رغم
بوادر "انعطافة جذرية" لمدفيديف
المعارضة السورية تهدد روسيا بإقفال
قاعدة طرطوس وإلغاء صفقات الأسلحة
لندن - كتب
حميد غريافي:
هدد قادة في المعارضة السورية في دمشق وبروكسل, أمس,
الحكومة الروسية بـ"إقفال قاعدة طرطوس البحرية المخصصة لمرابطة
قطع بحرية روسية في مياه الشرق الاوسط, وبإلغاء عقود شراء
الاسلحة الروسية التي وقعها نظام بشار الأسد, وهو مستمر
بتوقيعها, "كرشوة" لموسكو التي خسرت لتوها سوق تسليح ليبيا
بسبب مواقفها المتذبذبة من الثورة التي اقتلعت حليفها معمر
القذافي".
وقال أحد قادة المعارضة السورية الرئيسيين في بروكسل
لـ"السياسة" ان "ضرورة اقفال قاعدة طرطوس البحرية الوحيدة في
مياه المتوسط المفتوحة امام الاسطول البحري الروسي ووقف صفقات
الاسلحة من موسكو وخفض التبادل الاقتصادي - التجاري بشكل شبه
كامل حتمها فشل زيارة وفد المعارضة السورية الى العاصمة
الروسية قبل اسابيع, حيث اكدت ادارة مدفيديف لاعضاء الوفد أنها
لا تشاركهم نظرتهم الى نظام بشار الاسد وبالتالي فإنها لن
تهاجمه بل ستحاول دفعه باتجاه وقف العنف المفرط والدخول في
مفاوضات جدية مع المعارضين وهما أمران كررتهما موسكو في كل
مواقفها حيال الحرب السورية على المواطنين المدنيين التي لم
تشهد المنطقة مثيلا لها, ما حمل المعارضة السورية على توجيه
هذا التهديد الى الحكومة الروسية التي يبدو انها تخسر مواقع
اقدامها في الشرق الاوسط وشمال افريقيا الواحد تلو الآخر, كما
خسرتها في اوروبا الشرقية وآسيا الوسطى".
وأكد الزعيم السوري المعارض ان السياسة التي تمارسها روسيا "مبلبلة
ومتذبذبة وغير واقعية, وهي تجافي كل المبادئ التي عمل الشعب
الروسي (السوفياتي) على تثبيتها في العالم لدعم الثورات ضد
الانظمة الاقطاعية و"الامبريالية" التي تستهدف الشعوب, وقد خسر
النظام الروسي بسبب هذه السياسة "ألقه الثوري" المتبقي كومضات
غير واضحة واتخذ لنفسه خطاً "إمبرياليا" جديدا ضد الشعوب
المقهورة ومع الانظمة القمعية الظالمة التي طالما زعم ان
الامبرالية الاميركية والغربية تدعمها".
وبالنسبة للصين التي مازالت تساند نظام الاسد الدموي "مغلبة
مصالحها الاقتصادية والتجارية والتسليحية على دماء الشعب
السوري", أكد المعارض السوري ان "العلاقات السورية - الصينية
بعد سقوط نظام البعث الراهن في دمشق لن تكون أبداً مثلما كانت
عليه قبل اندلاع الثورة, لأن الشعب السوري لن يكافئ من وقفوا
ضده وشجعوا الاسد وزبانيته على سفح دماء الابرياء في الشوارع
والمعتقلات, بل انه سيكافئ الدول التي دفعت بجانبه وساندته
وساعدته على الخلاص من جحيم آل الاسد".
وفي السياق نفسه, أكد ديبلوماسي بريطاني في لندن ل¯"السياسة"
ان "خسارة روسيا مواقع اقدامها في المنطقة العربية يوما بعد
يوم وفقدانها ما لا يقل عن 20 مليار دولار سنوياً ثمن أسلحة
وتبادلات اقتصادية وتجارية, ستكبدها مبالغ مماثلة من موازناتها
السنوية المهتزة أصلاً لزيادة تسليح نفسها ردا على زيادة
عزلتها وتقلص نفوذها عن المنطقة الأكثر ثراء في العالم (الشرق
الاوسط وشمال افريقيا)".
وتوقع الديبلوماسي "حدوث انعطافة جذرية قريبة في موقف موسكو
مما يحدث في سورية على يد النظام القمعي الدموي رغم ظواهر
الممانعة لفرض حظر جوي عليها ووقف شحن الأسلحة إليها وتجميد
مشتريات النفظ منها, إذ ان ما يهم مدفيديف - بوتين هو بيع
الاسلحة في الدرجة الاولى الى نظام الاسد, وإذا اجرت واشنطن
مبادلة بين عمليات البيع هذه وحظر صادرات النفط فإن موسكو قد
توافق على القرارات الدولية المتوقعة ضد النظام السوري الاسبوع
المقبل, خصوصا وان استمرار الروس في تنفيذ صفقاتهم التسليحية
للاسد لن يقدم ولن يؤخر في شيء طالما هو غير قادر على استخدام
تلك الاسلحة المخصصة للحروب الكبرى, ضد الشعب السوري بكامله".
وقال الديبلوماسي البريطاني ان الاتصالات الاوروبية -
الاميركية "الحثيثة والمكثفة مع ادارة مدفيديف قد تكون أزالت
بعض التحفظات الروسية التي تشكل عقبات في وجه صدور قرار عن
مجلس الامن الدولي يدين نظام بشار الاسد لارتكابه جرائم ضد
الانسانية, تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة, ويفتح
الطريق أمام تدخل دولي لوقف المجازر ضد المدنيين العزل وإخراج
سورية من هذا المستنقع الدموي, كما ان الخبراء السياسيين
الغربيين لا يعتقدون للحظة واحدة ان يبادل مدفيديف - بوتين
علاقاتهما بأميركا واوروبا والعالم العربي بعلاقاتهما مع نظام
الاسد المتداعي اللذين يدركان أنه ساقط لامحالة". |