ستوصي
مجلس الأمن بتشكيل محكمة خاصة وفرض عقوبات صارمة تبلغ حد استخدام القوة
لجنة التحقيق الدولية تستجوب الأسد ولحود
لندن - من حميد غريافي:
برلين - من مروان علي:
بيروت - »السياسة«:
واشنطن - الوكالات:
تراجعت السلطات اللبنانية
بعد يوم واحد من حملة الانتقادمشق وعلى رأسهم الرئيسين السوري بشار الأسد
واللبناني اميل لحود.
وكشفت المصادر ان تقرير اللجنة المرتقبة سيوصي حتماً مجلس الأمن بتشكيل محكمة
خاصة لمحاكمة المتورطين بالاضافة الى فرض عقوبات قاسية عليهم تلامس حدود
استخدام القوة العسكرية.
وفي هذا السياق برز تطور لافت حيث عبرت ست سفن حربية أميركية بينها حاملة
الطائرات »هاري ترومان« أمس قناة السويس قادمة من الخليج ومتوجهة الى مياه
البحر الأبيض المتوسط للتمركز هناك.
وأعلن مسؤول في هيئة القناة طالبا عدم كشف هويته: »رافقت حاملة الطائرات هاري
ترومان التي تبلغ حمولتها 112 الف طن, مدمرتان وفرقاطتان وسفينة تموين«.
وأضاف المسؤول ان »سبع سفن جر تابعة لهيئة القناة رافقت حاملة الطائرات خلال
عبورها القناة التي توقفت فيها حركة نقل الركاب بين ضفتيها وحركة قوارب الصيد
الصغيرة لساعات عدة«.
وعلى الاثر اصدر الاسطول الخامس الاميركي المتمركز في البحرين بيانا يوضح ان
الحاملة هاري ترومان انهت في 20 مارس مهمتها في الخليج وستحل محلها حاملة
الطائرات كارل فينسون التي تعمل بالدفع النووي.
وكشف راديو »سوا« الاميركي عن أن الحاملة ترومان بالاضافة الى حاملة أخرى
ستتوجه الى المنطقة قريباً سيعهد اليهما القيام بعمليات عسكرية ما ضد إيران
وسورية.
ولم يوضح المصدر ما هية العمليات أو حدودها.
وكانت »السياسة« أشارت خلال الشهر الجاري الى ان حاملات طائرات أميركية
ستتوجه الى المتوسط للاشراف على عقوبات نفطية صارمة ستطبق بحق سورية تمهيداً
لتغيير نظام دمشق.
في غضون ذلك اكد مصدر ديبلوماسي خليجي في الامم المتحدة في نيويورك ل¯
»السياسة« ان تقرير مدير شرطة ايرلندا السابق بيتر فيتزجيرالد رئيس لجنة تقصي
الحقائق في اغتيال الحريري سيضع الرئيس السوري بشار الاسد مباشرة في مواجهة
لجنة التحقيق الدولية التي اقترح التقرير تشكيلها بقرار من مجلس الامن, والتي
قد تنهي مهماتها في منتصف مايو المقبل باقتراح تشكيل محكمة دولية خاصة على
غرار محكمة مجرمي الحرب اليوغسلافيين وفي طليعتهم رئيس يوغسلافيا سلوبودان
ميلوسيفيتش, استنادا الى المادة السابعة من ميثاق الامم المتحدة التي تجيز ¯
في حال رفض اي دولة التقيد بقرارات لجنة التحقيق ¯ »استخدام كل الوسائل بما
في ذلك القوة العسكرية«.
واثار تحميل التقرير سورية بشكل مركز ¯ مع اجهزة الاستخبارات اللبنانية ¯
»المسؤولية الاساسية في الثغرات الامنية وعدم قدرتها على فرض الامن وتطبيق
القانون (...) ومشاركة جهاز الاستخبارات السورية في هذه المسؤولية لانه يساهم
في ادارة الاجهزة الامنية اللبنانية«, غضب وقلق دمشق التي وصفت هذه الاتهامات
ب¯ »المخطط التاˆمري الكبير«, نافضة يديها ¯ على ألسنة بعض مسؤولي حزب البعث
من الدرجة الثانية ¯ من الرواية التي ذكرها فيتزجيرالد في تقريره بأن »الاسد
ابلغ الحريري بعدما ذكره بطلبه عدم التمديد للرئيس اميل لحود في سبتمبر
الماضي, بأن هذا الاخير هو ممثله الشخصي في لبنان وانه (الاسد) يفضل ان »يكسر
لبنان على رأسي الحريري ووليد جنبلاط على ان تكسر كلمته في لبنان«, مضيفا ان
»الاسد هدد الحريري وجنبلاط بالايذاء الجسدي (القتل) اذا اعترضا على
التمديد«, معقبا (التقرير) على هذه الرواية التي كان جنبلاط نفسه ذكرها اكثر
من مرة في وسائل اعلام خارجية, بقوله: »ان الحريري اغتيل في لحظة حساسة من
صراعه مع سورية«, وهو ¯ الى جانب الرواية ¯ يضع بشار الاسد شخصيا ومباشرة في
قفص اتهام لجنة التحقيق المقبلة.
ولمجرد اعلان دمشق رسميا بعد ساعات قليلة من تلقيها نص تقرير لجنة تقصي
الحقائق من كوفي عنان, انها بدأت »حملة من الاتصالات الدولية الديبلوماسية
باتجاه الدول الاعضاء في مجلس الامن وخصوصا روسيا والصين«, قبل انعقاد المجلس
للتصويت على تشكيل لجنة التحقيق الدولية, يتأكد مدى جدية مخاوف نظام حزب
البعث على مصيره, والرئيس السوري نفسه على امكانية وصوله الى مواجهة مأساوية
مع الامم المتحدة اذا رفض مرة اخرى ¯ كما ذكر تقرير لجنة تقصي الحقائق انه
»رفض الاجتماع مع اللجنة« ¯ استقبال اعضاء لجنة التحقيق لتقديم ردود على
اسئلة تقرير فيتزجيرالد, وخصوصا على رواية تهديده للحريري ب¯ »فك رقبته« كما
ذكرت صحيفة »هاˆرتس العبرية اذا لم يوقع كرئيس للحكومة على قرار التمديد
للحود.
وكشف الديبلوماسي الخليجي النقاب كذلك عن ان عددا كبيرا من المسؤولين
السياسيين والامنيين والعسكريين اللبنانيين, سلم فيتزجيرالد لائحة دقيقة
ومفصلة بأسمائهم ورتبهم وعلاقاتهم بموضوع التحقيقات في جريمة الاغتيال,
»سيكونون مضطرين للخضوع لاستجوابات فريق لجنة التحقيق الدولية, من بينهم
الرئيس اميل لحود ووزراء عدله عدنان عضوم وداخليته سليمان فرنجية ودفاعه
عبدالرحيم مراد وخارجيته محمود حمود, وقادة اجهزته الامنية الستة المتهمين
اما بالتقصير او بالتواطؤ في الجريمة, بالاضافة الى قائد الجيش العماد ميشال
سليمان بصفته المسؤول المباشر عن مديرية الاستخبارات العسكرية برئاسة ريمون
عازار ومدير جهاز التنصت فيها « التي يعتقد الكثيرون انها تتلقى اوامرها من
لحود نفسه وليس من قائد الجيش«.
ونقل الديبلوماسي في اتصال به من لندن عن ديبلوماسي اميركي في المنظمة
الدولية قوله ان »جو تقرير لجنة تقصي الحقائق العابق بروائح كريهة وارتكابات
وتلاعبات وسوء نوايا وعرقلة كشف الجريمة« سيفضي حتما الى تشكيل مجلس الامن
لمحكمة خاصة لمحاكمة من تثبت لجنة التحقيق الدولية ضلوعه في حيثياتها, واننا
على ابواب مشاهدة محاكمة شبيهة بمحاكمة ميلوسيفيتش وعدد من قادته امام محكمة
مجرمي الحرب اليوغسلاف«.
إلا ان الديبلوماسي الاميركي كان اكثر تركيزا على »امكانية حقيقية في جر رؤوس
سورية كبيرة وغير متوقعة الى تلك المحكمة, وهو امر ندركه سلفا ان السوريين
سيرفضونه, بحيث يفرض مجلس الامن عقوبات من نوع اˆخر قاسية جدا وملامسة حدود
استخدام القوة تطبيقا للمادة السابعة من ميثاق الامم المتحدة«.
واعرب الديبلوماسي الخليجي ل¯ »السياسة« عن اعتقاده »ان تنفذ ادارة الرئيس
جورج بوش كل مطالبها من بشار الاسد من خلال لجنة التحقيق الدولية هذه, والا
واجه نظامه البعثي برمته خطر التحلل والتفكك كما حدث لنظامي صدام حسين وميلو
سيفيتش«.
وفي هذا السياق اوضح خبراء قانونيون اوروبيون ان كل من يثبت تورطه في الجريمة
سيقدم الى محكمة الجنايات الدولية وان الحصانة الديبلوماسية لن تشفع لاحد
طالما تورط في اعتداء على الانسانية وبغض النظر عن مركزه ومنصبه في دولته.
وكانت المعارضة اللبنانية ردت على انصياع الحكم والموافقة على تشكيل لجنة
تحقيق دولية بالتأكيد على ضرورة استقالة جميع قادة الاجهزة الامنية حتى تتمكن
اللجنة من القيام بمهامها وفق حيثيات تقرير فيتزجيرالد.
وقال زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مؤتمر صحافي عقده
في مقره في المختارة في قلب منطقة الشوف الجبلية »لجنة التحقيق لا تستطيع ان
تقوم بمهمتها بشفافية وموضوعية اذا بقي قادة الاجهزة الامنية في مواقعهم
ليرحلوا عنا... سيف العدالة الدولية سيبقى فوق رؤوسهم«.
ورأى جنبلاط في ردود السلطة الاولية على التقرير »بعثرة وهلعا وخوفا لان
النظام الامني ينهار«.
وقال »لذلك يهددوننا. يقولون لنا نعم سننهار ولكن سندمر البلد فوق رؤوسكم«
واضاف »هذه لعبة لم تعد تنطلي على احد نعلم ان السيارات المفخخة هم الذين
يزرعونها« في اشارة الى عمليتي التفجير اللتين وقعتا في 18 و 23 مارس في شمال
بيروت.
واكد جنبلاط ان استمرار الاجهزة في مسلسها الدموي لن يدفع المعارضة الى »طلب
تدخل عسكري دولي«.
وقال »لدينا الجيش اللبناني اذا احكم قبضته على المخابرات وطهرها من العناصر
الفاسدة نستطيع ان نحمي انفسنا«.
وردا على سؤال عن تخوف وزير الدفاع عبدالرحيم مراد من وقوع فراغ امني مع
انسحاب الجيش السوري قال »لا اتخوف من فراغ امني اتخوف من محاولات عرقلة
الامن من قبل وزير الدفاع والاجهزة التابعة له«.
في تطور متصل كشفت مصادر في المعارضة ل¯ »السياسة« ان التحول في مواقف اركان
السلطة بمن فيهم قادة الاجهزة مرده الى انهم اصبحوا في قبضة العدالة الدولية.
وقالت ان السلطة اللبنانية بجميع رموزها اصبحت تحت مجهر هذه العدالة ولم يعد
بمقدورها المناورة والتسويف في قضية الجريمة بعدما أصبحت المبادرة بيد مجلس
الأمن الدولي وباتت سلطة الامر الواقع في لبنان معراة تماما والكل يحاول
تبرئة نفسه من مسؤولية الجريمة.
ولفتت هذه المصادر الى ان السلطة ستضطر عاجلا ام اجلا الى الاستجابة لشروط
المعارضة باقالة قادة الاجهزة الامنية او على الأقل وضعهم في ظل تدبير اداري
معين يتم من خلال تعليق مهامهم الوظيفية الى حين جلاء الموقف في شأن جريمة
الاغتيال سيما وان تقرير لجنة تقصي الحقائق لفت الى انه يصعب الوصول الى
نتيجة في التحقيقات اذا بقيت هرمية الاجهزة الامنية على ماهي عليه.
واعتبرت مصادر المعارضة الى ان ازدياد الضغوطات الدولية على لبنان بعد صدور
تقرير لجنة تقصي الحقائق ستفرض نفسها على الوضع الحكومي, سيما وان الرئيس
المكلف عمر كرامي يتجه الى الاعتذار عن تشكيل الحكومة لان المعارضة رفضت
الاشتراك في هذه الحكومة وبالتالي ستجد السلطة نفسها امام الحائط المسدود
وليس امامها لاحقا الا الاستجابة التامة لكل مطالب المعارضة واحد تلو الاخر
وفي هذا الإطار جاء إعلان البطريرك الماروني مار نصر الله صفير امس ان »الفجر
بدأ يطل.. واننا نراه بهياً«.ات التي شنتها على تقرير لجنة تقصي الحقائق في
اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري لتتعهد بالتعاون مع الأمم المتحدة
في »أي صيغة« تعتمدها لكشف ملابسات الجريمة وذلك تحت إصرار المعارضة على
الإسراع بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة, وأكدت مصادر مطلعة في مقر الأمم
المتحدة ل¯ »السياسة« ان اللجنة المنتظرة ستستجوب شخصيات كبيرة في نظامي
بيروت ود |