بين
جريمتي سيدة النجاة و14 شباط... "القوات" اتّهمت فحلّت و"حزب
الله"... حَكَم
7/18/2011
بيار عطاالله
توجيه القرار الاتهامي اصابع الاتهام في جريمة 14 شباط 2005 الى
عناصر من "حزب الله"، يعيد الى ذاكرة قسم كبير من المسيحيين
واللبنانيين توجيه أصابع الاتهام الى حزب "القوات اللبنانية"
بتفجير كنيسة سيدة النجاة غير المسبوق آنذاك في تاريخ المسيحيين
اللبنانيين والشرق الاوسط، مع مفارقة أساسية بين الحالتين أن "حزب
الله" اليوم يمسك بالسلطة والحكم في لبنان ويملك القدرة على مقاومة
الاتهامات الموجهة اليه والتصدي لاي قرار اتهامي او غيره، من دون
ان يصدر قرار عن الحكومة بحله واعتقال امينه العام السيد حسن نصر
الله. في حين ان حزب "القوات" بقائده وكوادره ومحازبيه كان يعيش
تحت وطأة الاتهامات والاغتيالات والاعتقالات الجماعية والتهديدات
المختلفة بـ"الغيوم التي تتجمع من الشرق"، كما كتب احدهم في
مذكراته واصفاً تلك المرحلة، والتي افضت بما يشبه المؤامرة الى حل
"القوات" واعتقال رئيسها.
يعود احد القياديين المسيحيين بالذاكرة الى تلك المرحلة مقيّماً
المقارنة بين حال المسيحيين في الدولة مع مطلع حقبة الطائف وما كان
من امر الظلم الذي تعرضوا له خلال 15 عاماً من القمع على يد نظام
الوصاية السورية، والمتعاونين معه تحت عناوين عدة، وموقف "حزب
الله" والمتعاونين معه حالياً في "8 آذار"، الذين يرفضون الاعتراف
بقرارات الشرعية الدولية ويقدمون مختلف الذرائع للالتفاف عليها
ونقضها ورفض تطبيقها. والأمر في رأي هذا القيادي لن يؤدي سوى الى
نتيجة واحدة انهيار ما تبقى من أسس الدولة وتقاليدها القانونية
ونظمها، تمهيداً ربما لاتهامها بالخروج على الشرعية الدولية او ما
يمكن اختصاره بالدولة المارقة.
في المقارنة بين الاتهامين ان قراراً سياسياً اتخذ على أعلى
مستويات الدولة اللبنانية وحاضنتها السورية مطلع التسعينات بضرب
تجربة حزب "القوات" ومعه كل الاحزاب المسيحية التي تم حظر انشطتها
ومطاردة ناشطيها، في حين ان لا قرار اليوم بضرب تجربة "حزب الله"،
بل ان قسماً كبيراً من معارضي سياسة الحزب لا ينفكون يرددون خطاباً
يدعو الى احترام التنوع ومواقف الآخر والتمييز بين من طالتهم
الاتهامات وبنية "حزب الله"، لكن منطق "الفصل والتمييز" هذا لم يجد
نفعاً في طمأنة الحزب الذي احتاط جيداً لغدرات الزمن، وأحسن
الافادة من دروس الماضي وعبره، وربما تجربة "القوات" المنحلة من
خلال الانخراط في العملية السياسية سواء على مستوى السلطة
التشريعية او السلطة التنفيذية، اضافة الى كل الادارات المدنية
والعسكرية والامنية التابعة للدولة، وفي شكل مؤثر وفاعل، وهو يرفض
تالياً المس بأي من كوادره. ويستمر القيادي في منطق المقارنة،
معتبراً ان "القوات" في تلك المرحلة اعلنت انخراطها الكامل في
العملية السلمية وقامت بحل اجهزتها العسكرية والامنية وتسليم قسم
كبير من اسلحتها الى السلطة اللبنانية الناشئة، مما جعلها مجردة من
اي قدرة على المبادرة او الاعتراض على المستوى الميداني للحد من
القمع الذي تعرضت له. وهذا الأمر يختلف تماماً مع "حزب الله" الذي
يحتفظ بقدراته العسكرية والأمنية الضخمة التي تمكنت من مواجهة
اسرائيل، والحزب يعمل على تطوير هذه الآلة باستمرار وبما يقارن مع
أكبر القوى العسكرية الاقليمية، وهذا أمر يجب أخذه في الحسبان "لأن
الحق الى جانب السلاح ومن يملك القوة العسكرية بدليل ما جرى في
السابع من أيار وغيرها"، وتالياً لا امكان للمقارنة.
وفي المقارنة أيضاً، ان قرار حل حزب "القوات" في آذار 1994، استند
الى واقعة تفجير كنيسة سيدة النجاة قبل صدور اي حكم او قرار قضائي،
ومن دون اثبات ضلوع "القوات" ومناصريها في الجريمة التي لم تتضح
طبيعتها حتى اليوم، ومع الأخذ في الاعتبار طبيعة النظام القضائي
اللبناني الذي كان سائداً، بدليل المحاكمات التي جرت لاحقاً، وكانت
موضوع تنديد من منظمات حقوق الانسان العالمية لافتقارها الى الشروط
الموضوعية المعروفة عالمياً، وخصوصاً لجهة الشهود والوقائع، في حين
أن جريمة 14 شباط 2005 تشكل موضوع القرار الاتهامي، الصادر عن
المحكمة الخاصة بلبنان، الذي اتهم عناصر من "حزب الله". |