مفتي صور وجبل عامل مّل "حزب الله" مسؤولية إندلاع الحرب الأخيرة

العلامة علي الأمين لـ "السياسة": نصرالله لا يعتزم تسليم السلاح للدولة...والقرار بيد إيران


بيروت - من سوسن بوكروم:
حمّل العلامة علي الامين مفتي صور وجبل عامل »حزب الله« مسؤولية اندلاع حرب 12 يوليو, وراى انه كان يمكن تحريك قضية الاسرى من خلال المفاوضات والضغوط الدولية متسائلا "هل ان من كان يعلم بانفجار بركان بعد شهرين يحاول تقديم موعد انفجاره بدون اعداد وتحذير السكان?". وشكك في عزم امين عام »حزب الله« حسن نصر الله على تسليم السلاح للدولة, معتبرا ان القرار وغيره يتاثر بالعلاقة مع ايران مستبعدا اي دور لسورية بقرار الحرب وتسليم السلاح. وتناول الامين في حديث ل¯»السياسة« نتائج حرب 12 يوليو وتنفيذ القرار »1701« وموضوع الحوار اللبناني وغيرها من المواضيع وفي ما يلي نص الحوار:
* اعتبرت في حديثك اخيرا ان قوة لبنان تكمن في انضمام العرب اليه, وان مواجهة اسرائيل هي وظيفة الانظمة العربية مجتمعة, فماذا برايك كان ينتظر العرب للقيام بهذه المواجهة وهل كانت بحاجة الى تلك المجازر للوقوف الى جانب لبنان?
ان المقصود من ان قوة لبنان تكمن في انضمام العرب اليه رفض المقولة المشهورة (قوة لبنان في ضعفه) فضعف لبنان لن يمنع اسرائيل من العدوان عليه ولبنان يصبح ضعيفا عندما يكون منفردا في مواجهة العدوان لانه ليس قادرا بمفرده ان يتحمل اعباء الصراع العربي الاسرائيلي الواجب على الكل. وعندما لا يرى الجميع الظرف مناسبا للمواجهة لاختلال التوازن فكيف يكون الظرف مناسبا لقيام الجزء لتلك المهمة?! ولا يجوز لفئة وحدها او جماعة ان تفرض على لبنان الدخول في حرب ليس لها اعداد ولا استعداد ولا يمكن ان نطلب من العرب ان يكونوا مع لبنان في حربٍ هو لم يكن معها ولم يكن على علم بها كما صرحت الحكومة اللبنانية بذلك في ايام الحرب.
* هل تحمل »حزب الله« مباشرة مسؤولية اندلاع الحرب الاخيرة ونتائجها, وما الثمن الذي يجب ان يدفعه الحزب غير تسليم السلاح?
- لا شك بان تحمل النتائج وضمان الخسائر يقع على اسرائيل لان المباشر للتدمير والقتل اقوى من السبب وهو اي المباشر هو الذي ينسب الفعل اليه ولذا يقول الفقهاء بان الضمان على المباشر (الفاعل) وليس على السبب في امثال هذه المجالات التي يمتلك فيها الفاعل الارادة والاختيار والسبب يتحمل المسؤولية عن عدم الاعداد والاستعداد لمواجهة عدو كان هو السبب في جره للحرب او كان متوقعا لصدور العدوان منه. واما السؤال عن الثمن الذي يجب ان يدفعه »حزب الله« بعد هذه الحرب فاعتقد انه لا يدفع شيئا عندما يدخل في مشروع الدولة بالكامل لانه بذلك سياخذ المزيد من المكاسب والمواقع داخل الدولة اللبنانية وهو عندما يعطي السلاح الى دولة هو جزء فاعل فيها فهو لا يعطيه من موقع المهزوم ولا يخسر بذلك شيئا لان الدولة التي تقوى بانضمام الجميع اليها يقوى الجميع بها.
* هل تشك بنية قيادة »حزب الله« بتنفيذ القرار »1701« وانها كانت تبغي بموافقتها عليه وقف النار فقط دون وجود نية حقيقية لتسليم السلاح?
- لقد التزمت الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار »1701« وفي الحكومة وزيران ل¯»حزب الله« كانا حاضرين بالاجماع لا يعفي الحكومة اللبنانية بكل اطرافها من الالتزام بتنفيذ القرار ولذلك مهما كانت النوايا عند المطالبة بوقف اطلاق النار وعند الموافقة على القرار الدولي فلن يكون لها تاثير من الناحية العملية وتبقى العبرة بالتنفيذ الذي يسير بنحو معقول حتى الان.
* هل تعتبر ان القرار »1701« سيكون الحل الدائم والشامل للنزاع اللبناني-الاسرائيلي ولماذا على لبنان تنفيذه بكل بنوده فيما لم تنفذ اسرائيل اي من القرارات الدولية حتى القرار »425 « الذي لم ينفذ بالكامل?
- ان المطلوب من اسرائيل ولبنان تنفيذ القرار »1701« وهو بما اشتمل عليه من بنود يمكن ان يشكل قاعدة لانهاء العمليات الحربية بالكامل يحل معها الهدوء التام والاستقرار والامن على الحدود وهو بذلك يؤسس الى الحلول الشاملة بعد تنفيذ سائر البنود المتعلقة بالاسرى ومزارع شبعا, والامم المتحدة هي المطالبة بان تحافظ على قراراتها الصادرة بمراقبة التنفيذ والسعي لدى كل الاطراف لتنفيذ كل القرارات الصادرة عنها.
* تعترف بعض اطراف »14 اذار« بالنصر الذي حققه »حزب الله«, فكيف تقيم من جهتك نتائج الحرب?
- من يدعي الانتصار فهذا شانه ونحن لم نكن نتمنى مثل هذا النصر لانفسنا ولا نتمناه بالشكل الذي حصل لغيرنا, ولست ادري هل كنا خاسرين قبل 12 يوليو عندما لم يكن لدينا الف شهيد وخمسة الاف جريح وعندما لم يكن هذا الدمار الهائل موجودا واصبحنا منتصرين بعد 12 يوليو بهذه الاثمان الباهظة?! اني ارى ان يقال عنا اننا خاسرون قبل 12 يوليو الف مرة من القول باننا منتصرون. وتذكرني بعض المواقف والكلمات بالشاعر المتنبي حينما قال:
"اعيدها نظرات منك خاطئة ان تحسب الشحم فيمن لحمه ورمُ
وما انتفاع اخي الدنيا بناظره اذا استوت عنده الانوار والظلم".
* ما الرسالة من قولك بان منطق الحرب في الاسلام يخطط لمنطق الغلبة والانتصار?
- لقد اردت من ذلك ان الاسلام عندما يخطط للحرب فهو لا يخطط للخاسر وانما ياخذ في نظر الاعتبار الربح والخسارة ولذلك لم تكن اوامر الجهاد معزولة عن اوامر الاعداد والاستعداد لان عملية النصر ليست مسالة غيبية ايمانية وانما هي مسالة تتبع منطق الاسباب والمسببات والمقدمات بالنتائج.
* هل تؤمن بان الضغوط والعلاقات الدولية كانت لتؤثر في عدم حدوث هذه الحرب او على الاقل وقفها فورا, سيما وان حسن نصر الله واخرين غيره اكدوا ان اسرائيل كانت تنوي شن العدوان بعد شهرين?
- لا اعتقد بان هذه الحرب كانت ضرورية وكان بالامكان تحريك قضية الاسرى من خلال المفاوضات والضغوط الدولية واذا صحت المعلومات ان اسرائيل كانت تنوي شن العدوان بعد شهرين فما هو المبرر لجعلها تشن الحرب قبل ذلك?! وهل من يعلم بانفجار بركان بعد شهرين يحاول تقديم موعد انفجاره بدون اعداد وتحذير للسكان?!
* هل يبدو لك من الحديث الاخير لنصر الله بانه على استعداد لتسليم السلاح, ومن برايك الجهة المحركة لهذا القرار?
- لم يظهر من حديث نصر الله انه عازم على تسليم السلاح للدولة اللبنانية وان اظهر الاستعداد للتعاون مع الجيش اللبناني في الجنوب وقوات الطوارئ الدولية وكان في حديثه غموض من هذه الناحية (تسليم السلاح) وهذا القرار وغيره من القرارات المهمة تتاثر غالبا بالعلاقة مع ايران التي يوجد لها تاثير قوي داخل »حزب الله« وقيادته.
* هل تشك بقدرة حسن نصر الله القيادية?
- نصر الله له مواصفات يتميز بها عن الكثير من اقرانه في التنظيم والقيادة وهو ليس منفردا في التخطيط واتخاذ القرارات.
* الا تعتبر ان الحديث عن استحواذ »حزب الله« على القرار في الجنوب وتاثيره على نتائج الانتخابات وحرية الراي هناك تحريضا مباشرا ضد الحزب, ولماذا الان? وما هو دور حركة "امل" في هذا الاطار?
- نحن لسنا في مقام التحريض على »حزب الله« وغيره ولكننا نريد ان نقول لهم ولغيرهم في العلن بعدما قلناه لهم سرا بانه لا يجوز الانفراد في الراي والتمثيل وعدم الاصغاء الى نصائح الاخرين ولا يجوز جعل اللبنانيين الشيعة في سلة واحدة وتحت عنوان التشدد والتطرف مع ان الطائفة الشيعية ليست كذلك لانها كانت ولا زالت مؤمنة بخط الاعتدال مع سائر الشركاء في الوطن وقد تخلت حركة "امل" من خلال قيادتها عن ثقافة الاعتدال وسياستها ضمن الطائفة الشيعية وتركت الساحة ل¯»حزب الله« في الثقافة والسياسة.
* ما دور حركة "امل" في تحقيق الاعتدال الشيعي في لبنان وفي صهر الطائفة الشيعية داخل مشروع الدولة?
- في قاعدة حركة "امل" وفي جمهورها يوجد خط الاعتدال الذي اسسه الامام موسى الصدر وكان يؤكد على انصهار الطائفة الشيعية في مشروع الدولة وهذا هو راي عموم ابناء الطائفة الشيعية في لبنان وكما قلت في السؤال السابق ان تحالف القيادة في حركة "امل" مع »حزب الله« سياسيا وبالتالي مع ايران الغى دور حركة "امل" في تثبيت خط الاعتدال.
* ما الدور الايراني في التوجه الثقافي الشيعي في لبنان, وكيف ترى مستقبل هذه الروابط بين شيعة لبنان وايران?
- لا شك بان ايران تعتمد على »حزب الله« في لبنان في الثقافة وغيرها ونحن لا نرى بأسا في وجود روابط ثقافية بين ايران والشيعة وغيرهم في لبنان ولكن العلاقات يجب ان تكون بين ايران واللبنانيين من خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها المسؤولة عن كل الطوائف اللبنانية وفي كل الاحوال فان روابط المذاهب والاديان لا يجوز ان تكون على حساب الاوطان.
* ما كان دور سورية في الحرب الاخيرة وهل كان بمقدورها التاثير على قرارات »حزب الله«, وهل تحيدها عن نتائج الحرب?
- لا اعتقد ان لسورية تاثيرا كبيرا على قرارات »حزب الله« خصوصا بعد الانسحاب السوري من لبنان, نعم قد يكون هناك التقاء في المصالح والرؤى السياسية في لبنان والمنطقة على كثير من القضايا المشتركة ولذلك لا ارى علاقة لسورية بنتائج الحرب التي حصلت.
* اكد حسن نصر الله انه مع تنفيذ اتفاق "الطائف", فهل ترى توازنا بين القول والفعل في هذا الاطار?
- نامل ان ياخذ هذا القول طريقه الى العمل والتنفيذ من خلال اعتماد الدولة اللبنانية المرجع الوحيد في مختلف القضايا التي تهم الشعب اللبناني والوطن.
* كيف تنظر الى استمرار بعض قوى 14 اذار باتهام سورية بدعم »حزب الله« من جهة والسعي من جهة اخرى الى اعادة العلاقات معها, سيما وان هذه الاطراف ما زالت تتهم سورية ايضا باغتيال الرئيس رفيق الحريري?
- ان السعي لتحسين العلاقات مع سورية امر يستحق الدعم والتاييد لان مصلحة لبنان وسورية في علاقات صحيحة تقوم بين البلدين ومن مصلحة سورية ان تكون لها علاقات جيدة مع مختلف الاطراف في لبنان وكذلك العكس وقد اصبحت قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري بيد المحاكم الدولية وعلى الجميع ان ينتظروا النتائج ويبتعدوا عن الاتهامات.
* برايك ما الذي يمنع الاكثرية النيابية او قوى 14 اذار من تشكيل حكومة تضم وزراء تابعين لها فقط?
- ان التركيبة السياسية في لبنان تمنع من احتكار السلطة بيد فريق واحد وان كان يملك الاكثرية النيابية وفي ذلك حرص على اظهار التوافق بين مختلف الاطراف بما في ذلك الاقلية النيابية وهي بذلك تمنع من خروج الاختلافات الى الشارع بما يعود بالضرر على الاقتصاد والاجتماع اللبناني وليس في ذلك ضرر اذا عاد الجميع عند الاختلاف الى منطق الاكثرية لحسم الخلافات بحسب مقتضيات الدستور اللبناني التي تحكم مؤسسات الحكم السياسية والقانونية.
* الى اي حد يمكن للبنانيين ان يؤمنوا مجددا بالحوار, وهل ترى فعلا ان لدى المؤسسات الدستورية قدرة على استئناف الحوار في ظل الاحداث الاخيرة?
- ان الحوار في لبنان بلد العيش المشترك هو عيش يومي بين اللبنانيين وهو الذي انتج الدولة اللبنانية ومؤسساتها والنظام السياسي القائم قبل اتفاق "الطائف" وبعده هو الذي انتج احتضان اللبنانيين بعضهم للبعض في زمن المصاعب والماسي وليس الحوار مقتصرا على ما يسمى (طاولة الحوار) التي لم تمنع عن لبنان حربا لا قِبَلَ له بها ولا ناقة له فيها ولا جمل اننا نريد حوارا بلا طاولة من خلال العودة الى مؤسسات الدولة التي تشكل المرجع الوحيد في اتخاذ القرارات وحسم الخلافات. وقد اثبتت الحكومة اللبنانية قدرتها على ذلك خلال الاحداث الاخيرة من خلال مواقفها الشجاعة والحكمة والصبر التي ابداها الرئيس فؤاد السنيورة في التعاطي مع المجتمع الدولي في اصعب الازمات.