عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

هل نتمسّك باللهجة النابعة من اللغة أم في اللغة الأصلية ؟

090824

مسعود هرمز النوفلي
    كما نعلم بأن المثلث الرحمة المطران يعقوب أوجين منا الذي كان مُدرساً للغة الآرامية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل في عام 1890 قد نشر مؤلفات كثيرة ذات فائدة لنا والى الأجيال اللاحقة ومن هذه المؤلفات :
الأصول الجلية في نحو اللغة الآرامية ودليل الراغبين في لُغة الآراميين وهوالقاموس المشهور لهُ والمروج النزهية في آداب اللغة الآرامية وغيرها . من هذه الكتب القيمة وبالتحديد في صفحة 13 من القاموس ، انقل لكم ما يقوله لنا بالنص :
" بياناً لحقيقة الأمر ومنعاً للمُشاجرات نقول أن جميع القبائل الساكنة قديماً في البلاد الفسيحة الواسعة المحدودة ببلاد الفرس شرقاً والبحر المتوسط غرباً وبلاد الأرمن وبلاد اليونان في آسيا الصغرى شمالاً وحدود جزيرة العرب جنوباً كانت قاطبة معروفة ببني آرام أو الآراميين . نعم أن بعضاً من هذه القبائل كانت تسمى ايضاً بأسماء خصوصية كتسمية أهل بابل وما يُجاورها بالكلدانيين وتسمية سكان مملكة آثور بالآثوريين وتسمية أهل الشام بالآدوميين ولكن مع ذلك كانت تسمية الآراميين تشملهم جميعاً . كما أن تسمية الطي مثلاً وقريش وحمير وكنانة لا تخرج هذه القبائل من كونهم عرباً . "
   في الآونة الأخيرة وللأسف الشديد وما أشبه اليوم بالبارحة نعود الى نقطة الصفر والمشاجرات التي يتحدث عنها المطران الجليل ، حالنا حال بعض آبائنا وأجدادنا والأسباب تكمن فينا لأننا لا نعترف بالحقائق والوقائع الصحيحة أولاً ونغض النظر عن التاريخ المجيد الذي كتبه أمثال هؤلاء العظام ثانياً ، إننا امام حالة يُرثى لها من الجهل وطمس كل ما هو صحيح لخدمة أغراض خاصة ومشاريع يُخطط لها هنا وهناك  ، فهل يكون من المعقول أن يأتي كاتباً ويقول بأن لُغتنا هي آشورية وآخر يقول بانها كلدانية ، لماذا هذا الأصرار على الأخطاء ؟ اللغة الآرامية هي الأصل بحروفها وأبجديتها التي تكتبوها أيها الكلدان وأيها الآشوريين ، اللهجة الكلدانية واللهجة الآشورية لا تصبحان في يوم من الأيام بديلاً عن الأصل ، ومن الخطأ الفاضح أن نُسمي لُغتنا بالكلدانية مثلاً ، لقد قُمت بتأليف دروس تعليم الآرامية عددها إثنان وعشرون درساً وقد نُشرت في عام 2004 في موقع الكنيسة الكلدانية في لندن وفي عام 2006 تم نشرها في موقع باقوفا في حقل تعليم الآرامية وقد أهديت منها الى بعض الآباء في الكنيسة ولم يعترض عليها أحد ، أما أن يأتي اليوم البعض ويقول بان لغتنا هي الكلدانية أو الآشورية فهذا قد يدخل في باب التخريب والتزوير وقلب المفاهيم ، والأغرب من ذلك إننا نُعلم البعض بالتمسك بالأخطاء بدون خجل ، الغرابة والدهشة من هؤلاء لأنهم في أعمالهم هذه يقومون بزرع الأنشقاق ولكن رُبما يرغبون بتأليف لُغات جديدة على مقاساتهم الحالية !! .
    اللغة العربية لها لهجات كثيرة ولكن الأصل هي العربية بالحروف التي نكتب بها ، هل نقول الى اللهجة الموصلية بأنها اللغة الموصلية ؟ هل يجوز ذلك ؟ الجواب عند القارئ الكريم . وإذا يجوز ذلك أعطونا الأبجدية أي الألف باء الخاصة باللغة الموصلية ، وهكذا نقول الى الكلدان أو الآشوريين أعطونا أبجديتكم أو ألف باء لغتكم . أليست الأبجدية آرامية ؟
لننظر الى الكتاب المقدس والآرامية الدارجة آنذاك :
 

ألآرامية في الكتاب المقدس:

توجد في الكتاب المقدس أجزاء كُتبت باللغة الآرامية منها :
1- كلمتان آراميتان نطق بهما لابان ، وردتا في سفرالتكوين  ( 31: 47  )، " وسماها لابان يَجَرْ سَهْدوثا " أي رَجمة الشهادة .
2- وقد طلب ممثلوا الملك حزقيا من الآشوريين الذين كانوا يحاصرون أورشليم أن يتكلموا بالآرامية ( 2 ملوك 18: 26 و إشعيا 36: 11) .
3- تم تدوين آية  في إرميا في اللغة الآرامية  ( إرميا 10: 11 ) .
4- وتوجد أجزاء آرامية مطولة في  ( عزرا 4: 6- 8 ) التي تمثل رسالة خطاً ومضموناً .
5- نسخة من رسالة أيضاً في ( عزرا 7 : 12 – 26 ) ،
وهي عبارة عن قرارات أصدرها الملك الفارسي .
6-  وكذلك ورد في دانيال جزء كبير بالآرامية في حلم نبوخُذنصّر ( دانيال 2 : 4 ) .
7- يعتقد الكثيرين أن هناك بعض آثار للآرامية في العديد من أسفار العهد القديم .
ولما تم سبي اليهود الى بابل أخذوا في استعمال اللغة الآرامية التي حلت محل اللغة العبرية ، كلغة للتخاطب في شؤون الحياة اليومية وبدؤا في  تفسير الكتاب الى الآرامية حتى يمكن فهمه .
8- وقد تكلم السيد يسوع المسيح اللغة الآرامية كما كُنت قد وضحت ذالك في أحد المواضيع حول اللغة .

من هذه النقاط المختصرة يقول المطران يعقوب " الكلدانيون والآثوريون آراميون وإلا لما كانت لُغة ملوكهم الرسمية آرامية حتى بعد انتقال صولجان ملكهم الى يد الغرباء . وناهيك أن بلاد بابل وآثور سُميّت في جميع الأجيال حتى بعد أستيلاء العرب عليها بيث آرامايي أعني بلاد الآراميين ، ولا حاجة الى ايراد الشواهد غي المُحصاة لأثبات ذلك وهو حقيقة يقرّ بها مُذعناً من كان لهُ ادنى المام بأخبار الكنيسة الشرقية لأن كُتب أجدادنا مشحونة من ذكر ذلك " .
    علينا أيها الأخوة والأخوات قراءة التاريخ الخاص بنا وبكنيستنا المشرقية ويكفي ما نحن فيه من آلام ومآسي ولا نُزيد المغالطات والتشويهات لغايات يكتشفها البُسطاء قبل العلماء ، علينا أن نرجع الى التحكيم الخاص بتراثنا ونتجرد من المصالح والأنانيات وكما يقول المثل النور لا يتغطى بالغربال ، علينا أن نتمسك وبشدة وقوة بلغتنا الآرامية مع الأعتزاز باللهجات التي أنبثقت منها ، لأن عند النظر الى المفردات التي تختلف من لهجة الى اخرى واختلافها عن اللغة الأم فهي قليلة جدا جداً وشكرا لكم .
مسعود هرمز النوفلي
مدرس مساعد
آب 2009
 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها