عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

بقلم: جان جبران لحدو

فهو الاديب العريق، والشاعر اللامع، والصحافي الشهير، والخطيب المنبري، والمحاور المبدع، والمدافع الجري عن التاريخ والهوية واللغة والحضارة الآرامية الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته.


مجرمون خونة يحكمون على ابرياء وطنيين

 2005 2 7

 

قبل شهر تقريباً ضجّ لبنان بالحديث عن الدكتور سمير جعجع، قائد القوات اللبنانية، الذي حكمت عليه طغمة الأمر الواقع، المرتهنة لنظام البعث العربي السوري، بالسجن تحت الارض و الاذلال المعنوي البشع و القمع النفسي الوحشي، لا لجريمة اقترفها، بل لأنه قال: لا للاحتلال البعثفاشي. من سخرية القدر، أن من كانوا يحتمون بالدكتور سمير جعجع، و يتوسلون عتبة مكتبه، هم الذين نصّبهم نظام الإستعمار البعثفاشي حكاماً طغاة، للحكم عليه بالعذاب، تلبية لرغبة أعداء المجتع المسيحي الحرّ.

فجميع التنظيمات و الأحزاب و وسائل الاعلام المسيحية الحرّة و العديد من رجال الدين، و على رأسهم غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، طالبت بالحاح بالحرية للدكتور سمير جعجع. حتى الذين ناصبوه العداء، من بعض النواب، سارعوا الى التوقيع على العريضة النيابية، التي تطالب باطلاق سراحه بعد اعتقال جائر زاد على العشر سنوات ظلماً و عدواناً. و اعتقد الجميع ان الافراج عنه سوف يتمّ في غضون بضعة أشهر على اكثر تقدير. و لكن فجأة، و بقدرة قادر أُسدل الستار عن الموضوع برمته، و كأنه لم يكن.

و فجأة ايضاً تبرز على الساحة اللبنانية الساخنة، قضية عودة الجنرال ميشال  عون من المنفى. امل السواد الأعظم من المسيحيين، هو عودة رئيس مجلس الوزراء، و قائد الجيش الجنرال عون الى وطنه، و اطلاق سراح الدكتور سمير جعجع و جميع القابعين في سجون البعث العربي السوري، من مناضلي المقاومة المسيحية و اعادة كافة حقوقهم المعنوية و المادية اليهم.

و فجأة ايضاً و ايضاً، يعلن حاكم دمشق، بشار اسد من روسيا، تفويض موظف مدني "بالملفّ اللبناني". في الحقيقة ما يقصده "الرئيس" بشار أسد هو فشل نظامه و دماه المتحركة في ترويض المجتمع المسيحي في لبنان و مصادرة قراره و القضاء على  مقاومته و تعطشه للحرية و الإستقلال على الرغم من نهبه المنظم لاقتصاده و جعله بؤرة للارهاب و الارهابيين، و ملاحقاته المستمرة، بواسطة زبانيته، لمؤسسات و تنظيمات و أحزاب المقاومة المسيحية.

وهذا وليد المعلّم، غايته الاساسية من جولاته المكوكية في لبنان، و لقاءاته بكافة الاطياف و الرموز، هي امتصاص مفعول القرار الاممي رقم 1559 مع الإبقاء على كل شيء في لبنان كما هو اليوم... انها مهزلة "التغيير" التي لا يريد نظام البعثفاشي تغييرها. و لكن نسي هؤلاء، ان مجرد اسناد "ملف" لبنان الى موظف مدني بديلاً عن الموظف العسكري و اعلانهم عن عدم تدخلهم في الانتخابات النيابية القادمة هو اعتراف صريح و واضح بفشل كل ممارساتهم في ترويض المسيحيين و تدجينهم. فتحت غطاء اعادة الامن والاستقرار، و امعاناً في اذلال المجتمع المسيحي في لبنان، لم يوفر نظام البعث و الطغمة الحاكمة وسيلة  من وسائل الإرهاب الفكري و الجسدي إلا و اتبعوها، من اغتيالات و اعتقالات و نفي و تحطيم لمرافق الدولة و المجتمع المدني و البنية التحتية.  

فجميع العروبيون و الاسلاميون و من يدور في فلكهم يدركون تمام الإدراك أن المسيحيين في لبنان هم الرقم الصعب في المعادلة، و أن اركاعهم و فرض  هوية المستعمر عليهم و تحويلهم إلى أهل ذمّة، هو آخر ما تبقّى لإكمال "رسالة"    فتوحاتهم و غزواتهم في مشرقنا الآرامي الحبيب.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها