الموسيقا السريانية الكنسية
(الجزء
التاسع
والعشرون)
شروط تطبيق نظام الألحان إكاديس
والإضافات الشعرية والموسيقية (ج1)
ملاحظة:
إن الإستنتاجات التي أتينا بها في هذا الجزء والجزء القادم من المقال هي
شخصية بسبب عدم وجود وثائق تاريخية تؤكد أو تنفي الإشكالية التي نحن بصدد
مناقشتها، وقد تأكدنا من صحة بعض نقاطها بحوارات ومناقشات أجريناها مع كهنة
وشمامسة قديرين بالطقوس والألحان الكنسية، فلهم جميعاً شكر خاص. وأما الجزء
الكبير من المعلومات العامة فلقد استقيناها من كتب كنسية ومن خبرتنا
الشخصية في الأمور البيعية.
الشعر لدى السريان
لقد أبدع السريان في تآليفهم في كافة صنوف العلوم والمعرفة، وبسبب إتقانهم
لغات عديدة وأهمها اليونانية ثم العربية جعل منهم الأوائل في نقل أصناف
العلوم والمعرفة الى المشرق من خلال ترجمتهم لكتب الحضارة اليونانية، بل
زادوا عليها بتآليفهم وإبداعاتهم في كافة مجالات الحياة وأصبحوا رواد
واساتذة المعرفة في المشرق.
ففي صنوف الآداب والشعر كانت لهم إبداعات فكرية كنسية عظيمة سبقوا فيها
شعوب كثيرة، وتُرجِمَت الكثير من أعمالهم الأدبية إلى اللغات اليونانية
والارمنية والجيورجية وغيرها. واشتهر اسم الكثيرون منهم في تقريض أنواع
الشعر السرياني وبمواضيع كنسية مختلفة لم يجاريهم فيها أحد. ويقول في هذا
العلامة المطران ساكا (1931-2011)م في كتابه الصادر 1983 "السريان إيمان
وحضارة" (ج3 ص240): "أما السريان فنظمهم للشعر في القرن الرابع الميلادي
يستدل به ما كان للسريان وما ارتقت إليه لغتهم من السمو والحضارة. فقد رافق
الشعر جميع مرافق الحياة الكنسية، فقد صلّى الآباء شعراً، ووعظوا شعراً،
وطرحوا الحكمة شعراً، وذادوا عن حياض الدين المسيحي شعراً".
وشعراء السريان الأولون لم يستعملوا القافية ولا التفاعيل في تآليفهم
الشعرية السريانية في القرون الأولى للمسيحية، بل التزموا أكثر بالوزن
الشعري للنص وبالمعاني الروحية لكلماته. وفي القرن التاسع الميلادي اهتموا
بالقوافي الشعرية مقلدين العرب بذلك، لكن بعد فترة قصيرة سبقوا العرب في
هذا المضمار وتجاوزوهم بأشواط طويلة. وقد
ذكرنا سابقاً أشهر شعراء الكنيسة السريانية في القرون العشرة الأولى
للمسيحية في أجزاء مقالنا.
إن التنظيم الشعري لدى السريان متكوّن من شكلين من الشعر هما الميامر
والمداريش، وصيغت هذه من أوزان شعرية متعددة منها الوزن الخماسي الذي اشتهر
به مار بالاي، والوزن السباعي الذي يسمى بالافرامي على اسم قديس
الكنيسة وكنارة الروح القدس
مار افرام السرياني، والإثني عشري الذي يسمى بالسروجي نسبة شاعر الكنيسة
وقيثارتها مار يعقوب السروجي، وغيرها من الاوزان.
الاوزان الشعرية وانواعها
والأوزان الشعرية عند السريان تتألف من النطق الصوتي لحركات الحروف، وليس
للزمن علاقة فيها، وهي أنواع كثيرة وتقسم الى ثلاثة أصناف كلآتي:
1-
الأوزان الزوجية: مثل الوزن الرباعي أو الثماني أو الإثني عشري
2-
الأوزان الفردية: مثل الوزن الثلاثي والخماسي أو السباعي أو الخامس عشر
3-
الأوزان المركبة ومنها تتكون من وزنين معاُ مثل: سباعي + ثماني أو من خماسي
+ سداسي، أو خماسي + سباعي. أو تتكون من ثلاثة أوزان معاً مثل: رباعي +
خماسي + سداسي، او من سباعي + خماسي + سباعي، وهكذا. والاوزان المركبة هي
كثيرة وتعد بالعشرات.
وتسمى أشعار الأوزان الفردية والزوجية الميامر "ܡܐܺܡܪ̈ܐܶ
ميمرهِ" وهي قصائد محكمة الأوزان، وأما أشعار الأوزان المركبة فتسمى
المداريش "ܡܰܕܪܳܫ̈ܶܐ
مَدروشهِ" وهي أشعار
يقابلها في العربية أوزان اشعار الموشحات، لكن أوزان المداريش تسبق
الموشحات بعصور طويلة.
الأوزان الموسيقية وانواعها:
أما الأوزان الموسيقية فتتكون من نغمات وأزمنة مختلفة في التقسيمات، وهي
غير الأوزان الشعرية. وعادة تكون النغمات والأوزان الموسيقية خادمة للأوزان
الشعرية ولمعاني نصوصها. ويمكن لأي نص شعري أن يُلّحن بألحان متعددة مختلفة
الأوزان والضروب والمقامات الموسيقية، وهذا يعود إلى فهم الموسيقي للنصّ
الشعري ولتذوّقه الموسيقي في إختياره للمقام والوزن الموسيقي والإيقاع
المناسبين لمعنى النصّ الذي يقوم بتلحينه.
وتُعَّرَف الأوزان الموسيقية على أنها تقسيمات مختلف لمدة زمنية كبيرة
تتألف من ثنائيات وثلاثيات ورباعيات زمنية،
وتجمع الاوزان سوية فتشكل ما يسمى بالإيقاعات أو الضروب. وأما
أنواعها فتنقسم
إلى ثلاثة وهي:
1-
الأوزان
الثنائية. 2- الأوزان
الثلاثية.
3-
الأوزان المركبة
وإن مجرد إلقاء نظرة سريعة على ألحاننا الكنسية سيتبيّن
مدى تعدد الأوزان الموسيقية فيها وأنواعها من فردية وزوجية ومركبة، وإن
دلَّ هذا على شئ فيدلُّ على عبقرية وإبداع في التلحين.
إكاديس
مرة اخرى
"إكاديس" كلمة يونانية اطلقها السريان على نظام الألحان الثمانية السرياني
الكنسي، ووردت الكلمة في كتاب "ܐܝܬܝܩܘܢ
الإيثيقون" للفيلسوف السرياني الكبير المفريان غريغوريوس ابن العبري (1226-
1286)م في نسخته السريانية (ص37) "ܐܟܐܕ̈ܝܣ"
وبصيغة الجمع، ووردت في النسخة العربية التي قام بترجمتها العلامة المطران
بولس بهنام (1916- 1969)م في (ص141)
بصيغة "اكاديس". وقد
عرّبها البطريرك العلامة افرام الاول برصوم (1887- 1957)م في كتابه "اللؤلؤ
المنثور" (ص55) بكلمة "اكاديا"، ولم يشكل الألف بالهمزة لعدم تشكيلها في
صيغتها السريانية
"ܐܟܐܕ̈ܝܣ"
في كتاب الإيثيقون. فكان عليه أن يضع همزة تحت الألف المطلقة ويكتبها
"إكاديا"، او ينقلها كما هي في صيغتها السريانية "إكاديس" كما فعل المطران
بولس بهنام في ترجمته. لأن هذه الكلمة وردت ايضاً في كتاب "ܗܘܕܳܝ̈ܶܐ"
"الهدايات" لأبن العبري (ص41) طبعة دير مار أفرام بهولندا سنة 1986 بصيغة "ܐܝܟܰܕ̈ܝ̈ܐܰܣ"
وهي في حالة الجمع، وتكتب بالعربية "ايكادياس"، والتسمية بصيغتها هذه تؤكد
على يونانيتها، وقد استعملها ابن العبري بمعنى الألحان ونظام الألحان.
وأما اليونان فقد استعملوا التسمية "أوكتوإيكوس" لنظام الألحان الثمانية في
الكنيسة البيزنطية، والسريان بدورهم أخذوها عنهم بصيغة إكاديس المشتقة من
كلمة "إخوديس او إكوديس" اليونانية التي تعني "لحن" أو ألحان، والتي اشتُقّ
منها كلمة "إكو
Echo"
أي الصدى".
لقد قرأ البعض في "كتاب اللؤلؤ المنثور" بأن نظام الألحان الثمانية يسَمّى
"اكاديا"
المعربة من إكاديس، فذهبوا بالقول بأن "إكاديس" تحدرت من كلمة "آكاد"، لكن
دون أن يقدموا لنا وثيقة تاريخية واحدة تدعم قولهم، بل اعتمدوا فقط على
تشابه كتابة الكلمات اكاديس واكاديا واكاد، وليس على لغة الكلمة ومصدرها
ومعناها.
وانتشرت مؤخراً بين السريان مغالطات غير مدعومة بإثباتات تقول بأن نظام
الألحان الثمان "إكاديس" منشأه سومر وآكاد وآشور ثم انتقل الى اليونانيين،
لكن الوثائق المتوفرة تؤكد بأن اليونان والسريان هم الذين اخترعوا هذا
النظام في مدينتي انطاكيا والرها لينتقل بعدها الى القسطنطينية ثم اوروبا،
ولا علاقة للشعوب القديمة المنقرضة مثل سومر وآكاد واشور به. فعدم وجود هذا
النظام عند كنائس العراق التي انفصلت عن انطاكيا قبل إختراعه هو خير دليل
يؤكد على هذه الحقيقة. وأما الكنائس الانطاكية فلقد استعملته وحافظت عليه
وأمَّنَت استمراريته والعمل به لغاية يومنا هذا.
لهذا يجب ألّا يُصنَع من تلك المغالطات حقائق تاريخية تملأ الكتب من غير
وجه حق، لأنها مجرد أباطيل قفزت على التاريخ وأختزلت الزمان والمكان، وكأن
بقية الحضارات التي ساهمت في تطور الحضارة الانسانية بشكل فعّال وكان لنا
معها تداخلاً تاريخياً وحضارياً لا أهمية لها وغير موجودة في قواميس اصحاب
تلك المغالطات.
إكاديس النص واللحن القياس
إن نظام إكاديس "ܐܶܟܐܕܝܺܣ"
لألحان الكنيسة السريانية الاورثوذكسية يحوي مجموعات لحنية كثيرة مختلفة في
قوالبها واستعمالاتها، وسنأخذ مثلاً واحداً منها لكي نوضح ما سنذهب إليه من
القول، وهو مجموعة "ܣܶܒܠ̈ܳܬܳܐ
سِبلوُثوُ" ومعناها "المراقي" أي التدرّج، والواحدة منها "المرقاة
ܣܶܒܶܠܬܳܐ
سِبِلثوُ"، ويقال لها أيضاً "ܩ̈ܠܶܐ
ܫܰܗܪ̈ܝܳܐ
قوُلهِ شَهروُيهِ" الأناشيد السهرية، ومعظمها من القصائد المحكمة الأوزان
التي تسمى
ܡܐܺܡܪ̈ܐܶ
الميامر، وفقط أربعة منها هي ذات أشعار مركبة ومن نوع
ܡܰܕܪܳܫ̈ܶܐ
المداريش. وكل مرقاة واحدة من المراقي تحوي ثمانية نصوص ذات وزن شعري واحد،
ولها ثمانية ألحان مختلفة السلالم الموسيقية ابتداءّ من اللحن الأول حتى
الثامن. وتعداد المعمول بها اليوم 56 مجموعة لحنية لكن جزء مهم من ألحانها
قد فُقِدَ وضاع، ويتفاوت تعدادها في الكتب المتداولة عند أهل الرها ودير
الزعفران والموصل وما سجله البطريرك يعقوب الثالث من ألحان.
وقد أطلقنا على ألحانها مصطلح مجموعة "ألحان القياس" والمفرد منها "اللحن
القياس"، وعلى نصوصها الشعرية مصطلح "النصوص القياس"، والمفرد منها "النص
القياس" لأن نصوصها وألحانها يقاس عليها نصوص صلوات كثيرة لتنشد في أوقاتها
ومناسباتها.
وجميع ألحان المراقي
ܣܶܒܠ̈ܳܬܳܐ
سِبلوُثوُ هي كبقية الألحان السريانية الكنسية الأخرى صيغت ونظّمت وفق
طبيعة وصفات النغمات الموسيقية الموافقة لمعنى نصوصها الشعرية ومناسباتها،
من قبل آباء عباقرة شعراء وملحنين ومفسرين للكتاب المقدس في القرون السبعة
الاولى للمسيحية، ومن أهتم كثيراً بتنظيم الطقوس البيعية بكافة نصوصها
وألحانها وألّف ولحّن قسم منها أيضاً ووضع قوانين للكنسية كان العالم
الكبير مار يعقوب الرهاوي
(708م).
وبشكل عام فإن نصوص المراقي وألحانها هي أساسية على جدول برنامج صلوات
السنة الكنسية وتسد جزء مهماً من مواضيع الصلوات اليومية والمناسبات
الدينية المتعددة. وتطبق على نصوصها وألحانها نصوص شعرية كنسية كثيرة،
لينشَد على كل "نص قياس" منها نص واحد وبلحن واحد فقط، أو تنشد مجموعة من
النصوص المختلفة بذات اللحن خلال السنة، أو ينشد على قياس نصها نص واحد خاص
ثمانية مرّات وبثمانية ألحان مختلفة السلالم الموسيقية حسب نظام ألحان آحاد
السنة الكنسية. مثل ترتيلة "ܦܘܠܘܣ
ܫܠܝܚܳܐ
فولوس شليحو" التي تنشد كل أحد قبل قراءة الرسائل، ولها نص واحد ينشد ثمان
مرات وبثمانية ألحان مختلفة السلالم الموسيقية بثمانية آحاد من الأول حتى
الثامن، وأُخِذَت ألحانها من ألحان
ܣܶܒܶܠܬܳܐ
سِبِلثوُ
ܛܘܒܰܝܟܝ ܥܺܕܬܳܐ
طوبَيك عيتو. وأيضاً ترتيلة "ܟܰܕ
ܩܳܝܡܳܐ ܡܪܝܡ ܒܰܨܠܘܬܳܐ
كاد قوُيموُ مريم بَصلوثوُ" تنشد ثمانية مرات بألحان مختلفة أيضاً وبحسب
نظام السنة الكنسية.
ويجوز أن تطبق الألحان الثمانية لبعض المراقي على نص واحد ثابت ينشد كل يوم
خلال الصلوات اليومية او ينشد مرة واحدة في كل اسبوع، ولا أهمية هنا لترابط
موضوع النص مع نوع اللحن، إنما الأهمية الكبرى في هذه الحالة هي فقط
للتسلسل اللحني التابع لبرنامج ألحان السنة الكنسية.
إذاً كل نص من نصوص المراقي هو نص أساسي للصلاة ونص قياس أيضاً، وكل لحن من
الألحان الثمانية لكل مرقاة منفرداً هو لحن أساسي للصلاة ولحن قياس. وتطبق
على نصوص وألحان المراقي نصوص كنسية كثيرة ذات قواسم مشتركة معها، وهذا
التطبيق لا يحصل كيفما شئنا إنما وفق قانون كاليندار السنة الكنسية "ܫܰܢ̱ܬܳܐ
ܥܺܝܕܬܳܢܳܝܬܳܐ
شاتوُ عيتوُنَيتوُ" الذي يبدأ بأسبوعه الأول بأحد "ܩܘܕܳܫ
ܥܺܕܬܳܐ
تقديس الكنيسة" ونصوصه الشعرية تتناول معالجة تقديس الكنيسة وتنشد من اللحن
الأول "ܩܰܕܡܳܝܳܐ"
مع متغيّره اللحن الخامس "ܚܡܺܝܫܳܝܰܐ".
ليأتي الاسبوع الثاني فيكون أحد "
ܚܘܕܳܬ ܥܺܕܬܳܐ
تجديد الكنيسة" وينشد فيه اللحن الثاني "ܬܪܰܝܳܢܳܐ"
مع متغّيره اللحن السادس "ܫܬܝܬܳܝܳܐ"
وهكذا حتى الاسبوع الثامن. وجميع الألحان التي تنشد من اللحن الأول والخامس
في أحد تقديس الكنيسة لا تنتمي إلى مجموعة لحنية "سِبِلثوُ" واحدة فقط،
إنّما تُنشَد من ألحان عدة مجموعات قياس لحنية.
أما
ألحان المناسبات الكبيرة
مثل الأعياد
الرئيسية والتذكارات والطقوس الدينية كطقس العماد والإكليل وتجنيز الموتى
ومسحة المرضى وغيرها، لها ألحانها الخاصة التي حُدِدَت وفق طبيعتها وصفاتها
لتناسب الحدث الدرامي للموضوع الذي يعالجه النص الكنسي،
وقسم من هذه الألحان ينشد في مناسبات أخرى تتفق معها بطبيعة الحدث
الدرامي.
وكما ذُكِر فإن ألحان أوقات الصلوات اليومية خلال أيام الاسبوع تتبع ألحان
الأحاد التي تسبقها، فإن كان الأحد من اللحن الأول فيتناوب فيه اللحنين
الأول مع متغيّره الخامس وتكون الصلوات اليومية من هذين اللحنين وهكذا.
مجموعات أخرى
وهذه مجموعات لحنية مستقلة تختلف عن المراقي وتعدادها كبير ونصوصها
وألحانها خاصة بها وهي جزء كبير ومهم من الطقس الكنسي تدخل على النظام
إكاديس وتتبع تسلسله اللحني، ولكنها غير معنية بالمراقي السيبلوثو إنما
تدعمها بالنصوص والألحان حسب مواضيعها. ونصوص وألحان هذه الأنواع من
مجموعات الأناشيد تدعم مواضيع الصلوات خلال دورة السنة الطقسية، ولكنها
ليست بمعظمها نصوص وألحان قياس لتُطَبّق على نصوص أخرى.
فمن هذه المجموعات:
-
ܡܰܕܪ̈ܳܫܶܐ
مجموعة المداريش ذات الأوزان المركبة وعددها كبير لكن ألحانها ونصوصها لا
تنتظم بمجموعات مثل المراقي، أي ليس لنصوصها ثمانية ألحان إنما لكل نص لحن
واحد فقط. فهناك عدد منها سلمها الموسيقي هو من اللحن الاول، وعدد آخر من
الثاني وهكذا. وليس كل العدد من اللحن الاول هو لحن واحد إنما ألحان مختلفة
صيغت على سلم اللحن الأول.
-
الاناشيد الإفرادية
ܦܶܪܕ̈ܶܐ
وتلفظ فِردهِ وهي كثيرة جداً وليست منتظمة أيضاً بمجموعات مثل المراقي، بل
كل نصّ منها له وزنه ولحنه الخاص به ولا يطبق على نصوص اخرى. وهي منظّمة
على أوزان شعرية متعددة، وتقسم الى مجموعات لحنية ففيها حوالي عشرة اناشيد
من اللحن الأول ومثلها من اللحن الثاني وعدد من الثالث وحتى الثامن، وهناك
مجموعة منها تسمى المختلفة
ܡܫܰܚܠܰܦܬܳܐ
مشَحلَفتوُ ونوعية ألحانها هي حسب مواضيع نصوصها.
-
الأناشيد التضرعات "ܬܰܟܫܦ̈ܳܬܳܐ
التخشفتات" وعدد ما وصل إلينا مائتان وخمسة واربعون نشيد حسب اللؤلؤ
المنثور، وأغلب نصوصها ذات أوزان شعرية مركبة لكن ألحانها غير موزونة
موسيقياً وغير مرتبطة بضروب اي هي من النوع الفالت، وفيها من اللحن الأول
حتى الثامن، وقد لُحِنَت نصوصها كلمة كلمة على الطريقة البيزنطية لكنها
تنشد باسلوب سرياني صرف وبمناسبات معينة.
-
مجموعة تسمى غنيزيِ "
ܓܢܺܝܙ̈ܐ"
ومعناها الحجاب وألحانها من الأول حتى الثامن وتنشد في مناسباتها وتشبه
التخشفتات.
-
القوانين اليونانية
"ܩܳܢܽܘ̈ܢܐ
ܝܰܘܢܳܝ̈ܶܐ"
فلها نصوصها وألحانها الخاصة من الأول حتى الثامن لكن هيكلية ألحانها قد
تبدّل عبر التسلسل الزمني واصبحت تنشد بصيّغ غير مفهومة كثيراً لكن وفق
مناسباتها.
-
وهناك
نصوص لا ترتبط بأوزان شعرية ولا بأوزان موسيقية مثل
"ܚܘܣܳܝ̈ܶܐ"
الحسّايات وغيرها وهي تنشد كقراءات منغمّة، قسم منها لها ألحانها الخاصة
وهذه مرتطبة بمناسباتها وتنشد كالمواويل الملحّنة أي ألحانها تتبع مواضيع
نصوصها. وقسم كبير منها تنشد بطريقة المواويل الحرة وهي مرتبطة مباشرة
بتسلسل ألحان نظام إكاديس أي أنها تنشد بثمانية ألحان مختلفة وبطريقة فالتة
حسب موقعها على البرنامج الكنسي السنوي.
إذاً فالنظام "إكاديس
ܐܶܟܐܕܝܺܣ"
يؤمن ألحاناً للنصوص الشعرية الكنسية المتوافقة بالأوزان الشعرية والتي
تنشد على مدار أيام وآحاد السنة الكنسية "ܫܰܢ̱ܬܳܐ
ܥܺܝܕܬܳܢܳܝܬܳܐ
شاتو عيتونيتو" وفق ترتيب معين ومحدد ومحكم.
وجميع هذه الألحان متواجدة في كتاب مخزن الألحان "ܒܶܝܬ
ܓܰܙܳܐ"
وكتب كنسية أخرى.
شروط في تطبيق إكاديس
لأجل توضيح الشروط على كيفية تطبيق النظام اللحني إكاديس في الكنيسة
السريانية نأخذ إحدى المجموعات اللحنية كمثل وأخترنا أشهرها وهي
مجموعة المراقي "ܣܶܒ̈ܠܳܬܳܐ".
ولأجل تطبيق نصوصها الشعرية على نصوص شعرية أخرى يجب الإلتزام بشروط اربعة
لئلّا يحصل تناقض بين الأوزان الشعرية أو الموسيقية أو المعاني، أو بين
مواضيع النصوص الكنسية وألحانها. وسأستعمل هنا إلى جانب مصطلح "النص
القياس" مصطلحاً آخراً للنص الذي سيطبق عليه اللحن وأطلقت عليه تسمية "النص
المعالج". والشروط الاربعة مرتبطة ببعضها وهي:
1- الإتفاق بالموضوع
لقد تم إختيار مواضيع نصوص كل المجموعات اللحنية في البيث كازو بشكل دقيق
جداً
لتعالج
أحداث ومناسبات كنيسة عديدة، ومنها مجموعة المراقي "سِبِلثوُ
ܣܶܒܶܠܬܳܐ"
التي صنفت نصوصها حسب مواضيعها على الشكل الآتي:
-
النصين الأول والثاني قد خُصّا للعذراء
-
النصين الثالث والرابع خُصّا للشهداء القديسين
-
النصين الخامس والسادس للتوبة
-
النصين السابع والثامن للاموات والصليب ومناسبات اخرى.
ويقول الشرط الأول في
النظام إكاديس أن تطبيق نصوص وألحان قياس لمجموعة لحنية ما "ܣܶܒܶܠܬܳܐ
سِبِلثوُ" على نصوص شعرية أخرى معالجة يجب أن تتفق مواضيع النصوص مع بعضها.
أولاً: في الصلوات اليومية. تنشد نصوص المراقي وألحانها في مواضعها حسب
موقعها في برنامج كاليندار السنة الكنسية ونظامه اللحني خاصة الصلوات
اليومية منها حيث تنشد بحسب ترتيبها التسلسلي في السنة الكنسية.
ثانياً: في صلوات المناسبات. عند أخذها دور النصوص القياس، ففي هذه الحالة
يقاس على نصوصها نصوص كنسية معالجة من ذات المواضيع لتنشد داعمة لصلوات
المناسبات والأعياد. لأن لمواضيع
النصوص أهمية بالغة في تطبيق النظام اللحني إكاديس، فإذا لم تتفق مواضيعها
معاً لا يحق تطبيق النظام عليها، بسبب
وجود ارتباط وثيق بين مواضيع النصوص ومناسباتها وبين أنواع الألحان.
فإن كان هناك إختلاف بين مواضيع نصوص القياس وبين مواضيع النصوص المعالجة
فستخلق مشكلة وسيقع تضارب بين مواضيع النصوص ونوعية الألحان وهذا غير جائز.
ويقصد بهذا عدم إيجاز تطبيق ألحان نصوص مجموعات قياس (المراقي سِبلوُثوُ)
على نصوص صلوات معالجة من الكتب الكنسية إن لم يتفقوا النصوص بالمواضيع
المعالجة حتى وإن اتفقوا بالأوزان الشعرية.
2-
الإتفاق بالوزن الشعري
والشرط الثاني يقول: لتطبيق نصوص وألحان قياس لمجموعة لحنية ما "ܣܶܒܶܠܬܳܐ
سِبِلثوُ" على نصوص شعرية أخرى معالجة، يجب أن تتفق نصوصهما بالوزن
الشعري".
ومن السهل تطبيق لحن من سِبِلثوُ مجموعة لحنية لنص شعري قياس معيّن على نص
شعري آخر له نفس الوزن والتقطيع الشعري. مثل: لحن لنص قياس من الوزن
السباعي يُطبّق على نص شعري معالج يتفق معه بالوزن السباعي
او الخماسي وهكذا.
إن أغلب النصوص المعالجة التي تتطرق لموضوع واحد مثل تذكارات القديسين لم
تصاغ على وزن واحد إنما على اوزان مختلفة. لهذا إن صادف نص معالج من موضوع
ووزن معين يراد أن يطبق عليه لحن نص له صفات محددة من سِبِلثوُ معينة، ولا
تتطابق الأوزان الشعرية، نستعين بمرقاة أخرى لها نص قياس من ذات الموضوع
ووزنه يتطابق مع وزن النص المعالج.
لكن هناك بعض الإشكاليات ورثناها على ما هي
عليه في تطبيق النظام إكاديس مثل:
1-
نصوص تتفق بالوزن الشعري مع النص القياس لكنها لا تتفق بالتقطيع الوزني.
مثل نص قياس وزنه الشعري سباعي ويتكون تقطيعه الوزني من: (3 حركات + 4
حركات)، ونريد أن نطبق لحنه على نص معالج سباعي الوزن وتقطيعه هكذا: (4
حركات + 3 حركات)، او (3 حركات + 2ح +2ح)، او (2ح + 3ح + 2ح)، وهكذا فتقع
مشكلة في إنشاده.
2-
نصوص قياس تحوي عدة اوزان شعرية بترتيب معيّن ستطبق ألحانها على نصوص
معالجة تختلف معها في ترتيب أوزانها، فتقع مشكلة ايضاً.
3-
نصوص قياس من وزن معين ستطبق على نصوص أخرى تحوي خلل ما في الوزن الشعري
لبعض ابياتها، فتظهر مشكلة.
وهنا تحصل تعديلات معينة على أوزان النصوص الشعرية المعالجة بحيث ألّا
تؤثر على معاني النصوص، وذلك لإنجاح عملية تطبيق النصوص على الألحان بشكل
جيد لنستطيع أن ننشدها دون مشكلة.
ولعدم الإطالة سنتابع بقية الشروط مع شروحات وإستنتاجات
أخرى في الجزء المقبل من المقال.
الجزء الثلاثين
|