عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

مراجعة حساب في الذكرى الأولى ل 14 آذار ولثورة الأرز

20060314

في الذكرى الأولى لثورة الأرز توقف المكتب السياسي في التنظيم الآرامي الديمقراطي عند أحداث الساعة في لبنان ليعرض مسألة مصيرية هامة وهي كيفية تعامل الزعماء والقياديين المسيحيين في لبنان مع الواقع السياسي في البلاد.

في الأساس يتساءل التنظيم إن كان الزعماء المسيحيون يعون مسؤولياتهم التي أورثهم إياها التاريخ دونما أي اجتهاد من قبلهم ولا أي فضل شخصي لهم. إن تضافر العوامل الإستعمارية العربية والإسلامية في الشرق الأوسط أقحمت الشخصيات الجالسة اليوم في الطبقة السياسية وهم لا فضل لهم شخصيا في الجلوس في مكانهم. فبدون أن نحتاج أن نسمي أحدا، الكل يعرف أن لا أحد من الزعماء بين المسيحيين عنده ثقة الشعب المسيحي. والأخطر من ذلك، هو أن ليس هناك قائد مسيحي واحد يستطيع الشعب المسيحي ائتمانه على الوطن. وإذا صح اعتقادنا، فالحالة مخيفة أكثر مما يتصوره البعض. كلامنا هنا ليس من أجل الإستهلاك الإعلامي فإن رأينا هذا يستند الى التحليل التالي:

يعرف الجميع أن العماد ميشال عون يعتبر نفسه بل يصرّ على تسويق نفسه على أنه الأكثر شعبية عند المسيحيين، (عن حق أو عن تزوير ونحن لا نبرئ الماكنة الحزبللو- بعثو- فلسطينو- سورية في ذلك) ولكنه في الواقع لم يعد حاصلا على ثقة الشعب المسيحي. أما "استطلاع الرأي" الشهير ذاك فهو غير موضوعي. طبعا سيظن القارئ أننا نبالغ أو أننا نفضل غيره عليه. لا. فنحن سنعرض لغيره أيضا ولكننا نبدأ بالأهم. فواضح أن الجنرال أهم من غيره بين القياديين المسيحيين. ولكن تحليلنا يستند بكل بساطة الى الظاهرة العفوية الشعبية التالية:

هل لاحظتم أن المحازب العوني، عندما يسأل عن رأيه يقول ما معناه أن الجنرال "أفضل/أنظف من غيرو"، "عا القليلة ما سرق/ ما وسّخ متل غيرو" أو الى ما هناك من أوصاف كلها منطلقة من تفضيل السيء على الأسوأ؟

لماذا لا يسمح للمسيحيين أن يكون لديهم زعيم نظيف، بطل، قيادي، تطلـّـعيّ، بدل أن يوصف ب "أنظف" أو ب "عا القليلة..."، أي على طريقة الكحل أحلى من العمى؟

قد يكون البعض متأملا الآن أن نأتي بمديح لقائد غير الجنرال، مثلا لمنافسه الدكتور جعجع. نأسف أن نصارح القارئ بأننا سنخيب أمله مرة أخرى في هذا الموضوع: فالحقيقة مخيفة. هل تلاحظ أيها القارئ كيف أن السؤال عن إسم بديل لرئيس للجمهورية يواجه صمتا مخيفا؟ ألم يكن من الطبيعي أن تأتي الإجابة باسم "الحكيم" بديهية كإسم بديل عن الجنرال، مثلا عند محازبي القوات؟ على الأقل لأنه الإسم رقم 2 بعد عون، مع أن البعض يريده كخيار أول، أمامه. أليس هذا الفراغ مخيفا؟ لماذا تحالف الجنرال مع سوريا ليغلب منافسيه المسيحيين، هل نحن أمام ردة إجر من عون على جعجع؟

 أي أن كل واحد منهما يكيد للآخر عبر التحالف مع "سوريا/حزبللا/..." ضده؟

في رأينا، أن لا الحكيم ولا العماد يرغب في التعامل مع "فلان او علا ّن" ضد الزعيم المسيحي الآخر. ولكن السر يكمن في التركيبة اللبنانية وفي استنادها الى الهوية العربية. التركيبة اللبنانية، الناكرة للتعددية، والوحدوية النظام والعربية الهوية تشترط على المرشح المسيحي أن يبتعد عن مسيحيته إذا أراد الوصول الى الكرسي. ولماذا ليس هناك شرط مقابل على المرشح المسلم للوصول الى كرسيه؟

هل تذكرون ما قاله الدكتور جعجع: "كل مجموعة في لبنان بتجيب ممثل قوي لها لمركز الطائفة في السلطة، ليش بس يجي دور المسيحيي منفتش عا واحد إجر كرسي؟ وجوابنا للدكتور جعجع هو بكل بساطة أن شروط الهوية العربية تفرض أن يتخلى المسيحي عن حقوقه، فيتحول الى إجر كرسي وذلك بهدف الوصول الى الكرسي. أما إذا رفض التحول الى إجر كرسي فسيتحول الى رماد (راجع بشير الجميّل 13 أيلول 1982).

أليست العروبة (وبالتالي روحها الإسلام) هي التي تخول نصرالله وبرّي وجنبلاط والحريري تعيين رئيس الجمهورية قبل أي زعيم مسيحي آخر، رغم إشاراتهم المتكررة عن أهمية دور البطريرك الماروني في ذلك؟

نحن لا نشك مطلقا في أن غبطة البطريرك الماروني هو في موقع صاحب الرأي الأهم في اختيار الرئيس. ولكن دعنا نتذكر نحن والقراء أن ما أعاد الأهمية لدور بكركي هو التدخل الدولي عبر الأمم المتحدة وخاصة القوة الأمريكية وإلا فما كان المانع من استمرار التحالف الحزبللو-سورو-ايراني من متابعة العبث بمصيرنا وتعيين لحود بعد لحود اليوم وغدا وبعد غد؟

هلا تمكن القياديون المسيحيون ولو لمرة واحدة من إعادة تقييم هذا المشروع الوحدوي العربي للنظام اللبناني ورفع الحصانة المقدسة عنه، بعد أن ثبت فشله في المحافظة على الكيان المسيحي اللبناني؟

هل المطلوب تفريغ لبنان من مسيحييه قبل أن يفيق هؤلاء الزعماء المسيحيون اللبنانيون الذين ما زالوا يظنون أن مصالح المسيحيين مؤمنة من خلال وصولهم الى مراكزهم؟ ليتذكر الزعماء المسيحيون، وخاصة أنت يا عون، أنه لولا التدخل الأميركي (وخاصة العسكري) لما كان لك (ولا لهم) أي حظ لا بأصوات الناخبين ولا بالتجاء حزبللا تحت باطك، ولا بانجراف المسيحيين نحوك متأملين بأنك ستشيل الزير من البير.

لذلك، فالحس العفوي عند الشعب المسيحي صادق: فهو يختاركم ليس لأهليتكم بل لأنكم أقل سوءا.

التنظيم الآرامي الديمقراطي

المكتب السياسي

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها