لنسمّ الأمور
بأسمائها: رئاسة لبنان أم رئاسة ما تبقــّى من لبنان؟
071115
بمناسبة اقتراب
الموعد الأخير لانتخابات الرئاسة اللبنانية أصدر المكتب السياسي للتنظيم
الآرامي الديمقراطي في السويد البيان التالي:
في حين يظنّ
الكثيرون أنّ الانتخابات الرئاسية ستحدّد مصير لبنان وأن البطريركية
المارونية تقف في الموقع الوسط من المرشحين، يرى المكتب السياسي للتنظيم
الآرامي الديمقراطي أن الحقيقة مخيفة وأكثر مما يتصوّره المتفائلون. إن
مصير الجمهورية اللبنانية صار وراءها في التاريخ منذ أن استسلم القادة
المسيحيون الى مخططات حزبلله، وأولوه أمرهم وأمر البلاد. وقد توالى القادة
المسيحيون على تقديم الطاعة لحزبلله من خلال تمريرهم كذبة ما يسمى
بالمقاومة، التي بدورها شرعنت هذا التنظيم الذي صنّفه مجلس الأمن الدولي
بالإرهابي.
إن
القادة المسيحيين (طبعا بالإضافة الى ايهود باراك) يحملون مسؤولية إعطاء
هذا التنظيم الإرهابي ما لم يكن يحلم به من الشرعية المحلية والإقليمية،
فأصبح سيفا مسلّطا على رقاب جميع الذين استقوى بهم. لذلك، فمن السخيف أن
يناور هؤلاء القادة الآن وأن يتفننوا باختلاق المواقف البرّاقة في سبيل
إقناع الشعب بأنهم يواجهون حزبلله وإرهابه. وبذلك يكون لبنان اليوم غير
لبنان ما قبل حزبلله. هذا التنظيم قد أرهب اللبنانيين، وخاصّة القادة
المسيحيين منهم بحيث جعل منهم ماكينات مكرسحة، لا تستطيع خدمة أهلها، بل
تحاول الاختباء من غضب حزبلله الذي أصبح الآن بإمكانه التهديد والوعيد
وإزالة العقبات من وجهه، وكل ذلك بمساعدة من يحاولون إقناع الناس بأنهم
يواجهونه.
بناء على ما
سبق، فقد سمح الزعماء اللبنانيون، من مسيحيين (بالإسم) ومن مسلمين، لحزبلله
هذا، أن يتعاظم حتى التمارد، وأن يتوسّع على حساب الآخرين، الى أن تحوّلت
الجمهورية الى دولتين: واحدة تأتمر كلياً بإيران، وأخرى تنتظر مصيرها الذي
يرزح تحت الضغوطات المتناوبة ما بين القوى الإقليمية والدولية. وعليه فإن
دولة حزبلله، لا سلطة لأحد عليها غير إيران، وهناك لا فرق بين رئيس جمهورية
بالإسم، إن كان مارونيا أو شيعيا أو غير ذلك. وبالتالي، فقد يكون اسم
الرئيس هناك (على الأقل موقتا) اميل لحود أو ميشال عون (أو غيرهما)، ولكن
صاحب القرار هو ايران. وفي المساحة المتبقية من الجمهورية اللبنانية صراع
بين سلطة حزبلله/8 آذار وزعماء 14 آذار، والنتيجة في هذا الصراع تتبع نتيجة
الصراع الدولي بين الدول المتحضرة من جهة و دول محور الشر من جهة أخرى.
لذلك فالمعركة
الانتخابية ليست على رئيس للجمهورية اللبنانية، فهذه الأخيرة لم تعد موجودة
كما كانت معروفة، ولكن المعركة على رئيس ما تبقى من الجمهورية اللبنانية،
أي خارج مساحة السلطة الايرانية. فحزبلله كرّر مرارا أن الرئيس الذي ينتخبه
نواب الأكثرية، أي أكثرية 14 آذار الشرعية، هذا الرئيس لن يحكم مناطق
حزبلله. ومن البديهي إذن أن حزبلله سيختار له رئيسا آخر. أما إذا قبل
المسيحيون برئيس حزبللي، فعندئذ سيكون هذا الرئيس رئيسا لكل لبنان، مع
العلم أن لبنان سيحتوى لبنانا خاصا في دولة بحزبلله ولبنانا آخر خارج تلك
الدولة. وفي هذه الحال يكون حزبلله يحكم لبنانه ولبنان الآخرين.
من سخرية القدر
أن
ايران
هي المستفيدة من مشروع حزبلله الذي طوّش الدنيا بحربه ضد
"الصهاينة".
فالمشروع الشيعي العلوي هو المستفيد الاول من تقسيم الشرق الاوسط الى
ولايات (متحدة أو منفردة) طائفية. وبذلك يكون حزبلله قد قدّم لأهل لبنان
مشروعا "توافقيا": دولة شيعية خاصة به، ودولة أخرى تسووية توافقية يعيش
فيها الباقون تحت حكمه مباشرة أو إرهابيا.
ولكن بعد أن
أقام الشيعة دولتهم على الاراضي اللبنانية باقتسام مساحات منها لهم، فلماذا
لا يسعى المسيحيون الى الاحتفاظ بما تبقى لهم من بلادهم المشرقية الارامية
الممتدة على كامل " الهلال الخصيب" وإقامة دولة مسيحية مشرقية؟ على الأقل،
وبعد الاختبار الطويل، إن المسلمين يعيشون بأمان في ظل دولة مسيحيين، أكثر
بكثير من العكس. وبذلك ليس على المسيحيين أن يخشوا الاتهام بالتزام ما
يسمّى بالمشروع الصهيوني، لأن الجميع قد التزموه قبلهم، من سنة وشيعة. حتى
الدروز، كما هو معروف، لهم مشاريعهم الجاهزة، حتى بالحال الاسرائيلية
الحاضرة. فالمسيحيون سيكونون، على أي حال، آخر من يتحرّر.