بيروت - لندن - »السياسة«:
عواصم - الوكالات:
ارتفعت حدة المواجهة بين المعارضة اللبنانية والسلطة الموالية
لسورية بعودة رئيس الحكومة عمر كرامي الذي استقال قبل عشرة أيام
تحت ضغوط الشارع المنتفض.
وفور تكليفه تشكيل الوزارة الجديدة رمى كرامي الكرة في ملعب
المعارضة وحملها اذا لم تشارك مسؤولية عرقلة تشكيل حكومة »اتحاد
وطني«.
لكن المعارضة رفضت على الفور الوقوع في هذا »الفخ« وأعربت عن خيبة
أملها كما الولايات المتحدة وبريطانيا, كون كرامي ليس مؤهلاً لترؤس
حكومة وفاق وطني لأنه ينتمي الى فريق الموالين لسورية التي لم
تتراجع عن التدخل سياسياً في الحياة اللبنانية حسب ما أعلن مراقبون
غربيون في بيروت أمس حيث أكدوا ان هناك نحو 6000 عميل سري لسورية
يديرون الأمور في لبنان من خلف الستار.
وأعرب المراقبون عن اعتقادهم انه حتى بعد انسحاب الجيش السوري فإن
دمشق ستستمر في محاولات السيطرة من خلال عملاء سريين لمخابراتها
وأشاروا الى انه تم تزويد هؤلاء العملاء »هويات« لبنانية.
وفي مؤتمر صحافي عقده في القصر الجمهوري, دعا كرامي المعارضة الى
المشاركة في الحكومة, مؤكداً انه لا يضع شروطاً للحوار ومحملاً من
لا يوافق مسؤولية »العرقلة«.
وقال »ادعو جميع الفرقاء الى حوار وطني على طاولة مجلس الوزراء ولا
أضع سلفاً أي شروط, من لا يشارك يتحمل المسؤولية«.
وأضاف: »حكومة الانقاذ الوطني السبيل الوحيد للانقاذ, الذي يعرقل
تشكيلها ولا يقبل يتحمل المسؤولية«.
كما حمل كرامي المعارضة مسؤولية احتمال تأجيل الانتخابات وانهيار
الوضع الاقتصادي اذا امتنعت عن المشاركة.
ورفضت أطراف معارضة عدة من جانبها العرض وتمسكت بموقفها المبدئي
قبل الموافقة على أي حكومة والقاضي بإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية
لتأمين سلامة التحقيق في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق
الحريري والتعاون مع لجنة تحقيق دولية, وتطبيق اتفاق الطائف الذي
ينص على انسحاب القوات والمخابرات السورية بناء على جدول زمني,
واجراء انتخابات نزيهة.
وأعرب الزعيم الدرزي اللبناني المعارض وليد جنبلاط عن »خيبة أمله«
ازاء اعادة تكليف كرامي مؤكدا ان ذلك يشكل »تمديدا للأزمة«
السياسية في لبنان.
وقال جنبلاط من موسكو لاذاعة »سوا« الاميركية الناطقة باللغة
العربية »برأيي انها خيبة أمل وتمديد للأزمة«.
وقال النائب غازي العريضي, من كتلة جنبلاط »لن ندخل الى فخ«.
وأكد انطوان اندراوس وهو من الكتلة النيابية نفسها, ان »عرض كرامي
مرفوض, وهو ليس رئيس حكومة وفاق.. هو طرف ولا يمثل الوفاق«.
وأوضح انه كان على كرامي أولاً »أن يتعهد تلبية شروطنا قبل أي شيء«
متسائلاً: »هل زالت الأسباب التي دعته الى الاستقالة حتى يعود?«.
كما رفض سيمون كرم, من أبرز أعضاء لقاء قرنة شهوان الذي يرعاه
البطريرك الماروني نصر الله صفير اقتراح كرامي.
ورأت غنوة جلول, من كتلة الحريري النيابية, أن كرامي طرح فقط
شعارات سياسية ولم يطرح آلية لتنفيذ مطالب المعارضة, وأضافت »نحن
غير مستعدين لمقايضة دم الرئيس الشهيد«.
أما النائب بطرس حرب فاعتبر ان رئيس الجمهورية اميل لحود ارتكب خطأ
دستورياً برفضه عدم تسلم مطالب المعارضة التي حملها النائبان فارس
سعيد وغنوة جلول, وقال ان موقف لحود الذي يفترض به أن يكون حكماً
بين اللبنانيين هو موقف سياسي, ولا يجب أن يصبح فريقاً.
وفي باريس قلل زعيم »التيار الوطني الحر« المعارض العماد ميشال عون
من اهمية اعادة تكليف كرامي مؤكداً ان الاهم حالياً هو انسحاب
القوات السورية من لبنان.
وقال عون (70 عاماً) وهو رئيس حكومة سابق »ما الفرق اذا كلف كرامي
أو استمر في تصريف اعمال الحكومة المستقيلة«.
واضاف »ان اعادة تكليفه هي مسألة عددية داخل البرلمان وليست خياراً
شعبياً فالشعب في الضفة الاخرى«.
كما قلل العماد عون من اهمية دعوة كرامي الى تشكيل حكومة »اتحاد
وطني« تشارك فيها المعارضة.
وتابع: »لان الحكومة المستقيلة نفسها يشتبه بأنها أهملت واجباتها
ازاء اغتيال« رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري, »لا
يمكننا الكلام عن حكومة انقاذ وطني وانقاذ شعبي بطي الصفحة, فهنالك
ملف يجب حله«.
وبحسب عون, »ان الحكومة المستقيلة ستستمر بتصريف الاعمال حتى
انتهاء الانسحاب السوري وبعد ذلك, يمكننا تشكيل حكومة اخرى«.
وكان رئيس الوزراء الأسبق سليم الحص نصح كرامي بالانفتاح على
المعارضة وتلبية مطالبها لتجاوز المأزق.
وفي ردود الفعل الدولية على الخطوة الاستفزازية من قبل الحكم
اللبناني شجبت وزارة الخارجية الاميركية اعادة تكليف كرامي معتبرة
ان عودته تمثل تحدياً لارادة الشعب اللبناني الطامح الى التغيير.
بدوره اعرب وزير الخارجية البريطانية جاك سترو عن »استيائه الكبير«
وقال في سياق إلقائه كلمة امام جمعية »فابيان« في لندن »انني مستاء
جداً (...) لكون الرئيس (اللبناني) اميل لحود طلب من رئيس الوزراء
كرامي اعادة تشكيل الحكومة ذاتها تماماً في لبنان. آمل الا تكون
سوى حكومة انتقالية وان ينظم اللبنانيون الانتخابات الحرة والنزيهة
التي يستحقون«.
وشدد سترو على ضرورة »انسحاب القوات السورية والاهم من ذلك اجهزة
الاستخبارات السورية من لبنان«.
واشاد سترو في كلمته »ببزوغ الديمقراطية في الشرق الاوسط« مؤكداً
ان سقوط الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتنظيم انتخابات
ديمقراطية في العراق ساهما في هذا التوجه.
وقال سترو »ان امرا مهما جداً يحصل في الشرق الاوسط« في اشارة الى
التطورات الاخيرة في لبنان والانتخابات العراقية والمؤتمر الذي
استضافته لندن مؤخراً للبحث في سبيل مساعدة الفلسطينيين.
الى ذلك احتفل سكان شمال لبنان امس برحيل القوات السورية وهتفت
مجموعات من الشبان والفتيات مطالبة بخروج السوريين وذلك عند مدخل
بلدة حامات التي تمثل القاعدة الرئيسية لسورية حيث توجد بها وحدات
رادارات فضلا عن مطار متهدم قرب منطقة جبل لبنان التي تبعد 85 كيلو
مترا عن شمال بيروت .
وتجمع سكان حامات في شوارع قريتهم منذ الساعات الاولى من الصباح
لالقاء نظرة على المواقع التي أخلتها القوات السورية وهي المواقع
التي مازالت تعلوها صور الرئيس السوري.
وتدفق العشرات من القرويين ايضا على منطقة وجه الحجر وهي قاعدة
سورية سابقة اخرى في شمال لبنان وهتف حشد من اللبنانيين رافعين علم
لبنان ومطالبين بتواجد الجيش اللبناني فحسب .
وتكرر المشهد ذاته في بلدة جسر المدفون على الساحل الشمالي
اللبناني حيث وزع السكان الحلوى والزهور على الصحافيين المكلفين
بتغطية عملية الانسحاب.
واحرقت مجموعة من الشبان السلع التي خلفها الجنود السوريون وراءهم
وطلوا المواقع التي اخلاها هؤلاء الجنود باللونين الابيض والاحمر
لوني العلم اللبناني.
وفيما اعلن وزير الدفاع اللبناني عبدالرحيم مراد ان ستة آلاف جندي
سيغادرون لبنان نهائيا خلال اسبوع رفض الموفد الخاص للامين العام
للامم المتحدة تيري رود لارسن بعد اجتماعه مع الرئيس المصري حسني
مبارك في شرم الشيخ الرد على سؤال عما اذا كان سيطلب من الرئيس
السوري تحديد جدول زمني لانسحاب القوات السورية مؤكدا انه لاينقل
مضمون محادثاته مع قادة المنطقة الى وسائل الاعلام.
واعلن لارسن عن وجود تطابق في وجهات النظر مع الرئيس مبارك حول
المسائل المتعلقة بالقرار 1559 . |