عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

في ذكرى البشير.. لا بدّ للحلم من أن يتحقّق!

 

 

 

14 سبتمبر (أيلول)

في مثل هذا اليوم، 14 سبتمبر (أيلول) قبل 22 عاما،ً قام أحد عناصر الحزب القومي السوري، المجرم حبيب شرتوني، بتخطيط و ايعاز اجهزة الاستعمار العربي السوري في لبنان، بتفجير بيت الكتائب المركزي في الصيفي في بيروت، ممّا أدّى إلى استشهاد الرئيس الشيخ بشير الجميل و 26 من رفاقه في قيادة المقاومة المسيحية، القوات اللبنانية.

في واقع الأمر لم يكن اغتيال الرئيس بشيرمجرّد عملية تصفية غريم سياسي للحصول على مكاسب سياسية معينة أو مجرّد عملية استبعاد طرف فاعل في نطاق لعبة الكراسي السياسية المعهودة. إنّما كان لهذه الجريمة حسابات و أبعاد و نتائح سياسية عميقة و بعيدة على كافة الصّعد. فغنيّ عن البيان أن لبنان المسيحي، و خاصة المناطق الحرّة فيه، كان البقعة الوحيدة في الشرق التي استعصت على جحافل الهمجية الصحراوية المحمدية و "فتوحاتها" الفظيعة، صاحبة أشنع نظام تمييز عنصري عرفته البشرية، نعني به "نظام أهل الذمة".

و المقاومة المسيحية بقيادة الرئيس بشير الجميل مثّلت انذاك ذروة المقاومة المسيحية المشرقية في وجه جحافل الغدر و القتل المتمثلة بمنظمات التخريب الفلسطينية العرفاتية و جيش البعث العربي السوري الفاشي و اذنابهم ممّن مات فيهم الاحساس و الضمير و باعوا انفسهم و شعبهم في سوق النخاسة بأبخس الاثمان.

انتصرت المقاومة المسيحية إذاً و تُوج انتصارها، انتصار النور على الظّلام – انتصار الانسان، بانتخاب البشير رئيساً لجمهورية لبنان. عشرون مليون مسيحي معذّب مغيّب في شرقنا الكئيب أحسّوا بالفرح و بأن فجر الحرية آت، كما عبّرت عنه صحيفة النهار التي نشرت أيضاً صورة البشير يرفع سماعة التليفون و بفرح طفولي ليبلغ المرشد الروحي الأباتي نعمان: "مبروك، انتصرناا.. " ثم يسأله: " شو يعني رئيس جمهورية بالسّرياني؟"

كيف لا ينتفض غلمان العروبة و ابطال صمودها و تصدّيها و قبضايات "خير أمّة أُخرجت للناس"، وكيف لا يجنّ جنونهم بانتخاب البشير رئيساً للبنان؟ ألم يقل ابن خلدون "ما حكم العرب أمّة إلاّ أسرع إليها الخراب" كيف يمكن للشمس إذاً أن تسطع و للنور أن ينبثق بعد كلّ غزواتهم و مذابحهم و حروب اباداتهم و "فتوحاتهم" و "بطولاتهم"؟... بل كيف للخير أن ينتصر على الشر و الجمال و الحب على القبح و الضغينة و هم أحياء يُرزقون؟

منذ استشهاد البشير ثبّت الاستعمار العربي السوري الإسلامجي أقدامه في لبنان. و هو منذ ذلك الحين لا يزال يمعن في اضطهاد مسيحييه و اقتلاعهم من ارض الآباء و الأجداد... مهجّرو الجبل والجنوب وقرى شرقي صيدا و الضاحية الجنوبية المسيحيين ممنوعون من العودة. و من "تحنّن" عليه المحتلّ و زبانيته، حُرم لدى عودته من كلّ الوسائل للعيش بكرامة ليُرغم على مغادرة أرضه ثانية. . هذا فيما يعاني الموظفون المسيحيون الويل من "زملائهم" و "شركائهم" في الوطن، خاصة الخمينيين منهم من بريين (حركة أمل) و المحسوبين على حزب الشيطان (المنتحل إسم الله) و باقي المحمديّين الذين أتوا على الأخضر قبل اليابس والذين لا صوت لهم إلاّ عند الدفاع عن فلسطين المسلمين .. إرهابي "معتوه" خميني تصيبه "لوثة" فيقتل هذا ال "أحمد منصور"، و "بالصدفة" فقط، ثمانية موظفين مسيحيين في صندوق ضمان المعلمين.. أما كل صوت مسيحي ارتفع بالشكوى أو التنديد فقد اتُهم بالطائفية و إثارة الغرائز والعمالة للإمبريالية و الصهيونية العالمية الخ... ناهيك عن قمع الحريات و تغييب الأحرار في السجون...

اتفاقية الطائف المشؤومة وُقعت، فاغتيل الأستاذ داني شمعون و رمزي عيراني و بيار بولس و أودع الدكتور سمير جعجع السجن و نُفي الجنرال ميشال عون.. أما مسيحيي الهوية و أشباه الرجال فيسرحون و يمرحون ممارسين أحطّ أنواع البغاء السياسي و أقذره، سلّطهم المحتَلّ العربي السوري سيفاً على رقاب شعب لبنان الأصلي، الآرامي المسيحي، مانحين الجنسية لمئات الألوف من المحمديين الغرباء، حاجبينها عن مستحقيها من المسيحين لزيادة عدد المسلمين على أرضه"، في الوقت الذي يسهلون فيه "للأشقاء" السعوديين و باقي الصحراويين الاستيلاء – عفواً شراء – أراضي المسيحيين تمهيداً لتفريغها منهم...

و كرمى لعين خلفاء الخميني و "تحرير مزارع شبعا و الجولان و فلسطين" يُسمح لحزب الشيطان ممارسة دعارته السياسية و اجرامه و ارهابه "الناعم" و التحكّم برقاب ممن تبقّى من مسيحيي الجنوب كي يُرغموا على المغادرة.. أما مخيمات اللاجئين فحدّث و لا حرج، فها هي عادت على أسوأ مما كانت عليه ، أوكاراً للإرهاب تسرح فيها و تمرح قطعان هائجة من غيلان اسامة بن لادن و من المعمّمين على شاكلته برعاية ابن "بطل تحرير الجولان" و عناية "قلب العروبة النابض... و بوحي و الهام من الباب العالي و بجرّة قلم يقرر "الوزير" النازي أسعد حردان اعتماد يوم الجمعة عوضاً عن الاحد عطلة رسمية في صيدا و ضواحيها...

منذ استشهاد الرئيس بشير الجميّل وعملية غسل دماغ المسيحيين المشرقيين، حتى أولئك الذين في الشتات، و محاولة تدجينهم و ترويضهم سائرة على قدم و ساق. و المتطوعون العبيد كثر و في ازدياد، علمانيين كانوا أو كهنة من مختلف الكنائس و المستويات ممن وضعوا الإنجيل جانباً و تناسوا رسالة يسوع المسيح في الشجاعة و قول الحق فأبدعوا و حلّقوا في فلسفة "تلازم المسارين" و "تحرير فلسطين و الجولان و مزارع شبعا" و "سورية السيد المسيح" ناهيك عن تسابقهم في الانبطاح و تقبيل الأيادي و التنكر و التنصل من قضية شعبهم من اجل نيل رضى مسؤولي نظام البعث الفاشي وسفرائه.

في فلسفة هؤلاء و قاموسهم لا وجود لكلمات مثل الحرية و العدالة و حقوق الانسان إلاّ لغيرهم، لذا انتفضوا كمن أصابه مسّ من الجنون لدى دعوة مجلس الامن في الامم المتحدة في قراره رقم 1559 الجيوش الاجنبية بالجلاء عن أرض لبنان و احترام سيادته و استقلاله، لأن عودة فلبنان المستقل السيد يخربط حساباتهم و مخططاتهم الحاقدة، و لبنان المسيحي القوي ضمانة و فسحة أمل لميسحيي المشرق لا مكان لهم فيه.. فمن ينسى قرار منظمتهم العنصرية المدعوّة "المؤتمر الاسلامي العالمي" في لاهور، الباكستان، عام 1979 اسلمة الشرق الاوسط بكافة الوسائل المتاحة... نعم بكافة الوسائل المتاحة؟.. و قبلئذ قال سيء الذكر صلاح خلف (أبو إياد): طريق القدس تمرّ في جونيه... في حين لخصها الأسوأ منه ذكراً كمال جنبلاط قاصداً مسيحيي لبنان: "شو بهٍمّ؟ التلت يموت و التلت يهرب و التلت يعيش ذمّي"...

جاء البشير وقلب عليهم الطاولة و أزاح الكراسي من تحتهم، فضح قبحهم، كشف عريهم و فجورهم وقال لهم اخرجوا من بيوتنا أيها اللصوص الأفاكين و قاطعي الطريق. لن نكون ذميين. لن نعيش إلا أحراراً... نبقى و نستمر. بشير النهج كان ثورة على غيّهم و عنجهيتهم و نظرتهم الفوقية و ارهابهم و تسلطهم... إلا أنه كان في الوقت ذاته، و هو الأهم ثورة عارمة جارفة على العقول المسيحية المشرقية لما علق فيها من شوائب تخلّف وارهاب الاستعمار العربي الاسلامي الفكري وانحطاطه الروحي والاخلاقي...

ناضل بشير و استشهد إذاً كي نعيش نحن أحراراً، أقوياء، نفكّر بعقولنا و نقرّر مصيرنا بأنفسنا. و إننا على العهد باقون و في المسيرة مستمرون.

التنظيم الآرامي الديمقراطي

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها