تضعها "لجنة التحقق" في ضوء
معلومات عن عودة قوات انسحبت
050424
"خط أزرق" دولي
ونقاط تفتيش على طول الحدود بين لبنان وسورية
لندن ¯ كتب حميد غريافي:
كشفت مصادر ديبلوماسية غربية في الأمم المتحدة بنيويورك النقاب أمس السبت عن
ان »لجنة التحقق من الانسحاب العسكري السوري من لبنان« المتوقع وصولها هذا
الأسبوع سترسم »خطا أزرق نظيفا« على طول الحدود اللبنانية ¯ السورية البالغ
نحو 350 كيلو مترا, شبيها ب¯ »الخط الأزرق« الذي رسمته لجان قوات الأمم
المتحدة في جنوب لبنان بينه وبين إسرائيل في اعقاب الانسحاب العسكري العبري
منه عام .2000
وقالت المصادر في اتصال بها من لندن ان مقر الأمم المتحدة في قبرص وضع بتصرف
اعضاء اللجنة عددا من مروحيات الهليكوبتر ستكون جاهزة للعمل في كل المناطق
اللبنانية, إلى جانب »تثبيت قمر صناعي أوروبي فوق لبنان طوال فترة اعمال لجنة
التحقق بحثا عن اي خروق سورية عسكرية لقرار مجلس الأمن 1559 الداعي الى
انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية.
ونسبت المصادر الى احد اعضاء اللجنة الدولية الستة المزمع ارسالهم الى بيروت
خلال الايام القليلة المقبلة لوضع الترتيبات اللوجستية لاستقبال اعضائها
الذين يزيد عددهم عن المئة وخمسين خبيرا ومراقبا, قد يلتحق بهم عدد مماثل عند
الضرورة, قوله »ان لدى المنظمة الدولية معلومات من مصادر عدة حول عودة مئات
من القوات السورية المنسحبة خلال الاسابيع الثلاثة الماضية من لبنان, الى
اراض لبنانية واسعة عبر عشرات الطرقات العسكرية التي شقتها قيادة الجيش
السوري في سلسلة الجبال الشرقية اللبنانية الفاصلة بين البلدين, وان هذه
القوات اعادت وتعيد انتشارها سرا في قواعد ومعسكرات تابعة لبعض الفصائل
الفلسطينية المتطرفة مثل الجبهة الشعبية ¯ القيادة العامة بقيادة احمد جبريل
وحركتي حماس والجهاد الإسلامي المشاركتين في قواعد تابعة »لحزب الله«,
ومعسكرات اخرى بعضها تابع للحزب القومي السوري الحليف لدمشق وحزب البعث
اللبناني بقيادة عاصم قانصوه وغيرهما من الاحزاب والتنظيمات اللبنانية التي
مازال نظام البعث السوري في دمشق يمولها ويمدها بالسلاح والعتاد وحتى الرجال,
وفي طليعتها قواعد »حزب الله« الإيراني, وذلك على امتداد الحدود من اقصى
مراكز تواجد حزب الله في الجنوب حتى اقص البقاع الشمالي بعد مدينة بعلبك,
مرورا بالبقاعين الغربي والاوسط حيث المعبر الحدودي الرسمي بين البلدين في
نقطة »المصنع«.
وأكد مواطنون لبنانيون من بلدتي قوسايا ورعيت البقاعيتين الواقعتين في موقعين
مرتفعين من سلسلة الجبال الشرقية مشرفين على مطار رياق العسكري الواقع على
بعد نحو 14 كيلو مترا من مدينة زحلة, انهم »لا يستطيعون النوم منذ ايام عدة
بسبب هدير الدبابات والاˆليات السورية التي تعود خلال الليل الى الاراضي
اللبنانية عبر تلك الطرقات الجبلية المشقوقة منذ اواخر السبعينات«, وان تلك
الدبابات تتوزع لدى وصولها الى السفح البقاعي جنوبا باتجاه البقاع الغربي
وشمالا باتجاه بعلبك للالتحاق بمواقع ومعسكرات للفصائل الفلسطينية والاحزاب
اللبنانية, »ما يؤكد المعلومات عن ان تلك المواقع باتت مزودة بدبابات ومضادات
ارضية لم تكن موجودة فيها في السابق«.
وذكرت المصادر الديبلوماسية الغربية في الأمم المتحدة ل¯ »السياسة« ان »عيون
الدول المعنية بتنفيذ الانسحاب السوري الكامل من لبنان, تراقب كل شاردة
وواردة عبر مصادرها المختلفة« وبمساعدة حلفائها في المنطقة, وان السوريين هم
أعجز من ان يتمكنوا من التحايل أو التلاعب في تطبيق انسحابهم, وفي حال ضبطهم
بالجرم المشهود, فان امورا دولية خطيرة ستترتب على ذلك لاعتباره انتهاكا
واضحا لمشيئة المجتمع الدولي«.
ولفتت المصادر المقارنة بين »التحايل السوري« بشأن ارسال مقاتلين الى العراق
عبر حدود البلدين لمحاربة القوات الأميركية هناك, واي »تحايل قد تقدم عليه
السلطات السورية لابقاء مواطئ اقدام لها في لبنان, لان الأوضاع مختلفة بين
المنطقتين, ولان الحدود اللبنانية مع سورية ليست باتساع الحدود السورية ¯
العراقية, ولانها الاˆن واقعة تحت رقابة دولية مشددة خصوصا من الجهات
الاستخبارية المتعددة الخبيرة في شؤون لبنان لأنها تعمل فيه منذ عشرات
السنين«.
واماطت المصادر الديبلوماسية اللثام عن ان مهمة »لجنة التحقق من الانسحاب
السوري الكامل من لبنان« ليست مقتصرة فقط على انهاء مهمتها بتقديم تقرير الى
مجلس الأمن عن انجاز هذا الانسحاب, »اذ ان التجارب مع النظام البعثي السوري
في دمشق في اماكن متعددة من المنطقة مع اسرائيل ولبنان والأردن والعراق لا
تبعث على محض اي ثقة, وبالتالي فان رئاسة اللجنة قد توصي بإقامة نقاط عسكرية
لبنانية ثابتة على الحدود اللبنانية ¯ السورية, خصوصا في سلسلة الجبال
اللبنانية الشرقية الفاصلة بين البلدين, يشارك فيها عدد من قوات الطوارئ
الدولية الموجودة في الجنوب بعد نقلهم الى تلك المواقع«.
واعربت المصادر الديبلوماسية عن »تفاؤل« الأمم المتحدة بالتوصل الى امتناع
السوريين بعد الاˆن عن »انتهاك حرمة الاراضي اللبنانية تحت اي ظرف«, خصوصا
»بعد تطبيق البندين الاˆخرين من القرار 1559 الداعيين الى حل الميليشيات
اللبنانية وغير اللبنانية وتجريدها من سلاحها وارسال الجيش اللبناني لبسط
سيادته على كل اراضيه, ما يعني اقفالا تاما وحاسما لأي قواعد او معسكرات
تدريب للفصائل الفلسطينية والاحزاب اللبنانية التابعة لسورية في اي نقطة من
خريطة لبنان, وبالتالي لن يجد الجيش السوري اي موطئ قدم جديد له في لبنان بعد
تنفيذ كامل بنود القرار«.
واعربت المصادر عن اعتقادها ان »لجنة التحقق من الانسحاب السوري« هذه قد تضم
خبراء عسكريين من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول اوروبية اخرى »سيكون من
الصعب جدا على اي جهة مولجة بعمليات التحقق هذه ان تتراخى او تكون سطحية في
تقصيها, كما ان كوفي عنان نفسه الذي يتعرض منذ الاسبوع الماضي لحملة أميركية
¯ أوروبية عنيفة لتأجيل موعد تقديم تقريره الى مجلس الأمن من السادس عشر من
الشهر الجاري الى بعد غد الثلاثاء في السادس والعشرين منه بطلب شخصي من
الرئيس السوري بشار الأسد, »سوف لا يكون في وضع يحسد عليه في حال تضمن تقريره
»تبرئة ذمة كاملة« للسوريين, ولن يكون بمقدوره اطلاقا منحهم صكا على بياض
يؤكد انسحابهم الكامل, اذ يدرك انهم مازالوا ملبوسين بفكرة »خاصرتهم الرخوة«
في لبنان, وسيحاولون باستمرار الاˆن وغدا وبعد غد الدفاع عن هذه الخاصرة«. |