الموسيقا السريانية الكنسية
(الجزء
الاربعون)
موسيقا نينوى،
بحث عن الحقيقة
قصتي
مع موسيقا نينوى التاريخية
قرأت لأول مرة
في نهاية ثمانينات القرن الماضي
خبر وجود موسيقا قديمة جداً تعود الى العصر
الاشوري الاخير اسمها "نينوى" فسعدت جداً له
بالرغم من عدم وجود تفاصيل حوله ولا إمكانية
التحقق من صحته بسبب عدم توفر مصادر ثقة
آنذاك. وأعتقدت حينها بأن الكثير من
الإشكاليات الموسيقية المتعلقة في تاريخنا
الموسيقي سوف تحلّ.
لأنها قد تسلط الأضواء على نوعية الموسيقا
القديمة وسلمها الموسيقي، وعلى كيفية تفكير
الإنسان القديم موسيقياً قبل آلاف السنين.
وربما ستجيب على تساؤلات محيِّرة كثيرة متعلقة
بما وصلنا من موسيقا دينية وشعبية شرقية عبر
التدرج التاريخي خاصة
في عملية ارتباطها بموسيقا الشعوب القديمة.
بقيت الامور عالقة لنهاية تسعينيات القرن
الماضي والاخبار تتوالى على مواقع الإنترنيت
عن هذه الموسيقا من قبل بعض كتّاب السياسة
وبعض ادباء وشعراء شعبنا السرياني، والكل
يتغنّى بفخر واعتزاز عن قِدمِها وعظمتها،
وكذلك من مواقع عربية مهتمة قليلاً بشؤون
الموسيقا الشرقية.
وقد قرأت عشرات المقالات يدعي كتّابها بأن هذه
الموسيقا اكتُشِفَت منقوشة على حجر من الآجر
بين اطلال مدينة نينوى الاثرية، وانها تتكلم
عن مأساة الحرائق التي وقعت في هذه المدينة
التاريخية العظيمة فكانت سبباً في دمارها
وانتهاء دورها التاريخي وزوالها من مسرح
الوجود.
في بادئ الامر لم اعطِ اهتمام للتدقيق بصحة ما
كُتب عن هذه الموسيقا بقدر متابعتي الجديد
عنها والبحث للحصول على نسخة منها للإستماع
إليها لأجل دراستها. فتكون حجة تبرهن قطعاً
على صحة او خطأ الفرضيات المنتشرة بين شعبنا
التي تدعي بأن موسيقانا الكنسية المتداولة هي
امتدادات لموسيقا الاقدمين، وأن النظام النغمي
إكاديس السرياني الكنسي قد ورثناه من الحضارات
القديمة.
لكن قبل حصولي على نسخة منها، وبسبب التضارب
الكبير في الروايات المكتوبة والمروية عنها
المنشورة على صفحات النيت، اضطررت الى التدقيق
في الاسباب التي كتِبَت من اجلها، والى البحث
الجاد في مجريات أحداث روايتها. فاكتشفت أنني
وقعت كغيري بمطب الكتابات الإنشائية والقصص
العاطفية الغير صحيحة التي تعتمد على الخيال
الحدثي الواسع لكتّابها وعلى عدم الإلتزام
باسلوب عرض الحقيقة كما هي. وبسبب عدم علاقة
هؤلاء الكتّاب بالموسيقا النظرية والعملية او
بعلم الحفريات والآثار او بالعلوم التي تسمى
بالدراسات الموسيقية التاريخية، أتت كتاباتهم
خالية من المنهج الصحيح في البحث العلمي
القائم على الوثائق التاريخية. لكنهم استطاعوا
أن يخدعوا
القرّاء بكتاباتهم ويضيّعوا الحقيقة بين
سطورهم ويقنعوهم
بما ارادوا ان يصلوا إليه من اهداف لفترة
زمنية محددة لكن ليس كل الوقت، فهما طال زمن
خدعتهم ام قصر فلا بدّ للحقيقة ان تظهر يوماً
وتبطل عمل ما قدموه من مادة مشوّهة وغير صحيحة
للقراء. وكان من تلك الروايات الخادعة التي
حَوت تضارب كبير وملفت للإنتباه هاتان
الروايتان:
الرواية
الأولى كما وردت:
تَدَّعي الرواية الأولى واقتبس: "بان قصة حب
كبيرة جرت في العصور القديمة بين فتاة ورجل
فقير ذي علم
وإطلاع واسعين وحدث أن أراد الملك الزواج بهذه
الفتاة وتم إجبارها عليه وإبعاد حبيبها عنها
ونفيه إلى غابة حيث عاش وحيداً متروكاً بلا
زاد فعاش حياته كلها بالحزن والأسى والألم على
فقدان محبوبته، وفي هذه الأوقات كتب نوطات
موسيقاه على ألواح من حجر حيث وصلت هذه
الأحجار إلى أيدي العلماء الألمان في القرن
العشرين ففكوا شيفرة الموسيقا ولحنوها (اي
عزفوها) واصيبوا بالدهشة لدى سماع الموسيقا
لما فيها من سحر لم يستطيعوا كشف سره.
ووجدت هذه الموسيقا في خرائب مدينة نينوى
التاريخية".
الرواية
الثانية كما وردت:
يَدَّعي أصحابها بان "سمفونية نينوى هي
سيمفونية آشورية ترجع إلى القرن السابع قبل
الميلاد عثر عليها مدونة على رقم طينية بين
خرائب نينوى. وهي ملحمة تتكون من أربع مقاطع،
يصف المقطع الأول منها عظمة الإمبراطورية
الآشورية ويستعرض جيشها النظامي. أما المقطع
الثاني فهو يرمز إلى تآمر
وتكالب قوى الأعداء لإضعاف هذه المبراطورية.
ويستعرض المقطع الثالث المعارك
الطاحنة التي دارت رحاها بين الجيش الآشوري
وجيوش الأعداء المتحالفة. اما المقطع الرابع
فيجسد الدمار والخراب، ويغلب عليه طابع الحزن
والأسى لما حل بنينوى من حرائق".
تساؤلات
لا بد منها
نستخلص من التناقض الواضح والكبير الذي وقع
بين نصا كل من الروايتين السابقتين بوجود
تلاعب كبير في حقيقة موسيقا نينوى. ولكن اين
وقع هذا التلاعب وما هو السبب الحقيقي الذي
كتِبَت من أجله لطالما أن المقطوعة الموسيقية
موجودة كما قيل؟
تزاحمت آنذاك
استفسارات كثيرة
في ذهني
دفعتني الى بحث مستمر عن اجوبة منطقية لها. فالثغرات
المتواجدة في الروايات المنشورة كثيرة
وغير
مقبولة وغير معقولة اوصلتني الى مرحلة شك
بوجود هذه الموسيقا. والى تساؤلات كثيرة حول
حقيقتها وحول تاريخ اكتشافها، وإن كانت تعود
الى العصور القديمة ام لا. وحول الضجة
الإعلامية التي حصلت من اجلها، ولماذا كل هذا
التضارب في حكاياتها. وإن كان هذا الكنز
المكتشف يحوي على نص شعري ونوطة موسيقية مثل
موسيقا اوغاريت التي اكتشفت عام 1948 في
سوريا، وغيرها كثيراً من الاستفسارات
التقليدية وغير التقليدية مثل:
- هل موسيقا نينوى من العصر الآشوري؟
هل فعلاً كتبت هذه الموسيقا في العصر الآشوري
الاخير ووجدت بين آثار مدينة نينوى التاريخية،
وتحكي قصة سقوطها عام 612 ق.م كما وردت في
الرواية الثانية وتوصف الحرائق والدمار التي
وقعت فيها وتحكي سر نهايتها المروعة. أم انها
وجدت فقط بين خرائبها ولا علاقة لها بالدمار
والسقوط، إنما هي مجرد حكاية عشق وغرام وحرمان
كما وردت في الرواية الاولى؟ فإن
كانت الرواية الثانية هي الصحيحة فلا بد من
السؤال الآتي:
- هل كتبت قبل دمار نينوى أم بعده؟
هل كتبت موسيقا نينوى (الرواية الثانية) ولحنت
قبل الدمار بزمن قليل وكان ملحنها قد كتبها
(او كتبها غيره) ولحنها ونقشها على صخر فوقع
الدمار واهلِك شعبها لكن الموسيقا حُفِظت بين
اطلالها، وبذلك يكون كاتبها قد تنبأ بدمارها
مثل ناحوم الالقوشي الذي كان قد تنبأ بوحي على
دمار نينوى في سفره التوراتي الاصحاح الثالث
قائلاً: "ويلٌ لمدينة الدماء. كلّها ملآنة
كذباً وخطفاً.... وخيلٌ تخبًّ ومركبات تقفز،
وفرسان تنهض، ولهيب السيف وبريق الرمح، وكثرة
جرحى، ووفرة قتلى، ولا نهاية للجثث. يعثرون
بجثثهم".
أم ان كاتبها عاش مجد نينوى العظيمة ببنيانها
وجيشها وملوكها وكان
على معرفة بنبؤة
ناحوم الالقوشي، فاستوحى من مجد نينوى ومن
نبؤة ناحوم معاً حكاية صالحة لأن تُخلَّد
فلحَّنها ونقشها على الصخر وبعد زمن وقع
الدمار على المدينة؟
أم أن ملحنها قد عايش وشاهد بأم عينه تلك
الحرائق الهائلة والدمار الكبير الذي وقع على
المدينة بعد أن تحققت نبؤة ناحوم الالقوشي،
فنقشها على حجر ورماها بين اطلالها؟
اسئلة كثيرة محيرة طرحت نفسها آنذاك، ولكن عدم
الحصول على اجوبة حقيقية شافية كانت سبباّ في
التقصي والبحث عن حقيقة هذه الموسيقا.
البحث
عن الحقيقة
كان قد لفت انتباهي إلى مقابلة صحفية قديمة مع
الباحث الموسيقار السرياني الكبير الاستاذ
نوري اسكندر على أحد مواقع الإنترنيت العائدة
لشعبنا السرياني، وكانت منقولة من موقع لموقع
وغير معلوم مصدرها، ولا وجود لاسم الصحفي الذي
اجرى الحوار معه ولا حتى تاريخ المقابلة. يؤكد
فيها الاستاذ نوري إسكندر أن موسيقا نينوى هي
موسيقا ايرانية، ولا مزيد من المعلومات عنها.
وجود كتابات بسيطة من بعض القرّاء كردود على
بعض المقالات نبّهت بأن موسيقا نينوى هي
موسيقا ايرانية، ولكن لا وجود لمعلومات اكثر
عنها.
ولكن كيف اصبحت موسيقا نينوى فجأة موسيقا
ايرانية، ولماذا قال عنها الباحث نوري اسكندر
أنها ايرانية؟
فهل
كانت هناك أصابع فارسية خفية لعبت بالحقائق
التاريخية فغيرتها لمصلحتها؟
استمر بحثي عن تقصي الحقيقة، واستطعت بعد اكثر
من سنتين ان أصل الى مواقع عالمية موثوق بها
تبيع موسيقا نينوى بواسطة الإنترنيت وكانت
تتضمن بعض المعلومات البسيطة عنها، وبالرغم من
قلتها لكنها كانت مهمة عن حقيقتها. فحصلت على
نسخة منها وبدأ مشوار السمع والدرس الدقيق لها
ووضعها تحت مجهر النقد مع البحث المتواصل عن
معلومات اكثر عنها. وإن طال مشوار الدرس
والبحث والنقد قليلاً إلا أن نتائجه كانت جيدة
وحقيقية. لكن كل آمالي السابقة كانت قد خابت
بأن هذه الموسيقا ستكون مفتاحاً سحرياً
حقيقياً سيحلّ الكثير من الإشكاليات الموسيقية
التي تصادفنا اليوم. وسعادتي قد خمدت وسراج
إندفاعي قد انطفأ، لأن موسيقا نينوى ليست
آشورية قط وليست قديمة ابداً. وأما حقيقتها
التي ذُكِرَت في مصادر موثوقة فهذه هي:
حقيقة
موسيقا
نينوى
"موسيقا نينوى" موسيقا فارسية وتكتب بصيغة
"نَي نوا" وهي من تلحين الموسيقار الإيراني
حسين علي زادة ويكتب اسمه ايضاً حسين عليزاده.
كانت قد لحنت وطرحت في الأسواق سنة 1983، أما
قصتها فهي مستوحاة من تراجيديا ومآسي كربلاء
الاسلامية التاريخية كما كتب عنها لاحقاً.
وأما من كتب عنها بأنها موسيقا آشورية يستحق
أن يُكسَر قلمه ويمنع من النشر.
تعريف
بالموسيقار حسين عليزاده
حسين عليزاده موسيقي
إيراني رائد
مؤلف وباحث
ومعلّم موسيقي إيراني
وعازف على آلتي التار والسيتار الوتريتين
التقليديتين الايرانيتين، ومعروف بإرتجاله في
العزف والتأليف الموسيقي، وهو مهتم جداً ومختص
بالموسيقا الإيرانية التقليدية القديمة التي
انتقلت عبر الاجيال، وتسمى في ايران موسيقا
الرديف.
ولد عليزاده في طهران سنة 1951 من
أب أذربيجاني من مدينة أورميا، وأم فارسية من
مدينة أراك. وفي سن المراهقة التحق بالمدرسة
الثانوية في المعهد الموسيقي ودرس حتى عام
1975، لتستمر دراساته الموسيقية العليا في
جامعة طهران للفنون بعد الثورة الإيرانية فدرس
التأليف الموسيقي والموسيقا
الفارسية
الكلاسيكية
وكان تركيزه الدراسي هو التكوين والآداء
الموسيقي، ثم استأنف دراسته في جامعة برلين
الموسيقية الالمانية ودرس حينها التكوين
والموسيقا واختص فيه.
سجل وعزف عليزاده مع كبار الموسيقيين
الايرانيين البارزين ومنذ 1977 العديد من
القطع الموسيقية الفارسية مثل: إسكيم غول،
مسقط رأس الأرض، نصف القمر، أصداء الضوء، رؤية
لا نهاية لها، قصيدة الزهور، طيور، وغيرها
كثيراً.
عمل مع اثنتين من الاوركسترات الموسيقية
الإيرانية الوطنية والاذربيجانية، وكذلك مع
اوركسترات خاصة مثل اوركسترا عارف واوركسترا
شيدا وغيرها. كان أول أداء عالمي مهني له مع
أوركسترا شركة الباليه بيجارت في أداء الباليه
مع موريس بيجار ويسمى غولستان. وقد ضُم الى
مدرسة الزهادة بمعلميها الكبار هوشانغ ظريف
وعلي أكبر شهنازي ونور علي بوروماند ومحمود
كرمي وعبد الله دافامي ويوسف فوروتان وسعيد
هرموزي.
ابتكر مقام جديد في الموسيقا الفارسية اسمه
داد، من خلال جمعه بين مقامين معروفين في
ايران.
رشح عليزاده سنة 2007 للحصول
على جائزة
غرامي مع
الموسيقي الأرمني جيوان كاسبريان، عن ألبومهما
الموسيقي المشترك "الرؤية اللامحدودة".
حصل على لقب "موسيقي العام الأكثر تميزاً في
إيران" عام 2008.
رشح لنيل جائزة التمييز العالي في فرنسا عام
2014، لكنه لم ينالها.
له أعمال كثيرة ومنها مشتركة مع عديد من
الموسيقيين والمغنين الإيرانيين الكبار من
بينهم محمد
رضا شجريان وشهرام
ناظري والأرمني جيوان
كاسبريان.
أما مؤلفاته الموسيقية المشهورة فهي كثيرة
جداً منها مقطوعات موسيقية ومنها غنائية مثل:
رواية الغموض، باريا حكاية بنات البحر الأم،
حصر 1977، اوميد الراكبون من سهل الامل 1977،
ني نَوا 1983، اوسيان ثور 1983، دريم 1986،
راز- نياز 1988، شورانجيز 1988، لا بانغ كوهان
(القديمة دعوة جديدة) 1990، افاي يي مهر
(الصكوك الاصلية الايرانية) 1991، هامنافاي
1993، بايكوبي 1994، موسيك ايران ارتجال 1995،
سوبهغاهي 1996، وغيرها كثيراً.
عمل عليزاده ايضاً في حقل الافلام السينمائية
الايرانية حيث لحن ألحان جميلة لموسيقا افلام
كثيرة تناسب اسباب صناعتها.
عملية
تزوير وقحة
1- "نَي نَوا" او "نَي نَوى" و "نَينَوَى".
قام البعض من شعبنا السرياني من أصحاب الفكر
القومي المتطرف بعملية تزوير وقحة لأسم
المقطوعة الموسيقية المشهورة بموسيقا نينوى
وذلك بدمج كلمتي اسم المقطوعة الفارسي "ني
نوا" بلغات مختلفة كالأتي "نينوى
،
Nineveh
،
ܢܝܢܘܐ"
لتظهر على انها اسم المدينة الآشورية
التاريخية "نينوى" ليتمكنوا من الإدّعاء بأنها
موسيقا قديمة جداً تعود الى العصر
الأشوري القديم، وملأوا فضاءات الإنترنيت
بآكاذيبهم وحيلهم الصبيانية وتشويههم للحقائق
وذلك دعماً
لفكرهم السياسي.
2- خلق قصة لإكتشافها قابلة للتصديق بأنها قد
وجدت على حجر آجر في خرائب نينوى، لكي تكتمل
لعبة التزوير والتصديق.
3- إختراع روايات عن مضمون نصها، مثل حادثة حب
كبيرة او حرائق ضخمة وقعت على مدينة نينوى
كانت سبباً في دمارها لتكتمل عناصر مسرحية
التزوير.
4- ظهور موسيقا ني نوا الفارسية في زمن كانت
قد اشتهرت فيه موسيقا اوغاريت مع بعض
المكتشفات الموسيقية التاريخية الاخرى مثل
القيثارات السومرية. فتم تحوير اسمها الى
"نينوى" وتحويلها الى موسيقا اشورية وتأليف
قصة لها على غرار موسيقا اوغاريت. فكان من
السهل التصديق والتسليم بوجودها وبحكاية
اكتشافها وقصة شعرها.
لماذا
"نَيْ نَوا"
تتألف "ني نوا" من كلمتين فارسيتين متفقتين مع
اللغة العربية شكلاً ولفظاً ومعنىً:
1-
كلمة "نيْ"
معناها باللغة الفارسية والعربية ناي" الآلة
الموسيقية النفخية التي تخرج أصواتاً شجية
فيها مسحة حزينة، وهذه الآلة معروفة لدى
الكثيرون من الشعوب والأمم، وهناك مجموعة
كبيرة من النايات المختلفة يختلف استخدامها
بإختلاف أهداف الموسيقا التي ستعزف عليها،
وكذلك هناك مجموعة نايات تستعمل حسب الدرجة
الصوتية.
2- كلمة "نوا"
تشير إلى درجة الصول عند العرب التي كان اسمها
السابق "بنجكاه"، وتشير ايضاً الى أحد
المقامات في الموسيقا الشرقية واسمه "مقام
النوى".
أما سبب تسمية المقطوعة الموسيقية ب "ني نوا"
فلأنها كتبت خصيصاً لآلة الناي مع الاوركسترا
لتأخذ الدور الاول في المقطوعة الموسيقية ومن
درجة او مقام النوى. وذلك تقلداً لتسميات بعض
المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية الغربية مثل
مقطوعات الكونشيرتو التي تجسد الحوار والدراما
والبحث عن الحقيقة بافتراض الشئ ونقيضه، والتي
تكتب خصيصاً لآلة معينة لتأخذ دور البطولة في
المقطوعة الموسيقية من خلال حواراتها مع بقية
الآلات الموسيقية في الاوركسترا السمفوني. مثل
"كونشيرتو بيانو دو ماجور"، او "كنشيرتو
كلارينت صول مينور"، وهكذا.
الآلات
المعتمدة في موسيقا ني نوا
استطاع الملحن الموسيقار حسين عليزاده في نقل
احداث قصة تراجيدية دينية تاريخية وقعت في
كربلاء العراق الى مقطوعة موسيقية فارسية
سماها "ني نوا"، واراد منها أن تكون معبرة
وجميلة جداً تحاكي القلب والعقل والوجدان،
وفعلاً جاءت المقطوعة الموسيقية كما رغب.
ونستطيع ان نصنفها على أنها موسيقا صوفية
راقية، وسامية بتكوينها وتعابيرها.
اعتمد عليزاده في تنفيذ موسيقاه هذه على بعض
الآلات الموسيقية الايرانية التقليدية لتنفرد
في نقل وتجسيد أفكاره ومشاعره بالإضافة الى
الأوركسترا الموسيقية التي ساهمت جميعها في
مزج الماضي بالحاضر ومنها:
1- آلة الناي التي هي بطلة المقطوعة الموسيقية
وعلى اسمها تسمت هذه المقطوعة. إن آلة الناي
آلة معروفة ومستعملة لدى أمم شتّى، ولكن آلة
الناي الايرانية معروفة بصوتها وحزنها
واستعمالاتها في المقامات الأيرانية،
وبالطريقة المميزة في العزف عليها الخاصة
بشعوب ايران والتي تختلف عن الطريقة العربية
والتركية التقليدية.
2- آلة التار الإيرانية الفارسية والمستعملة
في دول عدة وبشكل كبير مثل أذربيجان وحديثا في
تركيا.
3- آلة البزق المستعملة في دول وشعوب كثيرة
منها الشعوب ذات الاصول التركي والايرانية
وغيرها. لكن آلة البزق المستعملة لدى
الايرانيون لها ميّزاتها الخاصة التي تناسب
موسيقاهم، ولهم طريقتهم الخاصة في العزف عليها
وهي مختلفة عن طريقة عزف الترك والعرب وشعوب
أخرى على هذه الآلة.
4- آلة الإيقاع الإيرانية التي تسمى زارب
بالفارسية اي ضرب بالعربية وتختلف كثيراً عن
الآلات الإيقاعية العربية والتركية بطريقة
عزفها واستعمالاتها.
5- أنواع من الطبول المرافقة والتي تأخذ دوراً
كبيراً في المقطوعة استعملت كآلات إيقاعية
تعبيرية وليس فقط لضبط الوزن والإيقاع.
6- آلة الجوزة (وتسمى الكمانة عند البعض)
المستعملة كثيراً في موسيقا ايران وأذربيجان
وبشكل آخر في تركيا والعراق ومصر.
إن أسلوب
العزف عليها واستعمالاتها في المقطوعة
الايرانية تختلف تماماً عن أسلوب العرب والترك
ولكنها قريبة جدا للأسلوب الأذري.
7- آلتي العود والقانون المعروفتان في كل
المشرق، فالمقطوعة لا تخلو من نقرات هاتين
الآلتين حيث استعملتا في أماكن مناسبة من
المقطوعة.
8- آلة الكمان المعروفة للجميع أخذت دوراً
جيداً في نقل التعابير الفارسية للمستمع بل
أجادت في إنفراداتها.
9- الآلات الغربية العديدة التي شكلت
الاوركسترا والتي هي العمود الفقري للمقطوعة
الموسيقية.
أجزاء
المقطوعة الموسيقية ني نوا:
تتألف المقطوعة من أحد عشر حركة موسيقية وهي:
1- مناجاة رحيل
2- مناجاة حزن
3- مناجاة تقوى
4- مناجاة عاشق
5- مناجاة رحمة
6- مناجاة غربة
7- مناجاة محروم
8- مناجاة منكسرة
9-
مناجاة أمل
10- مناجاة لم تصل
11-
مناجاة منتصر
عن
موسيقا ني نوا
استطاع الموسيقار عليزاده أن يخترق جغرافيته
بفتحه هوّة بحجمه الموسيقي الكبير ودخل منها
الى المجتمعات الأخرى بكل دياناتها وقومياتها
ولغاتها بواسطة تحفته الفنية الرائعة وتجربته
الرائدة على المستوى الشرق التي يحتذى بها وهي
موسيقا "ني نوا". فلغتها الموسيقية التي تحاكي
العقل والروح والوجدان كفيلة أن تنقل الانسان
من خلال الإستماع إليها ليعيش تفاصيلها ويهيم
بسماعها لما تحتويه من روعة في دقائق حكايتها
وفي تفاصيل أنغامها المسكوبة في كل مقام من
مقاماتها وفي كل قسم من حركاتها الموسيقية وفي
كل ضربة ايقاع فيها، فيستلهم منها مآساة
كربلاء التاريخية بكل أحزانها وتفاصيلها التي
مرت على الإمام الحسين وجماعته التي وقعت عام
680م. هذا ما أراده الموسيقار الرائد حسين
عليزاده أن يوصله الى الناس السامعين لموسيقاه
وبالحقيقة هذا ما وصلنا. وحاله كحال أي مؤلف
في مجالات الفنون والآداب من الذين كتبوا
ورسموا ولحنوا وأنشدوا القصائد ليستمتع
الانسان بها فتتهذب اخلاقه ومشاعره ويرتقي
فكرياً وثقافياً.
وأخيراً هذا رابط للاستماع الى
التحفة الفنية الرائعة
موسيقا "ني نوا" كاملة ومدتها تقارب 72 دقيقة،
ولكم في النهاية الحكم عليها.
http://arabsong.top/yt/A_e5j_Clmng.html
وهذه
صورة لغلاف العمل الموسيقي "ني نوا"
وهذا رابط آخر لأحد مقاطعها يمكنكم الإستماع
إليه أو تحميله
http://www.youtube.com/watch?v=vdro5...layer_embedded
او
الاستماع اليها على هذا الرابط حيث يحوي صور
ورسوم لحضارة الرافدين
http://www.youtube.com/watch?v=mPsqa...layer_embedded
ويتبع في الجزء الاخير من مقالنا |