انه أعاد المسألة الى المربع الأول غامزا من قناة استمرار القمع والقتل والتشريد حين صنف الشعب السوري شرائح انتخب منها واحدة اعتبرها خارجة على القانون ومخربة, وهي شريحة المعارضة السلمية غير المسلحة, وبشرها بالاسوأ في قادم الأيام إن هي استمرت في سيرتها المطالبة برحيل نظام دموي عاش العقود الاربعة الماضية على المنع والنفي والقتل تحت ذريعة حماية الجبهة الداخلية وإعدادها لمنازلة التحرير الكبرى التي ربما لن تأتي ابدا.

يشهد للرئيس الأسد انه من الضالعين في تشريح المشكلات وتحليلها, ولكنه لا يمتلك القدرة على وصف الدواء رغم أنه طبيب عيون, تماما كما كانت الحال مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذي لم يكن طبيبا, بل ضابطا, لكن الفارق بين زمني الرجلين ان الاول لعب على وتر استفزاز عاطفة الشعب وتوظيفها لمصلحة النظام في واحدة من ابشع مراحل استغلال الكوارث لتعزيز المجد الشخصي, فيما الوضع الحالي في سورية يختلف عما كان عليه في مصر في العام1967 حين وظف عبدالناصر الهزيمة على الجبهة المصرية- الاسرائيلية وخسارة الارض لمصلحة النظام بلعبة تقديم الاستقالة الى الشعب المصدوم والجريح ما ساعده على انقاذ نظامه من الانهيار, بينما الأسد يواجه ثورة الداخل على النظام, وبدلا من ان يستمع الى شعبه ويتجاوب مع رغباته, عمد الى الاسلوب البيزنطي في الحديث عن جنس الملائكة, بينما الدبابات تحاصر القرى, ورصاص قوات الامن يحصد الابرياء, من دون ان يكلف نفسه عناء السؤال عن السبب الذي دفع بالسوريين الى مواجهة الرصاص بالصدر العاري!

ما قاله الرئيس الأسد في خطابه الاخير, لم يختلف كثيرا عما قاله الرئيس زين العابدين بن علي قبل فراره من تونس, ولا الرئيس مبارك قبل تنحيه, لكن يمتاز الاول عن الاخيرين بحديثه عن متطرفين مخربين مسلحين ينشرون العنف ويعتدون على الناس, وذلك يتفق مع ما قاله معمر القذافي حين كان يستعد لادخال ليبيا في حرب اهلية لمواجهة الثورة الشعبية, فبعض ما ورد في خطاب الرئيس الأسد مؤشر خطير جدا لما تنتظره سورية, اذ تحدث عن 64 الف مواطن اعتبرهم مخربين وخارجين على القانون, ما يعني ان المجزرة لا تزال في بدايتها, وان هناك حربا اهلية تلوح في الافق, ولن يحسب النظام اي حساب للمجتمع الدولي, الذي لا يزال مترددا في حسم موقفه مما يجري, وهذا ما يجعل نظام دمشق يعد بمزيد من هدر الدماء تحت شعار "محاربة الخارجين على القانون", واستخدام دعاية الاصلاحات واللجان ومشاريع القوانين والحوار الوطني لتبرير ما تفعله شبيحته.

أسوأ ما في لغة النظام تلك البهورات والهرطقات ورمي مسؤولية التقصير والجريمة على الآخر عبر الحديث عن مؤامرة على سورية, فمن الذي سيتآمر على نظام أهلك شعبه, هل هو الامين العام للامم المتحدة الذي حاول ان يتصل بالحكومة السورية من اجل ادخال معونات إنسانية الى بعض المدن المحاصرة, أم الكونغو أو زيمبابوي او أي دولة انتقدت القمع الممارس بوحشية, وطالبت بعدم القتل والترويع?!

ما فات نظام دمشق انه طوال العقود الماضية اقفل كل الابواب بينه وبين شعبه, بل انه تقصد الاغتراب عن محيطه العربي الطبيعي, ما افقده أي قدرة على تأمين المناعة الحقيقية, اكانت مناعة شعبية في الداخل, أم مناعة عربية في المحيط الاقليمي, وسبح طويلا عكس التيار على حساب الاقتصاد الذي يحذر من انهياره الآن الرئيس الأسد, وفي السياسة حين تحول بارادته حصان طروادة للمشروع الفارسي التوسعي في المنطقة, وفي كل ذلك كان يتعرى من اوراق التوت ما اظهره بهذا المنظر المريع.

في الجوهر بات الشعب على قناعة ان النظام اصبح من الماضي, وان محاولات بعث الحياة فيه ستذهب سدى, والسوريون لن يقبلوا الرضوخ بعد ان عرفوا الطريق الى الحرية, ولذلك كان درهم سريعا في التظاهرات التي خرجت فور انتهاء الخطاب رافضين كل ما جاء فيه, ما يعني ان الدائرة أقفلت على النظام وعليه أن يبحث عن مخرج لأركانه.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها