الموسيقا السريانية الكنسية الأرثوذوكسية
(الجزء السادس)
السنة الكنسية الطقسية ومصادر الألحان الكنسية
موضوع المقال:
بعد
أن انتهينا من مصطلحات الموسيقا وتاريخ السلالم الموسيقية للشعوب القديمة
وكيفية وصولها إلينا، وبعد أن طرحنا الكثير من الأفكار التي منها ما تعارض
بعض الإدعاءات التي أصبحت شبه "مسلمات" بين البعض من مثقفينا وموسيقيينا
حيث أخذوها على عللها دون التحقق من صحتها، آن الآوان لندخل الى الكنيسة
السريانية الارثوذكسية من باب موسيقاها وعالم ألحانها الذي هو موضوع مقالنا
وسنعالج فيه الموسيقا الكنسية وشرح مكوناتها وخصائصها والتعرف على أسماء
ملحنيها وطبيعة ألحانها
وصفاتها وأسباب دخولها للكنيسة.
لمحة عن السنة الكنسية الطقسية
وألحانها:
كانت
الصلوات والإحتفالات بالأعياد الدينية في القرون الأولى
للمسيحية
بشكل بسيط وتُمارس بالخفاء. وكانت طقوس الإحتفالات بأعياد الميلاد والقيامة
بسيطة
للغاية في بادئ الأمر،
فعمد الآباء الكنيسة الأولون بعد تلك المرحلة إلى تنظيم الصلوات وشؤون
الكنيسة بعد أن أُلِّفَت الكثير من النصوص الدينية باللغتين السريانية
واليونانية فقاموا بتشكيل "السنة الكنسية الطقسية" وبتنظيمها بشكل محكم
وجيد مع كافة طقوس الأعياد والمناسبات والإحتفالات الروحية الأخرى، وحصرها
جميعاً في سنة واحدة فقط، وذلك حين استطاعت المسيحية الظهور العلني للملآ
وإستنشاقها لهواء الحرية الدينية، بعد أن كانت مختبئة تحت الأرض نتيجة
الإضطهات التي لاقتها على أيدي حكام الامبراطوريتين الرومانية والفارسية.
إن السنة الكنسية الطقسية تتناول حياة السيد المسيح منذ ما قبل الولادة
ولغاية ما بعد الصلبوت والقيامة. وتحتوي على قصة بشارة مريم العذراء وولادة
السيد المسيح ودخوله للهيكل، ثم ظهوره الإلهي بأقانيمه الثلاث مع عمادته
وسائر أعماله العجائبية على الأرض وغيرها من الأحداث، ثم موته وقيامته
وإنتصاره على الموت، وتحريره
للبشرية من نير عبودية الخطيئة الأولى.
كما أن هذه السنة تتضمن الكثير من الأعياد التي نحتفل بها من تلك التي وقعت
أحداثها بعد صعود السيد المسيح إلى السماء، مثل عيد حلول الروح القدس على
التلاميذ وعيد انتقال العذراء إلى السماء بالجسد، وعيد اكتشاف الصليب
المقدس، وأعياد وتذكارات القديسين والكهنة والموتى وغيرها، وأيضاً بعض
المناسبات التي وقعت أحداثها قبل مجئ السيد المسيح مثل عيد مار إيليا النبي
مع جميع تذكارات آباء وأنبياء العهد القديم.
وفي القرنين الرابع والخامس الميلادي ظهرت بعض الخلافات العقائدية بين
المسيحيين حول طبيعة السيد المسيح، وقد عمد القديس افرام السرياني الذي كان
مفسراً كبيراً وشاعراً بارعاً إلى مجابهة الهرطقات بتأليف نصوص دينية على
شكل أناشيد ووضع ألحان شجية لها وتلقينها لجوقات الشباب والشابات شعراً
وإنشاداَ التي كان يقوم بتعليمها وتهذيبها.
ومن أجل هذه الغاية ولأسباب أخرى سنأتي على ذكرها لاحقاً ظهرت الحاجة إلى
وضع نظام للموسيقا الكنسية. ويمكن أن نعد القرن الرابع ( تاريخ إعطاء حرية
العبادة للمسيحيين ) تاريخ ميلاد الموسيقا الكنسية الحقيقي.
وتدريجيا إكتمل تنظيم السنة الكنسية واكتملت نصوص الطقوس الدينية، وتم
الترتيب النهائي للألحان الكنسية وتنظيمها في القرن السابع الميلادي في
الكنيسة السريانية الأنطاكية على يد العالم الكبير مار يعقوب الرهاوي (توفي
708م)، واستمرت ليومنا هذا، ومنها "طقس العماد، والزواج، ودفن الموتى،
والميرون، والشعانين، والميلاد، والقيامة، ورسامات الكهنة والشمامسة،
وغيرها".
وتبدأ
السنة الكنسية الطقسية بمواضيعها الدينية وألحانها الخاصة بها، فيحتفل في
كل موضوع ديني على حدى في يوم أحد خاص به، وتبدأ هذه السنة بالأحد المسمى
بأحد "تقديس الكنيسة" لتتبعه أيام الآحاد الاخرى وهي: "أحد تجديد الكنيسة"
ثم "أحد بشارة زكريا" و"أحد بشارة العذراء"، و"بشارة يوسف"، ثم "زيارة
العذراء لإليصابات" و"ولادة يوحنا" ثم "عيد ميلاد السيد المسيح"، لتتالى
أيام الآحاد تباعاً بحسب ما وضعه الآباء الأولون من نظام تقسيم جميع
الأعياد والمناسبات والتذكارات على مدار آحاد وأيام السنة وبشكل تسلسلي
وفقاً للأحداث التي مر بها السيد المسيح، وهذا نظام معقد نسبياً، وهو معتمد
في جميع الكنائس الطقسية القديمة، مع إحتفاظ كل واحدة منها ببعض الإختلافات
البسيطة التي تميزها عن غيرها لخاصيتها ومحليتها، وأيضاً بالفروقات الحاصلة
في تاريخ الأعياد نتيجة تبني بعضها التقويم اليولياني وبعضها الآخر
الغريغوري.
اﻷسباب التي من أجلها دخلت الألحان الى الكنيسة:
كانت
الموسيقا والإنشاد منذ أقدم الأزمنة تستعمل في المعابد والهياكل ودور
العبادة، لذلك أدخلها اليهود في عبادتهم، ومن ثم تبعتهم الكنيسة المسيحية
أيضأ. وكان الهدف من إدخال الموسيقا والإنشاد الى الكنيسة لعدة اسباب، منها
ما أكّدها فيلسوفنا السرياني ابن العبري في كتابه "الإيثيقون"، وأخرى هي من
إستنتاجاتنا الشخصية:
1. إستقطاب الشعب الى الكنيسة والصلاة
لعبت الموسيقا والأناشيد والرقص، التي كانت مرافقة للإحتفالات الدينية،
دوراً كبيراً في العصر الوثني، لإستقطاب الشعب إلى المعابد والهياكل
الدينية، وكذلك كان متعارفاً لدى اليهود إستعمالهم للآلات الموسيقية وإقامة
صلواتهم وطقوسهم الدينية بطريقة غنائية إنشادية، فارتأى آباء الكنسية
المسيحية على عدم التخلي عن هذه الميزة الجيدة والاستمرارية فيها جريأ على
عادة الأولين، لكن دون استعمال الآلات الموسيقية، وبطريقة مناسبة لجوهر
المسيحية.
2. منافسة هياكل الوثنية المليئة بالموسيقا كان لابد للكنيسة أن تُدخِل
العنصر الموسيقي الإنشادي للكنيسة بشكل كبير وجميل لينافس الموسيقا
الوثنية ويستقطب الناس ويلجم ميولهم نحو الوثنية ولئلّا تكون سبباً في
ذهابهم الى هياكلها.
3. بسبب تأثير اللذة المتولدة من سماع الألحان إن النغمة المهذبة والمعبرة
عن الكلمة التي وضعت في الألحان الكنسية، والتي يؤديها الصوت الشجي الحسن،
تتولد منها لذة فائقة من سماعها، تؤثر في النفوس والأرواح وتجلب لها
السعادة والهدوء والطمأنينة، وتجذبها إلى الفضيلة والخشوع والإحترام، وتخمد
فيها الحقد والغضب والميول الملتهبة والمنحرفة فتطهرها من الشر والآثام،
وكذلك تلهب فيها الشجاعة وتكسب العقل القوة الروحية للسيطرة على الغرائز
الجسدية. لذلك فضّل آباء الكنيسة أن تكون النصوص الدينية كلها ملحّنة
للغناء والترتيل للإستفادة من عمل الموسيقا وتأثيرها على المصلين.
4. للإستعانة بها على النشاط في العبادة، والتخفيف عن المصلين من وطأة
الأتعاب اليومية ولتلهيهم عن الشعور بالوقت والملل، وعن الشعور بالجوع
والعطش والأمور الحياتية والمتطلبات الجسدية الأخرى.
5. العدول والرجوع عن الخطيئة إن المصلين يتأثرون بالنغمة الحزينة فيبكون
على خطاياهم التي ارتكبوها، ويشعرون بالندامة، وتجعلهم يبتعدون عن إرتكاب
المعاصي، بل تساعدهم للتعلق بالقيم الإلهية السامية.
6. تأثير التعبير اللحني والصوتي إن النغمة الصحيحة المتوافقة لطبيعة النص
الكنسي، ومع الترتيل (الإنشاد الصوتي) الصحيح المعبر عن معنى هذا النص،
يساعدا المصلي كثيراً في تفهم عمق معاني الكلمات الروحية، والمقاصد الإلهية
من هذه النصوص لما تحويه من شروحات وتفسيرات عظيمة صاغها الآباء الأوائل
بمساعدة الروح القدس، وتدفع النفس البشرية إلى الدخول في حالة التأمل
الروحي العميق الذي يأخذها الى عالم الفضائل، ليتحد فكر الإنسان مع الله.
أصول
ومصادر
الألحان الكنسية وبدايات التلحين:
إن
الموسيقا الكنسية لم تخلق من عدم، أو من الفراغ ، إنما جاءت إبداعاً رائعاً
من وحي ورحم فكر وحضارة تاريخية عريقة، ضاربة جذورها في أعماق الأرض
والتاريخ.
إذ كانت لألحان الكنيسة السريانية الانطاكية إمتدادات لذاك الفكر الخلاق،
وإستلهامات من موسيقات شعوب معاصرة لها أو أقدم منها، استفاد منها الملحنون
الأوائل فأبدعت عبقريتهم أنغام روحانية رفعت شأن الكنيسة عالياً، وأغنوها
بألحانهم الخالدة، وهذا ما سنستنتجه من البحث عن مصادر جذورها.
1-
الموسيقا اليهودية:
لقد
نشأت المسيحية من جذور وبيئة يهودية فلسطينية، وكانت
صلوات المسيحيين الأوائل في فلسطين هي ذات الصلوات اليهودية المستعملة في
هياكل العبادة "الكنيست". وهي على الأغلب مستمدة من نصوص من أسفار العهد
القديم مثل المزامير ونشيد الإنشاد، والأمثال، ومراثي إرميا، وطلبة إشعيا،
حيث تبنتها الكنيسة الأولى القائمة على التلاميذ والرسل والمبشرين اليهود
الأوائل.
وأما ألحان التي استعملوها كانت نفس الألحان المستعملة لدى اليهود وكانت
ترتل بأسلوب يدعى اليوم "التنغيم البسيط".
ثم صاغ آباء الكنيسة بعد مرحلة البداية الكثير من الأناشيد على شاكلتها،
وصلنا منها القليل وهي معروفة للكهنة والشمامسة المبدعين.
لذا كان المصدر الأول لألحان الكنيسة هو الألحان اليهودية التي حملها الرسل
الأولون معهم.
2-
موسيقا المدن الآرامية:
كانت
معظم منطقة الشرق الأوسط تتحدث بالآرامية أثناء فترة السيد المسيح. وكانت
معظم مدن المنطقة تشكل كيانات آرامية لها إما سيادة كاملة أو شبه كاملة أو
تابعة لغيرها من الدول الكبرى حينها.
وقد تواصلت الموسيقا العذبة المتطورة في قصور الملوك والأمراء وهياكل
الوثنية المتواجدة في المدن الآرامية القديمة عبر الأجيال. واستمرت إلى ما
بعد ميلاد السيد المسيح وأستفاد الملحنون السريان الكنسيون منها. فمن وجود
ألحان كثيرة من هذا النوع، ووجود سلالم مقامات مختلفة النغمات، وقوالب
موسيقية جاهزة، أستنبط الملحنون الكنسيون من طبيعتها ومن جوهرها إبداعات
جديدة، جاءت ألحانا كنسية في غاية الروعة، واستلهموا من تلك الموسيقا طرق
جديدة في التلحين بما يناسب معاني النصوص الدينية وخاصية الموسيقا الكنسية
والنظام اللحني الكنسي.
هناك
قول شائع لدى المهتمين بالشأن الموسيقي التاريخي بأن الألحان القديمة
المستعملة في المدن الآرامية، تم إدخالها كما هي إلى الكنيسة، لكن هذا قول
باطل وغير صحيح مطلقاً، ولا يوجد أي إثبات تاريخي بين أيدينا يبرهن على
صحته ويدعم وجوده، فيبقى مجرد إدعاء باطل لا قيمة له.
وأسبابنا في رفض هذا القول هي:
اولاً-
موسيقا المدن متطورة وراقية من حيث بنائها الموسيقي، بينما بناء ألحان
الكنسية السريانية هو من النوع البسيط والغير معقد. (ربما ينطبق هذا القول
على ألحان الكنسية البيزنطية لكونها من النوع الراقي والفخامي).
ثانياً- موسيقا المدن بشكلها العام تخاطب الجسد، بينما الموسيقا الكنسية
تخاطب العقل والروح والنفس وتهمل الجسد. فهل يشترك المتناقضان على نوع واحد
من الموسيقا!.
ثالثاً- تعتمد موسيقا المدن على السلالم الموسيقية الكاملة (أوكتاف ،
ديوان) أو أكثر من أوكتاف في ألحانها، وهذا واضح من الموروثات الموسيقية
التي وصلت لنا. ونلاحظه بشكل واضح في ألحان الكنيسة البيزنطية الشرقية
المتواجدة في بلاد السريان التي نشأت وترعرعت في المدن الكبيرة، حيث أنها
تستعمل في ألحانها السلالم الموسيقية الكاملة أو أحياناً سلم ونصف، وهذا
أمر لا يتوافق مع مساحات ألحان الكنيسة السريانية الارثوذكسية التي تتكون
بمعظمها من أنصاف السلالم الموسيقية.
3- أغان شعبية (ريفية) آرامية:
يقول
البعض بأن
آباء الكنيسة
الأوائل قد أدخلوا بعض الألحان الشعبية الى الكنيسة، لكن لم يستطع هؤلاء
تقديم إثباتات وبراهين واضحة وصحيحة لتؤكد مزاعمهم. ولكن بالإستناد الى
تجربتي الخاصة وبحثي المتواضع في هذه القضية ومقارناتي الموسيقية بين ما
بقي ووصل لنا من أغاني آرامية شعبية التي عرِّبَت أو تُرِّكَت (من
التتريك)، مع الأناشيد الكنسية التي لا زالت مستعملة لهذا اليوم، ينفي
القول بإدخال الألحان الشعبية كما كانت عليه الى الكنيسة.
بل أرى بأن الموسيقيين السريان القدماء العباقرة، قد لحّنوا ألحانا كنسية
رائعة وجديدة،
لكن تشبه سلالمها لسلالم الألحان الشعبية، وربما لقوالبها الموسيقية أيضاً.
لهذا أعتقد بأن الباحثين الموسيقيين أصبح لديهم خلط بهذا الأمر، ولم
يستطيعوا أن يميّزوا بين ما كان موجود من موسيقا قديمة مستعملة شعبياً في
الأرياف، وبين ما لحِّن للكنيسة خصيصاً في تلك الأزمنة، نتيجة تشابه
السلالم والقوالب، فخلصوا بالقول بأن الألحان الشعبية الريفية دخلت كما هي
للكنيسة نتيجة القواسم المشتركة بينهما، منها أنصاف السلالم وطريقة الغناء.
أما أنصاف السلالم فإن معظم الأغاني والأهازيج الشعبية البسيطة التي لا
زالت تستعمل في قرى السهول والجبال وفي أرياف المدن الكبيرة حتى اليوم
والتي تبدلت لغتها الى العربية، تتكون ألحانها بمعظمها من أنصاف السلالم
الموسيقية، وهذا يؤكد على أن الموسيقا الشعبية تعتمد على أنصاف السلالم
الموسيقية.
كما أن اناشيد الكنيسة السريانية تعتمد بأغلبها في تكوينها على أنصاف
السلالم الموسيقية أيضاً وهذا قاسم مشترك كبير بينهما.
كما أن طريقة غناء الألحان الشعبية شبيهة بطريقة غناء البعض من الأناشيد
الكنسية، والطريقتان تعتمدان على طريقة قرائية في الغناء وكأنما هو كلام
يُقرأ مع تنغيم بسيط له. وهذه الطريقة لا تعتمد على التطويل اللحني أي
خالية من المدّات اللحنية، إلا في نهايات الجمل الموسيقية الطويلة أي في
القفلات، أو في نهاية المقاطع اللحنية .
ومن الأغاني الشعبية الباقية في القرى في سوريا والتي نعتقد بانها حافظت
على أسمائها الآرامية:
دلعونا، ميجانا، عتابا، مايا، موليا، عاليانا، وغيرها، والتي يمكن دراستها
لغويّاً للتأكد من آراميتها، وموسيقياً لمقارنتها بقسم من الأناشيد الكنسية
السريانية، لنستخلص منها أوجه التشابه، أو القواسم المشتركة بينها.
4- الموسيقا اليونانية:
كانت
المدن الآرامية الكبيرة تتعامل باليونانية لغة وثقافة وموسيقةً، لذا نجد
بوضوح مسحة يونانية على بعض نصوص الألحان السريانية وخاصة تلك التي تُرجِمت
من اليونانية أو
لُحِّنَت على طريقة السلالم اليونانية الكاملة مثل "القوانين"
والتضرعات "التخشفتات"، ولكن عادة تُنشد بطريقة سريانية لا تخلو من الحزن
والتذلل والمسكنة والخشوع والخضوع لله.
5- المصدر الرئيسي: "الملحنون السريان":
إنكب
آباء الكنيسة الأوائل منذ نشأتها على التأليف والتلحين والإشتغال بالنصوص
وبالطقوس فأنتجوا لنا الكثير من الدرر الموسيقية النفيسة كانت باباً كبيراً
ليدخل منه بقية الآباء لتبرز مواهبهم ويألفوا الكثير من التآليف العظيمة
التي يعجز الإنسان عن وصفها، لما تحويه على ألحان عبقرية معبرة عن نصوص
شعرية لا مثيل لها.
لا شك بأن الروح القدوس قد رافق هؤلاء الآباء العظام في تآليفهم الشعرية
وشروحاتهم للكتاب المقدس وفي ألحانهم الموسيقية الرائعة وفي كل أعمالهم
وخدماتهم الروحية، لما تحويه من عظمة وروعة وصدق وإبداع، فألحانهم فيها
صعوبة بالغة في التركيب، وصنعة دقيقة، وروعة في الجمال رغم بساطتها الشديدة
وعفويتها، وتعبير موسيقي جميل لمعنى النصوص، وعذوبة وسلاسة في التنغيم.
ونظرة سريعة على أمثلة قليلة من أعمالهم الأدبية أو الموسيقية ستبرهن لنا
على مدى عبقريتهم، و بأن الروح القدوس ساهم في كل إبداعاتهم الفكرية.
إن التآليف الكثيرة لعباقرة السريان الآراميين، إبتداءاً ببرديصان الآرامي
ومروراً بمار أفرام السرياني، وسويريوس الأنطاكي، ورابولا الرهاوي، ويعقوب
السروجي، والقواقين، ويعقوب الرهاوي، وغيرهم، تدل بأن إنتاجاتهم كانت
مستوحاة من الأرض الآرامية المنتجة للفكر والحضارة والتاريخ والتي حملتها
واستوعبتها اللغة الآرامية التي كانت وعائهم الفكري.
البعض من الموسيقيين الملحنين القدامى:
الفيلسوف
برديصان (154 – 222م)،
مار شمعون بارصابوعي
(
توفي 343م
)
،مار افرام السرياني (306 – 373م)،
مار
بالاي
(
توفي
342م
)،
مار سويريوس الانطاكي
(توفي
538م)،
مار رابولا الرهاوي (360 – 435م)، مار يعقوب السروجي (521م)،
مار ماروثا الميافرقيني (توفي 431م)،
مار شمعون قوقويو (485-563)م، مار اسحق الرهاوي (توفي 491 م) المعروف
بالانطاكي،
مار يوحنا بار افتونيا (توفي 538م)،
مار
ماروثا التكريتي (توفي 649م)
، ومار يعقوب الرهاوي (708م).
ومن الملحنين المشهورين أيضاً والمعروفين في التاريخ الكنسي من الذين
أبدعوا في ألحانهم وعطاءاتهم:
قورولونا (القرن الرابع)، ساويرا سابوخت (توفي 667م)، البطريرك جرجس الاول
(790م)، المطران جرجس اسقف الكوفة (توفي 722م)، ابن الصليبي (توفي 1171م)،
وغيرهم.
لكم كل المحبة
الجزء السابع |