أهلنا اللاجئين في إسرائيل ومصداقية الرئيس
سليمان
الخبر موضع التعليق كما جاء حرفياً في جريدة المستقبل عدد 20 آذار/2014،
تحت عنوان: حُكمان على لبنانيين باكتسابهم الجنسية الإسرائيلية."صدر عن
المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم، حكمين
نيابيين بحق عشرة لبنانيين بجرم التعامل مع إسرائيل والاستحصال على جنسيتها
وقضى الحكم الأول بسجن كل من جان ميشال زعرور وجو جان زعرور وكاتيا ابو كسم
وجيمي جان زعرور وجريس جان زعرور وجيلبير جان زعرور مدة عشرة أعوام أشغالا
شاقة وتجريدهم من حقوقهم المدنية وتنفيذ مذكرات إلقاء القبض الصادرة بحقهم
كما قضى حكم ثان بالعقوبة نفسها بحق كل من راشانا جورج الزقليط وفيوليت
طانس نمر واسعد سمير نهرا وايلي سمير نهرا".
http://www.almustaqbal.com/v4/article.aspx?Type=NP&ArticleID=610209
في نفس اليوم، أي يوم الخميس بتاريخ 20 من الجاري، وفيما كان نواب وطن
الأرز يتبارون في مجلس النواب بعرض فنونهم المسرحية والعكاظية والخطابية
المفرغة من أي مصداقية، كانت المحكمة العسكرية تظلم دون حق مواطنين
لبنانيين كل ذنبهم أنهم أحرار ولم يتخلوا عن أرضهم يوم تخلت عنهم الدولة
طوال 25 سنة، علماُ أن بعض هؤلاء الصادرة بحقهم الأحكام الجائرة كانوا
أطفالاً، يوم لجأوا مع أهلهم إلى إسرائيل.
ما جرى من هرطقة قانونية في المحكمة العسكرية هو بالواقع مسلسل افتراء وظلم
وانتهاك حقوق وكرامات مستمر دون وجه حق ضد أهلنا الأبطال واللبنانيين
بامتياز الذين لجأوا إلى إسرائيل عام 2000 خوفاً على حياتهم وعلى خلفية
تهديدات علنية جميعها موثقة كان أطلقها قادة حزب.
للأسف الكنيسة المارونية لم تقم بواجبها نحو أهلنا هؤلاء، ولا الأحزاب
المسيحية تبنت بصدق ملفهم لا في 14 ولا في 8 آذار، وذلك على خلفية حسابات
شخصية وأنانية تتعلق بأطماع السياسيين الموارنة من الفريقين تحديداً
بالوصول إلى كرسي بعبدا من جهة، ولعدم إزعاج خاطر حزب الله ومحور الشر
السوري – الإيراني من جهة ثانية. باختصار إن جحود القيادات الزمنية
والدينية بما يخص ملف أهلنا اللاجئين في إسرائيل مرده الجبن والخوف وقلة
الإيمان وخور الرجاء وانعدام الوفاء.
إن المسؤولية الأول عن عدم حل قضية هؤلاء المظلومين تقع على عاتق رئيس
الجمهورية شخصياً كونه وعد بحلها ولم ينفذ ما وعد به رغم أن القانون يجيز
له إصدار عفو شامل عنهم.
من هنا نعجب كيف يُطبل ويُهلل ويلقي قصائد الزجل الببغائية كثر من العاملين
في المجالات السياسية والرسمية والحزبية وحتى الدينية في وطننا الأم لبنان،
للرئيس ميشال سليمان خصوصاً خلال فترة الشهور الستة الماضية على خلفية
مواقف وطنية لمصلحة الدولة والدستور وضد دويلة وسلاح حزب الله اتخذها وهي
بالواقع بقيت مجرد مواقف لفظية ولم يصاحبها أي عمل على الأرض عملانياً.
المواقف المُهلل لها هذه تتصف نظرياً وليس عملياً بالوطنية وبمبدأ الحفاظ
على الدستور وقد وصل الحماس يبعضهم لإسقاط ألقاب متعددة على الرئيس منها
البطل واللبناني الأصيل وحامي الوطن والخ، وأيضاً رفع صوره وتزينها بعبارات
ومفردات البطولة.
برأينا المتواضع كل هذا المديح قد يكون نوعاً ما مقبولاً وممكن بلعه على
مضض لو أن الرئيس احترم أهم وعد أطلقه في خطاب القسم وهو إعادة أهلنا
الأبطال اللاجئين إلى إسرائيل منذ العام 2000، والكل مدرك للظروف القاهرة
التي فرضت عليهم اللجوء القسري، ومن أهم مكنوناتها المهرطقة والإرهابية
تهديدات السيد حسن نصرالله بدخول مقاتليه إلى مخادعهم وقطع أعناقهم وبقر
بطونهم، إضافة إلى تخلى الدولة عنهم التي كان يتحكم بمفاصلها ورقاب حكامها
الاحتلال السوري.
وهنا لا يجب أن نغفل حقيقة الاتفاقية التي تمت على حساب أهل الجنوب (الشريط
الحدودي) بين محور الشر الإيراني-السوري وإسرائيل بمباركة عربية وغربية
وهذه اتفاقات كُشفت وفُضِّحت وتمت تعريتها.
الرئيس سليمان قال في خطاب قسمه: إن "حضن الوطن يتسع للجميع"، ولكن مرت
سنواته الستة في القصر الجمهوري ولم يبق منها سوى أسابيع وهو لم ينفذ وعده،
لا بل على العكس في عهده تساهل وغض الطرف وتناسى وعده لدرجة أن المحكمة
العسكرية لم تترك جنوبياً واحداً فر إلى إسرائيل ومن ثم غادر إلى بلاد الله
الواسعة، إلا وحاكمته غيابياً واعتبرته عميلاً وأصدرت بحقه أحكاماً ظالمة
وجائرة. وبالطبع الكل يعرف أن مخابرات الجيش ومثلها المحكمة العسكرية هما
للأسف تحت هيمنة حزب الله.
من هنا نقول وبصوت عال ودون مسايرة أو مساومة أو ذمية، نقول إن لا مصداقية
للرئيس سليمان في أي موقف لفظي يتخذه أو يعلنه طالما هو لم يلتزم بوعده
ويصدر عفواً كاملاً وشاملاً عن كل أهلنا الأبطال اللاجئين إلى إسرائيل،
وأيضاً عن كل لبناني مقهور ومظلوم ومضطهد هرب من الجنوب إلى إسرائيل ومنها
غادر إلى بلاد الله الواسعة بحثاً عن موطن لم يجده في وطنه لبنان.
إصدار العفو الرئاسي أمر بمقدور الرئيس سليمان عمله دون حاجة لموافقة أي
مسؤول آخر في الدولة لأنه يقع من ضمن سلطاته الرئاسية، علماً أن أهلنا
اللاجئين في إسرائيل والمنتشرين في أصقاع الدنيا هم من يجب أن يعفون عن كل
المسؤولين والأحزاب والسياسيين اللبنانيين الذين باعوا ضمائرهم وشاركوا في
جلدهم وظلمهم خصوصاً الأحزاب المسيحية كافة التي وخدمة لطموحات قادتها
الرئاسية بلعت ألسنتها وأصيبت بالخرس وتصرفت ولا تزال كالنعامة دافنة
الجماجم الكبيرة دون أفعال في الرمال. وهنا لا نعفي الكنسية المارونية
تحديداً من واجباتها والمسؤولية وهي للأسف لم تفي بهما.
نعم لا مصداقية للرئيس سليمان ما لم يفي بوعده ويصدر عفواً شاملاً وكاملاً
عن أهلنا الأبطال اللاجئين إلى إسرائيل، وكل ما عدا هذا العفو هو خارج إطار
الحق والحقيقة والعدل ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع.
الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني
phoenicia@hotmail.com |