الكساد يضرب أسواق دمشق وانتشار عمليات السرقة الليلية

العلاقات تزداد تدهوراً بين الأسد وخاله ومخلوف يهرب أمواله المنهوبة من بيروت

050419

دمشق - بيروت - خاص:
أفادت معلومات أكيدة من العاصمة السورية أن العلاقات بين الرئيس السوري بشار الأسد, وخاله محمد مخلوف تزداد توتراً هذه الأيام بشكل أصبح يهدد مخلوف, الذي يسيطر على ما نسبته ثمانين في المئة من الاقتصاد السوري, ويهدد مصالحه بمخاطر جدية.
وقد بدأ الحديث يتردد علناً في الأوساط الشعبية السورية حول تجاوزات خال الرئيس, واستغلاله إمكانات الدولة لتحقيق منافع شخصية, وبصورة توحي أن هذه الأحاديث مرضي عنها سلطوياً, إذ بدأ الناس يتحدثون من دون خوف, أو حذر, أو اجراء حسابات مسبقة.
وأفادت المعلومات أيضاً أن جانباً من الأجهزة السورية باتت تشجع على انتقاد خال الرئيس, وتسرب تفاصيل عن امتيازاته اللا مشروعة, واحتكاراته لمعظم أبواب العمل في البلد, وأكدت المعلومات ان محمد مخلوف, وفي إطار علاقاته المتوترة مع ابن اخته الرئيس, بدأ يقلل من ظهوره العام هو وابنه رامي, ويتخلى عن مظاهر المواكبات والمرافقات العسكرية, ويحاول ما استطاع التواري عن الأنظار وعدم استفزاز المواطنين بظهوره الاستعراضي, ولم يعرف بعد ما إذا كانت اجراءات مخلوف الاحترازية هذه ستفيده في ترميم علاقته مع الرئيس, والتي قيل انها تدهورت بشكل غير مسبوق. فحسب المعلومات يعتبر محمد مخلوف هو المسؤول عن التورط السوري في العراق, وما آل اليه من صدام مع الولايات المتحدة الأميركية, والمسؤول عن قرار التمديد للحود في رئاسة لبنان, وهو القرار الذي فجر الدنيا في وجه دمشق, وتسبب في اخراجها, بقوة الإرادة الدولية, من كل الاراضي اللبنانية, هي وجيشها واستخباراتها, وتعرضها للمشبوهية في قضية من اغتال الحريري.
وفي هذا السياق الموصول أفادت المعلومات المتناهية, من دمشق وبيروت, ان محمد مخلوف, وفي نطاق اجراءاته الاحترازية, أقدم على تكليف نعمان الازهري صاحب بنك لبنان والمهجر بتحويل كل أمواله المودعة في البنك الى حسابات شركاته المفتوحة في البنوك السويسرية والفرنسية والاسبانية, خشية من حجزها, لو بقيت في بيروت عند بدء التحقيقات على يد اللجنة الدولية التي ستبدأ عملها في لبنان خلال اسبوعين, وأغلب أموال مخلوف هذه متحصلة من عمولات النفط العراقي الذي كان يتدفق على سورية أيام صدام حسين برسم المساعدة وبمقدار 180 ألف برميل يومياً ولمدة ثلاث سنوات, وكان مخلوف يتقاضى خمسة دولارات عن كل برميل برسم عمولة غير مبررة.
وكان مخلوف في بداية دخوله عالم الأعمال المستند على القربى ونفوذ السلطة, يتسلم منصب رئاسة ادارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) في سورية, والتي يولج بها, احتكاراً وحصراً بيع السجائر في البلد, ولمدة عشر سنوات, انتقل بعدها لرئاسة البنك العقاري السوري, الذي تولى المسؤولية عنه وبسلطة مطلقة, مدة ربع قرن, وقد اشتهر عنه طوال هذه الفترة انه كان لا يوافق على قرض لأحد إلا اذا أخذ نصفه, وقد حصل هذا مع رجل الأعمال السوري المعروف عثمان العائدي الذي طلب قرضاً بمليون دولار, تقاسمه مخلوف معه, والتزم العائدي بتسديد مليون بينما المبلغ الذي قبضه من القرض هو نصف مليون دولار, ويطلق رجال الأعمال في دمشق على محمد مخلوف لقب »نص القرض« لمقاسمته المقترضين بمقدار نصف ما يقترضونه من أموال.
وقد أدى تدهور العلاقات بين الخال وابن اخته الرئيس, الى سحب الحراسات منه, فقد سبق لمحمد مخلوف ان أخذ 255 جنديا من الجيش وفرزهم لحراسة وخدمة شركاته (الغاز, والكهرباء, والهواتف, والمدرسة الاجنبية, والسوق الحرة في مطار دمشق) الى جانب مزارعه وبيوته في المصايف السورية, وفي قرية القرداحة مسقط رأسه, وسكنه الخاص في شارع عدنان المالكي في منطقة ابو رمانة الفاخرة في دمشق, وهو كناية عن بيت مصادر من أحد المواطنين السوريين من أيام التأميم, والى جانب الحراسة, كان هؤلاء الجنود يعملون سواقاً لسيارات مخلوف, ويقومون بغسيلها وتنظيفها كل يوم على مرأى من المواطنين, الأمر الذي كسر معنويات الجيش, المفروض ان وظيفته السامية هي الدفاع عن الوطن وتأمين سلامة مواطنيه, لا غسيل سيارات محمد مخلوف وحراسة بيوته ومزارعه وشركاته, ولقد أمر الرئيس الأسد بسحب كل هؤلاء الجنود من خاله وإرجاعهم إلى الثكنات, بعد ان أخذ المواطنون يشفقون عليهم وهم يرونهم يغسلون السيارات ويخدمون في الوظائف الوضيعة والهابطة.
وتؤكد المعلومات ان محمد مخلوف يملك 540 سيارة, وزعها على شركاته وكبار موظفيه للاستخدام الشخصي, وتسير على الطرقات السورية بلوحات »ادخال موقت« ولونها أصفر, اذ لم يكن يدفع الرسوم الجمركية عليها, الى جانب امتلاكه ل¯ 45 سيارة لاستخدامه واستخدام عائلته, والمقربين منه تم ادخالها ايضا من دون دفع رسومها الجمركية وتحمل لوحات صادرة من القصر الجمهوري.
على صعيد آخر ذي صلة, أفادت معلومات دمشق ان البلد يعاني من ضائقة اقتصادية حادة, فإلى جانب البطالة التي تضاعفت بعودة العمال السوريين من لبنان, فإن أسواق الحميدية, وطريق الصالحية, وباب شرقي, والحريقة, والبزورية, ومدحت باشا, وهي من أسواق العاصمة السورية العريقة والقديمة, تعاني من كساد شبه تام, إذ غاب عنها اللبنانيون الذين كانوا يرتادونها يومي السبت والاحد في نهاية الاسبوع, ويتبضعون منها, مستفيدين من انخفاض الأسعار, كما ان بائعي الحلويات في المرجة يعانون هم الآخرون من الكساد لنفس الأسباب.
والى جانب الزبائن اللبنانيين الذين غابوا كلية عن الأسواق الدمشقية, هناك المواطنون السوريون أنفسهم, الذين يترقبون أياماً صعبة, فامتنعوا عن ارتياد هذه الأسواق وشراء الكماليات منها, وحصروا انفاقهم بشراء المواد الضرورية, وهي المتصلة بطعامهم وشرابهم, مؤثرين ادخار بعض الأموال لمواجهة الأيام الصعبة تلك, والتي باتوا يترقبون مجيئها باقتناع تام. اضافة الى ذلك, وفي أجواء الفساد والكساد, انتشرت عمليات السرقة الليلية, سجل منها عملية سطو على احد محال بيع الالكترونيات, وتمت سرقة اجهزة التلفزيون والفيديو منه, عن طريق تكسير الأقفال وفتحها بالحرارة الكهربائية.
وبسؤال مواطن دمشقي عن الأحوال أجاب: الأوضاع الاقتصادية متردية, لا شغل ولا فرص عمل, واذا اراد مواطن طلب رخصة مطعم اشترط عليه رامي مخلوف, ابن خال الرئيس, ان يدفع له نصف عائداته, وإلا لن تعطى له الرخصة