مشروع أوروبي لتحويل لبنان »وطناً قومياً« لمسيحيي الشرق الأوسط
يُعقد منذ مساء الثلاثاء الفائت في أحد الفنادق السويسرية في ضواحي جنيف مؤتمر محاط بالسرية القصوى يضم شخصيات روحية ومدنية مسيحية من كل من لبنان والعراق وسورية والاردن ومصر بحضور ممثلين عن الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية والكلدانية والآشورية, لتدارس مصير الأقليات المسيحية في دول العالم الاسلامي في ضوء ما يتعرض له مسيحيو العراق من تنكيل وتهجير وطرد وإبعاد عن مدنهم وقراهم وممتلكاتهم في شمال العراق, وخصوصا في مركز ثقلهم بمحافظة نينوى التاريخية ذات الغالبية المسيحية وحتى في العاصمة بغداد. وكشفت مصادر في مفوضية العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي في بروكسل النقاب أمس الخميس عن ان ممثلين عن دول الاتحاد, وخصوصا عن المانيا وفرنسا وايطاليا واليونان واسبانيا وبلجيكا يشاركون في أعمال هذا المؤتمر المتوقع له أن يُنهي أعماله الاثنين المقبل باصدار اقتراحات أو توصيات تتعلق بمستقبل المسيحيين في كل من العراق وسورية والأردن ومصر على خلفية تصاعد المد السلفي الإسلامي المتطرف الداعي الى »الجهاد ضد الصليبيين النصارى والكفار«. وما يتعرض له مسيحيو العراق وأقباط مصر من سوء معاملة واضطهاد, ما أدى الى هجرة ثلث مسيحيي العراق تقريبا في عهد صدام حسين الى دول الغرب وفي العهد الراهن الجديد الى سورية ولبنان والاردن وبعض العواصم الاوروبية, والى خروج اكثر من مليونين و500 الف قبطي مصري من بلدهم الى دول العالم الغربي خلال السنوات العشرين الماضية. وأكدت المصادر الاوروبية في بروكسل ل¯ »السياسة« في اتصال بها من لندن ان الأمانة العامة للاتحاد الاوروبي بحثت في اغسطس الماضي في اجتماع دعت اليه الحكومتان الألمانية والفرنسية »السبل الآيلة الى كيفية الحفاظ على الهوية المسيحية في منطقة الشرق الاوسط وتحييد أقلياته المسيحية عن الصراع الإسلامي - الإسلامي الراهن المتمثل في جناحي المعتدلين المنفتحين على العالم والسلفيين الأصوليين الذين يبدو انهم يحققون يوماً بعد يوم مكاسب اضافية في الشارع العربي لأفكارهم ضد المسيحية الغربية التي من ضمنها مسيحية الشرق الأوسط وسواه«. وقالت المصادر الأوروبية ان المؤتمر الذي عقد حتى مساء الاربعاء ثلاث جلسات أو »حلقات حوارية جدية شارك فيها اكثر من 42 مندوبا عن المجتمعات المسيحية الشرق أوسطية, لم تشارك فيه الفاتيكان بشكل مباشر ولا الكنيستان الارثوذكسية في روسيا واليونان, كيلا تعطي مشاركتها هذه انطباعا طائفيا موجها ضد مسلمي المنطقة, إلا ان كل هذه الكنائس باركت المؤتمر وكانت على علم مسبق بانعقاده بل ساهمت في عقده بشكل جيد وجدي«. وأماطت المصادر الأوروبية ل¯ »السياسة« اللثام عن أن أهم بند وارد في ورقة العمل التي يبحثها المؤتمر تتركز حول »خلق ملاذ آمن لمسيحيي الشرق الأوسط في المنطقة نفسها يجب الا يقارن بدولة اسرائيل, الملاذ الآمن لليهود الاوروبيين والشرق أوسطيين والأفارقة والآسيويين, إذ لن يقوم الملاذ الآمن المسيحي على حساب اي شعب مسلم من شعوب المنطقة, وانما سيكون متلازما معه ومنصورا به وبمباركة معظم الدول العربية الحليفة للغرب. وقالت ان اقتراحات من فرنسا والمانيا وايطاليا وكنائس العراق وسورية والاردن »أجمعت كلها على ان يكون لبنان هو ذلك الملاذ خصوصا وان له خبرة طويلة في التعايش مع الطوائف الاخرى وفي كيفية ممارسة الديمقراطية الحقيقية وحقوق الفرد الى اي جهة انتمى, وذلك بعد ان يستعيد هذا البلد الحضاري في الشرق الاوسط والاكثر سلما وبحبوحة, سيادته واستقلاله كاملين خلال العام المقبل, بحيث تعود الامور فيه الى طبيعتها«. ونسبت المصادر الى مسؤول كبير في رئاسة الاتحاد الاوروبي قوله ان »مشروع تجميع الأقليات المسيحية في دول الشرق الأوسط الاسلامية في مكان واحد سيجري تبنيه من الاتحاد ومن الولايات المتحدة ودول العالم الحر, متى اصبح جاهزا, ومتى كانت الظروف مؤاتية لذلك, وسيطرح على مجلس الامن الدولي للتصويت عليه واقراره, واستصدار قرار بوضع هذا الملاذ الآمن تحت حماية الامم المتحدة الدولية, بحيث تتكفل اوروبا بهذه الحماية«. وقالت المصادر انه في حال اتخاذ هذا الموضوع شكله النهائي استنادا الى مداولات المؤتمر المنعقد حاليا في جنيف والى ما سيعقبه من مؤتمرات اخرى على ارفع المستويات تشارك فيها الكنائس الشرقية برمتها والفاتيكان التي »تحصل على ضمانات مسبقة من اوروبا واميركا ودول الغرب الاخرى بحماية هذا الوطن المسيحي الشرق أوسطي« فان عدد المسيحيين المقدر لهم ان ينتقلوا الى لبنان من العراق وسورية والاردن ومصر وبعض الدول العربية والخليجية الاخرى, قد يصل الى اربعة ملايين شخص بالاضافة الى المسيحيين اللبنانيين المقيمين والذين هاجروا منذ بداية الحرب البالغ عددهم نحو المليونين و300 الف, »وان الحكومة اللبنانية التي ستشكل بعد استعادة لبنان حريته واستقلاله اثر انسحاب الجيوش والميليشيات المسلحة الاجنبية منه, ستصدر مرسوما او قانونا باعادة الجنسية الى نحو 3 ملايين مسيحي لبناني هاجروا الى دول العالم في منتصف القرن الماضي, اي انهم ولدوا في لبنان, من اصل 12 مليونا موزعين في أقطار المعمورة, كانوا فقدوا جنسيتهم لأسباب طائفية لبنانية داخلية |