ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون
جوزيف ج5
ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
كتاب البروفيسور جون جوزيف
يتبع ج4
استشهد الباحث فراي
من كتاب الأستاذ جون،
فردَّ عليه الأستاذ جوزيف بمقال مستقل، لكننا أعطينا عنوان
المقال ج5
ب- رد الأستاذ جون جوزيف على مقال فراي: آشور وسوريا:
المترادفات
ترجمة وتحقيق موفق نيسكو
البروفسور ريتشارد فري يبدأ مقالته بالقول إن الالتباس
(الارتباك) موجود بين الكلمتين المتشابهتين (سوريا وآشور) على
مدار التاريخ حتى يومنا هذا، ومما يؤسف له أن هذا المقال يُديم
(يُخلِّد) الالتباس [1]، وفي ملاحظاته الختامية يخبرنا فراي أن
نقاشه بشأن استعمال اسم، الآشوري / السرياني، قد أظهرت حقيقتين
بوضوح، الأولى: ارتباك الغربيين في استخدام اسم سوريا للجزء
الغربي من الهلال الخصيب، واسم آشور للأرض القديمة شرق الفرات،
والثانية: استعمال الشرقيين لم يفرق بين الاثنين إلاَّ عندما
يكون متأثراً بالغرب، أو لأسباب خارجية أخرى، ودعونا نلقي نظرة
على هاتين النتيجتين أكثر:
أولاً: استعمال الغربيين لاسمـي سوريا و آسيا كان في وقت ما،
حين لم يكن الغربيون (الإغريق، اليونان)، على دراية كاملة
بالشرق الأدنى، ولم يكونوا يفرقون بين سوريا وآشور، لاسيما
عندما كان الآشوريون لا يزالون في السلطة، ولكن في وقت مبكر من
القرن الخامس قبل الميلاد أي بعد سقوط نينوى بقرنين تقريباً،
فهيرودوتس بشكل واضح جداً يُفرِّق بين المصطلحين والمناطق،
وتظهر أبحاث
Randolph Helm
راندولف هيلم، أن هيرودوتس بأمانة وباستمرار ميَّز بين أسماء
سوريا وآشور واستعملها بشكل مستقل عن بعضها، وأن سوريا/
السوريين بالنسبة له، هم سكان بلاد الشام الساحلية بما في ذلك
شمال سوريا، فينيقيا، وفلسطين، ويشدد هيلم على أن هيرودوتس لا
يستخدم أبداً اسم سوريا للإشارة إلى بلاد ما بين النهرين،
فبلاد آشور هي في بلاد ما بين النهرين بالنسبة لهيرودوتس، ولم
يستعمل اسم آشور أبداً لينطبق على سوريا، فالتمييز الواضح
المثبَّت عن هيرودوتس، بتعليقات هيلم، كانت مفقودة عن مؤلفين
كلاسيكيين لاحقين، فبعضهم فسَّر تاريخ هيرودوتس الكتاب السابع،
فقرة 63، أنه إشارة إلى الفينيقيين أو اليهود، أو أي شرقيين
آخرين على أنهم آشوريين
[2].
في التعليق على موضوع استخدام آشور / سوريا كما هو مذكور
أعلاه، ففي تاريخ المؤرخ هيرودوتس، كتاب 7، فقرة 63، تحدث
(فراي) بشكل سطحي، وليس من مدة طويلة عن أن اليونان أطلقوا على
الأشوريين اسم السوريين، السريان، لكن بدون حرف
A
كما هو
على
الاسم الأول، وفي الصفحة التالية فإن هيرودوتس يمثل نقطة تحول
في الفصل بين المصطلحين عندما أصبح الإغريق على دراية ومعرفة
أفضل بالشرق الأدنى وبشكل خاص بعد إسقاط الإسكندر الأكبر
للإمبراطورية الأخمينية في القرن الرابع قبل الميلاد، فعندما
حكم اليونانيون والرومان المنطقة لاحقاً، تَقيَّدوا (التزموا)
باستعمال اسم سوريا على الأراضي الواقعة غرب الفرات.
خلال القرن الثالث قبل الميلاد (280 ق.م.) وعندما تمت ترجمة
الكتاب المقدس العبري إلى اليونانية (السبعينية) لكي يستعملها
اليهود اليونان في مدينة الإسكندرية، تمت ترجمة مصطلح
الآراميين والآرامية من الكتاب المقدس العبري إلى اليوناني ب
(سوري، سريان، واللغة السريانية) على التوالي [3].
خلال القرن الثاني قبل الميلاد نعلم أن،
Posidoniu
بوسيدونيوس، وهو يوناني كان يعيش في سوريا، وكتب: إن الناس
الذين نُسَمِّيهم (نحن اليونان) السوريين، السريان، هم
يُسَمُّون أنفسهم آراميون، والشعب في سوريا هو آرامي [4] ،
وبوسيدونيوس الذي كان بلا شك مدركاً للالتباس الذي كان موجوداً
في أيامه بين المصطلحين الآشوريين والسوريين (السريان)، يعرف
جيداً أنه مهما كانت العلاقة الاسمية بين الاسمين، فإن جغرافية
بلاد آرام (سوريا)، وجغرافية بلاد آشور، هما جغرافيتان
مختلفتان عرقياً وثقافياً ووجوداً (كينونةً)، وتم التعبير عن
هذه النقطة بشكل جيد من قبل
Heinrichs
في مقالته الموضحة أعلاه، فهو يتحدث بحدة وحزم عن الاستمرار
بهذا الأسلوب الساذج في تحديد أساس الهوية أو الهوية شبه
الشخصية وأسماء المجموعات السكانية في ظل هذه الأخطاء الموجودة
في كل مكان وفي كل أدب تبريري كتبه المؤرخون بدون التدقيق
(التوجيه) اللغوي [5]
يقول فراي في إشارة إلى لوسيان أو لوقيان الساميساطي +180م
تقريباً: دعا لوسيان شعب سوريا، آشورياً، لكن فراي نفسه قال في
ص33: "أنا الذي كتب ذلك"، ويوضِّح هذا القول التمييز الواضح
لهيرودوتس وآخرين من بعده، وهذا الأمر فات (انطلى) على بعض
المؤلفين الكلاسيكيين لاحقاً، ويلاحظ فيروس ميلر من جامعة
أكسفورد هذا الخلط بين سوريا وآشور ويشير إلى لوسيان، وطيطانوس
الذي يرتبط نفسه أيضاً مع آشور قائلاً إنه ولد في بلاد آشور،
لذا لقبه "طيطانوس الآشوري"، فميلر وضَّحَ وكتب أن لقب طيطانوس
هو اليوناني وأنه ولد في بلاد آشور الجغرافية، "لا أكثر ولا
أقل" مما فعل غيره من الكتاب اللاتين الذين كتبوا اسم طيطانوس
"طيطانوس اليوناني" كما كتبوا أن لوقيانس السميساطي هو من
سميساط [6]
ثانيا: استعمال الشرقيين لاسمي سوريا وآشور: هنا تظهر الحقيقة
بوضوح وهي أن المصطلحين لم يكونا متميزين عن بعضها إلاَّ بتأثر
النفوذ الغربي ولأسباب خارجية أخرى، وهذا لا يعني أنه لم يكن
هناك التباس في استعمال هذه المصطلحات شرق الفرات أيضاً، وهذا
الارتباك في هذه المناقشة حسب رأي، ناتج من المؤلف (فراي)
نفسه، وأود أن أشير أدناه على نحو خاص ما وجدته من أمور مُحيرة
عنده.
يقول فراي في ص32: أُطلق على اللغة الآرامية لاحقاً السريانية
في الغرب أو الآشورية في الشرق، وهنا أذكر موضوع سابق في
استخدم الشرق للأسماء خاصةً الأرمن، فنحن قلنا إن كلمة "Asori"
في الأرمنية تُشير إلى السريانية الكلاسيكية التي هي لهجة
آرامية، دعيت السريانية من الرومان، لكن الأرمن دعوها آشورية،
وهو فهم خاطئ وواضح، وما هو مُغيَّب من العبارة أعلاه (أي
غيَّبه أو بتره فراي) هو أن كلمتي سريان وآشوريين في اللغة
الأرمنية تبدأ بحرف
A،
لكن الكلمتان تتميزان عن بعضهما البعض، فكلمة (Asori)
تُشير إلى الشخص السرياني
)الآرامي)
المفرد مثل كلمة (Suraya،
Soroyo
السريانية الآرامية)،
وجمعها في الأرمنية (Asoriner
السريان)، واللغة السريانية "الآرامية" في اللغة الأرمنية هي (Asoreren)،
بينما كلمة آشوريين في الأرمنية هي (Asorestants'i).
الاسمان الجغرافيان لسوريا وبلاد ما بين النهرين أيضاً واضحان
في اللغة الأرمنية، فكلاهما يبدأ بحرف
A،
لكن اسم سوريا هو
Asorik،
وهو الاسم التقليدي لسوريا في اللغة الأرمنية، بينما اسم بلاد
آشور هو
Asorestan،
وقد كتب البروفيسور الأرمني
Sanjian
إلى الكاتب فراي رسالة موضحاً له ذلك [7].
----------------------
(نيسكو: استخدم هيرودوتس اسم سوريا على كل أنهار آسيا، واسم
ليبيا على قارة أفريقيا، وللمزيد حول، ك 7 فقرة 63 من تاريخ
هيرودوتس، انظر كتابنا،
فصل: ثلاث حجج هزيلة فقط للسريان المتأشورين، أولاً: المؤرخ
هيرودوتس 484-425 ق.م.).
[3] واصلت النسخة المعتمدة من الكتاب المقدس استخدام المصطلحات
التي وردت في الترجمة السبعينية إلى سنة 1970م، ثم بدأت تستعمل
اسم، الآراميين والآرامية، من النص الأصلي العبري.
(نيسكو: وهذا دليل دامغ على أن السريان هم الآراميون فقط
وتحديداً، مثلما الهنكار المجريون، والأرارتيون هم الأرمن،
والأثيوبيون هم الأحباش، فعندما قام اليهود بالترجمة السبعينية
للكتاب المقدس سنة 280 ق.م. من العبرية إلى اليونانية خصيصاً
ليهود مصر الذين كانت عبريتهم قد ضَعُفتْ لأنهم كانوا يستعملون
اليونانية، فتم تغير كل كلمة آرام وآرامي وآرامية فقط إلى
سريان وسرياني وسريانية، لأن اسم سوريا بدل آرام كان قد انتشر
بقوة، والدليل الآخر الدامغ هو أن التبديل استثنى اسم العلم
(آرام) لأشخاص، مثل آرام بن سام وآرام بن حصرون، لأن المقصود:
أن كل آرامي هو سرياني فقط، مثلما شخص معين اسمه الشخصي، مجر
أو ارارت، أو حبش، لكن يبقى اسمه الشخصي الأصلي المعروف به،
ولا يستبدل بهنكار أو أرمن أو أثيوب).
[6] انظر
Millar،
ميلار، (The
Roman Near East،
الرومان والشرق الأدنى) 31 ق.م.-337م، كامبردج، 1993م، ص227،
454-455، 460. (نيسكو: اليونان سَمَّوا طيطانوس، اليوناني،
لأنه كتب إنجيل الدياطسرون باليونانية، أمَّا لماذا يرد اسمه
آشوري أحياناً؟، فلأنه اسم جغرافي، فطيطانوس ولد قرب الموصل
أسوةً بالسميساطي المولود في سميساط، وهو لم يقل إني آشوري، بل
ولدت في بلاد آشور، ويرجَّح أنه ولد قرب الموصل، وعاش في
الرها، كما يُعتقد أنه ولد في أربيل، ومعروف أن الموصل وأربيل
اسمهما الجغرافي في المصادر السريانية، أثور، خاصةً الموصل،
فطيطانوس الأثوري، يعني الموصلي، ويقول مرمرجي في مقدمة كتاب
الدياطسرون لطيطانوس: آشوري، أي أنه عاش في بلاد ما بين
النهرين قرب نهر دجلة شمال العراق الحالي. انظر كتابنا، فصل:
أسماء مدينة الموصل ومنها اسم وأثور. وانظر يوسف حبي: كنيسة
المشرق التاريخ العقائد الجغرافية الدينية ص242).
[7] انظر كاتب هذه السطور (جون جوزيف)، (The
Nestorians and Their Muslim Neighbors،
النساطرة وجيرانهم المسلمين)، طبعة برنستون، 1961م، ص15،
n.
35. ومعلوماتي تؤكد أن الراحل
Avedis Sanjian،
Narekatsi
أستاذ الدراسات الأرمنية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس،
أرسل في 10 أكتوبر 1994م، رسالة استشارية (توضيحية) ل
Heinrichs
أيضاً، مرجع سابق، ص106-107م.
وشكراً/ موفق نيسكو/ يتبعه ج أخير |