الموسيقا السريانية الكنسية
(الجزء
التاسع عشر)
تعريف بأساليب إنشاد الألحان الكنسية (1)
ملاحظة:
ان نقطتي الجمع في الكلمات السريانية قد تم رفعها لأنها
تقطع الكلمة حين اضافتها.
الطقوس والألحان الكنسية
بعد تنظيم وتثبيت الطقوس والألحان السريانية الكنسية على يد
العلامة الكبير مار يعقوب الرهاوي (708م)،
وإنتشارها
في كل مراكز التعليم والأديرة والكنائس السريانية المشهورة تاريخياً
المتواجدة في مناطق واسعة من مشرقنا الحبيب، تطورت الألحان الكنسية عبر
التاريخ بشكل بسيط في كل منطقة على حِدى منفردة ومستقلة بذاتها عن تطور
ألحان منطقة أخرى، فطرأ على بعضها القليل من التغيير وأخذت طابعاً خاصاً
بها ممتزجاً بنكهة موسيقا محيطها الجغرافي. كما تبلور أيضاً آداؤها بالتدرج
الزمني آخذاً شكلاً خاصاً به مختلف عن آداء مناطق اخرى. فسمّينا هذا الطابع
التطوري وهذا الشكل الآدائي الطارئان على ألحان كتاب مخزن الألحان "بيث
كازو" "ܒܝܬ
ܓܰܙܐ"
والكتب الطقسية الأخرى ب: "أسلوب الإنشاد الكنسي". وبالسريانية نقول عنها "ܩܘܝܳܡܐ
ܕܙܘܡܳܪܐ
ܥܺܕܬܢܳܝܐ"،
وذلك تصحيحاً للمصطلحات الخاطئة المستعملة في عصرنا هذا.
فأصبح لكل منطقة جغرافية سريانية أسلوبها الخاص في إنشاد الألحان الكنسية
والذي تُعرَف به اليوم ويميّزها عن اسلوب منطقة أخرى، وهذا الأسلوب له
نكهته وصفاته ومشاكله الموسيقية الخاصة به التي خُلِقَت نتيجة مشاكل كنسية
وظروف تاريخية قاسية عصفت بكنيسة وشعب تلك المنطقة.
أساليب
مختلفة للإنشاد
يؤكد اليوم جميع المهتمين والعارفين بالألحان الكنسية السريانية بوجود
إختلافين رئيسيين في إنشادها عن الأصل المفقود: إختلافات لحنية صغيرة،
وإختلافات إنشادية كبيرة، وهذه الإختلافات تكبر أو تصغر حسب المناطق
الجغرافية التي تطورت وتبلورت فيها الألحان، والتي شكلت لنا في النهاية
مجموعة من الطرق في الإنشاد
مختلفة أحياناُ ومتقاربة أحياناً أخرى.
فمنذ أزمنة غير معروفة اصبحت
الألحان تنشد بطرق كثيرة متقاربة أو متباعدة عن بعضها، ونحن ورثناها على ما
هي عليه من مشاكل وإختلافات،
فأطلقنا على طرق الإنشاد هذه مصطلح "الأساليب المختلفة في الإنشاد الكنسي"،
وبالسريانية تسمية
"ܩܘܝܳܡܶܐ
ܡܫܰܚܠܦܶܐ"،
بعد أن اصبحت اليوم واقعاً مفروضاً على الكنسية يميّز شكل إنشاد منطقة عن
أخرى، وعلينا التعامل معه بشكل جدي ودقيق.
ونقول في إنشاد الأساليب المختلفة لألحان البيث كازو بالسريانية:
ܒܩܘܝܳܡܶܐ
ܡܫܰܚܠܦܶܐ
ܙܳܡܪܝܢܰܢ
ܩܝܢܳܬܳܐ
ܕܒܶܝܬ
ܓܰܙܳܐ.
وأقتبس التالي من مقالنا الجزء الخامس عشر في أمر المصطلح "أساليب مختلفة"
الذي استعملناه في مقالنا:
"التعابير أو التسميات الحديثة التي ظهرت مؤخراً على الساحة السريانية مثل:
"مدرسة ماردين" للألحان السريانية أو لآدائها، أو "مدرسة الرها" أو "مدرسة
الموصل" وغيرها التي أختفت أو في طريقها إلى الإختفاء، هي عبارة عن مسمّيات
خاطئة لأساليب الإنشاد الكنسي، حيث أنها ظهرت واستُعمِلَت من قبل بعض
الموسيقيين الهواة لعدم درايتهم الكافية بالإنشاد الكنسي بشكل صحيح".
فلم نقرأ أبداً في تاريخنا السرياني أو سمعنا بأن أحد من آباء الكنيسة قد
درس الألحان الكنسية بحسب مدرسة الرها للألحان الكنسية مثلاً أو مدرسة
الموصل أو ماردين. فكل مدارسنا التاريخية القديمة التي إندثرت تماماً
وأختفت من الوجود وأصبحت من الماضي لم تدرّس الألحان الكنسية بحسب كذا أو
كذا، إنما كانت تعلّمها وتلقّنها كما ورثتها وتناقلتها شفهياً ودون مسميات
معينة.
واليوم لا وجود لمعاهد رسمية أو مدارس موسيقية كنسية تقوم بتدريسها ليتخرج
منها طلبة متّقنين هذه الألحان بحسب مدرسة ما.
أما رأينا الشخصي في قضية تعددية الأساليب في إنشاد ألحان البيث كازو
والإختلافات في ما بينها، هو كما وضحته في الجزء الخامس عشر أيضاً، أن
"أساس هذه الإختلافات قائم على الخطأ في آداء ذات اللحن، لأن الأصل كان
واحداً فتغيّر"، واستعمال كلمة مدرسة هو
تكريس لهذا الخطأ وجعل هوة الفروقات بين الاساليب اوسع، وبالتالي إبعادها
عن بعضها اكثر بدلاً من محاولة العمل على جمعها بشكل واحد قريب من الأصل.
أساليب
متعددة في الإنشاد
ونقول عن الأساليب المتعددة بالسريانية "ܩܘܝܳܡܶܐ
ܣܰܓܝܐܶ".
إن أشهر الأساليب المعروفة إنتشاراً وإتقاناً وتداولاً في إنشاد
ألحان البيث كازو "ܩܝܢܳܬܳܐ
ܕܒܶܝܬ
ܓܰܙܐ"
كما نقلتها الأجيال لنا
بأسلوبين
مُمَيَّزَن جداً هما:
الأسلوب الرهاوي
ܩܘܝܳܡܳܐ
ܕܐܘܪܗܳܝ،
والاسلوب المارديني
ܩܘܝܳܡܳܐ
ܕܡܶܪܕܳܐ.
لكنهما مختلفان إنشادياً عن بعضهما بشكل واضح، وموسيقياً مختلفان في بعض
الألحان،
وسَنُقدِم على تعريف بالأسلوبين في مقالنا القادم بشكل أكثر تفصيلاً.
يوجد لدينا أسلوب ثالث
لا يقلّ في الأهمية والشهرة عن الاسلوبين السابقين
في إنشاد ألحان البيث كازو، هو أسلوب أهل الموصل في العراق،
ويسمّى
بأسلوب "دير مار متى"
الواقع قريباً من مدينة
الموصل، وبالسريانية
نسميه "ܩܘܝܳܡܳܐ
ܕܡܰܘܨܰܠ،
ܐܰܘܟܝܬ̣
ܩܘܝܳܡܳܐ
ܕܡܳܪܝ
ܡܰܬܰܝ".
وهو منتشر في كل المناطق التابعة لمدينة الموصل والمجاورة لها، بل أن كل
سريان العراق من الذين ينتمون للطائفة السريانية الارثوذكسية يتبعونه اليوم
في إنشادهم للألحان الكنسية.
وأسلوب "دير مار متّى" قريب جداً من أسلوب ماردين في الإنشاد، لكنه يتميّز
بلكنة عراقية واضحة المعالم، وكذلك ببعض الفروقات البسيطة في جزء صغير من
الألحان التي نعتبرها تشوهات لحنية تاريخية لها أسبابها.
سمعنا هذا الأسلوب من تسجيلات البطريرك مار اغناطيوس يعقوب الثالث المتوفي
سنة 1980، ورغم تأثره قليلاُ بأسلوب ماردين لكنه يبقى افضل وأشهرمن أتقنه،
بل أفضل من أّتّقن الألحان الكنسية على الإطلاق. وسَنُعَرِّف عنه اكثر في
مقالنا القادم.
كما سمعنا حديثاً في المهجر شيئاً من هذا الاسلوب من كهنة وشمامسة قليلون
ينشدونه بلكنة عراقية قاسية أكثر وضوحاً من لكنة البطريرك يعقوب الثالث،
بالإضافة إلى تغييرات بسيطة في بعض الألحان.
إن رياح التعريب كانت قد ضربت الاسلوب الموصلّي في صميمه منذ فترات طويلة
في كنائسنا في الموصل وبغداد وبصرى لكن ليس في بلداتنا التي تتكلم
السريانية الشرقية، فأدّت في بدايات القرن العشرين إلى تأليف عدداً لا بأس
به من الأناشيد الجديدة في اللغة العربية واصبحت واقعاً مفروضاً بعد أخذت
مكانها في الكثير من كنائسنا في العالم.
وإن ما يحصل اليوم من كوارث ومجازر في العراق الجريح وما يمرّ به شعبنا
السرياني بكافة طوائفه في محنة قاسية وظروف صعبة، ومع الهجرة الكبيرة التي
تحصل وشتات سريان العراق في كل مكان، أصبح هذا الاسلوب المميّز نسبياً عن
أسلوب البطريرك يعقوب الثالث مهدداً بخطر النسيان والإندثار. ففي سبيل
المحافظة عليه كما هو عليه اليوم، نطلب من العارفين فيه تسجيله من جديد
لئلّا يذوب في الأساليب الاخرى ويضيع، ثم العمل على نشره بالوسائل الحديثة
ليصبح في متناول أيدي الجميع لأجل إقامة دراسات موسيقية مقارنة عليه مع
تسجيلات البطريرك أولاً، ثم مع تسجيلات لألحان الأساليب الاخرى ثانياً.
وأما الأسلوب الرابع الشهير هو أسلوب أهل منطقة حمص المعروف ب "أسلوب صدد"
ܩܘܝܳܡܳܐ
ܕܨܰܕܰܕ،
ويضم المناطق المحيطة والتابعة لمدينة حمص. وكان لهذا الاسلوب قيمة كبيرة
وإنتشاراً واسعاً في بعض المراحل التاريخية، لكنه إنحسر وأنكفأ في بعض
البلدات الصغيرة والقرى العائدة لمدينة حمص.
ونتيجة الهجرة الأولى للشعب السرياني من أهالي المنطقة إلى الامريكتين في
نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إنتشرهناك لمدة وجيزة ثم
أختفى مع ذوبان أبناء جيل المهاجرين الأوائل.
ومع تعريب أغلب الطقوس الكنسية في سوريا وخاصة في منطقة حمص وتوابعها، ومع
نزيف الهجرة الثانية لأهل المنطقة في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم
والمستمرة لغاية اليوم، أختفى القسم الكبير من أسلوب صدد، ولم يصل إلينا
شيئاً منه بالقدر المطلوب سوى بعض النثرات الصغيرة لنحكم عليه بشكل موسيقي،
وخاصة الحكم عليه في كيفية تأثّره بأسلوب الإنشاد البيزنطي، وبموسيقا
منطقته التي ميّزته عن الأساليب الاخرى. نتمنى على من يملك تسجيلات لهذا
الاسلوب نشره على مواقع الإنترنيت ليتسنّى للجميع الإطلاع عليه، أو تسجيله
ونشره.
أما أسلوب أهل آزخ المتمثل اليوم بأسلوب سريان مدينة ديريك في سوريا فهو
متفرّع من الاسلوب المارديني وله بعض الخصوصيات الصغيرة، فنطلب من الشمامسة
القديرين العارفين بهذا الأسلوب تسجيله ونشره بالوسائل الحضارية لئلّا
ينقرض إن لم يكن مسجلاً.
وأسلوب أهالي أديَمان ودياربكر وملاطيا، الذين يحسبوا على الأسلوب الرهاوي
هم ذاهبون وبسرعة إلى الإختفاء، أو أنهم قد إختفوا تماماً.
وأسلوب أهل بغداد والبصرى المتفرع من الموصلّي لم يبقى منه شيئاً يذكر لأنه
اصبح اليوم جزءاً لا يتجزأ من أسلوب الموصل بعد أن ذاب فيه.
ولكن اسلوب سريان خربوت وبالرغم من قلّة عددهم وإنتشارهم في أنحاء العالم،
قد حفظ من الإندثار، لكونه سجل وأصبح متوفراًعلى بعض مواقع الإنترنيت.
وكانت هناك أساليب إنشاد متعددة صغيرة موجودة ضمن جغرافية الأساليب السابقة
الكبيرة وتدور في فلكها، وأغلبها ذابت فيها واختفت تماماً بسبب النزوح
والهجرة والإختلاط لسريان هذه المناطق، والبقية الباقية من الاساليب هي
محسوبة على الكبيرة لأنها بالأصل متفرعة منها ومصيرها أيضاً الزوال.
أسباب في إختلاف أساليب الإنشاد الكنسي:
لقد ورثنا أساليب الإنشاد الكنسي كما هي اليوم عليه من آبائنا وأجدادنا،
كما ورثنا معها إختلافات لحنية وإنشادية، والكثير من أسباب هذه الإختلافات
تعود لحركة التاريخ التي مرت بقساوتها على السريان وكنائسنا السريانية.
وهذه بعضٌ منها:
1-
إن النصوص والأناشيد السريانية الكنسية لم تؤلَّف وتلحَّن في مدينة واحدة
أو في مركز علمي واحد، ولا في فترة زمنية واحدة. لأنها أُلِفَت ولُحِنَت في
مدن وأديرة مختلفة وفي أزمنة متفرقة.
وإن مسألة
إعتماد الألحان والنصوص وقبولها في مراكز تعليم المدن السريانية المتفرقة
ثم إنتشارها بين كنائسها لم تكن بالعملية السهلة.
2- الإعتماد على الذاكرة في تناقل الألحان
شفهياً من جيل لآخر ضمن منطقة واحدة، وهذا أمر معروف ومتفق عليه.
فبالرغم من أن ذاكرة الشعب السرياني قد حافظت على الألحان السريانية لغاية
الحين، لكن كان على هذا الشعب إيجاد سبل علمية ما لتدوين ألحانه الكنسية،
لتجنب تعرضها للتغيير والضياع أو النسيان والإندثار. ربما كان السريان
الأوائل قادرين على إختراع وسيلة معينة لتدوين الألحان لو شاؤوا ذلك،
وكانوا سيحافظوا من خلالها على جسم الألحان السريانية من التشوهات التي
طرأت عليها.
3- إبتعاد الكنائس والاديرة عن بعضها
جغرافياً وصعوبة عملية نقل الألحان كما كانت عليه في الأصل بسبب إعتمادها
على الذاكرة فقط في تناقلها، فأصابها ما أصابها من تغيّرات لحنية.
4- التصرف والإرتجال الذي قام به المنشدون من
كهنة وشمامسة دون ضوابط موسيقية في آداء الألحان و طرق الإنشاد، أدى إلى
زيادة التشوهات في بعض الألحان.
5- ضعف الكنيسة تاريخياً في عدم مقدرتها
المحافظة على الألحان الكنسية بطريقة سليمة، وعلى عدم تفكيرها المحافظة
والتقيد بأسلوب واحد في إنشادها.
6- العزلة التامة في تطور الألحان وإنشادها
في كل منطقة سريانية منفردة عن الأخرى فأخذت قالباً مختلفاً وأصبحت ذات
أسلوب مستقل بذاته عن الأساليب الأخرى.
7- تأثر إنشاد الألحان الكنسية في كل منطقة
مستقلة بمحيطها الجغرافي الموسيقي. فلكل منطقة جغرافية موسيقاها العامة
التي تتميّز بها، وتأثُر إنشاد الألحان الكنسية فيها أدّى إلى خلق مشكلة
إضافية وسّعت هوة الإختلافات فيما بينها.
8- نصوص جديدة وألحان متعددة:
بعض المناطق السريانية المركزية ذات الأساليب الكبيرة في إنشاد البيث كازو،
كان قد تم فيها عبر التدرج الزمني في تاريخ كنيستنا تلحين بعض نصوص
الأناشيد القديمة مرة ثانية، أو تأليف أناشيد جديدة وتلحينها، لكن بمعزل عن
بعضها البعض فكبرت الإختلافات أكثر مما كانت عليه، مما أدّى إلى تباعد
الأساليب عن بعضها أكثر.
إن ظاهرة تأليف النصوص وتلحينها كانت قد كثرت في كنائسنا السريانية في
المشرق والعالم بعد منتصف القرن العشرين، وبإستقلالية كل منطقة عن بقية
المناطق الأخرى ودون العودة إلى مرجعيات مراكز التعليم كالاديرة
والإكليريكيات لنشر هذه الأناشيد (الألحان الجديدة)، مما ساهم اليوم في
توسع الإختلافات القائمة بين الأساليب وفي تباعدها أكثر فأكثر عن بعضها.
فمثلاً أسلوب أهل الموصل يملك اليوم ألحان وحتى أناشيد مستقلة خاصة به وإن
كان عددها قليل، وكذلك الأمر في أسلوب أهل صدد، وتماماً مثلما حصل مع
الأسلوبين الرهاوي والمارديني اللذين لم يتوقف لديهما التأليف والتلحين
لغاية اليوم، فأصبح كل أسلوب يملك عدداً قليلاً من الألحان الخاصة به لا
يعرفها أهل المناطق أو الأساليب الأخرى.
وتبنّي كنائس سريانية كثيرة في العالم ترانيم جديدة بالعربية استعارتها من
كنائس شقيقة شرقية قديمة وحديثة، فتخلت عن جزء من تراثها السرياني وادخلتها
في طقوسها وقداديسها بعذر أن الشعب لا يفهم السريانية الكلاسيكية فوسّعت
الهوة فيما بينها.
والنتيجة إن عدم وجود مراكز موسيقية في الكنيسة السريانية أو معاهد خاصة في
عصرنا هذا تهتم في جمع وحفظ الألحان الكنسية وتعليمها وتطوير أساليب
تعليمها ونقلها ونشرها بين كنائسنا عالمياً، يساهم مساهمة كبيرة في تعميق
مشكلة الفروقات في الألحان وفي طرق إنشادها بين مختلف الأساليب، وفي عدم
الحفاظ على خصائص وقوالب ألحاننا واساليب آدائها من الضياع والزوال.
لهذا ندعو القائمون على العمل الكنسي أن يؤسسوا معاهد تهتم بجمع وحفظ
الألحان الكنسية وبتدريسها بطرق ووسائل عصرية، وإقامة دراسات موسيقية حولها
لمعرفة كل حيثياتها وما تتميّز به من صفات موسيقية سلبية كانت أم إيجابية،
لأجل تناقلها وإنتشارها عالمياً لتأهيل أجيال مستقبلية.
إن رؤيتنا في تعدد الأساليب المختلفة، وبالرغم من أساسها قائم على الخطأ،
هي المحافطة عليها، لأنها جزء هام من تراثنا الثقافي الذي نعتز به، وعلينا
الحفاظ عليه. ولكن أمنيتنا هي أن تجمع وتدرس ويخلق منها أسلوب واحد فقط
يكون معتمداً في جميع كنائسنا السريانية في العالم. وهذه الحالة تشبه تماما
حالة تعددية الكنائس السريانية المشرقية بكل مذاهبها التي إنبثقت من
الكنيسة الأم الأولى، وهي حالة غير صحية حسب رأينا. فنتمنّى لهذه الكنائس
أن تتحد في كرسي بطريركي واحد لأن في الوحدة قوة وثبات للمسيحية في المشرق،
ولكننا في نفس الوقت نريد أن نحافظ على تراث كل كنسية بشكل مستقل، لأنه
تراثنا التاريخي الاصيل الذي بقي متداولاً لهذا اليوم والذي نفتخر فيه
عالمياً.
الجزء العشرين |