استناداً إلى شهادات قادة في المعارضة اللبنانية ومسؤولين دوليين وسوريين

"التايمز": نملك الأدلة على تورط دمشق

19/03/2005

بيروت - »السياسة«:
لندن - واشنطن - الوكالات:
مازالت دائرة الزلزال الذي أحدثته جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري تتسع وتتشعب لتكشف عن حقائق »مرعبة« تعقد من حدة الموقف في لبنان والمنطقة.. فقد اتهمت صحيفة »التايمز« البريطانية أمس دمشق بالوقوف وراء الجريمة وقالت انها تملك الأدلة على ذلك عبر سلسلة لقاءات واستنتاجات توصلت اليها, في الوقت الذي كشف مراسل صحيفة »الاندبندنت« في بيروت روبرت فيسك ان مدير الأمن الداخلي اللبناني اللواء علي الحاج كان يتجسس على الحريري لصالح السوريين عندما كان مرافقاً شخصياً له وأنه أمر شخصياً بعد ساعات من حدوث التفجير بنقل سيارات موكب الرئيس الشهيد من الموقع.
ومع استمرار المأزق الداخلي في لبنان على وضعه حيث أغلقت المعارضة جميع الطرق أمام السلطة المحاصرة وذلك برفضها القاطع اي تدخل عربي في التحقيقات في اغتيال الحريري خصوصاً وان رئيس فريق المحققين الدوليين سيسلم تقريره الى الأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان الاسبوع الجاري.
وأكدت المعارضة عزمها على افشال »مسرحية« مدير الأمن العام اللواء المتقاعد جميل السيد للالتفاف على هذه القضية.
وبينما أوصى مجلس النواب الاميركي ادارة الرئيس جورج بوش بتجميد أرصدة جميع المسؤولين اللبنانيين الموالين لسورية ودعم قيام حكومة ديمقراطية في دمشق, دعت الخارجية الاميركية الى »تطهير« الادارات اللبنانية الحكومية من »عملاء« سورية.. (راجع ص32-33)
وأكدت صحيفة »التايمز« البريطانية أمس ان لديها الدليل على أن سورية اغتالت الحريري, ما أغرق لبنان في فوضى سياسية.
وقالت الصحيفة في مقال لها ان الحريري دعا قبل يومين من اغتياله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الى دارته لتحذيره من شيء ما.
وأوضح جنبلاط للصحيفة »قال لي ان شيئاً ما سيحصل وانه سيتم اغتيال واحد منا, إما أنا أو أنت خلال الاسبوعين المقبلين«.
وقالت التايمز: »لقد احتجت سورية مراراً بأنها غير مسؤولة, ولم تبرز حتى الآن أدلة لا تدحض حول تورطها في عملية الاغتيال, ولكن إعادة تركيب الأحداث التي أدت الى اغتيال الحريري, والمقابلات التي أجريناها مع ما لا يقل عن 12 مسؤولا غربيا ولبنانيا وسوريا لا تترك مجالا لأدنى شك في انه تم تحضير مؤامرة الاغتيال في دمشق« مؤكدة انها علمت ان الحريري اثار حنق السوريين لأنه هو الذي أوحى بإصدار القرار الدولي 1559 الذي يطالب سورية بوقف التدخل في لبنان.
وحذر مسؤولون اميركيون ومسؤولون من الامم المتحدة سورية مرارا من إلحاق الأذى بشخص الحريري في الأشهر التي سبقت قتله.
وتابع المقال انه وفي منتصف يناير الماضي وبضغط من دمشق, سحبت الحكومة اللبنانية مفرزة تضم 70 عنصرا أمنياً كانت مكلفة حماية الحريري, كما تم تنظيف موقع الانفجار بعد اغتياله من أجل إخفاء الأدلة حول التورط السوري.
ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسي غربي معلقاً بأنه »لا يبدو ان هناك سيناريو آخر محتملاً على الاطلاق«.
كما نقلت عن أحد مساعدي الحريري ان رئيس الوزراء المغدور قال حرفيا عند سماعه بنبأ محاولة اغتيال النائب مروان حمادة: »في نظر السوريين نحن كلنا حشرات«.
ولفتت المصادر الى ان سر غضب دمشق على الحريري كان تأييده للقرار الدولي 1559 .
واضافت ان الموفد الخاص للامم المتحدة تيري رود لارسن التقى قبل اربعة أيام من الاغتيال, الرئيس السوري بشار الأسد لمحاولة اقناعه بلقاء الحريري لتسوية خلافاتهما.
وقال مصدر في الامم المتحدة ان »لارسن كان يعرف انه اذا لم يحصل حوار فإن الأمور ستسوء« وفي المساء تناول لارسن العشاء في بيروت مع الحريري الذي أبلغه استعداده لاجراء حوار مع الأسد ولكن كند وليس كتابع.
وذكرت »التايمز« في مقالها انها »استجوبت« ثلاثة وزراء سوريين خلال الشهر الجاري ونفوا جميعاً ان تكون دمشق مسؤولة عن قتل الحريري مؤكدة ان أياً منهم لم يعط رواية بديلة مقنعة.
في تصور متصل لايقل أهمية كشف مراسل صحيفة »الاندبندنت« البريطانية في بيروت روبرت فيسك في مقال نشره ان مدير الامن الداخلي اللبناني الحالي اللواء علي الحاج كان يتجسس على الحريري لصالح السوريين وساق على ذلك ادلة عدة استقاها من عائلة الرئيس الشهيد.
وألمح فيسك الى المسؤولية المباشرة لتورط الحاج الذي امر بعد الحادث بإزالة سيارات موكب الحريري من موقع الجريمة بحجة حمايتها.
واكد الكاتب البريطاني الشهير ان معظم اقطاب المعارضة اللبنانية يقولون بإنصاف ان الرئيس بشار الاسد ليس مسؤولا »شخصيا« عن قتل الحريري لكنهم يعلمون ان ثمة رجالا اشد قسوة في سورية - وخارجها - يمكن ان تلقى عليهم التبعات بقتل الحريري.
واوضح فيسك في ختام مقاله ان رئيس جهاز التنصت في مديرية مخابرات الجيش غسان طفيلي وضع هاتف منزله تحت المراقبة منذ ثلاثة ايام.
في غضون ذلك رفضت النائب بهية الحريري والبطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير قيام لجنة عربية بالتحقيق في اغتيال الحريري التي اقترحها الامين العام لحزب الله حسن نصرالله واكدا تمسكهما بلجنة تحقيق دولية.
وقالت الحريري »لا نريد لجنة تحقيق عربية نحن متمسكون بلجنة دولية تكشف الحقيقة وباستقالة رؤساء الاجهزة الامنية كلهم«.
واضافت بحزم »دم الرئيس الشهيد لن يذهب هدرا«.
واكدت الحريري انها »غير مرشحة« لرئاسة الحكومة ولخصت اهدافها بالسعي لتحقيق مبادئ شقيقها واضافت »عندما تتحقق مطالبنا نرى من ندعم لهذا المنصب وهذا قرار تتخذه العائلة (الحريري) بأجمعها«.
من جهته اعلن البطريرك صفير تمسكه بلجنة التحقيق الدولية وقال في هذا السياق اننا اخذنا درسا من اتفاق الطائف واللجان العربية واكد من جانب اخر ان سلاح حزب الله لا يتفق مع منطق الدولة وان استقالة الرئيس اللبناني اميل لحود حاليا قد تؤدي الى فراغ دستوري.
لكن اقطاب المعارضة رأوا في استقالة لحود واجراء انتخابات حرة الحل الأمثل وجددوا هجومهم على »مسرحية« مدير الامن العام اللواء جميل السيد لتغطية جريمة اغتيال الحريري.
وفي واشنطن تبنى مجلس النواب الاميركي قرارا يطلب من الرئيس جورج بوش تجميد جميع ارصدة المسؤولين اللبنانيين الموالين لسورية ويدعو الى تكليف مندوب الولايات المتحدة في الامم المتحدة السعي الى اقناع مجلس الامن بتبني قرار يصنف لبنان على انه »بلد أسير« ويشدد على الافراج عن جميع المعتقلين اللبنانيين في سورية ولبنان.
كما تبنى المجلس قرارا يشجع الادارة الاميركية على دعم المعارضة السورية ما يؤدي الى تشكيل حكومة ديمقراطية في دمشق.
الى ذلك اكد مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد ضرورة سحب جميع عناصر المخابرات السورية وعملائها من الادارات الحكومية في لبنان سواء كانوا سوريين ام لبنانيين ودعا في حديث لفضائية »الحرة« امس دمشق الى التطبيق الكامل والفوري للقرار 1559 دونما اي ابطاء مشيرا الى ان المجتمع الدولي سيحمل الحكومتين السورية واللبنانية مسؤولية اي خلل في الوضع الامني داخل لبنان وقال: »لن يكون هناك عنف او ضغوط او تهديدات ضد المعارضة اللبنانية.. هذا ما ابلغناه بحزم لدمشق وبيروت«.
وردا على سؤال حول نزع سلاح حزب الله اكد المسؤول الاميركي ان الحرية والديمقراطية والاستقلال هي الضمانة الوحيدة والاكيدة للمجتمع اللبناني وليس سلاح المقاومة ونفى جود اي اتصالات اميركية سرية او علنية مع حزب الله.