عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

                         

                      صبري يوسف

                       كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم

 


أنشودةُ الحياة ـ الجزء الخامس

[نصّ مفتوح]

إهداء: بمناسبة عيد الشِّعر العالمي أهديكم سلامي أيّها الأحبّة

أيّها الإنسان، في هذا الكونِ الوسيع!

 

السَّلامُ مطرٌ نقيٌّ

يهطلُ مِن أحضانِ السَّماءِ

نعمةً عَلى جبينِ البشر!

خُصوبةٌ يانعة

متدلِّية من عُيُونِ اللَّيلِ ..

من نقاوةِ النَّدى!

 

نورٌ يزدادُ سُطُوعاً كَوَجْهِ الصَّباحِ

يتلألأُ كاللآلئِ في أعناقِ العذارى

في عُيُونِ الأطفالِ!

 

محبَّةٌ مُتفَتِّحَة عندَ الضُّحى

على دمدماتِ اللَّيلِ ..

تزدهي كأغصانِ الدَّوالي ..

فوقَ أمواجِ البحار!

 

السَّلامُ شِراعُ الأماني

بهجةُ الأطفالِ في أوداجِ الخميلة

تتواصلُ فرحاً مع ضَيَاءِ النُّجومِ

على اِمتدادِ المدى!

 

زُهُورٌ فوّاحةٌ

مترامية على شواطئِ الحياةِ ..

تنشرُ عبقَهَا كعناقيدِ الحنينِ

مُتدفِّقةٌ من خاصرةِ الغيثِ

من توهُّجَاتِ اللَّيلِ الطَّويل!

 

عطاءٌ يهطلُ فرحاً حتَّى الغرَقِ

برارةٌ مُنبَعِثةٌ من الأعالي

حكمةٌ نابتةٌ في قُلوبِ البشرِ

تسمو كبراءَةِ الأطفالِ ..

كَبصماتِ المحبَّةِ في وَجْهِ الدُّجى!

 

منذُ غابرِ الأزمانِ .. منذُ الأزَلِ

يجيءُ الإنسانُ إلى الحياةِ

ثمَّ يرحلُ ذائباً في عتمِ اللَّيلِ ..

تاركاً خلفَهُ معاصٍ

تَهُزُّ سفوحَ الجبالِ

تجرحُ أعماقَ الثَّرى!

يتَبَرْعمُ الإنسانُ كَشهقةِ فرحٍ

كسنبلةٍ تشمخُ اِخضراراً

ناسياً أنَّ الحياةَ محبَّة

رحلة العمرِ محبّة!

 

سكرةُ الموتِ تستشري أعماقَ الفيافي ..

آهٍ .. يا زمان

تاهَتْ شجيرات الرُّوحِ بينَ أوراقِ الأقاحي!

 

السَّلامُ بحرٌ عميق

دُرَرٌ من لونِ العصافيرِ

من لونِ السَّماء

بستانٌ يضمُّ أشجارُ الجنّة

طيورُ الدُّنيا ..

 

عرْسُ الأعراسِ

نغمةُ الصَّباحِ ..

إيقاعاتُ طبولِ الغجرِ

أثناءَ ترحالهم الطَّويل

في أعماقِ الصَّحارى! ..

 

أهازيجُ اللِّقاءِ في بحيراتِ المحبّة

ألقُ النّهارِ متصاعداً في وهادِ المجّرات

بحثاً عن نشوةِ الأفراحِ

عن رحيقِ الأماني!

 

السَّلامُ شراعُ الحياةِ

شهقةُ المساءِ أثناءَ ولاداتِ القصائد ..

اغتسالُ الرُّوحِ بحبَّاتِ النَّدى

أُنشودةُ الصَّباح تُناجي النُّجوم

عبرَ فضاءاتِ المدى!

 

ابتهالُ الجبالِ

اشتهاءُ القلبِ

حكمةُ الإنسانِ

تُخَفِّفُ أحزانَ المحيطات ..

عرْشُ الخصامِ لا يدوم!

 

السَّلامُ ابتساماتُ الوليدِ للنجومِ ..

لوجهِ الهلالِ

للنوارسِ المحلّقة فوقَ البحار

المائجة في وجهِ الغسق!

 

السَّلامُ أعمق من قاعِ البحار

أعمق من أن يفهمَهُ البشر

أعمق من التَّاريخِ ..

مِنْ تحاليلِ هذا الزَّمان!

طريقٌ مكتنزٌ بالسُّموِّ والارتقاء ..

ينبوعٌ من الفرحِ

يتجلّى بشموخٍ

في جبينِ الشُّعراء

في وهَجِ الشَّمسِ

في روحِ القصائد!

 

مطرٌ ناعمٌ

ينبعُ من اِخضرارِ الرَّبيعِ

من براءَةِ العذارى ..

قبلةُ الشَّمسِ في صباحِ العيدِ

لوجهِ الثَّرى ..

 

قصيدةُ حبٍّ مفتوحة على فضاءِ الكونِ

فردوسُ الفراديسِ

تزدانُ فيها الخمائل!

 

بُستانٌ من ذهب

يسطعُ خيراً في أرواحِ المحبّينِ

ضميرُ الأنبياءِ

صفاءُ القدِّيسين في حالاتِ التجلِّي!

 

نقيٌّ كالطفُولةِ كوجهِ الضُّحى

يسطعُ كالنَّدى مِنْ صدرِ السَّحر!

 

السَّلامُ أعمق من تواقيعِ البشر

من حواراتِ الخصومِ

 

أعمق من المفاوضاتِ والمفاوضين

أعمق من إيديولوجياتِ هذا الزَّمان!

 

السَّلامُ حالةُ وئامٍ يترجِمُهَا المرءُ

عبر تاريخِهِ الطويل!

السَّلامُ هو الأمانُ، هوَ الفرحُ

وفاقُ المرءِ مع ذاتهِ ..

غبطةُ الذاتِ معَ ذواتِ الآخرين!

 

السَّلامُ أنثى حُبلى بالخيرِ ..

تحملُ بينَ أحشائِهَا

اِطمئنانُ جُغرافيّة الكون!

 

أخلاقٌ مُتجذِّرة في سيرورةِ حياةِ الإنسان

نورٌ يتصاعدُ في معراجِ الغبطة!

أنشودةُ فرحٍ يردِّدُهَا الأطفال

قبلَ أن يخلدوا للنوم!

 

اِستعدادٌ فطريّ لمواكبةِ قوافلِ الخيرِ

ضميرٌ يتوهِّجُ نوراً

في صدرِ السَّماء ..

بشارةُ هُدى تتلألأُ فرحاً ..

مُنبعِثةٌ من عباءَةِ اللَّيل!

 

رسالةٌ من ذَهَب

حكمةُ الحكماء ..

فلاسفةُ هذا الزَّمان

تهيئةُ ملايين النَّاسِ

لمصافحةِ ملايين آخرين ..

رُؤى مُنْبَعِثَة من خيوطِ الشَّمسِ

تَهْدفُ خَلْق إنسان مُسالم

يقرِّرُ بذاتِهِ أن يعيشَ في حالةِ وئامٍ

معَ نفسِهِ .. معَ جيرانِهِ .. معَ الحياة!

 

السَّلامُ لغةٌ إنسانيّة عميقة

بعيدةٌ عنِ النَّصْبِ والنِّفاقِ

بعيدةٌ عن التواقيعِ الورقيّة ..

عن هدرِ الدِّماء!

 

السَّلامُ شهيقُ الحياةِ ..

رحلةُ فَرَحٍ يعيشُها الإنسان

في حالات التجلّي ..

 

مَنهَجٌ إنسانيّ كَزُرقةِ السَّماءِ

يَهْدفُ إلى تغييرِ

رُقَعٍ مَهمومة من الكونِ

من حالاتِ الخصومِ إلى حالاتِ الوئام!

 

السَّلامُ علاقاتُ حُبٍّ متبادلة بينَ البشر

بعيدٌ عن لغةِ المصافحات

لُغة المجاملاتِ المشبوهة ..

بعيدٌ عن لغةِ الإحتضانِ

مِنْ أجلِ فلان!

 

السَّلامُ محرقةٌ متوهِّجةٌ كالجمرِ

منخلٌ كبيرٌ

يُصفِّي شوائبَ هذا الزَّمان

يستأصلُ أحقادَ ملايين البشر

يحوِّلُهَا إلى عناقٍ حميم

إلى تغريدةِ بُلْبُلٍ

في وجهِ الطُّفولة!

 

السَّلامُ رؤيةٌ شموليّة وارِفَة بالمحبَّة

نيَّاتٌ مُنبَعِثَة من حنانِ اللَّيلِ

من وحيِ الخصوبة!

 

السَّلامُ مصافحاتٌ حميمة لملايينِ البشرِ

تشرَّبوا قيمَ الخيرِ على اِمتدادِ أعمارِهم

يقطعونَ عهداً على أنفُسِهُم

لمصافحةِ ملايينِ بشرٍ آخرين!

 

السَّلامُ لُغةٌ غير مرئيّة

مقدَّسة ..

تحملُ خصوبةَ الحياةِ ..

بعيدةٌ عن لغةِ الألوانِ

عن لغةِ الأجناسِ

بعيدةٌ عن لغةِ العنجهياتِ

مُشَبَّعةٌ برحيقِ الأديانِ!

 

السَّلامُ باللغةِ العربيّة يعني التحيّة ..

.. والتحيّةُ تاريخٌ ناصعٌ بالصَّفاءِ ..

وفاءٌ عميقُ المدى

ودادٌ مُتبادلٌ بينَ البشر!

 

السَّلامُ ليسَ كلمات نقولها ..

ثمَّ نتعرَّضُ بعدَها للموتِ!

 

 

السَّلامُ لا يقودُنَا إلى الموت ..

يقودُنَا إلى إستئصالِ

بذورِ الحقدِ والكراهيّةِ

من قُلوبِ البشر!

 

لا يُعَدُّ السَّلامُ سلاماً

عندما يقودُنَا إلى الهلاكِ

إلى هضابِ الجحيمِ!

 

السَّلامُ ليسَ كلاماً نقولُهُ

أمامَ حشدٍ من البشرِ

هوَ مدى استقبالِ هذا الحشد

لحيثياتِ السَّلام ..

هو تشبُّعُ الرُّوحِ لرحيقِ السَّلامِ

هو شهقةُ حقٍّ

تصدحُ في فضاءِ الكون!

 

السَّلامُ هو حالةُ اِنبعاثٍ

نحوَ سماواتِ الفرح ..

نحوَ رفرفاتِ خصوبةِ الرُّوح!

 

السَّلامُ ينسجُ

من خيوطِ الشَّمسِ فضائل ..

حالةٌ شفّافة

يعيشُهَا الإنسان في كنفِ وطنِهِ ..

حالةٌ ولا كلَّ الحالاتِ

تنتشرُ كالهواءِ النقيِّ ..

تلغي الحدودَ المجنونة بينَ البشر

لإنجابِ أطفالٍ أصِحَّاء!

 

السَّلامُ إلتزامٌ مقدَّس ..

انجذابُ الذّاتِ إلى فعلِ الخيرِ ..

بناءٌ شامخٌ على أكتافِ المحبَّة

انعتاقُ الرُّوحِ من ترّهاتِ الجسد!

 

السَّلامُ رحلةُ الرُّوحِ نحوَ قُبَّةِ السَّماءِ

توهُّجُ الشُّعراءِ في حالاتِ التجلِّي

اخضرارُ القلبِ ..

رحيقُ الزُّهورِ المنبعثِ

كَشعاعِ الشَّمسِ من خدودِ الأطفالِ!

 

أغاني الغجرِ الصادحة

في أعماقِ البراري

حمامةٌ بيضاء

تحلِّقُ فوقَ الصّحارى

تبشِّرُ بخيرٍ وفير

ينمو على شفاهِ الكونِ!

 

بحارٌ من اليقينِ

تغسلُ جبينَ الليلِ

من تعبِ النَّهارِ

 

السَّلامُ رسالةُ فرحٍ

حالةُ اِطمئنانٍ ..

وفاقُ الإنسانِ معَ أخيهِ الإنسان!

 

السَّلامُ أعمق من الجولاتِ المكّوكيّة

أعمق من المشاهدِ الاستعراضيّة ..

مشاهدٌ مسرحيّة مليئة بالنِّفاقِ ..

متَشَعِّبة بالحواراتِ العقيمة

غير مناسبة لأبجدياتِ السَّلام!

 

السَّلامُ ليسَ بروتوكولات دوليّة

ولا طاولات مستديرة

أو مستطيلة!

هو ثمارٌ ناضجة بينَ أيدي الأطفال!

سهولٌ خضراء على اِمتدادِ البصرِ

تغريدةُ بُلبُلٍ عندَ الصَّباحِ

نشوةُ القلبِ أثناءَ العناقِ

صفاءُ الرُّوحِ قبلَ حُلُولِ المساء!

 

السَّلامُ طُفُولةٌ بريئة

تُعانِقُ قِمَمَ الجبالِ ..

حبُّ المحافظة على جمالِ الطبيعة!

 

نورٌ مَحَبّة ..

اخضرارُ الأمانِ في فضاءِ الكونِ!

 

السَّلامُ عميقٌ كالبحارِ

حنونٌ كأمٍّ تعانِقُ وجهَ اللَّيلِ

نورٌ مقدّسٌ

يتلألأُ ضياءً كنجمةِ الصَّباحِ ..

 

حالةُ فرحٍ مزدانة توهُّجاً

منبعثة من خيوطِ الشَّمسِ

من خُدُودِ السَّماءِ!

 

السَّلامُ مستوطنٌ

في نسغِ الأشجارِ ..

نقيٌّ كالماءِ الزُّلالِ!

عبقٌ كثيفُ الأريجِ

يحلِّقُ مع النَّسيمِ فوقَ البحارِ ..

دُمُوعُ الأطفالِ

المنسابة كَحُبيباتِ النَّدى

فوقَ أغصانِ الزَّيتون!

 

حنانُ الأمِّ إلى ابنها الجنديِّ

المرميّ في أعماقِ الصَّحارى ..

شهقةُ الوليدِ عندَ إنبلاجِ الصَّباحِ!

ماءُ الحياةِ ..

بركةٌ مُنبعثةٌ من خارجِ الزَّمان ..

بركةٌ لا يحدُّها مكان!

 

خيرٌ وفيرٌ ..

رسالةٌ هاطلة من أحضانِ السَّماء!

 

السَّلامُ خُبزُ الوجودِ

نعمةٌ من الأعالي ..

تهطلُ كشلالٍ مُقدَّسٍ فوقَ شِراعِ الحياة!

 

آهٍ .. يا حياة

لِماذا لا يعقدُ الإنسانُ

معاهدةَ حُبٍّ بينهُ وبينَ المطر؟!

 

لِماذا لا يصبحُ قلبُ الإنسانِ

شفافاً كَزُرقةِ السَّماء؟!

 

أجديرٌ أنتَ أيُّها الإنسان

أن تعيشَ على وجهِ الكون ..

أن تعبرَ هذا الزَّمان؟!

 

آهٍ .. يا زمان وألفُ آهٍ يا مكان ..

مُنْذَهِلٌ أنا كيفَ تتحمَّلُ النُّجومُ

قباحاتِ البشرِ؟!

 

السَّلامُ هو مدى الحفاظ

على التُّرابِ والهواءِ والماءِ نقيَّاً ..

هو منديلٌ شافٍ

يجفِّفُ بكاءَ الأرضِ والسَّماء!

 

تَصالَحْ مع ذاتِكِ أيُّها الإنسان!

أيُّها التَّائه في تقعُّراتِ الحياة

لا تكُنْ مُرائيَّاً ..

تمهَّلْ ..

بغمضةِ عين سيطويكَ اللَّيلُ والنَّهار ..

نومٌ حالكٌ

ينتظِرُكَ تحتَ هضابِ الكون!

 

أيُّها الإنسان!

هل جئتَ إلى الحياة

من أجلِ الغوصِ في براكينِ الدِّماء؟!

ها قد تعفَّرَتْ ذاتكَ المنشطرة

من ذاتِ (الإله) ..

تعفَّرَتْ بالدمّ كما تعفَّرَتْ مَخالبُ الذِّئاب!

 

انهضْ من سُباتِكَ

ها قد آنَ الأوان

أن تزرعَ بُذورَ المحبَّة

بُذورَ السَّلام!

 

حزينٌ أنا في غربةِ هذا الزّمان ..

ثمَّةَ منعطفاتٌ في هضابِ الرُّوح

تُرَفْرِفُ بصخبٍ عميق

تُريدُ الانفلات من دياجيرِ الغربة ..

لِتعانِقَ الأحبّة الخيّرين ..

المبعثرين كحبّاتِ القمحِ على وجهِ الدُّنيا!

 

السَّلامُ أخلاقٌ سامية

تُبْحِرُ في بحارِ الخيرِ

لا يستدركُ كُنهها البشر ..

السَّلامُ يحملُ بين جناحيهِ جنَّةَ الجنّاتِ ..

وفاءُ الإنسان معَ أخيهِ الإنسان

قضاءٌ مبرمٌ على صنّاعِ الحروبِ ..

محقٌ تام لشرورِ الإنسان ..

استئصالُ بُذور الفسادِ

بُذور العداءِ

المستعصي في قُلوبِ البشر!

 

السَّلامُ محبَّة

بعيدٌ بُعدَ الأرضِ عنِ السَّماءِ

عن مغبّاتِ الإنسان ..

عن سياساتِ آخر زمان!

أيُّها الإنسان أنتَ بحاجة إلى محرقة! ..

محرقة تُطهِّرُكَ من الدَّاخلِ

مِنَ السُّمومِ العالقة في جنباتِ روحِكَ ..

تحتاجُ إلى محرقة ولا كلَّ المحارق!

تُضاهي شراراتُـهَا المشتعلة

شُرُوْرَكَ المستفحلة

منذ أن تشكّلَتْ كينونَتُكَ

على وجهِ الكونِ!

 

تحتاجُ إلى اِشتعالٍ دائم

إلى اِحتراقٍ مُتواصل

إلى درجةِ الذَّوبان

كي نفصلَ عنكَ شوائبَ الحياة

كي نصفّي معاصيكَ ..

نرمي الشُّرورَ العالقة

المتوالدة حولَ خاصِرَتِكَ

عبرَ محطَّاتِ الحياة!

 

*****

ثمّةَ أحزانٌ غائرة في تجاويفِ الرُّوحِ

ثمَّةَ جراحٌ غافية بين مغائرِ القلبِ!

 

وحدُهُ السَّلامُ قادرٌ

على منحي ألقَ الضّياءِ

وحدُهُ السَّلامُ يمنحني

رغبةً في اللِّقاءِ

لقاءُ الشِّعرِ معَ جمرةِ الارتقاءِ

لقاءُ الشِّعرِ معَ خصوبةِ البهاءِ

بهاءُ الرُّوحِ معَ بخورِ المحبّة

معَ بهجةِ الاخضرارِ

اخضرارُ خيوط الحنين

اخضرارُ دكنة اللَّيل

 

وحدُهُ الشِّعرُ يعبرُ دونَ وجلٍ

رحابَ السَّلامِ

يتناثرُ حبقُهُ بإنتعاشٍ

على إيقاعاتِ هديلِ الحمامِ!

صباحٌ من فرح

من لونِ السَّنابل

من لونِ القصائد!

 

وقفَ البحرُ يناجي رعشاتِ الحنين

يغنّي للنوارسِ أنشودةَ الرَّحيل

أنشودة منبعثة من جموحاتِ البنين!

 

تنسابُ الأيّام والشُّهور متوغِّلةً

في بيادرِ الآهاتِ

آهاتنا ملأى بالحسراتِ

ملأى بتساؤلاتٍ دائمةِ الاشتعالِ ..

وحدُهُ الشِّعرُ قادرٌ

على اِرتشافِ رحيقِ السَّلامِ

على زَرْعِ بذورِ السَّلامِ

وحدُهُ الشِّعرُ معبّقٌ بأزاهيرِ اللَّيلِ

بباقاتِ الحنطة

 

تاهتِ القبَّراتُ بعيداً

عن اشتعالِ المدائن

بعيداً عن غضبِ الرِّيح

وحدُهُ السَّلامُ يعانقُ زمهريرَ البراري

يعانقُ صخبَ الرُّوحِ

يلوِّنُ وجنتَي الحبيبة بأريجِ النَّعناعِ!

 

يضيءُ مساحاتِ الحلمِ

بأغصانِ الطُّفولة

بنقاوةِ النَّدى الغافية

حولَ عذوبةِ الينابيعِ

 

السَّلامُ رسالةٌ منبعثة

من أحشاءِ الأرضِ

متوجِّهة نحوَ خدودِ السَّماءِ

رسالةٌ متطايرة من هدوءِ اللَّيلِ

من اهتياجِ موجاتِ البحرِ

رسالةٌ متراقصة بين أجنحةِ البلابلِ!

 

السَّلامُ بسمةٌ راعشة

مرسومة على وجهِ الهلالِ

على حنينِ البساتينِ

على شموخِ الجبالِ!

السَّلامُ شهقةُ أنثى

تضعُ مولودَهَا في صباحٍ باكرٍ

على إيقاعاتِ وشوشاتِ البحرِ!

 

وحدُهُ الشِّعرُ يقطفُ رحيقَ الوجودِ

يلملمُ نضارةَ الطُّفولةِ

يزرعُ خيوطَ الشَّمسِ في هلاهلِ غيمة!

 

السَّلامُ شقيقُ الشِّعرِ

صديقُ الغمامِ

عاشقٌ من أصفى الينابيعِ!

 

السَّلامُ موجةُ عشقٍ

ترفرفُ فوقَ براعمِ الحياةِ

فوقَ عطاءاتِ الأمومةِ

السَّلامُ أمُّ الأمَّهات!

 

السَّلامُ إنسانٌ مصفّى

من مرجانِ البحرِ

من عبيرِ الزُّهورِ!

 

السَّلامُ شموخُ أنثى

متطهِّرة من ترَّهاتِ الحياةِ!

مسربلة بقميصِ اللَّيلِ

معبَّقة بتواشيحِ المساءِ!

 

السَّلامُ بوّابةُ عشقٍ مفتوحة

على بيادرِ الرُّوح

على رحابِ الحلمِ

على خصوبةِ البساتين!

 

السلامُ ريحٌ جامحة

في وجهِ وحوشِ هذا الزَّمان

وحوشٌ تترعرعُ يوميّاً

أنيابُها أكثرَ افتراساً

من أنيابِ الحيتان!

 

السَّلامُ صحوةُ شاعرٍ

في أرقى حالاتِ التَّجلّي ..

نغمةُ وترٍ منسابة

من تهاليلِ اللَّيل!

السَّلامُ سنبلةٌ متلألئة من وَهَجِ البحرِ ..

أقحوانةٌ متراقصة بين أحضانِ النَّسيم!

 

قصيدةُ فرحٍ هاطلة من بهاءِ اللَّيل

بخورٌ متصاعدة من شموعِ المحبّة!

 

السَّلامُ صديقُ الصَّحارى والبراري

صديقُ الأرضِ والسَّماء

صديقُ الكونِ وكلّ الكائنات

حلمٌ مفتوحٌ على رحابِ الرُّوح!

 

السَّلامُ ابتهال عاشقٍ

مع خيوطِ الشَّمس

في ليلةٍ عذراء!

عناقٌ مفتوح مع بخورِ السَّماء!

السَّلامُ تجلِّي الرُّوح معَ ضياءِ الصَّباح!

 

السَّلامُ خشبةُ مخضّبة بالخلاص

خلاصُ الكائن الحيّ

من جنونِ الصَّولجان!

خلاصُ الجمادِ من تعفُّناتِ الفساد

خلاصُ أجنحة الطَّير

من حشرجاتِ الممات!

خلاصُ اخضرارِ البساتين

من هولِ الشَّرارات!

 

السَّلامُ رحلة عناقٍ معَ رذاذاتِ المحبّة

رحلةٌ عشقٍ معَ شموخِ السَّنابل

عطاءٌ من نكهةِ المطر

بهجةُ الأمِّ أثناء ولاداتِ الجنين!

 

السَّلامُ حوارُ الأرضِ معَ عطاءاتِ السَّماء

حوارُ اليابسة مع عذوبةِ الماء!

 

لونٌ من أنقى الألوان

حلمٌ أبهى من وهجِ الاخضرار!

رسالةُ حبٍّ منبعثة من أجنحةِ الحمام

ترتيلةُ الرُّوح في أرقى تجلِّياتها!

 

وقفَ السَّلامُ يهدهدُ براعمَ القلب

مبدِّداً برشاقةٍ خيوطَ الأنين

 

الإنسانُ طموحٌ ممجوج

في معراجِ الحياة!

السَّلامُ بخارٌ مصفّى من نقاوةِ الذَّهب

ماءٌ الحياةِ على امتدادِ المدى

 

رقصةُ الخيرِ في صباحِ العيدِ

نغمةُ موصولة مع خضابِ الحنين

معَ نُسيماتٍ هائمة حولَ بسمةِ النَّدى!

 

قصيدةٌ حالمة

تائهة بينَ أحضانِ المحبَّة

 

اهتياجُ موجاتِ البحرِ

شوقاً إلى خيوطِ الشَّمسِ

بخارٌ مصفّى من دموعِ الأطفال!

يأتي الإنسانُ متربِّعاً فوقَ خمائلِ العمرِ

ناسياً أنَّ الحياةَ

رحلةُ عناقٍ معَ ضياءِ الشُّموعِ!

 

يعبرُ حفيفُ السَّلامِ في رحابِ القصائد

في أجنحةِ الحمائم

ينثرُ دفءَ المحبّة فوقَ أحلامِ المساءِ!

 

السَّلامُ حاجةٌ كونيّة

حاجةٌ ولا كلَّ الحاجاتِ

حاجةٌ تحنُّ إليها كلَّ الكائناتِ!

يتوقُ العشّاقُ إلى خمائلِ السَّلام

عندما يهبطُ اللَّيل في ليلةٍ قمراء!

 

السَّلامُ رسالةُ حبٍّ

مبرعمة في صفاءِ السَّماءِ!

السَّلامُ حنينُ طفلٍ إلى حليبِ أمِّهِ

إلى نومٍ عميق!

 

ترعْرَعَتْ زنابقُ الرُّوحِ

اخضوضرَتْ شواطئُ القلبِ

من بهجةِ الإشتعال

اشتعالُ اخضرار الشَّوقِ

إلى دبكةِ الغاباتِ

 

تلاشى ضجرُ الجبالِ

موجةُ فرحٍ غطَّتْ خاصراتِ التِّلالِ!

فوقَ شهقةِ العشقِ تنمو

رذاذاتُ الماءِ الزُّلالِ!

 

السَّلامُ صديقُ البحرِ

صديقُ البرِّ

صديقُ الهلالِ!

بسماتُ الزُّهورِ في صباحاتِ نيسان

أناشيدُ المحبّين في ليلةِ الميلادِ

حنينُ الأرضِ لزقزقاتِ العصافيرِ

لأغاني العشقِ والوفاءِ!

 

السَّلامُ ينبوعُ محبَّة

مطرٌ من لونِ المسرَّة

يحمي أحلامُ الطُّفولة من جنونِ الصَّولجان

يغطِّي الحقولَ بأبهى الزُّهورِ

مكلِّلاً بسمةَ الضُّحى بالأقحوان!ِ

السَّلامُ توأمُ الرُّوحِ

بهجةُ القلبِ

في أرقى حالاتِ التَّجلِّي!

صديقُ النُّجومِ وزخّاتِ المطر

صديقُ الطَّبيعةوأخيارِ البشر

سموُّ المحبّين إلى ضياءِ القمر

رسالةُ خيرٍ منقوشة على جذوعِ الشَّجر

تربيةُ طفلٍ من المهدِ

حتَّى نهاياتِ القدر

حكمةُ الإنسان الوارفة

على هاماتِ الدَّهر!

 

السَّلامُ ميزانُ الطَّبيعة

وهوَ يزرعُ وجنةَ العمرِ

بأعبقِ أنواعِ الزَّهر!

 

قداسةُ السَّماءِ

بركةُ الغيومِ

أنشودةُ الخيرِ على إيقاعِ المطر!

 

ميلادُ البحارِ

ميلادُ الأرضِ

صداقةُ الكونِ معَ تلألؤاتِ النُّجومِ!

 

لا تصمدُ حرابُ الحربِ

أمامَ بخورِ السَّلامِ

أمامَ خصوبةِ الأمانِ

أمامَ دفءِ الوئامِ!

تنمو في تلاوينِ العمرِ حكمةُ الأيّامِ

ثمارُ الحنانِ أغلى ما نملكُ

من وريقاتِ التَّهاني!

 

السَّلامُ محرقةٌ

تصهرُ شوائبَ العمرِ

ذهبٌ مصفّى من نسغِ الأفنانِ

صلاةٌ من نضارةِ الطُّفولةِ

من نقاواتِ المشاعر!

عندما عبرتُ تخومَ الغربة

وجدتُ تلاوينَ بهجةِ الخلاص

وحالما عبرتُ أعماقَ التَّلاوينِ

وجدتُ أزقّتي مفروشةً

على مساحاتِ العناقِ!

 

تسطعُ أحلامي فوقَ عذوبةِ اللَّونِ

فوقَ بهاءِ البساتينِ

تنمو الزُّهورُ فوق صدرٍ حنونٍ

ترقصُ رقصةَ السُّموِّ

على إيقاعاتِ الفلامنكو

على أنغامِ البحرِ

 

عندما يعبرُ السَّلامُ أمواجَ ليلي

أسبحُ بين اخضرارِ المروجِ

أجدُ بحيراتِ عشقٍ

معلَّقة بخاصراتِ الغيومِ

أغفو بإبتهاجٍ بين غلاصمِ البحرِ

أنتظرُ رعشةَ الخلاصِ

خلاصي من جنونِ العصرِ

من بيارقِ الحربِ

من خشخشاتِ اليباسِ!

 

لِمَن أهدي سلامي

لِمَن أهدي حمامي

لِمَن أسقي بذورَ الحنينِ

لِمَن أزرعُ مرامي

 

أريدُ من بشائرِ الكونِ

أن تبحرَ في ربوعِ كلامي؟

أن ترعى خمائلَ الرَّوضِ

أن تمرحَ في أعماقِ السَّلامِ

سلامي سلامٌ من نكهةِ النَّارنجِ

من نداوةِ البيلسانِ

سلامي حبقٌ متهاطلٌ من هلاهلِ السَّماء

من رحيقِ الهناءِ

هناءُ الطُّفولة

هناءُ سفوحِ الكونِ

هناءُ النَّسيمِ وهو يتماوجُ

مع شموعِ الوفاءِ

مع أغصانِ الرُّوح

وهي ترقصُ بانتعاشٍ

من وهجِ العطاءِ!

 

عطاءُ الشَّمسِ دفئاً

لوجهِ الثَّرى

لخصوبةِ الغاباتِ

 

عطاءُ الغيمِ نِعَمَاً

تخفِّفُ من لظى الآهاتِ

 

عطاءُ الرُّوحِ هدوءاً

أبهى من حفيفِ الفراشاتِ

 

عطاءُ القلبِ نقاءاً

أنقى من أعذبِ البحيراتِ!

 

السَّلامُ صلاةُ عابدٍ

متنسِّكٍ في كهوفِ الخيِر

في حقولِ البرِّ

نموّ حبّاتِ الحنطة في براري الرُّوحِ

بسمةُ طفلٍ في وجهِ الزَّلازلِ

سموُّ القلبِ في رحابِ المحبَّةِ

السَّلامُ خبزُ الحياةِ

رقصةُ العشّاقِ

في أرقى تجلّياتِ العناقِ

 

صفاءُ الفجْرِ

ضياءُ نجمةُ الصَّباحِ

أراجيحٌ تزغردُ على إيقاعاتِ البحر

مودّةٌ دافئة

من تواشيحِ بسمةِ البدرِ!

 

تغاريدُ الطُّيورِ فوقَ جبينِ المدائنِ

فوقَ نداوةِ الزَّهرِ!

هاجَ البحرُ شوقاً إلى هديلِ السَّلامِ

إلى شموعِ المحبّة

إلى بخورِ الأمانِ

أغدقَ الغيمُ حبَّاً عذباً

في أعماقِ الدِّنانِ

 

طارَتِ النَّوارسُ جذلى

ترقصُ رقصةً تنعشُ ربيعَ العمرِ

تبحثُ عن سفينةِ الحبِّ

عن نشوةِ الخمرِ

تفرشُ أجنحتها لأمواجِ العشقِ

لعلّها تعثرُ عن شواطئٍ راعشة

مثل إرتعاشِ الجمرِ!

 

تنامُ عصافيرُ الخميلة فرحاً

على ضياءِ الهلالِ

بعيداً عن جلاوزةِ الحربِ

بعيداً عن جنونِ البنادقِ

عن طيشِ القتالِ!

السَّلامُ طفولةٌ مترعرعةٌ في كنفِ الوردِ

براءةُ طفلٍ وهو يرضعُ

من عذوبةِ النَّهدِ

شموخُ جبلٍ

في ليلةٍ مضمّخة بالشَّهدِ

عروسٌ متوَّجة بالمحبّة

بأزاهيرٍ من أريجِ  المجدِ

 

السَّلامُ رسالةُ شاعرٍ إلى هديلِ الحمامِ

قبلةُ عاشقٍ في ليلِ الغرامِ

دفءُ المحبّة بينَ أحضانِ الغمامِ

شوقُ الطَّبيعة إلى سفوحِ الوئامِ

اِخضرارُ السَّنابلِ بينَ نداوةِ الأحلامِ

عناقُ الرُّوحِ معَ رضابِ الأنغامِ!

 

السَّلامُ موسيقى متعانقة

مع نغماتِ الكمالِ

حديقةٌ عشقٍ مسربلة

ببسماتِ الهلالِ

حكمةُ الحياةِ منقوشةٌ

فوقَ ثُغُورِ الليالي

برارةُ الأرضِ

وهي تهطلُ أبهى الغلالِ

 

موجةُ بحرٍ منعشة مثلَ اِنتعاشِ التِّلالِ

قصيدةُ عشقٍ هائجة في أعماقِ الجمالِ

ماءُ الحياةِ يسقي خدودَ الرِّمالِ

نعمةُ النِّعماتِ هبَّتْ علينا من الأعالي

صديقُ النَّسيمِ

شامخُ الصَّدرِ مثلَ الجبالِ

نكهةُ انبعاثٍ مِنَ الماءِ الزُّلالِ!

إبتهالاتُ وردةٍ

على تراقصاتِ جموحِ الغزالِ

رسالةُ محفوفة بخيوطِ الشَّمسِ

بأنبلِ الأنبالِ

مساحاتُ عشقٍ منذ بزوغِ الآزالِ

تتوهُ الرُّوحُ بين صخورِ العمرِ

تتعفّرُ من غبارِ الجشعِ

تتطهّرُ مع هبوبِ السَّلامِ

مع إشتعالِ رحيقِ الجمرِ

وحده السَّلامُ يستطيعُ

أن يفصلَ شوائبَ هذا الزّمان

عن وشاحِ العمرِ!

 

عبورٌ مثلَ الغمامِ

نعبرُ رحابَ الدُّنيا

ثم نتوارى خلفَ شهابِ البدرِ

 

نحنُّ إلى رحابِ الطّفولة

إلى نسائمِ البحرِ

كم من الإنبهارِ

يتماهى بين جوانحِ المدِّ

بين ظلالِ الجذرِ؟

 

يتماوجُ بين جموحاتِ الرُّوحِ

حنينُ الدفءِ إلى بياضِ العمرِ

كيفَ سنعيدُ إلى بهاءِ الرّوحِ

نقاوةَ الجمرِ؟

هل في بقاعِ الكونِ صروحاً

أحلى من إشتعالِ الجمرِ؟

 

تعالَ يا قلبي تطهّر من غبارِ القفرِ

من إنشراخاتِ هذا الزّمان

من إغراءاتِ السِّحرِ

سِحْرُ الحياة مؤقّتٌ

يتوارى كموجِ البحرِ

وحدهُ الإنسانُ معراجُ حياةٍ

غابةُ فرحٍ مفروشة فوقَ وجنةِ الدَّهرِ

وجنةُ عُشْقٍ أبهى من عذوبةِ الخمر!ِ

 

السَّلامُ رفيقُ اللَّيلِ

رسولُ السَّماءِ

نقاوةُ غيمة قبلَ أن تقبِّلَ وجهَ الثَّرى!

السَّلامُ بزوغِ زنبقة في ثغرِ تلّة

نسيمُ معبّقٌ من غضارِ الرُّوحِ

من أريجِ البتلّة!

بتلةُ القلبِ

بياضُ حنينٍ إلى بحارِ الأجِلّة!

رفرفي يا روحي شوقاً إلى حدائقِ الجنّة

جِنَانُ السَّلامِ نعمةُ النِّعماتِ

منذُ أن كانت بذوراً في أرحامِ الأجنّة!

يرقصُ القلبُ من وهجِ الإنتعاش

حتّى وصلَ إلى قمّةِ القمّة!

عبرَ الموجُ غفلةً في تجاعيدِ اللَّيلِ

هائجاً أكثر من جموحاتِ الغزال!

 

موجةٌ تزاحمُ موجة

عبورٌ بينَ تلافيفِِ الانحلال

إهتياجُ الانسانِ ينافسُ غضبَ الصحّارى

إنحرافٌ في حنايا الخصال

السَّلامُ موجاتُ عناقٍ حولَ بهاءِ الجمال

هبوبُ النَّسيمِ فوقَ إشراقةِ العمرِ

فوقَ أدراجِ الكمال!

جنَّةُ نعيمٍ مفروشة فوقَ اخضرارِ التِّلال

السَّلامُ عناقُ الرُّوحِ معَ تواشيحِ الهلال

شوقُ المحبّينِ إلى أنقى نقاواتِ الوصال!

 

وحدُهُ السَّلامُ ينيرُ ظلمةَ الرُّوحِ

يضعُ حدّاً لفظاظاتِ الإحتلال!

وحدُهُ السَّلامُ يثمرُ بذورَ الخيرِ

فوقَ أغصانِ البرتقال!

وحدُهُ السَّلامُ يزرعُ بسمةَ الطُّفولة

فوقَ رذاذاتِ الماءِ الزُّلال!

وقفَ العشقُ على قارعةِ العمرِ مذهولاً

عجباً، لماذا لا يخطِّطُ الإنسانُ

لمستقبلِ الأجيال؟!

وحدُهُ السَّلامُ قادرٌ أن يزرعَ حبقَ الخيرِ

فوقَ أغصانِ المرام!

 

كلّما أعبرُ دكنةَ الليلِ

أرى تواشيحَ بخورِ السَّلام

أراها بينَ عيونِ اللَّيلِ

بينَ مساماتِ الغمام

 

كلّما أجوسُ نقاواتِ السَّماءِ

أرى ضياءَ الرُّوحِ

مفروشاً فوقَ حكمةِ الأحكام!

تاهَتِ الحكمةُ عن دربِ المنارة

عن هديلِ الحمام!

السَّلامُ نكهةُ عشقٍ حول ضفافِ بردى

حولَ بسماتِ الشَّآم

طموحُ طفلٍ يعانقُ عذوبةَ النَّدى

بين أحضانِ أمٍّ مخضّبة بالإحترام!

حلمٌ من بهجةِ اللَّيلِ

من تلألؤاتِ حبِّ الكونِ

يزدهي بتراتيلٍ من أصدحِ الأنغام

حلمُ الزَّمنِ الآتي

يمسحُ السُّمومَ العالقة بين تجاعيدِ الآثام

فارشاً فوقَ صدرِ اللَّيلِ رسالةَ خيرٍ

من حكمةِ الأحكام!

 

هطلَ نسيمٌ مندّى بأعشابِ الجنّة

فوقَ رحابِ الحياةِ

نسيمٌ يطهِّرُ الرُّوحَ

من أنقى نسائمِ الأنسام!

 

السَّلامُ حوارُ إنسانٍ معَ كائناتِ الكونِ

معَ أوجاعِ الطَّّبيعة

معَ ينابيعِ الوئام!

لغةُ الشّمسِ فوقَ رعشةِ القلبِ

فوقَ بيادرِ العمرِ

لغةٌ من طيفِ العطاءِ

من أكرمِ لُغاتِ الكِرام!

لغةُ شاعرٍ متطايرٍ من زغبِ السّماءِ

يحملُ بين جناحيه طلاً

متناغماً مع إشراقةِ الإلهام

 

السَّلامُ رسالةُ خيرٍ إلى هضابِ الدُّنيا

إلى صباحاتِ الغدِ الآتي

إلى غاباتِ عشقِ الهيام

رسالةٌ من شهيقِ السَّماء

إلى رجرجراتِ الكونِ

حتّى حلولِ الوئام

وئامُ الرُّوحِ مع القلبِ

وئامُ البشرِ مع دبيبِ الأرضِ

معَ صقيعِ الجمادِ

مع تراتيلِ الحمام!

.... .... ..... ......!

 

ستوكهولم: صيف 1999، شتاء 2005

مقاطع من الجزء الخامس، يتبع الجزء السَّادس!

*أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الخامس، حمل عنواناً فرعياً:

السَّلام أعمق من البحار

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها