استوكهولم،
فالكنبرغ - من حبيب شلوق:
أعرب البطريرك
الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير عن أمله في ان تصبح سياسة لبنان
"حكيمة" وان يعود كل اللبنانيين الى وطنهم "ليساهموا في انقاذه واعماره".
وقال: "قاتل الله السياسة ما أظلمها، اذ لولا السياسة لما كنتم انتم هنا ولما
كنت أنا هنا معكم" متمنيا "ان نجتمع قريبا في لبنان".
يختتم البطريرك
الماروني زيارته لأسوج صباح اليوم، ويتوجه الى المانيا. وهو انتقل امس من
استوكهولم جوا الى فالكنبرغ (فالكنبري بالاسوجية وتعني جبل النسر) ومنها برا
الى غوتنبرغ.
الى هالمستاد
العاشرة والربع
قبل الظهر (الحادية عشرة والربع بتوقيت بيروت)، غادر البطريرك صفير مطار
ارلندا في استوكهولم الى هالمشتاد، ورافقه المطران سمير مظلوم والاب العام
خليل علوان وشماس البطريرك جورج صليبا. كذلك رافقه الاب سمعان سمعان والاب
بول كرم.
ساعة وعشر دقائق
استغرقت الرحلة الجوية بين استوكهولم وهالمشتاد (500 كيلومتر بين المدينتين)،
ومن المطار الى فالكنبرغ نحو نصف ساعة بالسيارة.
وفي المطار كان
في استقبال البطريرك نحو مئة لبناني حملوا اعلاما لبنانية وبطريركية، بينما
رفعت احدى السيارات صورة الرئيس الراحل بشير الجميل. علما ان وجودا بارزا سجل
لانصار "القوات اللبنانية" اضافة الى وفد من حزب الوطنيين الاحر ار تقدمه بول
جعارة وبول الغزال.
ومن المستقبلين
انطوان حايك الذي قدم طفلاه باقة ورد الى صفير، كذلك كان في الاستقبال عدد من
الوجوه اللبنانية بينها جورج شحود رئيس "النادي اللبناني" ونديم شريط وفؤاد
الحاج وجان شحود ويوسف سركيس وطوني رزق وطوني عفيف والياس مسلم وجان شلالا
ونور الغفري، وجوزف فرج الله رئيس "الاتحاد الماروني".
عمادة وتثبيت
وفي كنيسة
فالكنبرغ الانغليكانية، كان استقبال حاشد للبطريرك الماروني تقدمه خادم
الكنيسة الاب ماركوس لياندرسون. وشارك في الاستقبال حشد من اللبنانيين بينهم
مسلمون، اضافة الى اصدقاء اسوجيين وعرب.
وترأس البطريرك
صلاة عمادة وتثبيت لـ13 طفلا لبنانيا، يحوطه المطران سمير مظلوم والاب العام
خليل علوان وكاهن الرعية المارونية الاب بول كرم وكاهن الرعية المارونية في
استوكهولم الاب سمعان سمعان. وحضر ت رئيسة بلدية فالكنبرغ يارد يوهانسون،
وعدد من الشخصيات الاسوجية. ووافاه الى فالكنبرغ عدد من اللبنانيين بالقطار
(3 ساعات) او بالسيارات (5 ساعات) وبينهم عون عون وطوني خوري وانطوانيت خوري
وجورج نصر وشربل سركيس.
وبعد مراسم
الاحتفال، القى الاب كرم كلمة رحب فيها بالبطريرك وشكر كل من ساهم في انجاح
الاستقبال. ورد البطريرك شاكرا، وشرح سرَّي العماد والتثبيت، ثم دعا الجميع
الى التضامن في سبيل النجاح، والعودة الى لبنان عندما تسمح لهم ظروفهم.
وظهرا أقامت
الجالية اللبنانية غداء في فندق "ايليت ستراندبادن"، شارك فيه عدد كبير من
ابناء الجالية من كل الطوائف.
وبعد النشيدين
الوطنيين اللبناني والاسوجي، القى الاب بول كرم كلمة رحب فيها بالبطريريك
والوفد المرافق واضاف: "اللبنانيون يرون من خلالكم لبنان مظـفرا بأبنائه وحر
ا بقراره ومشاريعه ومستقلا عن كل التدخلات والهيمنة". وقال: "في مناسبة عيد
الاستقلال، نعرف كيف ستصرخون في وجه كل المتسلطين كما صرخة يوحنا المعمدان،
لتصحيح الاداء في وطننا لبنان، ولتزيدوننا عزما ورجاء".
ثم كانت كلمة
باسم الرعية والاتحاد الماروني والنادي اللبناني القاها نور الغفري من علما
الشعب قال فيها: "كنت وستظل يا غبطة البطريرك أمل المظلومين والمبعدين
والسجناء والفقراء، وصوت من لا صوت له".
ثم القت رئيسة
البلدية يارد يوهانسون كلمة رحبت فيها بالبطريرك صفير وأثنت على اللبنانيين
الذين يساهمون في نهضة بلادها. وقدم السيد يوسف سركيس باسم كبيرة الجالية
سناء نجمة الحاج "هدية الجالية المارونية" في المدينة وهي منحوتة من
الكريستال.
والقى البطريرك
صفير كلمة قال فيها: "انا مسرور لوجودي معكم، وأقول لكم كان فرحنا اكبر وأعمق
لو كان اللقاء في لبنان، ولكن قاتل الله السياسة ما أظلمها، اذ لولا السياسة
لما كنتم انتم هنا ولما كنت انا هنا معكم. ولكن أوصيكم ألا تفقدوا هويتكم
وألا تيأسوا، ونأمل في ان نلتقي قريبا بكم. انها سياسة خرقاء نأمل في ان تصبح
سياسة حكيمة، بحيث يعود كل اللبنانيين الى وطنهم لبنان ليساهموا في انقاذه
وفي اعماره، اذ هو في حاجة الى سواعد جميع أبنائه.
وفرحنا عندما
سمعنا أصحاب السلطة يتحدثون عن انكم مواطنون صالحون تعملون بجد وكد وتكسبون
فلسكم بعرق جبينكم وتتقيدون بالقوانين وهذا اذا كنتم في لبنان فستقومون به.
ونقول مجددا ليس بشيء مستحيل على من ينوي ان يحقق آماله وأهدافه.
اصبروا تجدوا.
ونحن سنصبر واننا صابرون والحقيقة ستنجلي وتتغلب على كل الصعوبات".
ثم تطرق الى
قصيدة السيد نور الغفري وقال مبتسما: "ان السيد غفري أجاد في ما قال".
وشكر الله على
"ما أنعم عليكم من مكانة هنا، على ان نجتمع يوما، ونعتقد انه قريب ان شاء
الله، في لبنبان".
الى
غوتنبرغ
ثم عقد البطريرك
صفير اجتماعا مع لجنة الارسالية المارونية في احدى قاعات الفندق وبارك أطفال
الرعية، وانطلق الموكب الى غوتنبرغ المحطة الثالثة من زيارته لأسوج بعد
استوكهولم وفالكنبرغ. واستغرقت الرحلة برّْاً ساعة.
ممثل
الملك
وكان البطريرك
صفير ترأس مساء الجمعة قداسا حاشدا في كاتدرائية القديس اريك للاتين، في حضور
المطران هنريك سفنونغسون ممثلا ملك اسوج كارل غوستاف الثالث، ومطران
استوكهولم للاتين اندرس اربوريليوس وكاهن الروم الارثوذكس الارشمندريت مايتاس
غراهن ولفيف منالكهنة.
ومن حضور القداس
المستشارة الاولى في السفارة كريستيان جزراوي والسكرتير الاول آرا
خاتشادوريان وحشد كبير من اللبنانيين والمسحيين العرب.
والقى البطريرك صفير عظة عنوانها "والزرع
ينمو ويكبر، وهو لا يعرف كيف" (مر 4/27) شكر فيها مستقبليه وخص السلطات
المدنية والدينية في اسوج، واضاف: اننا لا نجهل الظروف المأسوية التي حملت
الكثيرين من بينكم على ركوب المخاطر للوصول الى هذا البلد، ولكننا نحمد الله
معكم على انكم استطعتم ان تتدبروا اموركم رغم جميع الصعوبات وتأتلفوا وعادات
السكان الذين تقيمون معهم على أرضهم، ولكن يقيننا انكم لم ولن تنسوا بلدا
انبتكم وهو لا يزال يتطلع اليكم والى اخوان لكم انتشروا على صدر المعمورة،
بشوق وأمل، كما تتطلعون اليه بالعاطفة عينها.
غير اننا نعلم ان الظروف الصعبة التي يمر بها
بلدنا قد لا تشجع من غادروه على العودة اليه في الوقت الحاضر، ولكننا نأمل في
ان تتحسن بحيث يتمكن كل من غادره اخيرا على الاقل، من العودة اليه والاقامة
فيه. وما للبلد، أي بلد، غير أهليه الذين يعملون بالتضافر والتعاون على اعادة
اعماره وتنميته بالوسائل المتاحة. ولا يعمر البلد بالوسائل المادية وحدها،
وهي لا بدّ منها، انما يعمَّر ايضا بالوسائل المعنوية والادبية والاخلاقية،
وهذه لا يوفرها الا الدين. وإنا نعلم انكم لا تزالون تحافظون على ايمانكم
بالله مسيحيين ومسلمين، وتريدون ان تنقلوه الى اولادكم وأحفادكم. وهذا ما
دفعكم الى طلب كهنة يحتفلون عندكم بالقداس بحسب طقسنا الماروني. وقد فرحنا
معكم بأن أجد عندكم كاهنا يقيم معكم وهو ابن احدى عائلاتكم المقيمة معكم،
عنينا ولدنا الخوري سيمون بطرس عساف. وقد حرصتم تمسكا منكم بطقوسكم المارونية
على استقدام احد الكهنة الموارنة من باريس، فجاء اليكم ولدانا الخوري الياس
الخوري والخوري بول كرم ليقوما بهذاالواجب الرعائي (...).
أجل علينا تن
نتكل على الله اولا وأخيرا. ولكن علينا في الوقت نفسه ان نعلم بأيدينا ونجهد
افكارنا ونسعى الى رزقنا، دون ان نتكل على سوانا".
وبعد القداس اقيم
استقبال في صالون الكاتدرائية وكوكتيل شارك فيه الحضور.
وصباح اليوم
يغادر البطريرك صفير اسوج متوجها الى المانيا المحطة السادسة قبل الاخيرة من
جولته الاوروبية.
وتستمر الزيارة
ثلاثة ايام.
* ورد في "نهار"
امس ان السيدين ريمون نصر وجورج بشارة قدما هدية الى البطريرك صفير. والصحيح
ان الهدية قدمت باسم حزب الوطنيين الاحر ار - فرع استوكهولم.
"النهار"
الاثنين 27 تشرين الاول 2003
اختتم زيارته
لأسوج وبدأ لقاءات في ألمانيا يتوّجها غداً بلقاء رئيس الجمهورية
صفيـر: لا بـدّ
مـن الخـلاص ونعمـل لحـلّ قضيـة جعجع
ولا أحــد
يعتـرف بـوجـود معتقـليـن فـي سـوريـا
غوتنبرغ، برلين - من حبيب شلوق:
دعا البطريرك الماروني الكاردينال
مار نصرالله بطرس صفير الى التحلي بالصبر معربا عن ايمانه بأن "لا بد من
الخلاص لأن لا شيء يستقر على حاله بل ان كل شيء سيتغيّر". واشار الى انه
"يعمل لحل قضية قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع، اما قضية المعتقلين في
سوريا "فلا احد يعترف بأن لديه معتقلين".
اختتم صفير صباح امس زيارته لأسوج
وهي زيارة شملت اجتماعات رسمية ودينية ولقاءات مع افراد الجالية اللبنانية
عموما والمارونية خصوصا، وبدأ ظهرا زيارة لألمانيا المحطة السادسة من جولته
الاوروبية التي ينهيها الاربعاء بزيارة بريطانيا المحطة السابعة.
اما زيارة المانيا التي بدأت امس،
فتشمل برلين وميونيخ، ويتوّجها غدا بلقاء الرئيس الالماني يوهانس راو. وكذلك
يلتقي مسؤولين وابناء الجالية.
العاشرة والدقيقة الاربعين قبل
الظهر (الحادية عشرة والدقيقة الاربعين بتوقيت بيروت) غادر البطريرك والوفد
المرافق غوتنبرغ مختتما زيارة لأسوج استمرت ثلاثة ايام قابل خلالها مسؤولين
رسميين ودينيين والتقى الجالية المارونية واللبنانية.
وكان في وداعه في المطار الابوان
بول كرم وسمعان سمعان وعدد من افراد الجالية بينهم كارلو عيد وميشال العاقوري
وروبير ازرق وطوني عفيف وغسان الحاج وطوني رزق وموسـى الحـاج وطونـي مارديني.
برلين
واستغرقت الرحلة 90 دقيقة،
وتخللها تبديل طائرة في مطار كوبنهاغن. وكان في استقبال صفير على سلم الطائرة
وفي صالون مطار تيغل في برلين المستشار الاول في السفارة وهيب عبد الصمد
والسكرتيرة الاولى الين يونس والسكرتير الثاني وليد حيدر والقنصل الفخري
مروان كلاب والاب ميشال ابو طقة وعدد من الوجوه اللبنانية بينها مبارك فغالي
وعمر بشارة واديب حرب وايلي خوري وايلي عبد الاحد وجورج ياغي وطـوني
كوشكـريـان وشـربـل يـزبك.
ومن المطار الى مطرانية اللاتين
في كاتدرائية سانت هدويغز في العاصمة الالمانية حيث استقبله جمع من
اللبنانيين حمل صور البطريرك صفير وعليها عبارة "من برلين نهلل لنيافتكم
ونلتمس البركة من غبطتكـم"، واعـلام لبـنان والفاتيكان.
كذلك كان في الاستقبال رئيس كهنة
سريان ارثوذكس المتقدم في الكهنة الخوري حنا تيبا والاب نعمان بني والاب
الياس توزمان. وقد استقبلوا البطريرك مع جوقة كنسية
بالحان وتراتيل سريانية، اضافة الى اعضاء في "اللقاء الماروني المسيحي
في برلين".
وبعد استراحة قال صفير: "نعرف ان
في هذا البلد المضياف العدد الاكبر من اللبنانيين الذين اتوا في ظروف مختلفة
ونعرف انكم لا تزالون تحنون الى بلدكم الاول لبنان. وجئنا اليكم لتفقد
احوالكم وهذا واجب علينا. نعرف ان ليس الموارنة وحدهم في هذا البلد، ونحن لا
نريد ان نفرّق، انما نشكر الذين استقبلونا بالالحان
السريانية وهي اللغة الاصلية وربما هم لا يزالون متعلقين بها اكثر منا.
نتمنى ان تكونوا عامل ازدهار في
لبنان، وان يستعيد هذا البلد كل مقوماته من حرية وسيادة واستقلال".
قداس
وكان البطريرك صفير ترأس مساء
السبت قداسا احتفاليا في كنيسة يسوع الملك للاتين في غوتنبرغ، عاونه فيه
المطران سمير مظلوم والاب العام خليل علوان، وحشد من ابناء الجالية اللبنانية
والمسيحية العربية واصدقائهم الاسوجيين. وادت الخدمة جوقة الارسالية
المارونية بادارة تريز يوسف عبود.
وحضر القداس عدد من ابناء الجالية
بينهم طوني رزق وطوني عفيف وغسان الحاج وجميل عبد الاحد وموسى عبد الاحد
وميشال العاقوري. ووافاه الى غوتنبرغ وفد من اللبنانيين المقيمين في
استوكهولم بينهم عادل شدياق وعون عون وطوني خوري وانطوانيت خوري وبول جعارة
وشربل سركيس وجورج نصر.
وفي بداية القداس القى كان الرعية
اللاتينية الاب يوران ديغان كلمة رحب فيها بالبطريرك صفير وابدى تأثره بالطقس
الماروني. كذلك القى الاب بول كرم كلمة ترحيب بالبطريرك صفير والوفد المرافق
وقال: "ان مجيء غبطة البطريرك الى غوتنبرغ هو حدث تاريخي، لأنه جاء لرؤيتنا
والاستماع الى مشكلاتنا وتعليمنا".
والقى البطريرك صفير عظة عنوانها
"من له يعطى ويزاد ومن ليس له يؤخذ ما له"، استهلها بشكر السلطات الاسوجية
على استقبالها اياه وعلى استضافة اللبنانيين وتسهيل الاقامة لهم في اسوج.
وقال "ليس من يجهل ان اسوج تلتزم حقوق الانسان التزاما كاملا، وتستقبل
الوافدين اليها وتحرص على جمع شمل العائلات المشردة، ولا تبخل في هذا المجال
بأي مساعدة ممكنة". واضاف: "إنّا لا نجهل الظروف المأسوية التي حملت الكثيرين
بينكم على ركوب المخاطر للوصول الى هذا البلد، ولكننا نحمد الله معكم على
انكم استطعتم ان تتدبـروا اموركم رغم جميع الصعوبـات وتأتلفوا وعادات السكان
الذين تقيمون معهم على ارضهم، ولكن يقيننا انكم لم ولن تنسوا بلدا انبتكم وهو
لا يزال يتطلع اليكم والى اخوان لكم انتشروا على صدر المعمورة، بشوق وامل،
كما تتطلعون اليه بالعاطفة نفسها.
واود ان اكرر ما قلته لأخوة لكم
في استوكهولم وهو اننا نعلم ان الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا قد لا تشجع
من غادروه على العودة اليه في الوقت الحاضر، ولكننا نأمل في ان تتحسن بحيث
يتمكن من غادره اخيرا على الاقل، من العودة اليه والاقامة فيه. وما للبلد غير
اهليه الذين يعملون بالتضافر والتعاون على اعادة اعماره وتنميته بالوسائل
المتاحة.
ثم شرح انجيل متى عن "مثل
الوزنات"، ودعا الى اشراك الآخرين في ما لنا من خيرات والسعي الى بناء
المجتمع على اسس التعاون والتضامن والتعاضد بين جميع ابنائه". واضاف: "اما
انتم ايها اللبنانيون الاحباء، فمن اهم الوزنات التي ائتمنكم عليها الله، هذا
الوطن لبنان الذي اليه تنتمون وفيه ولدتم وترعرعتم، وما يحمل من تاريخ مديد
وتراث عريق في التعددية والعيش المشترك بين مختلف الاديان والثقافات.
كما ائتمنتم على ما تحمل الكنائس
الشرقية التي تنتمون اليها من قيم ومبادئ وتراث ثقافي واخلاقي وروحي، وما
تركه لنا آباؤنا القديسون والشهداء من امثلة حسنة في الايمان والتقشف
والتضحية والتقوى والمحبة. كل هذه الوزنات ينبغي ان تحافظوا عليها وتثمرّوها
وتنقلوها الى ابنائكم وتسهروا على ترسيخها في عقولهم وقلوبهم كي يظلوا امناء
لها، يفاخرون بها ويشهدون لها في المجتمعات الجديدة التي تعيشون فيها".
واعرب عن امله في ان يلتئم شمل
اللبنانيين في لبنان.
ولوحظت مشاركة مؤيدين لـ"القوات
اللبنانية" حملوا اعلاما "قواتية" في القداس.
وليلا، اقامت الارسالية المارونية
مأدبة عشاء في مطعم "غوتيا" الذي يملكه السيد موسى عبد الاحد، شارك فيه حشد
من ابناء الطائفة والاصدقاء.
العودة الى
أين؟
والقى الأب كرم كلمة اكد فيها "ان
لبنان امانة في اعناق ابنائه الطيبين مع ان الظروف ابعدتهم". والقى موسى
الحاج كلمة باسم لجنة الطائفة، ثم قدّمت هدية رمزية الى البطريرك هي لوحة
مصنوعة من الغرانيت. والقى البطريرك كلمة قال فيها: "اشكر عاطفتكم واقدر
التضحية التي قام بها بعضكم فأتى من بعيد مسافة 300 او 400 كيلومتر ليصل
الينا. ونأمل في ان تحل قضايا لبنان لتعودوا اليه وتستأنفوا حياتكم. ولكنكم
تعلمون ان القضايا في لبنان كثيرة جدا، وراجعنا بعضكم مثلا من ابناء الجنوب
واذا عادوا فهم لا يعرفون الى اين يعودون، وتعلمون ما اقصد".
ثم تطرق الى موضوع القليعة وهجرة
عدد من شبابها، واشار الى ضرورة معالجة هذه المسألة ومعالجة عدم تسجيل
الولادات الجديدة مؤكدا "ان من لجأ الى اسرائيل انما لجأ قسرا بعدما تخلت
الدولة عن ابنائها".
وعن قضية المهجرين قال: "ان
العودة وحدها لا تكفي بل يجب تأمين مستلزماتها، اذ ان بناء المنزل فقط لا
يطعم خبزا".
المعتقلون في
سوريا
وتطرق الى موضوع المعتقلين في
سوريا قال: "ثمة معتقلون بين الجارتين، الا ان لا احد يعترف بأن لديه
معتقلين.
والقضية التي اثارها احدكم معروفة
(قضية الدكتور سمير جعجع) ونعمل لحلها، ولو ان الحل ليس في يدنا. انما يجب
الا نيأس بل يجب ان يبقى الأمل في النفوس. لقد سكت المدفع في لبـنان وازيلـت
الخنـادق ولم يعد ثمة متفجرات الا القليل، ولكن المصالحة لم تتم ولو تمت لما
كنتم هنا ولما كنت انا ايضا هنا. ان قضايا لبنان شاملة وينبغي ان تحل جميعها
وعلينا الانتظار ولا بد من الخلاص لأن لا شيء يستقر على حاله بل ان كل شيء
سيتغير الى الافضل.
ان الايمان المسيحي والمسلم ذخائر
لدينا يجب الان نفرط بها، وهذا ما يجب ان تعلّموه لأبنائكم، اضافة الى
تعليمهم محبة لبنان. ونأمل في ان تمر المحنة وان يعود كل شيء الى مكانه وان
تعودوا انتم الى لبنان. واهلا وسهلا بكم تحت سمائه".
واليوم ينتقل البطريرك صفير الى
ميونيخ المحطة الثانية في زيارته لألمانيا، وستكون له لقاءات رسمية ودينية.
"النهار"
الثلثاء 28 تشرين الاول 2003
يلتقي اليوم
الرئيس الالماني وغداً الى بريطانيا للقاء الامير فيليب ومسؤولين
صفير: الجيش
الاميركي نزل في برلين ولم يتدخل في شؤونها
والجـدار لا
يصنـع سلمـاً وعلى عرفـات وشـارون الاتفـاق
برلين، ميونيخ - من حبيب
شلوق:
ذكّر البطريرك الماروني
الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير امس بدخول الاميركيين المانيا "وبأن ثمة من
جاء ليقول لهم نحن نقبلكم بالترحاب فأنتم في بلدكم، ولكن حذار ان تتدخلوا في
شؤوننا الداخلية ونبقى اصدقاء".
وقد جاءت ملاحظة صفير "من دون
تعليق"، لكنه اضاف: "نريد ان نكون اصدقاء مع كل الناس وخصوصا مع اقربهم الينا
وقد عرفتموهم".
والعبارة التي قالها البطريرك
صفير قصد بها سوريا من دون ان يذكرها بالاسم، كذلك ذكّر الالمان بجدار برلين
عندما رد على سؤال عن نصيحته للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء
الاسرائيلي ارييل شارون وقال: "الجدار لن يصنع سلما. واقول ان عليهما ان
يتفقا ويكون لكل من الشعبين بلد يعيش فيه في سلام وأمان".
يختتم البطريرك صفير زيارته
لالمانيا غدا وينتقل الى بريطانيا المحطة السابعة الاخيرة من جولته
الاوروبية، حيث يلتقي الامير فيليب في قصر باكنغهام. وتستمر الزيارة الى
الثلثاء المقبل.
وعشية اختتامه زيارة المانيا،
يلتقي البطريرك صفير اليوم الرئيس الالماني يوهانس راو، بعيد عودته من ميونيخ
الى برلين صباحا.
الى
ميونيخ
الثامنة صباح امس (التاسعة بتوقيت
بيروت) انتقل صفير الى ميونيخ (مينشن بالالمانية)، عبر مطار تيغل، وكان في
وداعه في صالون الشرف المستشارة الاولى في السفارة في برلين الين يونس ورئيس
"اللقاء الماروني اللبناني - برلين" مبارك الفغالي واعضاء اللجنة التنفيذية
اديب حرب وعماد حريز وجورج ياغي وعمر بشارة. واستمرت الرحلة ساعة وخمس دقائق
ورافقه فيها القنصل الفخري مروان كلاب. ومن المطار الى مقر رئاسة وزراء
مقاطعة بافاريا، حيث اجتمع مع نائب رئيس الحكومة وزير الاقتصاد والاتصالات
اوتو فييشو 35 دقيقة.
وعلم ان اللقاء تناول الاوضاع في
لبنان والمنطقة واشار فييشو الى انه سبق ان زار لبنان اواخر الثمانينات
لتقديم مساعدات الى مؤسسات اجتماعية. وقال إنه أعجب بهذا البلد وبالشعب
اللبناني.
ثم انتقل البطريرك صفير الى
مطرانية ميونيخ حيث اجتمع الى رئيس اساقفة المدينة الكاردينال فريدريتش فيتر
وتركز الحديث على الاوضاع في لبنان والمنطقة، ثم عقد البطريرك صفير مؤتمرا
صحافيا.
واستهل الكاردينال فيتر المؤتمر
بكلمة تحدث فيها عن صديقه البطريرك صفير واعطى لمحة عن حياته واعماله فأشار
الى انه اكبر سنا من البابا بثلاثة ايام، ثم اشار بالتاريخ الى سيامته كاهنا
ثم اسقفا ثم بطريركا فكاردينالا. وقال "ان بلد البطريرك صفير هزته مشكلات من
آن الى آخر، واليوم بدأ يستعيد عافيته"، واعلن ان البطريرك "يتحدث باسم
المسيحيين في لبنان ويحمل دائما شعار السلام"، مشيرا الى ان "لا حرب في لبنان
حاليا ولا سلام". واضاف: "في محادثات معه، كان الكاردينال صفير يعلن ان همه
ليس لبنان فقط، انما السلام في المنطقة، وابدى خشيته على مستقبل المنطقة
كلها". وتمنى ان يتحقق السلام "وهو ما يدعو اليه نيافة الكاردينال".
ثم تحدث صفير فشكر فيتر على
استقباله واستضافته وعنايته بالمسيحيين واللبنانيين الآتين من لبنان الى
ميونيخ واحاطتهم بغيرته الابوية. وتحدث عن جولته في اوروبا ولقاءاته ومسؤولين
ورجال دين.
وسئل رأيه في تجدد القصف
الاسرائيلي على لبنان، فأجاب: "ان الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني مرّ عليه
اكثر من نصف قرن، والمنطقة تتأثر به تأثرا كبيرا. واسرائيل احتلت جنوب لبنان
18 عاما، والآن تستمر المناوشات بين الفلسطينيين والاسرائيليين مما يجعل
الحياة جحيما للاثنين معا. فالاسرائيليون يهاجمون الفلسطينيين بالطائرات
ويوقعون ضحايا ويدمرون المنازل ويسكنون الاهالي في الشارع، والفلسطينيون
يردون بالتفجيرات والسيارات المفخخة، وكل يوم يرى العالم الضحايا والتهجير
والخراب. ونحن لا نرى حلا لهذه القضية الا باعطاء كل شعب دولة يعيش فيها في
امان وسلام، والجدار لا يمكنه اعطاء سلام وهذا جدار برلين نموذج وقد ازيل".
وهل يمكن المسيحيين ان يلعبوا
دورا في السلام، ام ان ثمة خشية من اندثارهم، اجاب: "ان المسيحيين موجودون في
لبنان منذ فجر المسيحية والاسلام، والجميع يعيشون في سلام، ومرت ايام فيها
حروب واضطهادات، وهذا تاريخ لا يمكن احدا ان ينكره، ولكن ايام السلم بين
المسيحيين والمسلمين كانت اكثر بكثير من ايام الحرب والقلق. والحرب التي مرت
على لبنان لم تكن حربا مسيحية - اسلامية بدليل ان المسيحيين قاتلوا مسيحيين
وهي كانت كما وصفها احدهم حرب الآخرين على الارض اللبنانية. ولذلك جاء اتفاق
الطائف واوقف الحرب ولكنه لم يحل كل القضايا.
والشباب في لبنان الذين ينالون
شهادات جامعية لا يجدون عملا لهم، او هم لا يأتلفون مع الجو السياسي مما
يضطرهم الى مغادرة لبنان الى دول اخرى. واكثر ما يدعو الى القلق هو غياب
الشهادة المسيحية عن المنطقة التي ولد فيها المسيح وعاش ومات وقام. وثمة
كثيرون من المسلمين يقولون ان لا نكهة تبقى للحياة اذا ترك المسيحيون لبنان".
وسئل ما هي النصيحة التي يسديها
الى عرفات وشارون فاجاب: "اقول ان عليهم ان يتفقا ويكون لكل من الشعبين بلد
يعيش فيه كل واحد في سلام وامان، وان الاقتتال لا يمكن ان يمحو فيه شعب
شعبا".
وسئل فيتر كيف يمكن لاوروبا
مساعدة المسيحيين في لبنان، فاجاب: "اتكلم باسم المسيحيين الكاثوليك في
المانيا واقول اننا نعمل جاهدين لمساعدة من هم في وضع مأسوي. فعلى الصعيد
الانساني نساعد في تأمين لجوء سياسي لطالب هذا اللجوء انطلاقا من الحق في
الحياة، وعلى الصعيد السياسي اقول لا يمكننا التأثير على السياسة الاوروبية،
رغم ان المسيحية كانت اساس اوروبا، واقول بصراحة ان لا اوروبا بدون
المسيحيين. ونحن نعمل على خطى البابا الذي يتحدث عن حرية الحياة وحقوق
الانسان، واذا طبّق ذلك فلا مكان للحرب".
وقال المطران سمير مظلوم: "ان
كنيسة المانيا ساعدت كثيرا الشعب اللبناني ولا تزال تساعده على الصعيد
الانساني".
الارهاب
وسئل فيتر تعليقه على ربط
الاميركيين الارهاب بالاسلام فاجاب: "يجب التفريق بينهما. وصحيح ان غالبية
منفذي عملية 11 ايلول كانوا مسلمين، لكن ذلك لا يمنع ان تكون اكثرية المسلمين
محبة للسلام. وهذا ما حصل ايام النازية في المانيا، اذ ان الالمان يحبون
السلام، ولكن كانت اقلية نازية معاكسة. اذا لا يمكن اتهام الجميع، لان ثمة
فارقا كبيرا بين الارهاب والانسان الذي يحب السلام".
وتناول البطريرك صفير والوفد
المرافق الغداء الى مائدة الكاردينال فيتر في "باليه كيللر" المطعم التراثي
التابع لمطرانية ميونيخ.
قداس
واستقبال
وكان صفير ترأس مساء الاحد قداسا
احتفاليا في كاتدرائية القديس هيدويغز في برلين، في حضور رئيس اساقفة المدينة
الكاردينال جورج سترزينسكي ومعاونه المطران وولفغانغ فايدر. وعاونه المطران
سمير مظلوم والاب العام خليل علوان والاب ميشال ابو طقة والاب باسم الراعي
يحوطهم القمص جرجس المحرقي راعي كنيسة الانبا انطونيوس للاقباط في برلين
والمتقدم في الكهنة الخوري يوحانون تبر والاب نعماني بني والاب الياس توزمان
من السريان الارثوذكس. وادت الخدمة جوقة مار شربل في المدينة بقيادة الاب
عبده بوضاهر.
كذلك حضر القائم بالوكالة باعمال
السفارة في برلين وجيب عبد الصمد والسكرتيرة الاولى فيها الين يونس والسكرتير
الثاني وليد حيدر، ورئيس "اللقاء الماروني المسيحي" مبارك فغالي وامين
العلاقات العامة في اللقاء عماد حريز ووجوه لبنانية بينها عبدالله غاوي واديب
حرب وجورج ياغي وايلي خوري وعمر بشارة وايلي عبد الاحد وطوني خوري، والسيدات
منى فغالي وهدى طربيه وتريز خوري، وحشد من اللبنانيين بينهم ممثلون لـ"حزب
الله" وحركة "امل" ولجمعيات اسلامية، غصت بهم الكاتدرائية.
والقى صفير عظة عنوانها "كنت
امينا في القليل، فسأقيمك على الكثير" (متى21:25)، جاء فيها: "يسعدني ويشرفني
ان ازور للمرة الاولى هذه المدينة العظيمة، عاصمة المانيا الموحدة، وان احتفل
بالقداس الالهي بحسب الطقس الماروني في هذه الكاتدرائية الجميلة. واني اتقدم
بعواطف الشكر والتقدير من نيافة الكاردينال جورج ستيرزينسكي رئيس اساقفة
برلين لتكرمه بدعوتي للاحتفال في كاتدرائيته وبحضوره الشخصي ولاستقباله
الاخوي الحار. كما اشكر جميع السلطات الالمانية المدنية والدينية على
استقبالها لنا، وعلى كل ما بذلته وما قامت به في سبيل اللبنانيين المقيمين
على ارضها. وهذا دليل على ما بين كنيسة المانيا وكنيسة لبنان من روابط اخوية
ومودة متينة. ولا يمكننا ان ننسى كل ما قدمته كنيسة المانيا وشعبها من
مساعدات سخية الى لبنان طوال سني محنته وما زالت تقدم له عبر مؤسساتها
العديدة ومؤسسات كنيسة لبنان. واني ارجو يا صاحب النيافة والاخ الجليل ان
تقبل شكري وشكر جميع اللبنانيين، وان تنقله الى كنيسة المانيا بمسؤوليها
وابنائها جميعا. واننا نسأل الله ان يغدق عليكم وعلى كنيستكم ووطنكم وافر
نعمه وبركاته.
كما يفرحني ان التقيكم ايها
الابناء الاحباء والذين اتيتم من مناطق عديدة، واحيانا بعيدة، لكي تشتركوا في
هذه الذبيحة الالهية التي نقدمها على نياتكم ونيات عائلاتكم، وهذا البلد
المضياف الذي استقبلكم، لاجل المسؤولين فيه والشعب. كي يبارك الله هذه
البلاد، ويزيد فيها الازدهار والسلام".
وبعدما شرح الانجيل، دعا
اللبنانيين الى المحافظة على الايمان والتقاليد والتراث، والعودة عندما تسمح
لهم الظروف الى بلدهم الأم.
وبعد القداس زار البطريرك صفير
رئيس اساقفة برلين وعرض معه اوضاعا عامة.
وليلاً، أقام "اللقاء الماروني
المسيحي - برلين" كوكتيلا على شرف البطريرك صفير، في "فندق برلين" شارك فيه
عدد كبير من المدعوين.
النشيدان الوطنيان اللبناني
والالماني ثم كلمة لعريفة الاحتفال تريز خوري، والقى الاب ابو طقة كلمة حيا
فيها البطريرك صفير وقال "ان زيارتكم لنا لأشبه بدخول سيدنا يسوع المسيح
اورشليم. كم من مرة دعوتم الى السلام والى الوفاق؟ ولولا جرأة صوتكم ودعوتكم
الى لبنان الواحد الحر المستقل، لما حافظ لبنان على وحدته.
انتم رجل المهمات الصعبة وصوت من
لا صوت له. وبمسعاكم سيعود الكثيرون الى ربوع الوطن".
ثم القى طانيوس كنعان قصيدة،
ومنها:
من بعد هالمشوار يا محب الأنام
وبوداعتك من بعدما الوصل اكتمل
سلّم على لبنان عنا بوجه عام
كلما الفجر مع مطلع النور اتصل
وسلِّم عاقديسيه أرباب السلام
وبالروح اطبع فوق وجناتن قبل
وسلِّم على صنين همس بلا كلام
وسلم على الشيخ الجبل صبح ومسا
وعالأرزة الخضرا الـ على كتف
الجبل
ورحب رئيس "اللقاء الماروني
المسيحي في برلين" مبارك فغالي بالحضور وبينهم رئيس اساقفة المدينة والوفود
الاسلامية ومنها وفد حركة "أمل" ووفد "الروابط العربية" برئاسة علي معروف،
وشرح مراحل تأسيس اللقاء، مركزا على تعاونه مع جميع اللبنانيين من كل
الطوائف. وأثنى على دور البطريرك الماروني الديني والوطني مؤكدا التمسك بهذا
الدور وتأييد مواقفه.
رئيس اساقفة
برلين
ثم القى الكاردينال سترزينسكي
كلمة عبر فيها عن فرحه بزيارة البطريرك صفير، مركزا على دور الكنيسة
المارونية و"تاريخها العريق" مشيرا الى المجمع البطريركي الماروني الذي عقد
خلال حزيران في لبنان. وقال: "من النادر ان عاشت بطريركيتكم فترات الهدوء،
انما كانت الاعوام العشرة الاخيرة من القرن الماضي، وهي حقبة تميزت بالتحديات
الكبرى (...)، نحن نشعر في الفترة الاخيرة بأن تعايش الشعوب في أصغر المناطق
لن يتحقق الا ضمن الروح الانجيلية المتسمة بالمغفرة والثقة المتبادلة بين
الشعوب. وفي هذه النطقة نجد السر الذي يخفي في طياته امكان تحقيق البداية
الجديدة أيضا في الشرق الاوسط. فمحاسبة المذنب والتمسك بمنطق الثأر من شأنهما
نشر الكراهية وعدم المصالحة بين الناس، ولا يمكن الخروج من هذا المأزق الخطير
الا عند وجود استعداد لانتقاد الذات والمصالحة".
ثم قدم فغالي درع "اللقاء" الى
البطريرك صفير، كذلك قدم كاهن رعية الروم الارثوذكس الاب حنا هيكل ايقونة الى
صفير يعود تاريخها الى القرن السابع وكان القديس يوحنا الدمشقي يصلي امامها
وقال: "ان زيارتكم هي مصدر فرح ونبع بركة لكل العرب. وانا أقول ذلك باسم كل
المسيحيين العرب من تركيا الى مصر".
كلمة صفير
والقى صفير كلمة وقوطع مرات
بالتصفيق، حيا فيها باسم الجميع الكاردينال سترزينسكي "لحضوره معنا رغم
مسؤولياته الكبيرة، وحضوره معنا في القداس واصراره على ان يجلسنا على عرشه".
واضاف: "أحييكم تحية عطرة أحملها اليكم من لبنان الذي تركتموه وتحنون اليه
وهو كما يحدثكم قلبكم عنه، يحن اليكم كل الحنين. اننا نعرف انكم تقيمون في
هذا البلد وخصوصا في هذه المدينة التي اذا تعمقتم في تاريخها الحديث، كانت
لكم ولنا فيها امثولات عديدة.
برلين هدمت وليس من زمن بعيد، بل
في الحرب الكونية الثانية الاخيرة، ولكننا نراها اليوم، خلال سنوات عادت كما
كانت لا بل أجمل مما كانت. والجدار الذي كان قائما هنا هُدم الى الابد.
واستغرق البناء ربما عشرة أعوام، ولكن لا بناء بدون جهد وكد وتعب، وهذا اثبته
الالمان أبناء هذه المدينة الذين أعادوا بناءها رغم كل ما كلفهم من جهود.
ولنا في ذلك أمثولة. لبنان اصابه ما أصابه ولا حاجة بنا الى الوقوف عند ذلك،
ولكن علينا ان نتشبه اذا عزّ ان نكون من هم، علينا ان نتشبه بجَلَدهم وصبرهم
وكدهم وجهدهم لكي نعيد بناء لبنان، وليس الحجر فقط انما النفوس قبله.
"عرفتموها"
وأقول لكم للذكرى ان الجيش
الاميركي كان يرابط في هذا البلد، وحاول ان يتدخل في شؤونه الداخلية، وجاء من
يقول له من أهل البلد نحن نقبلك بالترحاب فأنت في بلدك، ولكن حذار ان تتدخل
في شؤوننا الداخلية ونبقى اصدقاء. نقولها من دون تعليق ونريد ان نكون اصدقاء
مع كل الناس وخصوصا مع اقربهم الينا وقد عرفتموها".
وعلا تصفيق حاد، واضاف صفير: "يحز
في نفسنا ان نجد اللبنانيين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وقد انتشروا تحت، كل
سماء، وهذا كان ثمرة الحر ب الخبيثة، ولكننا نتوق كما تتوقون ويتوق كل من
رأيناهم في جولتنا هذه الى ان يرجعوا الى لبنان ولكن ان يكونوا فيه أسيادا
لنفوسهم وأحرارا في أقوالهم وأسياد قرارهم وان يكونوا أصدقاء لجميع الناس
والى أقربهم منهم وانتم عرفتموه.
أتمنى كما اجتمعتم هنا كما
اجتمعتم في لبنان وقد رأينا انكم في هذا البلد مذاهب وطوائف مختلفة، ولكن نرى
ان المحبة تشدكم بعضكم الى بعض وهذا ما أتمناه، أود ان تعودوا وان تشدنا
المحبة بعضنا الى بعض على اختلاف المذاهب والمشارب".