قادة الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية سيواجهون محاكمة دولية

 تقرير فيتزجيرالد عن اغتيال الحريري:

دمشق وبيروت في دائرة الاتهام!

  050322

دمشق - باريس - خاص:
عطفاً على إشارة الزعيم اللبناني المعارض وليد جنبلاط والنائب بهية الحريري أول من أمس الى ان تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول ظروف وملابسات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري سيتضمن معلومات غير سارة لدمشق ولسلطتها التابعة في بيروت, نقل المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية (تنظيم معارض) عن ديبلوماسي فرنسي قوله في باريس ان اللجنة ستوجه اتهاماً صريحاً للأجهزة السورية واللبنانية بإخفاء أدلة, والى ان هناك توصية بتشكيل لجنة دولية, بقرار من مجلس الأمن, للتحقيق مع مسؤولين سوريين ولبنانيين دون أي اعتبار لموقعهم الوظيفي.
وأضاف الديبلوماسي الفرنسي ان اللجنة التي يرأسها الضابط الايرلندي فيتزجيرالد ستضع بين يدي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان, بعد عودته من الجزائر حيث من المقرر ان يحضر الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية اليوم, معلومات »ستشكل صدمة كبيرة للنظام السوري وحلفائه في لبنان« مشيراً الى »ان التوصيات التي سيتضمنها التقرير, والتي من شبه المؤكد ان يأخذ بها مجلس الأمن بعد تحويلها له من قبل الأمين العام, سيكون من شأنها اذا ما حولها المجلس الى قرار رسمي ان تضع النظامين السوري واللبناني في وضع قانوني شبيه بوضع قادة صرب البوسنة, وليس من المستبعد أبداً ان يصبح بعضهم جيرانا لميلوسوفيتش«!
وفي التفاصيل, قال المصدر الديبلوماسي الفرنسي الذي تسنى له الاطلاع على مسودة التقرير, ان التقرير سيؤكد على النقاط التالية:
»ان الأجهزة الأمنية اللبنانية عملت منذ اللحظات الاولى للانفجار على طمس وإخفاء الكثير من العناصر بقصد تضليل التحقيق وحرفه عن مساره الطبيعي«.
»ان الشريط الذي بثته فضائية »الجزيرة« لمدعي القيام بالعملية أحمد أبو عدس, وقد حصلت اللجنة على نسخة منه, يرجح أن يكون فيه الصوت مركبا على صورة أبو عدس بطريقة المونتاج. بمعنى أن الصورة له والصوت لغيره«!
»ان أحمد أبو عدس, طبقاً للمعلومات التي حصلت عليها لجنة التقصي من ذويه ومن مصادر أخرى, كان معتقلا في سورية خلال شهر فبراير الماضي«.
»ان هناك نفقا بالفعل يربط بين أوتيل السان جورج والملحق التابع له في الجهة الأخرى من الطريق, بعكس ما ادعت أوساط رسمية لبنانية نفت وجوده«, وان هذا النفق »جرت محاولات أمنية لبنانية حثيثة لطمس وتخريب المعالم التي تشير الى وجوده في طرفيه (من جهة الأوتيل وجهة الملحق)«.
»ان العبوة المتفجرة وضعت في النفق المشار اليه, وتم تفجيرها سلكيا, وليس بواسطة سيارة مفخخة«.
»ان المادة المتفجرة مباعة إلى عدد من الجيوش الشرق أوسطية التي تعتمد على السلاح الأوروبي الشرقي, وبشكل خاص روسيا, ومعها كوريا الشمالية التي تعتمد المواصفات والمقاييس الصناعية نفسها المستخدمة في البلدان المشار اليها«.
»ان المادة المتفجرة هي في الواقع مادتان ممزوجتان معاً«.
»ان بعض المعلومات المهمة جداً حصلت عليها اللجنة من ضابط سوري التقته سراً في بيت معارض لبناني كبير خارج بيروت, وقد تولى هذا الأخير تأمين احضاره بطريقة أمنية معقدة«.
وفيما يتعلق بالتوصيات التي خلص اليها التقرير, اشار المصدر الى ان مسودته تضمن بشكل صريح توصية بتشكيل لجنة دولية كاملة الصلاحية, وهو بالتعبير القانوني »لجنة لها صلاحيات ودور قاضي التحقيق في محكمة الجنايات الدولية«. الا ان هذا يبقى من صلاحيات مجلس الامن الدولي. وعلى الارجح ان هذا ما سيطالب به كوفي عنان في تقريره الذي سيعده لصالح المجلس اذا ما كانت الولايات المتحدة وفرنسا, ومن ورائهما بقية الدول الاوروبية, مصرتان على المضي في القضية الى نهايتها المنطقية المفترضة.
وردا على سؤال تم توجيهه الى المحامي الفرنسي وليم بوردون, الامين العام السابق للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان والمتخصص في القضايا الجنائية, حول صلاحية اللجنة المذكورة في حال صدر قرار من مجلس الامن بتشكيلها, قال بوردون: »ان اللجنة يكون لها في هذه الحالة صفة قاضي التحقيق في محكمة الجنايات الدولية, الامر الذي يعني انه سيكون لها صلاحيات التحقيق مع اي شخص ترى في التحقيق معه فائدة من شأنها المساعدة في الوصول الى حقيقة مدبري الجريمة ومنفذيها, بغض النظر عن مواقعهم الوظيفية, سواء داخل لبنان او خارجه«.
واضاف بوردون: »لكن, هذا من غير المنطقي ان يكون الا في اطار تشكيل محكمة تتولى القضية بمراحلها كافة, بدءا من التحقيق وانتهاء باصدار الاحكام, مرورا باصدار استنابات واوامر اعتقال بحق من يراه المدعي العام في المحكمة ضالعا في الجريمة. وبالنظر الى ان الولايات المتحدة ترفض الاعتراف حتى الآن بمحكمة الجنايات الدولية, فالارجح هو ان يتم تشكيل محكمة خاصة بالقضية على غرار المحاكم التي تولت قضايا الابادة الجماعية في بعض البلدان الافريقية كرواندا. وليس من المستبعد ان تعطى المحكمة صلاحية التحقيق في جرائم اخرى سابقة«.
ولدى السؤال عن الشخصيات المرشحة للمثول امام لجنة التحقيق في حال تشكلت محكمة من هذا النوع, قال المصدر الديبلوماسي الفرنسي: »ان قادة الاجهزة الامنية اللبنانية كافة, فضلا عن وزير الداخلية سليمان فرنجية, سيكونون اول من يمثل امام اللجنة. اما بالنسبة للشخصيات السورية, فإن العميد رستم غزالة قائد جهاز المخابرات السورية في لبنان, والعميد جامع الجامع, مسؤولها في بيروت, سيكونان في طليعة من سيتم التحقيق معهم. لكن وبالنظر الى ان الشخصين المذكورين تابعان لقيادة عليا, فان قيادتهما في دمشق ستخضع للاستجواب ايضا.