بيروت- »السياسة«:
سقط ثلاثة قتلى و18 جريحاً حسب احصاء اولي, في انفجار عبوتين مزروعتين
داخل حافلتي ركاب من الحجم المتوسط »ميكروباص« خلال سيرهما صباح امس, في
بلدة عين علق قرب بكفيا في جبل لبنان.
وافادت معلومات امنية خاصة ل¯»السياسة« بان الشحنتين الناسفتين عبارة عن
عدد كبير من الكريات تغلف كمية من المواد المتفجرة وموضوعة بين المقاعد
الخلفية, في حين رجح خبراء امنيون ان تكون العبوات مزروعة في حقائب خاصة
تركها ركاب صعدوا الى الحافلتين وما لبثوا ان غادروهما, بدليل اكتشاف
بقايا جلدية ومن النايلون في مكان الانفجارين اللذين وقعا بفارق سبع
دقائق بينهما ما يعزز الاعتقاد بان العبوتين فجرتا عن بعد.
وحول اهداف عملية التفجير التي روعت منطقة المتن الشمالي اجمعت المصادر
الحكومية على ان عدة اهداف تتقاطع في هذا المجال, ابرزها ان الحافلتين
انطلقتا من بلدة بتغرين وهي مسقط رأس وزير الداخلية الياس المر الذي اشرف
على ضبط شاحنة الاسلحة المهربة الى لبنان قبل بضعة ايام, وفيها ايضاً
مراكز لعدد من الاحزاب بينها الحزب السوري القومي الاجتماعي, كما ان خط
سير الحافلتين يمر في بلدة بكفيا حيث يقيم الرئيس امين الجميل الذي وصل
صباح امس الى لبنان عائداً من واشنطن التي عقد فيها سلسلة اجتماعات مع
مسؤولي الادارة الاميركية وتوجها بلقاء مع الرئيس جورج بوش ثم ان
الحافلتين كان مقرراً لهما ان تصلا الى منطقة الدورة القريبة من ساحة
الشهداء في بيروت حيث تشارك اليوم الحشود الشعبية في احياء ذكرى اغتيال
الرئيس رفيق الحريري, علماً ان الحافلتين كانتا مستأجرتان ايضاً لنقل عدد
من المشاركين الى ساحة الشهداء.
وفي الوقت الذي تعددت فيه التكهنات حول مرتكب هذه الجريمة الجديدة بحق
مواطنين ابرياء قتلوا او اصيبوا بجراح خطيرة وبعضهم تقطعت اوصاله وقسم
منهم فوق ال¯15 عاماً من عمره, تساءلت المصادر عن المستفيد من وراء هذه
الجريمة خاصة وان التفجير حدث غداة ظهور حلحلة في العقد المتأزمة التي
استحكمت بالازمة اللبنانية خاصة على صعيد المحكمة الدولية وحكومة الاتحاد
الوطني حسبما قال وزير الاتصالات مروان حمادة, وبان المرحلة انفتحت
ابوابها على الحل السياسي على ما اعلن »حزب الله«.
استنكار دولي
الولايات المتحدة الاميركية دانت بشدة ما اسمته الهجوم البربري على
مدنيين لبنانيين ابرياء وقد اصبح في عداد الاموات والجرحى طلاب كانوا في
طريقهم الى الجامعة وموظفون ذاهبون الى اعمالهم, واضافت في بيان وزعته
سفارتها في بيروت عشية الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري: ننظر
الى هذا الهجوم كمحاولة للتهويل واسكات اللبنانيين العازمين على الوصول
الى رؤيتهم للبنان سيد ومستقل وديمقراطي, واعلنت الولايات المتحدة وقوفها
بثبات مع الشعب اللبناني ودعمها الحكومة اللبنانية. وكان السفير الاميركي
جيفري فيلتمان قال بعد لقائه وزير الخارجية بالوكالة اننا مثل كل
اللبنانيين صدمنا بما حصل ونحن مستعدون للمساعدة في اي شيء يمكن ان نقدمه
واعرب عن ثقته بالتحقيق اللبناني وبالقوى الامنية.
بدورها دانت وزيرة خارجية بريطانيا مارغريت بيكر الجريمة وقالت ان توقيت
هذا العمل لقتل ابرياء دوت تمييز يهدف بشكل واضح الى خلق مزيد من التوتر
في مرحلة حساسة جداً, وكررت دعم بريطانيا لكل الذين يعملون على تعزيز
الوحدة الوطنية في لبنان وللجهود المبذولة لتخطي الوضع السياسي المتأزم
من خلال الحوار السلمي.
من جهته دان وزير الخارجية الفرنسية فيليب دوست بلازي تفجير الحافلتين
معتبراً انه عمل »شنيع وجبان« داعياً اللبنانيين الى رص الصفوف وعدم
الوقوع في الفخ الذي ينصب لهم.
وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك اتصل لهذه الغاية بكل من رئيس الحكومة
فؤادالسنيورة والبطريرك نصر الله صفير.
لجنة التحقيق الدولية
رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وجه رسالة الى امين عام الامم المتحدة بان كي
مون طالبه فيها بان تقدم لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس
الحريري دعماً تقنياً في التحقيقات الجارية في جريمة التفجير, وكان
السنيورة ترأس اجتماعاً استثنائياً لمجلس الامن المركزي جرى خلاله عرض
المعلومات المتوافرة حول هذه الجريمة, وقال وزير الداخلية حسن السبع عن
الاجتماع ان التركيز تمحور حول كيفية حصول التفجيرين,مشيراً الى ان رئيس
الحكومة طلب من قادة الاجهزة التشدد في الاجراءات اليوم الاربعاء في ما
يتعلق بالمواصلات والطرقات والساحات التي ستحيي ذكرى استشهاد الحريري,
كما كشف السبع عن خطة امنية متكاملة لحماية المشاركين في 14 فبراير.
مواقف محلية
رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ارسل امس وفداً ناب عنه في وضع اكليل من
الزهر على ضريح الرئيس رفيق الحريري علق على جريمة تفجير الحافلتين
قائلاً ان ايادي التخريب والقتل والارهاب في حالة من الجهوزية المستمرة
لاغتيال كل فرص لبنان الممكنة للنهوض من النتائج الكارثية المتتالية التي
تستهدف بلدنا, واضاف اننا في الوقت الذي نحاول فيه التأهب للدخول في حالة
من التفاهمات ونسق الخلافات واعادة بناء الثقة, تأتي جريمة اليوم كمحاولة
لابقاء النظام العام, خاصة الامني, في حالة من الاضطراب والقلق, ودعا
اللبنانيين للتنبه من ان اعداءهم يريدون اعادة لبنان الى الوراء واشاعة
الفوضى وايقاع الفتن.
من جهته استنكر رئيس كتلة »المستقبل« النيابية سعد الحريري جريمة عين علق
وقال ان الهدف منها هو التهويل وارهاب الناس موضحاً ان الفاعلين وصلوا
الى مرحلة الافلاس السياسي ولا يعرفون الا منطق القتل والارهاب والتعرض
للناس, وخاطب الحريري جميع اللبنانيين والسياسيين دون ان يتهم احداً, ان
المحكمة الدولية هي التي تحفظ حق الشعب اللبناني وتحميه من الاغتيالات
السياسية, فلنحافظ على المحكمة ونصوت عليها حتى نوقف هذا المسلسل. فالمهم
ان تمر هذه المحكمة كي لا نصل الى محكمة دولية تحت البند السابع.
رئيس الجمهورية اميل لحود اعتبر ان المجزرة التي وقعت رسالة تستهدف بوضوح
المساعي المبذولة للتوافق بين اللبنانيين وانهاء الازمة الراهنة في
البلاد.
اما الرئيس امين الجميل فرأى في الانفجارين رسالة من الرسائل الدموية لن
ترهبنا والمسيرة الاستقلالية مستمرة, وشدد على ضرورة التمسك بالمحكمة
الدولية وعلى وضع السلاح بيد الشرعية وتقوية القوى الامنية والقضائية.
النائب ميشال المر وصف ما حدث بانه رسالة الى الشعب اللبناني كله مشدداً
على ضرورة الحزم في مكافحة الذين قاموا بهذا العمل الارهابي واكد على
ضرورة توحيد المواقف وحل الازمة الداخلية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية
فيما رأى النائب السابق نسيب لحود في الجريمة اغتيالاً بشعاً وراءه النية
الاجرامية الكبيرة التي تحاول بشتى الوسائل بث الرعب والارهاب والموت في
صفوف اللبنانيين.
بدوره قال النائب السابق فارس سعيد في تصريح ل¯»قدس برس« ان ما حصل رسالة
ارهابية اجرامية هدفها توجيه رسائل للرئيس امين الجميل ووزير الدفاع
الياس المر ووجه اصابع الاتهام الى سورية وقال ان لسورية مصالح كثيرة في
القيام بمثل هذه الاعمال فهي تريد خلط الاوراق في لبنان بعد ان وصلت
سياستها الى افق مسدود, فقد تم حل المأزق الفلسطيني بعيداً عنها, وكذلك
الشأن بالنسبة للازمة اللبنانية حيث هناك بوادر لمخرج سياسي من الازمة,
وبقيت سورية في عزلة بعيداً عن اي تأثير.
وقال رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ان البعض وصل
باجرامه الى هذا الحد لكن في كل الاحوال هذا الحادث لن يزيدنا الا
التزاماً وتصميماً اكبر والمضي قدماً حتى الوصول بلبنان الى شاطئ الامان.
واضاف ان بتغرين هي بلدة وزير الدفاع الياس المر وبكفيا بلدة الرئيس امين
الجميل والمتن الشمالي كانت في الطليعة في مواجهة اعداء لبنان.
ودعا النائب هنري حلو اللبنانيين للرد على الجريمة بالنزول اليوم الى
ساحة الشهداء بكثافة والالتفاف حول قوى 14 آذار في المطالبة باقرار
المحكمة الدولية فيما استنكر النائب بطرس حرب جريمة التفجير معتبراً انها
تدل على الروحية الاجرامية عند الذين يريدون تدمير ثورة الارز, فهؤلاء
مستعدون لارتكاب انواع الجرائم كافة بحق المواطنين الابرياء.
النائب سليم سلهب قال ان الجريمة وحشية وهدفها سياسي لان لبنان كان بوضع
حواري متقدم والمقصود منها هو تفجير الحوار.
العلامة السيد محمد حسين فضل الله دان الجريمة مبدياً خشيته من ان يكون
ذلك جزءاً من الاسلوب الدامي والوحشي الذي يراد من خلاله اثارة الفوضى في
لبنان على صورة ما يجري في مواقع اخرى لكي تستفيد الخطوط المخابراتية من
دماء الابرياء في عملية خلط للاوراق يستفيد منها الاستكبار الصهيوني
والاميركي في نهاية المطاف داعياً اللبنانيين لحماية واقعهم الامني
والسياسي والتحرك بمسؤولية ووعي لمنع المجرمين من التأثير سلباً على
المناخات الايجابية التي برزت أخيراً.
من جهته قال نائب »حزب الله« حسن الحاج حسن انه عشية الذكرى الثانية
لاغتيال الحريري وفي الوقت الذي يحاول فيه اللبنانيون بمساعدة اشقائهم
التوصل الى حلول للازمات السياسية وفي الوقت الذي يعاني فيه اللبنانيون
من تراكم الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تمتد يد الغدر
والفتنة الى المواطنين الابرياء والعزل. فيما علق النائب عن »حزب الله«
حسن فضل الله على التفجيرين قائلاً ان اللبنانيين كلهم شعروا بانهم
مستهدفون وما حدث جريمة مروعة استهدفت الابرياء.
وندد النائب الياس سكاف باستهداف اللبنانيين الابرياء واصفاً الجريمة
بانها تضيف اسلوباً كاد ينساه اللبنانيون, ورأى النائب ابراهيم كنعان ان
استهداف المواطن غير مسموح وان كل لبنان مستهدف, وبوحدتنا نقف ضد هذه
المخططات. |