أهمية المراقبة المالية على مداخيل حزب الله
أفادت وكالات الأنباء الدولية ووسائل الإعلام اللبنانية أن
حزب الله الأصولي يقوم ابتداءً من يوم الجمعة الموافق 18 آب بتوزيع 12 ألف
دولار نقداً على كل عائلة شيعية دمر منزلها خلال الغارات الجوية الإسرائيلية
التي استهدفت معاقله في الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت والجنوب
والبقاع
حيث يقيم دويلاته الثلاثة. وأعلن أن المبالغ تدفع
نقداً وهي مخصصة لتغطية مصاريف استئجار منزل لكل عائلة لمدة عام وتأثيثه.
هذا
ولم يوضح الحزب من أين تأتي أموال التعويض الهائلة تلك.
هذا ومن المرجح أن يتكلف هذا البرنامج التعويضي 150 مليون دولار على
الأقل.
الحزب قد وعد أيضاً بأن يدفع لاحقا ثمن شقة جديدة لكل عائلة متضررة أو يعيد
إعمار المباني التي دمرت على نفقته الخاصة، علماً أن التقديرات الأولية أفادت
أن عدد هذه العائلات يتراوح بين 15 – 25 ألف.
إن توفر هذه المبالغ الكبيرة لدى الحزب يضيء مجدداً على امتداداته الخارجية
الخطيرة التي ثبتت للعالم بالملموس من خلال ترسانته الصاروخية الهائلة بكل
المقاييس والتي يستحيل على أي قوة حزبية خاصة الحصول عليها بشكل مستقل عن
مشروع خارجي كبير وجهة دولية ممولة. والجهة التي مولت الحزب بمليارات
الدولارات على مدى ثلاثة عقود ولا تزال هي بالتأكيد لم تفعل ذلك بدوافع
إنسانية وخدماتية، بل من أجل غايات ومخططات ليس للبنان وللبنانيين فيها أي
اعتبار.
إن القدرة المالية الهائلة التي كشف عنها الأمين العام للحزب السيد نصرا لله
بتكفله علناً إعادة بناء وترميم كل المساكن المهدمة والمتضررة فضلا عن تمويل
استئجار مساكن بديلة لمدة سنة كاملة لكل المتضررين من أبناء طائفته، يعني
ببساطة أن الرجل سيفرج عن مئات الملايين من الدولارات دفعة واحدة مبيناً أنه
يمتلك إمكانيات سياسية اجتماعية وعسكرية ومالية تفوق تلك المتوفرة للدولة
اللبنانية.
من
المستغرب فعلاً أن تقف الدولة اللبنانية متفرجة وصامتة ومن ورائها دول
الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي أمام هذا التمدد المالي
والنفوذ الأخطبوطي لمشروع إيراني – سوري
أهدافه المدمرة والعدوانية باتت مكشوفة وظاهرة جلياً في حيثيات الوضع
اللبناني الحياتي اليومي الملموس والمعاش. إن حزب
الله ليس فقط دولة داخل الدولة، بل أيضاً تنظيم
مسلح
يهيمن بالقوة على كل مقدرات ومفاصل ومراكز قرار الدولة اللبنانية.
المطلوب من دول العالم الحر أن تتحرك بسرعة من خلال الأمم المتحدة ومجلس
الأمن فيها لاستصدار قوانين وقيود وإجراءات أممية ملزمة تحول دون وصول
الأموال والمساعدات بكافة أشكالها دون مراقبة ومباشرة إلى حزب الله.
المطلوب أن يتم حصر أمر دخول كل الأموال والمساعدات إلى لبنان بالحكومة
اللبنانية وعبرها وذلك من خلال قنوات وقوانين شفافة ووضوح كامل بما يخص
المصادر والمبالغ ومن ثم آليات توزيعها وإجراءات وقيود الاستفادة منها.
إن السكوت الرسمي والقيادي والشعبي اللبناني عن ممارسات حزب الله المالية
الفاضحة إضافة إلى اللامبالاة الإقليمية والدولية عن ممارساته العسكرية
والإرهابية سيقوض ويلغي أكثر وأكثر كل ما تبقى من مقومات وأسس النظام
اللبناني بكل مؤسساته التي أمست مهشمة، مهمشة ومغيبة كما بينت بوضوح تام
مجريات حرب الشهر الماضي.
أما أخطر ممارسات حزب الله الحالية والتي يجب التنبه إليها فهي تأتي في مجال
تقديمه الأموال للمتضررين من أبناء طائفته بشكل مسرحي، حيث وفي نفس الوقت
الذي بدأ فيه دفع مبالغ نقدية كبيرة لبعض المتضررين، راح وبشكل منظم يعمل على
تجييش المواطنين وتقليبهم ضد الحكومة بهدف تحويل الأنظار عن سلاحه وخلق أجواء
متوترة وضاغطة تربك الوضع الداخلي وتعرقل تنفيذ القرار الدولي 1701.
إن المطلوب من الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها
استصدار قوانين تلزم كل من إيران وسوريا دفع كل التعويضات بكافة أوجهها التي
نتجت عن الحرب التي تسببا بها عن سابق تصور وتصميم.
ما يجب أن تدركه دول العالم الحر ومعها الدول العربية كافة هو أن الحكومة
اللبنانية ورغم نوايا رئيسها الصادقة وأسلوبه الرومنسي في التعاطي مع الأمور،
فهي لن تتمكن لا اليوم ولا غداً بمفردها من تجريد حزب الله من سلاحه أو حتى
إقناعه التخلي عن دوره العسكري ولا الحزب نفسه سيقبل طوعاً الانخراط بالدولة
ولبننة أنشطته وأهدافه، خصوصاً إن استمر المال "الحلال" يتدفق عليه من إيران
وغيرها من الدول والمجموعات والأفراد دون رقابة صارمة وقيود تتكفل الأمم
المتحدة بتنفيذها. إن عدم صدور القرار الدولي 1701 تحت البند السابع من شرعة
الأمم المتحدة هو وراء تردد الحكومة الفرنسية وغيرها الكثير من الدول
المشاركة في عديد القوات الدولية المقر إرسالها إلى الجنوب اللبناني. المطلوب
من المجتمع الدولي الحر أن يستعمل في عملية تجريد حزب الله من سلاحه واقتلاع
أنيابه الأصولية الإيرانية والميليشياوية السورية، نفس الشدة والصرامة والحزم
الذين استعملهم في البوسنة وكوسوفو وشرق تيمور.
في حال أعطي الحزب أي مجال للمناورة والمماطلة والتسويف وإن لم يتم دولياً
وعربياً كبح جماحه داخل لبنان وقطع كل شرايين تمويله الإقليمية، فهو لن يبقى
عامل عدم استقرار واضطراب وتهديد للبنان واللبنانيين فقط، بل سيتمدد إخطبوطه
إلى دول الجوار الشرق أوسطية وإلى الغرب أيضاً وعندها لن يفيد الندم وهناك
يكون البكاء وصريف الأسنان.
22 آب 2006 |