عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

الفَصٌل السَادس

التطاحن الآرامي

ضعف اشور:

بلع حزائيل درجة عالية من القوة 124 في فترة انشغال شلمنصر في نواح اخرى وحروبه في الشمال ( زاجروس و نايري واورارنو التي يسميها التوراة ارارت) وفي الغرب ( قيليقيا 839 و 834 و 932) وبلاد تابال شمال جبال طورس، وحربه ضد ملك سليد ( 836 و 836).

وفي سنة 828 يأتي الضعف من الداخل ايضاً اذ يقوم ابن شلمنصر بثورة وتشتعل حرب اهلية بينه وبين اخيه سمسي اداد الذي ينتصر في النهاية، بعد موت الاب بسنوات ثلاث اي في السنة 821، ويستمر في حروب ضد انايري والميديين وبابل، ويقوم بعد موته في سنة 810 ابنه الطفل اداد نيراري الثالث بوصاية امه شامورامات التي دعاها هيرودوتس سميراميس وقد حاربت المانيين (809 و 807 و 806) وقمعت ثورة جوزانا على الخابور في سنة 808.

وهكذا توارت اشور عن مسرح العالم السوري طيلة عشرين عاماً.

تناحر الآراميين:

في هذه السنين العرين حيث تنكمش اشور وراء الفرات، يغتنم العالم السوري الفرصة ليطلق لاهوائه العنان.

شمأل

رأينا خياني الآرامي يؤدي الجزية لشلمنصر الثالث. وكانت مملكته قائمة منذ القرن العاشر وقد اعتلى عرشها " جبار" مؤسس الاسرة الآرامية ثم "باماه" ثم خياني. وبعد خياني ملك ابنه شائيل ثم ولد آخر يدعى كيلامو عثر المحققون على نقشين له اولها آرامي على قراب صغير من الذهب لصولجان ملكي، والنقس مكتوب بالحروف الفينيقية. وقد رسمنا الحروف الفينيقية في الوسط وعربناها في العمود الاول وترجمناها في العمود الثالث 125.

ملاحظات:

بر الآرامية هي ابن في العبرية والعربية.

ركب ايل يعتبر من صفات إيل في الادب الكنعاني ( راكب السحاب).

وفي التوراة نقلاً عن الكنعانيين يكنون بهذا عن يهوه.

يتنله يعطي له، يطني وينطي ويستعملها البدو في عصر نابمعنى يعطي حي في الآرامية السريانية: حايو وحايه، بمعنى الحياة.

وهناك نقش آخر للملك كيلامو وجد في قصره الملكة، وهو بالحرف الفينيقي ايضاً 126 وترجمته:

" كيلامو بن حي

جبار ملك ياؤدي

لم يصنع شيئاً

ثم كان اخي شائيل

ولم يصنع شيئاً

وانا كيلامو بن تمة (اسم امه) ما عملت

لم يعمله الأولون

كان بيت ابي محاطاً بملوك اقوياء

ولكني كنت في ايدي (هؤلاء) الملوك كالنار الحارقة اللحية وكلنار الحارقة اليد

وقويا فوقي كان ملك الدانونيين

ولكني استأجرت ضده ملك اشور

واعاد امرأة فتية مقابل خروف

ورجلا مقابل رداء

ونقش آخر:

انا كيلامو بن حي

جلست على عرش والدي

ازاء الملوك السابقين

وكان المشكب ( المساكين) يحومون مثل الكلاب ( الجائعة)

ولكنني كنت لهذا اباً

وكنت لذاك اماً

لهذا الآخر اخاً!

ومن لم يكن رأى رأس خروف

جعلتع مالكا قطيعاً من ضغار البهم

ومن لم يكن راى رأس ثور

جعلته مالكا قطيعاً من كبار البهم

ومالكا فضة

ومالكا ذهباً

ومن لم يكن رأى قميصاً منذ شبابه

في عهدي كسُي

وانا امسكت المشكب باليد

وهم يفعل اليتيم بازاء امه

واذا اعتلى العرش ولد لي بعدي

والحق بهذا النقش ضرراً

فلينقطع عن احترام البعرير ( النبلاء)

ولينقطع البعرير عن احترام المشكب

واذا حطم احد هذا النقش

ليحطم رأسه بعل صميد اله جبار

وليحطم رأسه بعل خامان اله باماء

وركب ايل اله البيت (المالك)"

ونلاحظ في النقش الاول قول صاحبه: " استأجرت ملك اشور" وهي ان دلّت على شيئ فهي على الاقل تنبئنا عن صعف اشور الذي وصفنا. وقد رأينا ان شلمنصر الثالث حارب مرات في قيليقية في سني 839 و 834 و 832.

ثم يترتب علينا ان نشرح كلمتي مشكب وبعرير وقد رأى فيها العالم دوبون سومير طبقتي الفلاحين والنبلاء لا سيما وان بعري في الآرامية تعني الضاري وقد يكون المعنى تحول ( كما يتحول مؤدى الكلمات مع الزمان) واصبح يعنى النبيل المعتز بنفسه.

وعلى كل فالنقش ينبيئ بعهد رخاء ورحمة. الملوك الاقوياء المحيطون بكيلامو احاطة مباشرة هم في الشرق ملك بيت اجوشي وفي الجنوب ملك خطين (العمق) وفي الغرب ملك قيليقية. هؤلاء يقلقون مطامع الملك الجديد ولكنه ينصر عليهم.

اما ملك الدانونيين المذكور في النقش بعير تسمسة فقد كشف عن اسمه نقش فينيقي وجد اخيراً في قره طب في قيليقية الشرقية وهو من القرن الثامن 127 واسم صاحب النقش ازيتوادا ( المالك على سهل اطنه".

زكير ملك حماة

انار نقش كيلامو كهف الماضي الدفين، فأظهر لنا لمحة من تاريخ شمأل زحالها. وهناك دولة آرؤامية ىخرى عرفناها من نقش زكير ملك حماة ولآش (البلاد الواقعة بين حماة و حلب).

ومرة اخرى تتكرر المآشي التي شهدناها في جميع الانحاء الآرامية، ومرة اخرى نرى التناحر الأخوي بين امارات آرام.

نقش عمود زكير 128 محرر بالآرامية، وقد وُجد في افيس التي تبعد 40 كيلو ميراً عن حلب في الجنوب الغربي، والعمود الآن في متحف اللوفر.

في اعلى العمود رسم غير ظاهر تحته نقش آرامي هذه سطوره الاولى:

>> العمود الذي وضعه زكير ملك حماة ولآش لمجد ايلو، وير...

انا زكير ملك حماة ولآش. انا رجل وضيع.

وكن بعلشماين 129 التفت اليّ ( هذا غير واضح).

وبعلشماين ملكني حذرق..

وبرهدد بن حزلئيل ملك آرام جمع عليّ 16 ( غير واضح) ملكا

وبرهدد وجيشه

وبرجوش وجيشه

و (ملك) القاع وجيشه

ومك العمق وجيشه

وملك جرجم وجيشه

وملك سمأل ( شه)

وملك مليز (وجيد)ش (ه)

(وملك... وجيشه

وملك ...وجيشه)

وسبعة ( ملوك آخرين) هم وجيوشهم وجميع هؤلاء الملوك حاصروا حذرق واقاموا سوراً أعلى من سور حذرق وحفروا خندقاً اعمق من خندقها وحينذاك رفعت يديّ الى بعلشماين و بعلشماين استجابني

(و) بعلشماين (كلم) ني بلسان الانبياء

(و) بعلشماين ( قال لي) لا تخف لاني انا جعلتك تمـ (لك) (وانا الذي اقـ (ف) معك وانا انقذك من جميع هؤلاء الملوك الذين اقاموا الحصار عليط<<..

اما باقي النقش فقد أتلف في مواضيع كثيرة مما بقي منه انه يذكر بناء التحصينات والمعابد والمدن في منطقة حذرق وفي النهاية يستنزل لعنة السماء، كما هي العادة، على من يتلف او يزيل العمود.

ويبدو من نض النقش

1)     ان زكير كان مغتصباً للعرش مثل جزائيل في دمشق وياهو في اسرائيل بدليل عدم ذكر نسبة، وقوله انه > رجل وضيع<

2)     قلنا في الحاشية ان لآش منطقة تقع بين حلب وحماة، ونضيف انها ذكرت في رسائل تل العمارنة باسم نخاشّه وكذلك في آثار بوغازكوي. كما كانت حذرق عاصمتها على ما يظهر وقد ذكرتها النقوش المسمارية باسم خاتاركا كما ذكرتها التوراة باسم حدراك: >> كلمة يهوه في ارض حدلااك ودمشق<< (زكريا 9/1). ولا بد انها كانت بالقرب من افيس من كل هذا نستنج ان توسع زكير نحو الشمال اقلق الدول السورية وهدد التوازن الآرامي فقام حلف يناهضه بزعامة > ملك آرام< اي ملك دمشق وهو اذ ذاك >> برهدد بن حزائيل<< المذكور في التوراة. اما موت جزائيل فغير معروف لكن الثابت ان ابنه ملك في عهد يواخاز ملك اسرائيل (814- 798) وانه كان ملكاً ايصاً في عهد يواش ابن يواخار (798- 783).

اما بيت اجوشي فعاصمتها ارباد كما قلنا دولة متاخمة لملكة لآش من الشمال. وكاي (او القاع) هي قيليقية ومليذ (مليد بالاشورية) والآن ملطية هي البلاد الواقعة في قيليقية وشمال سوريا.

(يتبع)

المراجع

 

124) انظر    Thureau Dangin  في متابه " ارسلان طاش" باريس سنة 1931 ص 138 وما يليها.

125) انظر مجلة تاريخ الاديان    Revue deTHistoire des Religions  مجلد 133-134 سنة 1947 ص 19-23

126) قد درس الاستاذ ليدزبارسكي  Lidzbarski  هذا النقش في  Epemeris filr Semitische Epigraphik  مجلد 3 ص 218 الخ...

انظر ايضاً   Lagrange  في المجلة التوراتية  Revue Biblique  صفحة 253- 259

وايضاً هاليفي في المجلة السامية   Revue Sémltique  سنة 1912 ص 19- 30

127) اكتشف هذا الاثر العالم بوسير Bossert

 انظر تقريرين للعالم سومير Dupont - Sommer  في

 Comptes rendus des séances de l'Académie des Inscrip tions.. 1948 (séances du 13 février et du 3 décembre ).

128) اكتشفه الاستاذ بونيون  Pognon ونشره في " النقوش السامية في سوريا  وبين النهرين ومناطق الموصل" باريس سنة 1908 ص 156- 178 ودرسه ليدزبارسكي في النشرة عينها ص 1-11

129) ير، وبعشماين لقبان لهدد. ومعني بعلشماين سيد السماء.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها